التحرير فطفرة ما بعد تحرير العراق فالأزمة الراهنة
3 محطات للاقتصاد في 18 عاماً... ماذا تغير؟

المصدر: بنك الكويت المركزي


| كتب المحرر الاقتصادي |
ربما تكون الكويت تغيرت في سنوات ما بعد تحرير العراق أكثر مما تغيرت في السنوات الاثنتي عشرة التي اعقبت تحرير الكويت، إلا أن الاختلالات الهيكلية تبدو الآن أكثر عمقاً من أي وقت مضى.
لا شك أن محنة الغزو زادت من الحاجة إلى المال العام كمحرك للنشاط الاقتصادي، ولتعويض الأضرار التي مني بها الأفراد والشركات. لكن السنوات التي تلت انطلاق دورة الاقتصاد لم تشهد تغييراً جذرياً في هيكل الاقتصاد ولا في نمط الإنتاج. بل إن بعض القطاعات الخدمية التي سجلت نمواً هائلاً في الثمانينات لم تحقق النمو نفسه في التسعينات.
ولم يكن انخفاض أسعار النفط خلال العقد الماضي كافياً لتحفيز الدولة على تنويع القاعدة الإنتاجية، والحد من الاعتماد على المصادر الريعية في تمويل الإنفاق العام.
مر عقد التسعينات، وكانت الميزانية العامة تواجه عجزاً في معظم سنواته، ولم يكن في الأفق سبيل للخروج من ذلك الوضع سوى انتظار صدمة ما تدفع أسعار النفط صعوداً، وهذا ما حدث بالفعل قبل نحو خمس سنوات. كان هذا المفترق الثاني، ولم يتغير شيء. زادت الإيرادات وزادت معها المصروفات، ولم يتغير نمط الإنتاج. وظل القطاع الخاص في عرف من يديرون الشأن العام ليس أكثر من «مصالح خاصة»، بدلاً من أن يكون معبراً للتوجه نحو توسيع قاعدة الاقتصاد.
لكن الطفرة حصلت. وكان الإنفاق العام جزءاً منها، لكنه كان إنفاقاً غير رأسمالي ضخ التضخم في شرايين الاقتصاد من خلال زيادات الرواتب والمنح المجانية التي ذهب معظمها لتجديد «الموبايلات» بأيدي المواطنين.
لطالما قيل خلال السنوات الماضية إن إيرادات النفط لن تبقى على حالها إلى الأبد، لكن شيئاً لم يتغير. باتت «الموبايلات» التي دفعت الدولة ثمنها قديمة، ولم تتطور بنية الإنتاج.
إلى أن جاء المفترق الثالث على حين غرة، فسارعت الدولة إلى الضغط على مكابح الإنفاق، بعد سنوات من سياسة اليد المبسوطة، في وقت تتراكم المطالبات عليها أموال لتحفيز الاقتصاد، وأموال لتعزيز الاستقرار المالي، وأموال لتخفيف أعباء القروض عن كاهل المواطنين، وأموال للمحفظة المليارية، وأموال لباب الرواتب الضخم جداً في الميزانية العامة... وأموال وأموال. ثلاثة مفترقات ولم يتغير شيء من أصعب المحن التي مر بها الوطن.
وحدها أسعار النفط تتغير من حين لآخر فتتغير معها الأوضاع. في العام 1991 كانت مساهمة القطاع النفطي في الاقتصاد 11 في المئة فقط، بسبب الغزو، ومع تحسن الأوضاع أخذت ترتفع تدريجياً لتبلغ نحو 45 في العام 2004، ولتتجاوز 70 في المئة في السنوات الأخيرة. ولا شك أن هذه النسبة ستنخفض خلال العام الحالي مع تراجع أسعار النفط. وكما في الماضي، كذلك في المستقبل؛ كل الأمور ترتبط بأسعار النفط إذا لم يتغير شيء بعد «المفترق الثالث». وإذا كانت وزارة النفط تعول على أسعار النفط مجدداً، فربما تجدر الإشارة إلى أنه قبل عشر سنوات، كان التقديرات لعمر النفط الافتراضي، حسب معدل الإنتاج يومها تتفاوت بين 39 سنة فقط، و129 سنة في اكثر التقديرات تفاؤلاً. مع العلم أن هذا المعدل احتسب على أساس إنتاج 2.05 مليون برميل يومياً، (بحسب ما يشير الدكتور رمضان الشراح في كتابه «الاقتصاد الكويتي»)، في حين ان الكويت أنتجت بمعدل 2.7 مليون برميل يومياً في بعض السنوات الماضية، أي بزيادة تقارب الثلث. عسى أن يتغير شيء!
