د. وائل الحساوي / نسمات / وداعا مجلس 2008

1 يناير 1970 03:42 ص
يقول علماء النفس بأنك اذا كنت تخاف من شيء وهو لابد قادم فبادر اليه ليرتاح ضميرك، واعتقد ان تلك الاسطوانة المملة التي عشناها اكثر من عام حول استجواب رئيس مجلس الوزراء قد فقدت زخمها مع تقديم استجواب المسلم وحدس، وسواء اصعد الشيخ ناصر المنصة ام لم يصعد، وسواء ان تسبب الاستجواب في التصويت على عدم التعاون ام لم يتسبب، فإن الحاجة في نفس فيصل وجمعان قد تحققت، والسحر سيبطل مفعوله، وسيبحث النواب عن وسيلة اخرى «لمداحرة» الحكومة.
وفي تصوري ان ذلك الاستجواب سيرفع من اسهم الكويت إلى عنان السماء امام المراقبين الخارجيين لاسيما الشعوب العربية التي تعودت على الطاعة العمياء لحكامها، اذ ان استجواب رئيس الحكومة وهو شيخ من كبار الاسرة ومرشح لتولي الامارة يوما ما، لم يحدث قط في اي نظام عربي.
اما عن التخوف من ان يتسبب الاستجواب في حل المجلس فهذا لاشك وارد وغير مستبعد، فإن كان الحل دستوريا فإن الخاسر الوحيد هو النواب والمرشحون بينما سنضمن وجبات عشاء فاخر وشاورما لفترة شهرين، وان كان الحل غير دستوري - ونحن لا شك نعارضه - فإن المتسبب الاول فيه هو هؤلاء النواب الذين لا يقدرون ظروف بلدهم وحاجته للاستقرار، والذين انبحت اصوات الناس تطالبهم بالتهدئة والعقلانية لكنهم يجلسون فوق برج عاجي لا يسمعون اصوات من يكلمهم ولا شك ان حل المجلس من عدمه سيئن في ظل وجودهم وتعطيلهم لكل شيء.
ليست سقطة
كتب الاخ أحمد الديين مقالا في جريدة عالم اليوم قبل يومين بعنوان (سقطة مؤسفة ودعوة غريبة) وقد كتبه استنكارا على جريدة القبس التي اقترحت تنقيح الدستور الكويتي بحيث:
-1 يرفع النصاب العددي المطلوب لتحريك الاستجواب تداركا لسهولة اللجوء اليه من نائب واحد.
-2 لا تتم محاسبة رئيس مجلس الوزراء على قضايا تتعلق بوزراء ووزارات وانما بما يتعلق بالسياسة العامة للحكومة.
-3 زيادة اعضاء مجلس الامة وربطها بقانون الانتخابات، والحفاظ على النسبة مع التناسب بين عدد الوزراء وعدد النواب كما هو حاليا.
ووجه استغرابي من كلام الاخ أحمد هو ان الدستور الكويتي ليس جامدا وانما يسمح بتنقيح الاحكام المتصلة بمبادئ الحرية والمساواة نحو المزيد من ضماناتها، وقد ثبت من تجربة ما يقارب النصف قرن ان الخلل قائم في تعامل نواب الامة مع الصلاحيات الكثيرة في الدستور إلى درجة الفوضى التشريعية والرقابية، فلا شك ان وضع ضوابط دستورية لتقنين الاستجوابات مطلوب في هذا الوقت بالذات ولكن بشرط عدم اجهاض تلك الاداة الدستورية المهمة، فلو زاد العدد عن نائب واحد لتقديم الاستجواب فانه يحد من التسابق لدى البعض على تقديم الاستجواب للدرجة التي تشل عمل الحكومة والمجلس دون مبرر منطقي لذلك.
كذلك فإن محاسبة رئيس الوزراء على قضايا تتعلق بوزرائه تخالف اللائحة التفسيرية للدستور التي تطالب بتحصين رئيس مجلس الوزراء بما يكفي لضمان عمل الحكومة، بحيث توجه له الاسئلة المتعلقة بالسياسة العامة للحكومة فقط، اما الهيئات التابعة لرئاسة مجلس الوزراء او الملحقة بها فيسأل عنها وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، وكذلك يسأل كل وزير عن اعمال وزارته.
اما زيادة عدد نواب الامة فليس هنالك ما يمنع منه اذا كان فيه مصلحة راجحة وقد تم اقتراحه مرارا عند تعديل الدوائر الانتخابية، ومن فوائد هذا المقترح زيادة عدد الوزراء الذين ينص الدستور على الا يتجاوزوا ثلث اعضاء مجلس الامة ما يحد كثيرا من توزيع العمل التنفيذي على الوزراء ويعطي عددا منهم اكثر من وزارة، واذا كان الاخ أحمد يرى بان اعداد مجلس الامة الحالية تكفي، فبالإمكان تعديل الدستور لزيادة نسبة الوزراء عن ثلث اعضاء المجلس.
ان القدسية التي يضعها البعض للدستور بالرغم من المثالب في تطبيقه وبالرغم من سماح المشرع لتعديله يجب أن يتم مقارنتها مع المشاكل المتراكمة من سوء تطبيقه وتوقف عجلة التنمية في البلد.


د. وائل الحساوي
[email protected]