عون للحريري: حلّ عنا... وللمر: لم تكن قوة زائدة

لبنان: البرلمان أقر بـ «إجماع نادر» خفض سن الاقتراع لـ 18 سنة

1 يناير 1970 08:55 ص
| بيروت - «الراي» |
شبهت اوساط سياسية لبنانية واسعة الاطلاع تصويت مجلس النواب بالاجماع امس على اقتراح القانون الدستوري الرامي الى خفض سن الاقتراع من 21 سنة الى 18 سنة، بموافقة اطراف النزاع الداخليين في مؤتمر الدوحة الذي عقد في مايو 2008 على قانون الانتخاب وتقسيماته العائدة الى عام 1960 والذي ستجري على اساسه الانتخابات في 7 يونيو المقبل. ذلك ان التصويت بالاجماع على هذا الاقتراح الذي لن تسري مفاعيله «النيابية» الا اعتباراً من سنة 2013، جاء على خلفية الحمى الانتخابية بل المزايدات التي سبقت جلسة مجلس النواب بحيث لم يعد ممكناً معها امام اي كتلة او فئة ان تعارض هذا الاقترح في فترة انتخابية ساخنة ومحتدمة فيما الامر يتصل بالقواعد الشعبية الشابة التي تعني كل طرف. وكانت المناخات التي سبقت الجلسة تشير الى صعوبات حقيقية تعترض هذا الاقتراح بل تخوف كثيرون من عدم توافر النصاب القانوني للجلسة الذي هو ثلثا المجلس اي 86 نائباً لان النصاب في التصويت على اقتراح تعديل دستوري يستلزم نصاباً موصوفاً وليس نصاب الغالبية البسيطة فقط (65 نائباً) كما ان تلميحات عدة صدرت عن وجود تحفظات خصوصاً لدى بعض الاطراف المسيحيين حيال الاقتراح ما لم يربط خفض سن الانتخاب بالضمانات المطلوبة لتوفير اقتراع المغتربين (اقر قانوناً) بما يضمن التوازن الطائفي في الانتخابات. لكن التصويت بالاجماع بعد توافر النصاب اوحى بوجود «مقايضات» «حصلت خلف الستار في هذا الصدد ازالت التحفظات ووفرت الخروج بالمشروع بمظهر اجماعي نادر. يضاف الى ذلك ان المناخ الانتخابي حال دون تعرض هذا الاقتراح لنكسة ما دام لن يقدم او يؤخر شيئاً في حسابات الاطراف السياسيين باعتبار ان التسوية لحظت سريانه اعتباراً من دورة 2013 الانتخابية، وهو عامل اساسي اصلاً في تأخير ادراجه على جدول اعمال الجلسة الى هذه الفترة الانتخابية لان اقراره قبل الان كان يمكن ان ينسحب بمفاعيله على دورة يونيو المقبلة لو اخذت عملية تعديل الدستور مجراها قبل ستة اشهر نظراً الى ان اي تعديل للدستور يحتاج تقريباً الى هذه المدة، علماً ان اقرار البرلمان خفض سن الاقتراع لا يجعله ناجزاً دستورياً، اذ ان الدستور ينص على ان هذا الاقتراح سيرفع الى الحكومة لتضع مشروع قانون دستوري في شأنه خلال اربعة اشهر، فاذا لم توافق عليها ان تعيد القرار الى مجلس النواب ليدرسه ثانية، وفي هذه على البرلمان ان يصر عليه باكثرية ثلاثة ارباع اعضائه اي 96 نائباً. ولفت في الجلسة ان التوافق «اليتيم» على خفض سنّ الاقتراع لم يسر على بندين كانا يستوجبان تعديلاً دستورياً وهما: تعديل المادة 70 من الدستور التي تجيز لمجلس النواب أن يتهم رئيس مجلس الوزراء والوزراء بارتكاب الخيانة العظمى او بالاخلال بالواجبات المترتبة عليهم بغالبية الثلثين من مجموع اعضاء المجلس (86) وجعل هذه الغالبية مطلقة (65 نائباً). اما البند الثاني فهو ربْط موضوع التوطين واقتطاع أجزاء من الاراضي اللبنانية باجماع نيابي. ولم يتم التصويت على تعديل المادة 70 بعدما لم يطرحه بري نتيجة عدم التوافق عليه، فيما سقط الاقتراح المتعلق بوجوب توافر الاجماع النيابي على اي توطين او اقتطاع أجزاء من الأراضي اللبنانية بعدما اعتُبر ان مقدمة الدستور التي تنص على «لا تجزئة، لا تقسيم، لا توطين» كضمانة على هذا الصعيد. وكانت الجلسة تاخرت نحو ساعة نتيجة انتظار اكتمال نصاب الـ 86 نائباً، ولم يشهد بند تعديل الدستور لخفض سن الاقتراع نقاشاً كبيراً. وقد بادر رئيس البرلمان نبيه بري الى تاكيد انه لم يطرح خفض سن الانتخاب العام 1997 لان «اعتراضات مقدّرة وصلتني بان هذا يؤدي الى خلل (طائفي) وشرخ وطني، ولذلك انتظرنا