د. وائل الحساوي / نسمات / لا تلوموا النواب ولوموا الناخبين

1 يناير 1970 01:32 ص
بكلماته الحنونة التي خاطب بها الأب أبناءه بعقل ومنطقية وحكمة قال سمو أمير البلاد في خطابه لشعبه: «إن بعضا منا قد غرتهم نعم الله الوافرة التي تحتم شكرهم عليها ظاهراً وباطناً، فاعتادوها وطال عليهم الأمد فقست قلوبهم وتناسوا أمن سفينة الوطن الغالي، التي هي حصن الجميع، وراحوا يتبارون في مماحكات وممارسات محمومة تهدد سلامة الوطن واستقراره» وقال سموه «استشعر الخطر كل الخطر لاسيما ان مناخاً متفجراً يضرب الواقع الاقليمي والدولي في شتى صوره الأمنية والسياسية والاقتصادية».
فمن منا لا يستشعر ذلك الخطر الذي ذكره سموه، ومن منا لا يرى أولئك الذين غرتهم النعمة فقست قلوبهم وراحوا يتبارون في مماحكات وممارسات محمومة لا يقبلها عقل ولا منطق؟! لقد كنا - كشعب - نصرخ عليهم ونطالبهم بالعقلانية والهدوء وترك التأزيم، لكن هؤلاء البعض الذين ذكرهم سموه كانوا لا يسمعون من يناديهم، وكانوا يخلقون لأنفسهم البطولات الوهمية والعنتريات واعتقد بعضهم بأنه يملك مفاتيح الكون من خلال منصبه ويقول للشيء كن فيكون.
لقد تعطلت التنمية وتوقفت عجلة التقدم وساد الجو السياسي دخان أسود عطل رؤيتنا وتقدمنا، وأصبح من كان يحسدنا في السابق على تجربتنا البرلمانية يبكي علينا، حتى تجربة الانفتاح الإعلامي التي فرحنا بها سابقاً تحولت إلى كابوس مخيف تم استغلاله استغلالاً مريعاً لتصفية الحسابات مع الخصوم ولنشر الفضائح وتدمير البلد، وتدنت لغة الحوار على نحو غير مسبوق كما قال سموه.
لقد تضمن خطاب سمو الأمير تهديداً واضحاً وإنذاراً أخيراً لهؤلاء الذين يتاجرون على حساب الوطن ولا يعتبرون من كل ما يحدث حيث قال سموه بأنه لن يتردد في اتخاذ أي خطوة في صيانة أمن الوطن واستقراره والحفاظ على مصالحه وحماية ثوابته ومكتسباته، فالكويت نهر عطاء متدفق لن يسمح لكائن من كان ان يدنسه ويلوثه.
الأهم في كل ذلك هو السؤال عما اذا كان الشعب الكويتي - وليس النواب - قد استوعب ذلك التهديد، فنحن الذين نحدد من خلال صندوق الاقتراع من يستحق الفوز بثقتنا في المجلس من عدمه، وعندما أشاهد الاسماء التي سارعت بإعلان ترشيحها للمجلس القادم أرى بأنها تكرار لنفس الاشخاص الذين كان لهم دور كبير في التأزيم وقيادة المجلس إلى الصدام مع الحكومة، (لاطبنا ولا غدا الشر)، بل إنهم ليصورون للناس بأنهم هم الأبطال وهم من قارع الفساد الحكومي وتصدى للفوضى والضياع الحكومي، وهي كلمة حق أريد بها باطل، فالفساد الحكومي لا ينكره أحد، والتخبط من جانب المسؤولين الحكوميين لا تحمله البعارين، لكن دور نواب التأزيم لم يكن اصلاح ذلك الفساد بل زيادة التأزيم واستغلال الفوضى الحكومية للتكسب على حساب الوطن وبناء الأمجاد الزائفة.


د. وائل الحساوي
[email protected]