ربما تكون الكويت تغيرت في سنوات ما بعد تحرير العراق أكثر مما تغيرت في السنوات الاثنتي عشرة التي اعقبت تحرير الكويت، إلا أن الاختلالات الهيكلية تبدو الآن أكثر عمقاً من أي وقت مضى.
لا شك أن محنة الغزو زادت من الحاجة إلى المال العام كمحرك للنشاط الاقتصادي، ولتعويض الأضرار التي مني بها الأفراد والشركات. لكن السنوات التي تلت انطلاق دورة الاقتصاد لم تشهد تغييراً جذرياً في هيكل الاقتصاد ولا في نمط الإنتاج. بل إن بعض القطاعات الخدمية التي سجلت نمواً هائلاً في الثمانينات لم تحقق النمو نفسه في التسعينات.
ولم يكن انخفاض أسعار النفط خلال العقد الماضي كافياً لتحفيز الدولة على تنويع القاعدة الإنتاجية، والحد من الاعتماد على المصادر الريعية في تمويل الإنفاق العام.
مر عقد التسعينات، وكانت الميزانية العامة تواجه عجزاً في معظم سنواته، ولم يكن في الأفق سبيل للخروج من ذلك الوضع سوى انتظار صدمة ما تدفع أسعار النفط صعوداً، وهذا ما حدث بالفعل قبل نحو خمس سنوات. كان هذا المفترق الثاني، ولم يتغير شيء. زادت الإيرادات وزادت معها المصروفات، ولم يتغير نمط الإنتاج. وظل القطاع الخاص في عرف من يديرون الشأن العام ليس أكثر من «مصالح خاصة»، بدلاً من أن يكون معبراً للتوجه نحو توسيع قاعدة الاقتصاد.
لكن الطفرة حصلت. وكان الإنفاق العام جزءاً منها، لكنه كان إنفاقاً غير رأسمالي ضخ التضخم في شرايين الاقتصاد من خلال زيادات الرواتب والمنح المجانية التي ذهب معظمها لتجديد «الموبايلات» بأيدي المواطنين.
لطالما قيل خلال السنوات الماضية إن إيرادات النفط لن تبقى على حالها إلى الأبد، لكن شيئاً لم يتغير. باتت «الموبايلات» التي دفعت الدولة ثمنها قديمة، ولم تتطور بنية الإنتاج.
إلى أن جاء المفترق الثالث على حين غرة، فسارعت الدولة إلى الضغط على مكابح الإنفاق، بعد سنوات من سياسة اليد المبسوطة، في وقت تتراكم المطالبات عليها أموال لتحفيز الاقتصاد، وأموال لتعزيز الاستقرار المالي، وأموال لتخفيف أعباء القروض عن كاهل المواطنين، وأموال للمحفظة المليارية، وأموال لباب الرواتب الضخم جداً في الميزانية العامة... وأموال وأموال. ثلاثة مفترقات ولم يتغير شيء من أصعب المحن التي مر بها الوطن.
وحدها أسعار النفط تتغير من حين لآخر فتتغير معها الأوضاع. في العام 1991 كانت مساهمة القطاع النفطي في الاقتصاد 11 في المئة فقط، بسبب الغزو، ومع تحسن الأوضاع أخذت ترتفع تدريجياً لتبلغ نحو 45 في العام 2004، ولتتجاوز 70 في المئة في السنوات الأخيرة. ولا شك أن هذه النسبة ستنخفض خلال العام الحالي مع تراجع أسعار النفط. وكما في الماضي، كذلك في المستقبل؛ كل الأمور ترتبط بأسعار النفط إذا لم يتغير شيء بعد «المفترق الثالث». وإذا كانت وزارة النفط تعول على أسعار النفط مجدداً، فربما تجدر الإشارة إلى أنه قبل عشر سنوات، كان التقديرات لعمر النفط الافتراضي، حسب معدل الإنتاج يومها تتفاوت بين 39 سنة فقط، و129 سنة في اكثر التقديرات تفاؤلاً. مع العلم أن هذا المعدل احتسب على أساس إنتاج 2.05 مليون برميل يومياً، (بحسب ما يشير الدكتور رمضان الشراح في كتابه «الاقتصاد الكويتي»)، في حين ان الكويت أنتجت بمعدل 2.7 مليون برميل يومياً في بعض السنوات الماضية، أي بزيادة تقارب الثلث. عسى أن يتغير شيء!