د. وائل الحساوي / نسمات / السقوط إلى الأعلى

1 يناير 1970 01:32 ص
• كانت ألمانيا عام 1900 تعد في أعين المراقبين اعظم الدول تقدما في العالم وكان لديها دستور مكتوب وتنظيم وادارة في غاية التطور، ومن خلال نظامها الديموقراطي فاز «بسمارك» في الانتخابات ليقود البلاد إلى الحرب العالمية الأولى 1914، ثم فاز هتلر بالانتخابات ليقود البلاد إلى الحرب العالمية الثانية 1939 وتدمير ألمانيا ولم تتوحد الا عام 1989.
• أما «موسوليني» فقد تمكن من رئاسة الحكومة الايطالية عام 1922 بطريقة ديموقراطية، ثم اسس العقيدة «الفاشستية» التي هي عقيدة قومية متشددة وخاض بايطاليا الحروب المدمرة إلى ان هزمته جيوش الحلفاء.
• أما فرنسا ام الديموقراطية، فمنذ ثورتها في نهاية القرن الثامن عشر وارساء دعائم الديموقراطية فقد مرت بمراحل مخيفة من الديكتاتورية، منها ما فعله قائد الثورة «مونتيسكيو» من قتل آلاف الفرنسيين تحت مسمى حماية الثورة، ثم جاء «لويس نابليون» مدعوما بالانتخابات والاستفتاءات، لكنه كان يستخدم اساليب الدولة البوليسية لقمع حرية الفكر والكلمة والفعل، ومرت فرنسا بأربع ثورات كبيرة بعد ثورتها الاولى إلى ان ترسخ لها الحكم المستقر بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.
• وفي الهند، نشرت مجلة «نيوزويك» الأميركية مقالا بتاريخ 17/3/2009، تبين فيه ان مجلس الشعب الهندي قد اجتمع فقط 46 يوما طوال السنة وهو الاقل في تاريخ الهند، وانه قد جرى طرد 11 نائبا بسبب تلقي رشاوى، ومن اصل 543 فائزا في الانتخابات كان 128 يواجهون تهما جنائية بينها 84 قضية قتل و17 قضية سلب و28 قضية سرقة وابتزاز اموال، ومنهم نائب متهم في 17 جريمة قتل منفصلة، وفضائح كثيرة.
لست في مجال تعداد مشاكل العالم الديموقراطي وتدرجه في الوصول إلى النظام المنشود فهي اكثر من ان تعد، لكنني اريد ان اخلص إلى نتيجة واحدة وهي ان الانحراف في استخدام السلطة لا يعني وأد السلطة او سحبها من الشعب بحجة انه لا يستاهلها.
وتجربة 44 عاما من النظام البرلماني الكويتي قد مرت بمنعطفات خطيرة ومؤلمة، وقد يكون اسوأها ما نراه هذه الايام، لكن التحجج بذلك الانحراف من اجل وأد ارادة الامة هو اكبر جريمة تحدث في حق المجتمع، فكما قيل سابقا ان الحرية تؤخذ ولا تعطى وان حق الشعب في ان تكون له مشاركته في الحكم من خلال ما يرتضيه من نظام هو حق اصيل، والواجب هو البحث عن مصدر الخلل ومعالجته بأفضل الوسائل، ولا شك ان انحراف السلطة لدينا في الكويت من المجلس او من الحكومة يظل اقل بكثير من معظم بلدان العالم التي تحدث بها هزات عنيفة وعنف داخل المجلس التشريعي وابتزاز لاموال الشعب، لكن الشعب كفيل باصلاح الخلل دون الحاجة إلى الوصاية عليه.


د. وائل الحساوي
[email protected]