| إعداد: نجاح كرم |
الشك عنوان الفيلم الجديد الذي تقوم ببطولته النجمة العالمية ميريل ستريب بدور الراهبة الويسيوس في كنيسة برونكس والمدرسة الملحقة بها. القصة مأخوذة عن مسرحية تحمل الأسم نفسه لمخرج الفيلم جون باتريك شانلي حول مواجهة قوية بين راهبة مستقيمة وكاهن الكنيسة الأب فلن ويقوم بدوره الممثل البارع سيمور هوفمان الذي تشتبه بتحرشه بطالب أسود في المدرسة على الرغم من عدم وضوح الأدلة إلا انها تتمكن منه في النهاية.
تدور أحداث الفيلم سنة 1964 في مدرسة كاثوليكية تابعة للكنيسة تديرها الاخت الويسيوس بصرامة وقسوة وتدين شديد تقع في صراع مع مدرس جديد يحاول جلب بعض الانفتاح للنظام التعليمي في المدرسة. ليبدأ الفيلم افتتاحيته بخطبة الأب فلن حول الشك وماينتج عنه من تداعيات خطيرة تؤثر على مجريات الحياة سواء الخاصة أو العامة , الأخت الويسيوس بدورها لاتقتنع بكلام الأب فلن كونها مقتنعة تماما بأن مايقوله متناقض تماما بما يفعله خصوصا مع الطالب ميللر الأسود والعلاقة الغريبة بينهم, قناعتها أتت على خلفية سؤال حيرها كثيرا وهو من أعطى النبيذ الى الطالب بعد أن أقنعتها الأخت جيمس الطيبة تقوم بدورها الممثلة يمي ادامز والتي تقع فريسة بين التصديق وعدم التصديق لكل ما يحدث عندما اشتمت رائحة الكحول من فم الطالب لتسرع الى الأخت اليويسيوس وتخبرها بما حصل لتزيد شكوك الأخت بما تقتنع به, فتصبح المواجهة كبيرة بينهم وبين الأب الذي ينكر فعلته تماما وأنه ليس المعني بالأمر وليس له علاقة غريبة وشاذة مع الطالب, استمرار الأخت الصارمة في محاولاتها المتكررة وبمناقشاتها الحادة للمتهم يعزز قناعتها بترك الأب للمدرسة سريعا وبعد اثبات بأن الأب تدرج في أكثر من مدرسة خلال ثلاث سنوات الى أن وصل اليهم ليكون التاريخ شاهدا عليه لكن دون اثبات حقيقي من وجهة نظرها, وليزيد من اصرارها على انهاء الأمر خصوصا وبعد أن علمت أم الطالب الأسود بنوع العلاقة لتتوسل لأخت الويسيوس بألا تصعد الموضوع كثيرا وتتركه لحين انتهاء الفترة المحددة التي سيقضيها ابنها في المدرسة وهى عدة أشهر , تعدها الأخت بذلك لكنها تصر على مواصلة مشوارها لانهاء خدمة الأب.
الحوارات الطويلة والمملة التي تصاحب مشاهد الأخت والأب أتت بثمارها بعد أن قرر الأب ترك المدرسة وتقديم استقالته ليثبت التهمة على نفسة ويعزز الاتهام من قبلها رغم أنه بريء في نظر الكل خصوصا الأخت جيمس التي تضطر للسفر لمشاهدة أهلها خصوصا أخاها المريض ومن ثم تعود لتتفاجأ بأنه لم يعد الأب موجودا , فهل تقبل هذا الحل وتقتنع بدورها بتهمته أم سيكون للأخت الويسيوس كلام أخر يغير قناعاتها بعد أن ذكرت بأن من ليس له تاريخ فالكذب ينفع أحيانا.
يعتبر الفيلم من الأفلام الغامضة ذات الطبيعة الدرامية الخاصة نجح المخرج في توصيلها لقصص تحدث أحيانا في أماكن لم يتعود المتلقي حدوثها مثل الكنيسة والمدرسة الملحقة بها , وكيفية التعامل في هذه الأماكن التي يعتبرها الناس الحصن الأمين والقلعة الحصينة ومركز الطهارة والصفاء النفسي اللامحدود لكل المتناقضات خارجها , لكن تسليط السينما عليها يكشف مدى مرارتها وصعوبة تقبل فكرة أن هذا الصرح الذي يديره الرهبان والراهبات ومرورهم بتجارب شخصية تكشف نواقصهم البشرية ممكن تشويهها بتناقضات النفس البشرية وضعفها لتثبت بأن الانسان أينما حل فهناك الشر والخير والضعف والقوي والغلط والصح وان الانسان ليس معصوما من الخطا والشك في المحيطين لدرجة تصديق مافي رأسك دون اثبات. رشح الفيلم لخمس جوائز في حفل توزيع جوائز الجولدن جلوب والاوسكار كما رشحت ميريل ستريب لجائزة افضل ممثلة عن دورها في هذا الفيلم في حفل الأوسكار الأخير.
إعداد: نجاح كرم
[email protected]