السياسة العبرية منذ مؤتمر أنابوليس هدم المنازل في البلدة القديمة / إسرائيل تستبق نتائج المفاوضات بتوطيد سيطرتها على القدس الشرقية

1 يناير 1970 01:59 م
| القدس - من محمد أبو خضير |
في تقرير لها عن سياسة إسرائيل بهدم المنازل في القدس المحتلة أشارت وحدة دعم المفاوضات لشؤون القدس التابعة لدائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية في رام الله إلى «أن إسرائيل تعمل حقائق على الأرض لا يمكن تغيرها، وعلى فرض ظروف الحياة المتدنية للقدسيين خصوصاً وللفلسطينيين عموماً، إذ تهدف إسرائيل من هذه الإجراءات حرمان الفلسطينيين من أي استقلال أو سيادة حقيقيان والعمل على منع إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة واستباق أي عملية تفاوضية مستقبلية على مدينة القدس بعزل المدينة واستيطانها حتى يستحيل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».
وكانت إسرائيل قد أعلنت بصورة واضحة ومراراً بأن هدف سياساتها في القدس المحتلة هو الحفاظ على الغالبية الديموغرافية اليهودية في القدس، إذ تم الاعلان عن هذا الهدف للمرة الأولى بصورة رسمية في تقرير للجنة وزارية داخلية لفحص نسبة التنمية في القدس، إذ أوصى بوجوب الحفاظ على «التوازن الديموغرافي لليهود والعرب، كما كان في نهاية عام 1972»، إذ كانت النسبة في ذلك الوقت هي 73.5 في المئة إسرائيلياً و26.5 في المئة فلسطينياً. ومنذ ذلك الوقت، أُعيد توضيح هذا الهدف السياسي في مرات عدة في إيجازات السياسة الإسرائيلية، والبيانات الصحافية وحتى في خطط التنمية الرسمية. ولكن تجب الملاحظة أنه بصرف النظر عن قدرة الحكومة الإسرائيلية على التشريع وتطبيق السياسات العنصرية، إلا أن النظام الحالي للحفاظ على الغالبية اليهودية غير مستقر ولا يمكن الحفاظ عليه.
وتشير أرقام نمو السكان في العام 2007 إلى أن نسبة نمو السكان الفلسطينيين هي 3.3 في المئة في السنة، بينما هي 1.2 في المئة في السنة لدى السكان الإسرائيليين. ووصل عدد السكان الفلسطينيين في القدس في عام 2007 إلى 260,000 نسمة أو 34 في المئة من مجموع السكان في المدينة.
وذكر تقرير دائرة شؤون المفاوضات الفلسطينية أن «إسرائيل مارست، منذ احتلالها للقدس، بصورة منتظمة إجراءات تهدف إلى تقليص عدد السكان الفلسطينيين ونقلهم إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية وتطبيق سياساتها على تشريد السكان الفلسطينيين من القدس الشرقية. ومن هذه الإجراءات سياسة هدم المنازل التي وظفتها السلطات الإسرائيلية للحد من النمو السكاني الفلسطيني المتعاظم في القدس الشرقية، إذ استمرّت السلطات الإسرائيلية في هدم المنازل الفلسطينية في القدس المحتلة من أجل نزع الملكية من العائلات الفلسطينية وتغيير معالم القدس». وكما هو موضح في الخارطة المرفقة للتقرير ومنذ مؤتمر أنابوليس في 28 نوفمبر 2007 تم هدم 102 منزل فلسطيني في منطقة بلدية القدس وفقاً للتعريف الإسرائيلي.
ووفقاً لمصادر إسرائيلية تم هدم 94 منزلاً فلسطينياً في العام 2005 في منطقة بلدية القدس وفقاً للتعريف الإسرائيلي، و83 منزلاً في عام 2006، و78 منزلاً في عام 2007، و87 منزلاً في عام 2008.
وتشير التقديرات إلى أنه تم تدمير ما مجموعه 3,000 منزل منذ عام 1967، بما في ذلك العديد من المواقع التاريخية والدينية، مثل تدمير حي المغاربة التاريخي في البلدة القديمة في القدس.
