...وإن كان العنوان مضى لتوجيه الخطاب إلى الوزيرة نورية الصبيح، إلا أن «إياك أعني فاسمعي يا جارة» هو المطلوب، لأن العناد والمكابرة والسلطوية وعقلية المركزية وعدم سماع الرأي الآخر - فضلاً عما تحتوي التقارير المرفوعة إلى سمو رئيس الوزراء - هي الصبغة السائدة على الست نورية الصبيح. على أي حال، نخاطب رئيس الوزراء ومن يهمه أمر الجامعة أن ينقذوا ما تبقى من هذا الصرح الذي لطالما افتخرت الكويت به كأحد منابر الحرية ومشعل النور الذي أضاء درب تاريخ هذا المجتمع.
جامعة الكويت تتعرض اليوم إلى ضربة في مقتل بيد هذه الإدارة التي أفضل ما يمكن أن نسميها بخيشة فحم، فهي إن سقطت عليك أو سقطت عليها ستتسخ بالسواد! هذه الإدارة إن سَكت عنها ضربت عليك طوق الذل والاستبداد، وإن تكلمت ونطقت أحالتك إلى مجالس التأديب كالقضاء ولجان تحقيق وتحرم بسببها ومن دونها من أبسط الحقوق. هذه الإدارة لمن لا يدري تقول بحقها إحدى المدرسات الأجنبيات بأنها أسيرة «hostage»، لأن الإدارة لا تقبل بالتجديد لها ولا تتركها لسبيلها كي تعود إلى وطنها. الإدارة هذه ارتكبت «مُنكراً» جديداً وسابقة خطيرة لم تعهدها المؤسسات الاكاديمية، حتى في الدول الاستبدادية، بعدما انتهكت حُرمة الجامعة وسمحت لرجال الأمن الدخول لمنع تجمع سلمي لمجموعة أعضاء هيئة التدريس واضطهدت حريتهم في التعبير عن رأيهم انسجاماً مع الدستور!
أليس من المعيب، بحق، أن تُداس وتُنتهك حرمة الجامعة بهذه الصورة المقززة؟ أما بيان الجامعة للتعليق على هذه الأحداث فكان سخيفاً إلى حد بعيد. فالبيان برر دخول رجال الأمن لتنظيم حركة السير والمرور وللحفاظ على الحضور! إن كان الهدف تنظيم المرور، فما معنى دخولهم إلى الداخل، لأن التنظيم يختص بالبوابات الخارجية والجامعة في ذاك اليوم صارت مدينة أشباح، لأن التعطيل شمل الجميع وفرغت المباني بالكامل. أضف إلى ذلك أن التحرك السلمي للأعضاء صار بعدما خرج موكب صاحب السمو أمير البلاد حفظه الله، وزيادة على ذلك فإن أعضاء الهيئة التدريسية للتجمع يحملون بصفاتهم دعوات لحضور المؤتمر، فذريعة حماية الحضور تبدو غبية إلى حد بعيد!
ولغرض تشويه الحقائق صرحت الإدارة الجامعية باستنكارها نية الجمعية بناء ساتر بشري لمنع الحضور من الوصول إلى فعاليات المؤتمر! فمع احترامي الشديد لبعض الكتاب ممن استُغفلوا بحديث الإدارة الجامعية لأنه حديث وفهم لا ينم سوى عن سطحية وسذاجة كبيرتين، فما قالته الهيئة الإدارية للجمعية إنها لا تملك سوى إقرار ما تراه الجمعية العمومية غير العادية، فالحديث كان على سبيل الفرض، وأي شيء تراه الجمعية سواء كان مهرجاناً خطابياً أو ساتراً بشرياً لوجب على الهيئة الأخذ به، ولم يقل أحد بأن الدكاترة بصدد تشكيل ساتر بشري ولم تقره الجمعية العمومية، لكن قاتل الله سوء السريرة وبث الأكاذيب!
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]