فؤاد الحمود / «شهالعسارة» يا مجلس!



بقلم فؤاد الحمود*
ما نشهده على صعيد إقرار مشروع الاستقرار المالي المقدم من قبل فريق محافظ البنك المركزي من تجاذبات وشد خاصة من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة، ومحاولة تعويم إقرار مشروع القانون والتقليل من أهميته بهدف خلط الأوراق في مزايدة مكشوفة من خلال دغدغة مشاعر المواطنين، وهذه المحاولات المتكررة التي فهمها الجميع، وما عادت تخفى دوافعها على أحد، ليست إلا من قبيل العبث اللامسؤول في ظل حاجة ماسة للنهوض من الكبوة العظيمة التي نمر بها، ويشهدها وطننا، الذي يعتبر بحكم المحجور عليه من قبل فئات تعتبر مصالحها الخاصة فوق مصلحة البلد. فتراهم يزبدون ويهددون في مزايدات، وكأنهم هم المصلحون ولكن لا يشعرون بممارساتهم التي لا تخدم المصلحة العامة. فإقحام قضية مديونيات المواطنين في هذا الوقت، إنما هو طرح ليس في محله ولا ينم عن فهم لحقيقة وطبيعة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها البلد، وقد تؤدي الى مواجهات ونتائج ليست في صالح البلد ولا شعبها.
فيا أهل الرأي والأمر، نذكركم بحديث رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وصحبه عن إسناد الأمر الى غير أهله عندما كان يتحدث مع القوم، بعد أن سأله أعرابي: متى الساعة؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم «إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة» قال: وكيف تضيع؟ قال «إذا وسد الأمر لغير أهله، فانتظر الساعة». ونحن كشعب قد وسدنا الأمر إلى أعضاء مجلس الأمة. والكويت يا ناس أمانة، تعيش في هذا الوقت في تحديات جسام في خضم التجاذبات الدولية وصراعات القوى السياسية دوليا، ومحليا كذلك. والعبء يزداد عليها بتفاقم المشاكل الاقتصادية التي تشكل الأزمة المالية جزءا يسيرا منها. فالكويت بلد صغير ذو موارد كبيرة حبانا الله بها. أفلا ننتبه لما يدور حولنا ونراجع أنفسنا وأداءنا، ونكون عبادا شاكرين بالحفاظ على هذه الموارد من الزوال، ونصون هذه الأمانة ونتقي الله. فلقد ساء بنا الأمر حتى بلغ مداه، وتركنا الأمور لأهوائنا حتى طغت المصالح الفئوية والشخصية على المصلحة العامة، وتبددت الأمانة وتعثرت مسيرة التنمية بعد أن تناثرت أوراق صياغة المشروعات والخطط من جراء الإهمال والتراخي في وضع الحلول والأولويات اللازمة للتعامل مع المشكلات والتحديات التي تهدد البنية التحتية للاقتصاد الوطني. كل ذلك على حساب الأموال العامة التي أصبح من هب ودب من الداخل والخارج يريد أن يحظى بنصيب منها، وكأنها أموال سائبة ولا تخص شعبا يرفض رفضا قاطعا العبث بها.
إننا ندعو السلطتين التنفيذية والتشريعية لوضع الأولويات في نصابها اتقاء لشر قد دنا. وندعو أعضاء مجلس الأمة خصوصا، لتأجيل أي موضوعات في الوقت الحالي لاقرار مشروع الاستقرار المالي. فنحن في الحقيقة لسنا ضد إسقاط الفوائد أو إعادة جدولة مديونيات المواطنين في حد ذاته. فهذا أمر يبقى قابلا للمناقشة لاحقا، وإن كنت من المقتنعين بأن الحكومة في هذا المجال قد غطت المطلوب منها من خلال المساعدات المالية وتعديل أوضاع المعيشة وإسقاط الفواتير وآخرها صندوق المعسرين. وما يتعلق بشريحة المواطنين المتعثرة مديونيتهم والمقدر عددهم بعشرة آلاف مواطن، فبإمكانهم الاستفادة من صندوق المعسرين، فهي آلية جيدة تم إقرارها لهذا الغرض. والحاجة بعدها قد تكون من خلال عمل تعديلات لكي يشمل الصندوق حالات أخرى ممكن أن تستفيد في إطار عمل الصندوق. وعليه فإن اختلافنا الذي لا يفسد للود قضية هو استخدام هذه الورقة من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة في هذا الوقت الحساس الذي نحتاج فيه إلى تضافر الجهود، بدل التناحر والاختلاف، للخروج من الأزمة التي نعيشها وعدم ربط الموضوعات مع بعضها.
وإلى من بادر في طرح أي ملاحظات أو انتقادات موضوعية على مشروع القانون، نقول ان الأمر يتطلب أولا إقرار القانون بصفة مستعجلة لأنه ببساطة جدا، أمر لا يحتمل التعطيل. ونحن من هذا الموقع نقترح على القائمين على اقرار وتنفيذ هذا القانون، العمل بشكل مواز وفوري على إجراء التعديلات اللازمة على القانون حسب ما تراه لجنة فنية مهنية تشكل لهذا الغرض، تعمل على غرار فريق المحافظ الذي أبلى بلاء حسنا في إعداد القانون رغم أوضاع السوق وظروف الساحة المحلية التي يشهدها البلد اقتصاديا وسياسيا.
وأخيرا أقول من منطلق السعي كمواطن غيور على بلده، كما حال الكثير من المواطنين المخلصين، إن أوضاع البلد السائدة قد طال أمدها واشتد أثرها، ونحن نحذر من مغبة عواقبها، اللهم أني بلغت، اللهم فاشهد.
