د. وائل الحساوي / نسمات / جامعات الخليج تهدد الغرب

1 يناير 1970 01:32 ص
مرت علينا تظاهرة كبيرة خلال الأسبوع الماضي لم نلتفت اليها بسبب انشغالنا المبالغ فيه بالأوضاع السياسية الداخلية، وهذه التظاهرة ضمت 180 جامعة عربية شارك مسؤولوها في اجتماع لمجلس الجامعات العربية، وناقشوا كثيراً من القضايا المهمة.
لا نبالغ اذا قلنا بأن التعليم العالي هو سر تقدم الدول ورقيها الحضاري، والإنفاق على هذا التعليم هو أكبر استثمار وليس خسارة كما يعتقد البعض، وقد لمست بنفسي كيف كان لرفع رواتب الهيئة التدريسية في الجامعة وفي التطبيقي اكبر الأثر في اقبال المئات من الكفاءات للانخراط في سلك التدريس، كما رجع الينا الكثيرون ممن تركوا المجال من أجل تحسين مستواهم المعيشي وأصبح لدينا الخيار في استقطاب الأفضل.
وللأسف فإن أكثر من 28 ألف طالب كويتي لا يجدون لهم مجالاً لاكمال دراستهم العليا في الكويت بسبب اكتظاظ الجامعة وهيئة التعليم وعدم قدرتهم على استيعاب أعداد أكبر من الطلبة، كما ان الجامعات الخاصة لم تحل الا جزءاً يسيراً من المشكلة، فرأينا طلبتنا يشتتون في جميع اصقاع الأرض ليحصلوا على الشهادة الجامعية، وفتحت لهم الجامعات المتميزة وغير المتميزة الأبواب حتى أصبح الطالب يقضي 12 يوماً كل فصل دراسي في الفيليبين ليحصل على الشهادة المضمونة، ويومين في الشهر في بعض الجامعات البحرينية.
وعندما هبط سعر برميل النفط كان الضحية الأولى عندنا هو التعليم فقد خفضوا ميزانية الجامعة والهيئة بملايين الدنانير بالرغم من الزيادة الكبيرة في برامجها وأعداد الطلبة المقبولين فيها.
وللمقارنة فقط فقد زادت نسبة الوقف لجامعة هارفارد الشهيرة 23 في المئة عام 2007 وأصبح مجموع الوقف المخصص لها هو 35 مليار دولار (لجامعة واحدة!)، أما ميزانية جامعة (ييل) الأميركية فقد بلغت خمسة مليارات دولار للأعوام الخمسة الماضية.
وتساهم الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 40 في المئة من الانفاق العالمي على التعليم العالي و35 في المئة من الانفاق العالمي على الابحاث والتطوير، وقد خصصت 2.9 في المئة من ناتجها القومي الاجمالي عام 2005 لمرحلة ما بعد الدراسة الثانوية، كما ان الجامعات الأميركية تستقطب ثلث الطلبة الذين يدرسون خارج بلادهم، ويأتي مستوى جامعاتها في قائمة أفضل 16 جامعة في العالم.
لكن العالم لم يقف مكتوف الأيدي امام التفوق الأميركي فقد استطاعت جامعة سنغافورة الوطنية ان تدخل قائمة الجامعات الـ 20 الأفضل في العالم وتوشك جامعتا بكين وتشينغوا الصينيتان ان تدخلا القائمة قريباً، ناهيك عن جامعات استراليا واليابان وبريطانيا وفرنسا، فمضمار السباق ليس مقتصراً على الولايات المتحدة فقط ولكن يمكن للدول العربية الدخول فيه اذا ما بذلت جهوداً حقيقية وانفقت على التعليم العالي.
ولا شك ان المشروع السعودي لفتح جامعة الملك عبدالله للعلوم التقنية بوقف مالي يبلغ عشرة مليارات دولار على الأقل هو مشروع متميز، كما ان الإمارات العربية قد خصصت اكثر من عشرين مليار دولار للمشاريع الثقافية والتعليمية، وقامت بافتتاح فروع لأهم الجامعات مثل جامعة السوربون في ابوظبي وفي النية فتح فرع لجامعة نيويورك (ومعهد ماساشوسيتس للتكنولوجيا) و(جونز هوبكنز)، أما دبي فقد أقامت شراكة مع جامعة هارفرد وكلية لندن للأعمال وجامعة بوسطن واقامت فرعاً لجامعة ولاية ميتشغان المشهورين.
أما قطر فقد اقامت فرعاً لجامعة كورنيل (وكارنيغي ميلون) وجورجتاون (وتكساس إي أند أم) المشهورين، ويشير تقرير لمجلة النيوزويك الأميركية (19/8/2008) إلى ان معظم المحللين يجمعون على ان منطقة الخليج تحظى بأفضل فرصة في تهديد الغرب في مجال التعليم العالي، فهل يتم استكمال ذلك المشروع الضخم في الخليج وبقية الدول العربية ولا يؤثر عليه هبوط اسعار النفط؟!
استدراك على تصريح الأمير
توقفت عند عبارة ذكرها الأمير الحسن بن طلال اثناء محاضرة له في الكويت وهي ان جامعة القاهرة وجامعة الكويت هما الوحيدتان اللتان تقعان ضمن احسن 500 جامعة في العالم، وبالرغم من ان مراكز تحديد مستويات الجامعات عالمياً مختلفة في تصنيفها للجامعات الا ان احصاء منها يبين ان مستوى جامعة الكويت هو (12) مقارنة مع الجامعات العربية و(2373) على مستوى العالم.
كذلك فإن جامعة الملك سعود في السعودية مستواها (292) عالمياً وجامعة الملك فهد (302) عالمياً وهما أفضل الجامعات العربية على الإطلاق.


د. وائل الحساوي
[email protected]