حتى اعطاء المغتربين حق الاقتراع ابتداء من 2013 بحيث سقطت كل التحفظات». وكانت كلمات لممثلي كل الأحزاب والكتل، فقال النائب مروان حماده باسم «اللقاء الديموقراطي» (يرتأسه النائب وليد جنبلاط): «في هذا الزمن الرديء أفضل هدية نقدمها لهذه الشريحة الشابة هو هذا الاقتراح». واعتبر النائب جورج عدوان ممثل «القوات اللبنانية» ان «هذا الاقتراح حق للشباب الذين صنعوا ثورة الأرز والمقاومة». كما تحدث النائب حسن فضل الله باسم «حزب الله»، فدعا الى «اقرار الاقتراح بأقصى سرعة ممكنة وتحويله الى الحكومة لتضع مشروع القانون الدستوري وتحيله على مجلس النواب مجدداً ليكمل مساره من دون انتظار مهلة الأربعة أشهر»، آملاً «ألا تتلكأ الحكومة في اقراره». ثم أقفل الرئيس بري النقاش بناء لطلب بعض النواب وطرحه على التصويت فنال اجماع الحاضرين، فارتفع التصفيق ووقف النواب، فطلب منهم الرئيس بري البقاء في الجلسة، لأن هناك مشروعا دستوريا آخر، فيما غادر ممثلو الهيئات الشبابية الذين حضروا الى المجلس لهذه الغاية. ولدى طرح اقتراح تعديل المادة 70 من الدستور، ظهرت وجهات نظر متباينة، اذ طلب النائب عمار حوري (من كتلة النائب سعد الحريري) استثناء رئيس الحكومة من امكان اتهامه (بالخيانة العظمى او بالاخلال بالواجبات المترتبة عليه) بغالبية 65 نائباً بدل الثلثين، الا ان النائب نقولا فتوش قال «اما ان تُنزع الحصانة عن الجميع، واما يكون الأمر مخالفة لأبسط أصول التضامن الوزاري». وازاء هذا التباين، لم يطرح الرئيس بري الاقتراح على التصويت. اما اقتراح ربط التوطين بالاجماع النيابي، فتمسك به مقدّمه النائب بطرس حرب والنائب عاطف مجلاني، في ما وصفه فتوش بانه «هرطقة». واعتبر رئيس كتلة نواب «حزب الله» محمد رعد انه اذا كان هدف الاقتراح الطمأنة «فبدل ان نطمئن نقع أكثر في الهاجس، في حين ان مقدمة الدستور واضحة وتتضمن مبادئ ميثاقية». ورأى نائب الحزب علي عمار أن «اقتراح حرب يقسم اللبنانيين بين مؤيدين للتوطين ورافضين له» ونادى «بدعم خيار المقاومة لدحر التوطين». وأكد الرئيس بري حرص الجميع على رفض التوطين، مؤكداً ان مقدمة الدستور «من المسلمات، وهي كالأرزة داخل العلم اللبناني وأتمنى التراجع عن الاقتراح او اكمال النقاش». فقالت النائبة نايلة معوض انه «لولا بعض المزايدات والكلام عن رغبة فريق لبناني بالتوطين لما كان هذا الاقتراح». أما أمين سر تكتل «التغيير والاصلاح» (يترأسه العماد ميشال عون) النائب ابراهيم كنعان فأكد ان «مقدمة الدستور قوة ميثاقية يجب ألا تستخدم للمزايدات الانتخابية». فيما اقترح النائب عدوان ان يدوّن في محضر الجلسة ان مقدمة الدستور غير قابلة للتعديل. ويذكر انه بعد طرح هذا الاقتراح على التصويت، سقط. بعدها رفع بري الجلسة الى الخميس المقبل، لاستكمال مناقشة البنود الاخرى، وبعضها حساس، مثل مشروع قانون للعفو عن جرائم الحق العام التي تعود الى ما قبل 27 ابريل 2005 (انسحاب الجيش السوري من لبنان) ما عدا تلك المحالة الى المجلس العدلي والقضاء الدولي الجزائي. وفيما توقفت أوساط سياسية معارضة عند توقيت طرح هذا الاقتراح وخلفياته الحقيقية، ومدى علاقته باعتبارات انتخابية او سياسية «خصوصاً انه قد يفتح الباب امام تبرئة كبار المتعاملين مع اسرائيل اذا لم يتضمن الضوابط الضرورية»، اكد صاحب الاقتراح نائب «القوات اللبنانية» انطوان زهرا «ان هذا الاقتراح يهدف الى العفو عن عشرات من الشبان الموجودين خارج لبنان والصادرة بحقهم مذكرات بحث وتحر بعدما ظلموا خلال المحاكمات غير العادلة في مرحلة الوجود السوري ولا يوجد ادعاء شخصي بحقهم». ومن البنود الملحة التي كان يتضمنها جدول أعمال جلسة امس اقتراح قانون مقدم من تكتل التغيير والاصلاح ينص على فتح اعتماد استثنائي لدفع مستحقات الدفعة الاولى من فروقات سلسلة الرتب والرواتب البالغة 400 