*رئيس مجلس إدارة شركة «رسن القابضة»
ما نشهده على صعيد إقرار مشروع الاستقرار المالي المقدم من قبل فريق محافظ البنك المركزي من تجاذبات وشد خاصة من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة، ومحاولة تعويم إقرار مشروع القانون والتقليل من أهميته بهدف خلط الأوراق في مزايدة مكشوفة من خلال دغدغة مشاعر المواطنين، وهذه المحاولات المتكررة التي فهمها الجميع، وما عادت تخفى دوافعها على أحد، ليست إلا من قبيل العبث اللامسؤول في ظل حاجة ماسة للنهوض من الكبوة العظيمة التي نمر بها، ويشهدها وطننا، الذي يعتبر بحكم المحجور عليه من قبل فئات تعتبر مصالحها الخاصة فوق مصلحة البلد. فتراهم يزبدون ويهددون في مزايدات، وكأنهم هم المصلحون ولكن لا يشعرون بممارساتهم التي لا تخدم المصلحة العامة. فإقحام قضية مديونيات المواطنين في هذا الوقت، إنما هو طرح ليس في محله ولا ينم عن فهم لحقيقة وطبيعة الأوضاع الاقتصادية التي يعيشها البلد، وقد تؤدي الى مواجهات ونتائج ليست في صالح البلد ولا شعبها.
فيا أهل الرأي والأمر، نذكركم بحديث رسولنا الكريم صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وصحبه عن إسناد الأمر الى غير أهله عندما كان يتحدث مع القوم، بعد أن سأله أعرابي: متى الساعة؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم «إذا ضيعت الأمانة، فانتظر الساعة» قال: وكيف تضيع؟ قال «إذا وسد الأمر لغير أهله، فانتظر الساعة». ونحن كشعب قد وسدنا الأمر إلى أعضاء مجلس الأمة. والكويت يا ناس أمانة، تعيش في هذا الوقت في تحديات جسام في خضم التجاذبات الدولية وصراعات القوى السياسية دوليا، ومحليا كذلك. والعبء يزداد عليها بتفاقم المشاكل الاقتصادية التي تشكل الأزمة المالية جزءا يسيرا منها. فالكويت بلد صغير ذو موارد كبيرة حبانا الله بها. أفلا ننتبه لما يدور حولنا ونراجع أنفسنا وأداءنا، ونكون عبادا شاكرين بالحفاظ على هذه الموارد من الزوال، ونصون هذه الأمانة ونتقي الله. فلقد ساء بنا الأمر حتى بلغ مداه، وتركنا الأمور لأهوائنا حتى طغت المصالح الفئوية والشخصية على المصلحة العامة، وتبددت الأمانة وتعثرت مسيرة التنمية بعد أن تناثرت أوراق صياغة المشروعات والخطط من جراء الإهمال والتراخي في وضع الحلول والأولويات اللازمة للتعامل مع المشكلات والتحديات التي تهدد البنية التحتية للاقتصاد الوطني. كل ذلك على حساب الأموال العامة التي أصبح من هب ودب من الداخل والخارج يريد أن يحظى بنصيب منها، وكأنها أموال سائبة ولا تخص شعبا يرفض رفضا قاطعا العبث بها.
إننا ندعو السلطتين التنفيذية والتشريعية لوضع الأولويات في نصابها اتقاء لشر قد دنا. وندعو أعضاء مجلس الأمة خصوصا، لتأجيل أي موضوعات في الوقت الحالي لاقرار مشروع الاستقرار المالي. فنحن في الحقيقة لسنا ضد إسقاط الفوائد أو إعادة جدولة مديونيات المواطنين في حد ذاته. فهذا أمر يبقى قابلا للمناقشة لاحقا، وإن كنت من المقتنعين بأن الحكومة في هذا المجال قد غطت المطلوب منها من خلال المساعدات المالية وتعديل أوضاع المعيشة وإسقاط الفواتير وآخرها صندوق المعسرين. وما يتعلق بشريحة المواطنين المتعثرة مديونيتهم والمقدر عددهم بعشرة آلاف مواطن، فبإمكانهم الاستفادة من صندوق المعسرين، فهي آلية جيدة تم إقرارها لهذا الغرض. والحاجة بعدها قد تكون من خلال عمل تعديلات لكي يشمل الصندوق حالات أخرى ممكن أن تستفيد في إطار عمل الصندوق. وعليه فإن اختلافنا الذي لا يفسد للود قضية هو استخدام هذه الورقة من قبل بعض أعضاء مجلس الأمة في هذا الوقت الحساس الذي نحتاج فيه إلى تضافر الجهود، بدل التناحر والاختلاف، للخروج من الأزمة التي نعيشها وعدم ربط الموضوعات مع بعضها.
وإلى من بادر في طرح أي ملاحظات أو انتقادات موضوعية على مشروع القانون، نقول ان الأمر يتطلب أولا إقرار القانون بصفة مستعجلة لأنه ببساطة جدا، أمر لا يحتمل التعطيل. ونحن من هذا الموقع نقترح على القائمين على اقرار وتنفيذ هذا القانون، العمل بشكل مواز وفوري على إجراء التعديلات اللازمة على القانون حسب ما تراه لجنة فنية مهنية تشكل لهذا الغرض، تعمل على غرار فريق المحافظ الذي أبلى بلاء حسنا في إعداد القانون رغم أوضاع السوق وظروف الساحة المحلية التي يشهدها البلد اقتصاديا وسياسيا.
وأخيرا أقول من منطلق السعي كمواطن غيور على بلده، كما حال الكثير من المواطنين المخلصين، إن أوضاع البلد السائدة قد طال أمدها واشتد أثرها، ونحن نحذر من مغبة عواقبها، اللهم أني بلغت، اللهم فاشهد.
*رئيس مجلس إدارة شركة «رسن القابضة»