وأوضح التقرير الفلسطيني أن إسرائيل تواصل سياسة الهدم هذه كما تدل على ذلك مئات أوامر هدم المنازل قيد التنفيذ، فـ 88 منزلاً في حي البستان في سلوان، و55 منزلاً في رأس خميس في شعفاط و32 منزلاً في الثوري بالإضافة لمحاولة الاستيلاء على منازل الفلسطينيين في حي الشيخ إذ سلمت السلطات الإسرائيلية أوامر إخلاء منزليّ عائلة غاوي وحنون للاستيلاء عليهما من قبل المجموعات الاستيطانية. وقد أدّت سياسة الهدم الإسرائيلي هذه إلى تشريد آلاف الفلسطينيين من منازلهم وساهمت في تهجيرهم من القدس المحتلة.
وأشار التقرير إلى أن هناك نقصاً مزمناً في الإسكان في المناطق الفلسطينية من القدس المحتلة ومستوى عالياً من الاكتظاظ، بسبب القيود الإسرائيلية على البناء والمساحة المحدودة التي يُسمح فيها بالتنمية الفلسطينية، إضافة إلى تدفق الفلسطينيين إلى القدس من أجل الحفاظ على حقوق إقامتهم، وهذه الأمور جعلت الاكتظاظ معضلة رئيسية في كثير من المناطق الفلسطينية في القدس. فقد كان معدل الاكتظاظ السكاني للغرفة في عام 2007 ضعفي ما هو عليه لدى الجانب الإسرائيلي، ومازالت المشكلة تتفاقم، حيث يعيش المستوطنين البالغ عددهم 185,000 مستوطن في 55,000 وحدة سكنية في القدس الشرقية. بينما يُجبر السكان الفلسطينيون الأصليون البالغ عددهم 260,000 نسمة على العيش في 40,000 وحدة سكنية فقط. هذا الاكتظاظ السكاني يجبر المقدسيين للبناء من دون ترخيص، إذ تشير التقديرات إلى أنه في الأعوام الأخيرة منحت بلدية الاحتلال تصاريح بناء لـ10 في المئة من الوحدات السكنية التي تم بناؤها من قبل الفلسطينيين في القدس الشرقية، إذ بلغ معدل مخالفات بلدية الاحتلال للبناء غير المرخص في القدس الشرقية في السنة الواحدة إلى أكثر من 25.5 مليون شيكل أو ما يعادل 6.5 مليون دولار أميركي.
وفي ما يتعلق بالمساحة بيّن التقرير أن السكان الفلسطينيين في القدس المحتلة يمثلون 58 في المئة من السكان ويقطنون على 10 في المئة من مساحة 72 كيلومتراً مربعاً في منطقة بلدية القدس وفقاً للتعريف الإسرائيلي، مقارنة بالمستوطنين الذين يشكّلون 42 في المئة من مجموع السكان، ومع ذلك يحتلون 35 في المئة من المساحة نفسها. وكدليل عل أثر هذه السياسات، ووفقاً لجهاز الإحصاء المركزي الإسرائيلي، كانت أعداد الفلسطينيين الذين غادروا القدس للعيش في مناطق أخرى من الضفة الغربية 1,740 نسمة في عام 2002، و1,390 نسمة في عام 2003، و910 نسمة في عام 2004، و920 نسمة في عام 2005، و1,150 نسمة في عام 2006.
وخلص التقرير للإشارة على سعي إسرائيل إلى استباق نتائج المفاوضات وتوطيد سيطرتها على البلدة المقدسة وعلى معظم أحياء مدينة القدس الشرقية من خلال هدم المنازل وتطبيق سياساتها على تشريد السكان الفلسطينيين من القدس الشرقية وتخفيض عدد السكان الفلسطينيين ونقل سكانها إلى مناطق أخرى في الضفة الغربية، وبالتالي إحباط إمكانية أن تُصبح القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية، والتي من دونها سيكون حل الدولتين غير قابل للتطبيق.