مليار ليرة لبنانية (نحو 270 مليون دولار) في السنة الاولى من الجدولة، ورفْع الرسم الحكومي عن صفيحة البنزين. ولم تحجب تطورات الجلسة النيابية التي واكبتها قرب مقر البرلمان في ساحة النجمة اعتصامات عمالية ونقابية طالبت بخفض الضرائب على صفيحة البنزين، الاهتمام بملف الانتخابات النيابية والتحالفات. ولفت نفي العماد ميشال عون في تصريح لمحطة B.B.C العربية وجود خلافات جوهرية بين اقطاب المعارضة، لكنه اشار الى انه اذا كانت هناك بعض الطموحات المشتركة في دائرة واحدة فالتسوية يجب ان تتم داخل المعارضة، موضحاً بأن «الاجتماع السداسي بين اقطاب المعارضة سواء حصل أو لم يحصل فالتفاهم موجود، لكن طروحات المرشحين تختلف في بعض الأحيان مع الطموحات»، على حد تعبيره. وحمل عون بعنف على النائب ميشال المر (حليفه السابق في المتن)، معتبراً انه «لم يكن قيمة زائدة على قوتنا في العام 2005 وهو لن ينقص من قوتنا في العام 2009»، مشيراً الى انه «اذا كانت المتن ام المعارك فيمكن الاعتبار اننا كسبناها». كما رد عون على رئيس كتلة «المستقبل» النائب سعد الحريري، الذي كان أعلن رفضه المشاركة في الحكم في حال فازت المعارضة، فقال: «انه حر اذا لم يشارك في الحكم، وانا لا يعني لي شيئاً اذا لم يشارك في الحكم، فأنا أجده عبئاً ويحل عنا. ولكن نحن مجبرون اذا لم نملك الثلثين أن نعرض عليه المشاركة في الحكم». وأكد رئيس حزب الكتائب أمين الجميل انه لم يبحث في الكويت في ملف الانتخابات، مشيراً الى ان «المؤشرات ايجابية في ما يتعلق بالمصالحات في الخارج وجو التهدئة الذي نلمسه بين سورية ومصر والسعودية وقطر والكويت التي تلعب دورا محوريا في هذا الامر». اضاف: «لا نلمس اي مفاجآت في موضوع التحالفات فهي ضمن اطار 14 مارس و8 مارس على وجه التقريب». وتابع: «بالنسبة الى المتن كان يمكن ان يكون كل شيء طبيعيا وتقليدياً انما الذي دخل على الخط وبدأ يثير التساؤلات هو موقف حزب الطاشناق الذي لم يحسم امره وفي اي اتجاه سيسير، وهناك مباحثات مع الطاشناق وسيتم تظهير للصورة في الايام المقبلة وهم يحاولون توزيع اصواتهم بين الفرقاء على الساحة وهذا ما يوجد المزيد من البلبلة لان ذلك يشير الى موقف انتقامي داخل اللائحة ومن سيعطون، وهذا ما يسمى بالفرنسية a la carte ويأخذوا من اللائحتين الاسماء التي يرتاحون اليها». وعما اذا كان مع لائحة مكتملة في المتن بعيدا عن حصيلة المفاوضات مع الطاشناق، قال: «هذا ما يفترض ان يكون لتنشأ لوائح مكتملة هنا وهناك. وبالنسبة الينا لا شيء نهائيا بالنسبة لتشكيل اللوائح او لشكلها ولا للاسماء المطروحة، باستثناء بعض الثوابت المعروفة، ونحن على تواصل مع الطاشناق وحصلت لقاءات عدة معهم لا سيما المعنيين منهم بالامر في هذه المرحلة، وينتظر المزيد منها في الساعات المقبلة حيث تتكثف الاتصالات، وعندها ستحسم الامور وستتشكل كل اللوائح بشكل نهائي والمسألة مسألة ايام لان اقفال مهلة الترشيحات تفصلنا عنها ثلاثة اسابيع، لذلك لا تحتمل القضية المزيد من التأجيل والاتصالات مكثفة من ساعة الى ساعة ومن يوم الى يوم لنتوصل الى صورة وحل يتوافق عليه الجميع والا ستكون هناك لائحتان مكتملتان ونخوض المعركة في الشكل التقليدي». وكانت معلومات اشارت الى ان احتمالات فشل الاتفاق بين «الطاشناق» وتيار «المستقبل» (بعد اللقاء قبل ايام مع النائب الحريري) تقدمت على احتمالات النجاح، الأمر الذي يهدد بخلط الأوراق بالكامل. واشارت مصادر مواكبة لهذا الملف لصحيفة «اللواء» الى ان الطاشناق طالب بخمسة نواب من أصل ستة واحد في البقاع واثنان في الدائرة الأولى من بيروت وواحد في الدائرة الثانية، وواحد في المتن، على أن يكتفي بالتحالف مع النائب المر في المتن، مجيراً أصواته الباقية للعماد عون، وهو ما لا يمكن لتيار المستقبل وحلفائه القبول به، بما فيه النائب المر.