محمد الزمانان / الوزير... والمعاملات

تصغير
تكبير



الوزارات والاستثناءات كلمتان لهما قافية واحدة، والكثيرون من يعلمون ان الوزير معرض دوما لأن يفقد الكرسي الأخضر بـ «شخطة قلم»، وكما نعلم فإن هذا الكرسي تكليف قبل ان يكون تشريفاً. يبدأ اليوم هادئا ليسبق العاصفة الاستجوابية وما تحمله من اسئلة نارية، يذهب الوزير للمجلس فيتم تبليغه بأنه مستجوب من أحد الأعضاء في الجلسة المقبلة. والسبب ان معالي الوزير استثنى لهذا النائب تسع معاملات واعتذر عن التأشيرة العاشرة كي لا يتجاوز القانون، عجبا لهذا الوزير الذي سمح لنفسه بتمرير الـ «تسع» معاملات واستيقظ ضميره عند توقيع التأشيرة العاشرة التي رفضها وكانت سببا رئيسيا في تعكير الأجواء بينه وبين النائب وفي مثوله لهذا الاستجواب، إذ ضمرها السيد النائب في صدره ضد الوزير وانتظر طويلا حتى لاحت له الفرصة وطالب باستجوابه. وتدور في خلد النائب الكثير من الأسئلة «لماذا استثنيت لي تسع معاملات ورفضت تمرير العاشرة؟ وهي الأهم ضمن التأشيرات كافة، التي سبق ومررتها لي، ما كنت اتوقع على الاطلاق ان يعاندني الحظ وترفض هذه المعاملة.

وأثناء الاستجواب يصيح الوزير بأعلى صوته «لا أريد ان اتجاوز القانون» وتحدث ضجة كبيرة في قاعة المجلس الموقر، ويكشف النقاب عن الكم الهائل من التأشيرات المخالفة للقانون، والتي قام معاليه باعطائها «لا مانع» وتكثر الأسئلة للوزير كالأسئلة المتعارف عليها مثل «من أين لك هذا؟» وكيف صارت تلك الاسهم التي تساوي الملايين باسم نجلك؟ رغم ان نجل الوزير قد بلغ سن الرشد ويجب محاسبته شخصيا وليس محاسبة والده معالي الوزير، وتكثر فضائح معالي الوزير، وان لم يكن لديه ما يكفي يتم تدبير مجموعة مفبركة ويصبح معالي الوزير فريسة للسيد النائب ومن والاه من السادة الزملاء.

مسكين أنت أيها الوزير فلو كنت تعلم ان التأشيرة العاشرة سوف تتسبب لك بكل تلك الضحة لكنت وقعتها وابتعدت عن كل تلك المهاترات والاتهامات، وأقولها بكل صدق لو انني كنت مكان معاليك لاستثنيت العاشرة من دون ادنى تفكير ورفضت تمرير التسع التي سبقتها، ولكن الوزير المسكين لم يفهم أصول اللعبة بعد، اذ وافق على تمرير الـ «تسع تأشيرات» ورفض التأشيرة الأهم وهي التأشيرة العاشرة، فماذا كان يضرك لو أنك وقعت عليها بـ «لا مانع» وظللت تتمتع بالكرسي الذي يحلم الكثيرون بالوصول اليه، ولكنك ولعدم درايتك باللعبة اعلنت أخيرا بأنك لن تتجاوز القانون، لكن هذا بعد ان تجاوزته مرات ومرات.

ولكننا اذا نظرنا للأمر بعين الراصد المتابع للاحداث سنرى ان معالي الوزير المسكين كان سيقع في مشاكل اكبر اذا رفض من البداية تمرير اي معاملات مخالفة للقانون، ففي تلك الحالة سيتهموه بأنه «يبوق» وهذا من أجل سحب الكرسي من تحته وجلب وزير يستطيع التوقيع على معملاتهم بـ «لامانع».

حقا انك مسكين أيها الوزير فإما ان تجعل تأشيراتك جميعها «لا مانع»، واما انك تتلقى الاتهامات والتي أبسطها «سارق، صاحب تجاوزات، قام بتعيين أقاربه وكلاء ومديرين»، وحتى اذا لم يكونوا من أقاربه يصبحون كذلك رغما عن أنفه.

وخلاصة الأمر ان ذلك كله لا يعنينا، ولكن ما يعنينا يا سيادة النائب ان تكون تائبا، وان تخاف الله تعالى فيما تفعل، اجعل الله ومصلحة الكويت نصب عينيك أثناء تقديمك للاستجواب، ولا تستخدم الدستور الكويتي الذي كفل لك محاسبة المسؤولين بالدولة فيما يغضب الله، أو من أجل مصالح شخصية، ونأمل من السلطتين التنفيذية والتشريعية ان يسود بينهما التفاهم والتجاوب والتجانس لما فيه مصلحة الكويت العليا، لأننا وبكل صراحة سئمنا الوضع الحالي، بعد ان اصبح البرلمان يقوم على الاستجواب فقط، اما حقوق المواطنين فلا أهمية لها، وسوف يشفع لنا صراخنا تحت قبة المجلس في الانتخابات المقبلة، حيث سيجعل الكثيرين من الناخبين يصوتون لصالحنا.

وفي الختام وبصفتي مواطنا كويتيا أقولها عبر تلك السطور، نتمنى من السلطتين التنفيذية والتشريعية الانتباه للشارع الكويتي، لاننا بحاجة الى اصلاح الكثير من الأمور وليس لاستجواب في شأن الكثير من الأمور.


محمد الزمانان


رئيس مجلس إدارة جمعية المجتمع الوطني

 kuwaity-8@hotmail.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي