أهميتها تزايدت في ظل اقتطاع مخصصات كبيرة من الأرباح

قراءة أخرى في نتائج البنوك المحلية: خذوا الحقيقة من حقوق المساهمين

1 يناير 1970 08:41 ص
|كتب رضا السناري|
طوال السنوات الماضية، كانت مستويات الربحية المعبر الرئيسي عن أداء البنوك الكويتية، وكان تحقيق مصرفين أرباحاً تفوق المليار دينار للمرة الأولى عن 2007 ذروة الانتعاش الذي عرفه القطاع. ومع تراجع أرباح 2008 وتحقيق جميع البنوك خسائر في الربع الأخير، بات هناك أسباب كافية للاعتقاد أن القطاع يمر بأيام صعبة.
لا خلاف على صعوبة العام الحالي على البنوك، لكن هناك من ينبه إلى أن قراءة نتائج العام الماضي، والربع الرابع أكثر من غيره من خلال مؤشرات أخرى غير الأرباح، لعل أهمها حقوق المساهمين، لكون هذا البند يشمل كل ما يعبر عن قوة البنك في الظروف الراهنة: رأس المال المدفوع، أسهم الخزينة وجميع الاحتياطات القانونية والاحتياطات العامة والخاصة وغيرها، وأسهم المنحة المقترحة، والتوزيعات النقدية المقترحة، والأرباح المرحلة غير الموزعة أو غير المحولة إلى مخصصات.
وباتت حقوق المساهمين تكتسب أهمية مضافة بعد ان أتاحت التعديلات على المعايير المحاسبية ظهور الخسائر غير المحققة في الاستثمارات المتاحة للبيع ضمن بند حقوق المساهمين بدلاً من إدراجها على قائمة الدخل.
والسبب الآخر لتزايد أهمية حقوق المساهمين، المخصصات الكبيرة التي اقتطعتها البنوك من الأرباح، والكثير منها اقتطع طوعاً كمخصصات عامة، لا كمخصصات مقابلة لقروض متعثرة، ما يجعل الأرقام المعلنة للأرباح متحفظة بقدر أو بآخر، على نحو لا يعكس حقيقة الأداء.
وفي مقارنة اجرتها «الراي» لميزانيات البنوك الوطنية عن العام الماضي، مقارنة بـ2007، وتحديدا لبند حقوق الملكية او حقوق المساهمين، (علما بان المقارنة لم تضم بنك بوبيان الذي لم يعلن نتائجه المالية بعد، وكذلك بنك الخليج الذي يمر بظروف مالية تحول من دون اجراء المقارنة)، تبين ان مقدار التراجع في حقوق مساهمي القطاع بلغ في العام الماضي نحو 128.031 مليون دينار عن هذه الفترة، بنسبة تراجع بلغت 2.95 في المئة، في حين ان حقوق المساهمين تراجعت في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث من 2008 بنحو 396.7 مليون دينار، ما يعني ان اجمالي هذا البند تراجع 19.85 في المئة بنهاية 2008، مع الاشارة إلى ان متوسط حقوق ملكية القطاع المصرفي بين العامين 2007 و2008 بلغ 4.3 مليار دينار، مع الاخذ في الاعتبار ان مقاييس التغيير في حقوق الملكية نسبية من بنك لاخر حسب قيمة حقوق مساهميه.
ماذا يعني تراجع حقوق مساهمي البنوك حسابيا؟
من خلال رصد لفترة زمنية معينة وعلى سبيل المثال منذ التحرير، تشهد حقوق المساهمين وهو معيار قياس الثروة في المؤسسات، نموا عاما تلو الاخر، وان كان النمو بين البنوك نسبيا، الا ان هذا البند لم يعرف التراجع قط طوال السنوات الماضية، الا في العام الماضي، فما الذي تغير على البنوك؟
العارفون بميزانيات البنوك يشيرون إلى ان تراجع النمو التراكمي لاستثمار مساهمي البنوك، او ما يمكن صهره في بند حقوق المساهمين في العام إلى 2008، وتحديدا في الربع الرابع يرجع إلى تأثر احتياطي إعادة تقييم الاستثمارات المتاحة للبيع بتداعيات الأزمة المالية العالمية، (الاستثمارات المتاحة للبيع هي التي لا يصعب تحديد قيمتها العادلة، وهي غير تلك المخصصة للمتاجرة. ومثال عليها شراء الشركات لحصص مؤثرة في شركات مدرجة من دون أن يكون في نيتها بيعها سريعاً بفارق سعري تحققه أرباحاً)، وما خلفته من تدهور لقيم الاصول، ففي الظروف العادية هناك 4 محددات للقيم العادلة لحقوق المساهمين.
فإلى جانب القيم العادلة للاستثمارات المتاحة للبيع، يأتي بند خسائر رأسمال البنك، على غرار أزمة بنك الخليج، وكذلك حال تراجع الاحتياطات، التي لا تقل الا في حالات الافصاح، او في حال الارباح المحتجزة نتيجة التوزيعات، وهذه مبالغ قليلة، لا يمكن الاتكاء عليها في حساب خسائر حقوق المساهمين، خصوصا وانها محسوبة على اساس القيم الاسمية للسهم، بالاضافة إلى ان نسبها تراجعت بشكل كبير في العام الماضي. وانقضاء الاسباب الثلاثة الاخيرة يكون السبب العامل الرئيسي في تراجع حقوق المساهمين في 2008 تراجع القيم العادلة للاستثمارات المتاحة للبيع.
وتوضح مصادر مصرفية ان تراجع حقوق المساهمين بسبب انخفاض قيم الاستثمارات المتاحة للبيع يتحقق لمعطيين، الاول يتمثل في تراجع قيم الاستثمارات المتاحة للبيع، وهي استثمارات شهدت تراجعات حادة خلال الفترة الماضية، بسبب الأزمة المالية العالمية، وما صاحبها من انخفاض لقيم الاصول، اما المعطى الثاني في تراجع حقوق الملكية فهو خسائر العملات الاجنبية، التي من الممكن تسجيلها من جراء المساهمات في الشركات الزميلة الاجنبية.
وهذا يعنى ان القيمة الحقيقية لاموال حملة اسهم البنوك تراجعت، وبالطبع هذا التراجع غير مرئي، لغير قراء الميزانيات بمعرفة، فالتراجع في قيم تداولات الاستثمارات المتاحة للبيع، لا تظهر ضمن بند الربحية والخسارة، اذ انها تسجل في بند حقوق المساهمين، اذ ان هناك نوعين من الربحية، الاول يؤثر على الارباح المعلنة والنتائج المالية، والثاني يؤثر على حقوق الملكية.
التأثيرات
كيف يؤثر تراجع حقوق المساهمين على البنوك؟ عندما تتراجع حقوق الملكية، يكون حامل السهم بالاضافة إلى انخفاض قيم ثرواته، تضرر مرتين، فمن ناحية تراجع مضاعف ربحيته على السهم، ومن جهة اخرى تراجع مضاعف السعر إلى القيمة الدفترية، ما ادى إلى تراجع القيم الدفترية للبنوك «مجموع حقوق الملكية على عدد الاسهم المصدرة» بنهاية العام الماضي إلى312 فلسا، ويعد مضاعف الربحية والقيمة الدفترية مؤشرين اساسيين لتحديد مستويات القيمة السوقية الحقيقية للاسهم، ومن ثم تراجع حقوق الملكية سيدفع إلى انخفاض قيم سهم البنك المتراجع في هذا البند بورصويا.
ولا تتوقف المخاوف من تراجع حقوق مساهمي البنوك في العام 2008 عند مستويات الارقام السابق ذكرها، ففي حال استمرار نشاط الأزمة المالية العالمية، فربما ترتفع هذه الارقام إلى مستويات تؤسس لمرحلة جديدة، خالية من الصورة النمطية حول البنوك، فاذا استمرت البنوك في تحقيق معدلات ربحية ضعيفة من حيث النمو، وهي المغذي الحقيقي لحقوق الملكية، سيزداد تأثر البنوك، كما ان فرضية تراجع قيم الاستثمارات المتاحة للبيع قائمة وبشكل كبير.
وعلى الرغم من أن أكبر البنوك دفع التوقعات باتجاه إيجابي للغاية، بإعلانه أن أرباح الربع الأول ستكون قريبة من أرباح الفترة المقارنة من العام الماضي، فإن الصورة قد لا تكون كذلك في جميع البنوك.
وفي أسوأ السيناريوات قد تستمر بعض البنوك في تسجيل الخسائر خلال الفترة المقبلة، ومن ثم سيزداد الضغط على القيم السوقية لاسهم القطاع المصرفي، وهو ما سيدفع إلى مزيد من الخسائر السوقية في قيمها خلال الفترة المقبلة، خصوصا ان لم تتغير معطيات معادلة التراجعات في قيم اصول البنوك وتحديدا الاستثمارات المتاحة للبيع، وما يوازيها من تعويض لخسائر العملات الاجنبية التي تم تسجيلها جراء الاستثمار في شركات زميلة اجنبية.
جرعة أكبر من الشفافية
ما المطلوب اجراؤه؟ من المفترض ولمواجهة التغيرات المقبلة، وهي غير محددة بوضوح حتى لدى المؤسسات العالمية، من المفترض ان تزداد جرعة الشفافية لدى البنوك حول استثماراتها التي تعالج ضمن حقوق المساهمين، ففي ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها اسواق المال العالمية والخليجية بات من الصعب التكهن بقاع للأزمة، ومن هنا يتعين ان يلقى كل مصرف مزيداً من الضوء في ميزانيته على حقيقة حقوق مساهميه والتوقعات المرتقبة لقيمها في الفترة المقبلة، وبذلك يتفادى المساهم العادي الذي لا يجيد قراءة المؤشرات وغيره من المستثمرين غير المطلعين على حقيقة الامور ما يعرف بالضربة الخفية التي يمكن ان يتلقاها، بسبب جهله بمعلومة من المفترض ان تكون متوافرة.
وحول ذلك طالب مسؤولون مصرفيون من بنك الكويت المركزي فرض نوع اكثر حزما من الافصاح حول بيانات بند حقوق الملكية، بحيث تكون المعلومات في هذا الشأن اكثر شفافية، بحيث تساهم المعلومات المقدمة في تحديد حجم المخاطر الممكنة وتأثيرها على حقوق المساهمين.
تجدر الاشارة إلى انه من المرتقب الا تحدث نتائج بنك بوبيان اي فروقات في المقارنة بين حقوق ملكية البنوك ما بين العامين 2007 وكذلك العام 2008، بالاضافة إلى الربع الرابع من العام الماضي وكذلك الربع الثالث، لا سيما وان «بوبيان» حديث التأسيس، ولذلك هو بعيد عن التأثر كثيراً بمؤشرات الاستثمارات المتاحة للبيع، كما يذكر ان النمو في حقوق مساهمي البنك الدولي الذي بلغ في العام الماضي 4.41 في المئة مقارنة بـ 2007 وكذلك 26.92 في المئة في الربع الرابع مقارنة بالربع الثالث، يرجع إلى ان «الدولي» استفاد من تحرير جزء كبير من مخصصاته في العام الماضي، على اثر تحقيقه لمكاسب قضائية في هذا الخصوص.