المسيرة السياسية: تحقيق السلام الاقتصادي


بنيامين نتنياهو سيكون رئيس الوزراء المقبل لإسرائيل، كنت أفضل أن يكون رئيس الوزراء أحد ما، ملتزماً بمسيرة سياسية مكثفة تتضمن الضفة الغربية، سورية، ولبنان. ولكن الحسم تحقق. الرؤيا السياسية لنتنياهو ليست واضحة، باستثناء ميل قلبه الاقتصادي الذي لا يؤمن بالسلام في منطقتنا في المستقبل المنظور.
من جهة أخرى، هو بالتأكيد يعيش في هذا العالم، ويعرف ما يتوقعه العالم منا، حتى وإن كان يشعر بأن هذا ليس مبرراً أو منطقياً، واضح له بأننا لا يمكننا أن نتصرف كشعب يسكن وحده، ولا يراعي الأغيار... كما أنه يعرف أنه رغم الغالبية اليمينية في الكنيست، فإن غالبية كبيرة في الجمهور تؤمن بحل الدولتين، حتى لو لم يكن لديها ثقة بجيرانها، وكذا لو لم تكن تؤمن بأن السلام يوجد خلف الباب.
وعليه، قبيل انتخابات 1996، تراجع عن وعده للتنكر لاتفاق «أوسلو»، واستبدل ذلك بسياسة معروفة في الجيش الإسرائيلي: «إذا أعطوا فسيأخذون». كان هذا سبيله إلى عدم المواصلة في الطريق السياسي إلى أن اضطر إلى عمل ذلك. سواء في «اتفاق الخليل»، أم في «اتفاق واي»، حيث تنازل عن 13.1 في المئة من أراضي الضفة. محاولته الوصول إلى السلام مع الأسد الأب من خلال رونالد لاودر، في ظل الاستعداد للنزول عن كل الجولان أو عن معظمه (الجدال التاريخي حول مهمة لاودر وعمق اقتراحه سيستمر على ما يبدو لزمن طويل بعد ألا نكون على الجولان...) تدل هي أيضاً على استعداد نتنياهو لفحص امكانات تتجاوز شعاراته الانتخابية.
هذه المرة يأتي إلينا مع شيء جديد... «سلام اقتصادي». لا سلام آخر بين الزعماء يفرض على جماهيرهم غير المتحمسين من ذلك، بل سلام حقيقي، يبدأ بالشعب نفسه، حيث يفهم الشعب عما يتنازل إذا ما استخدم العنف.
نتنياهو يتعلق هنا بالشجرة العالية للرئيس شمعون بيريس، الذي يؤمن هو أيضاً بأهمية السلام الاقتصادي إلى جانب الخطوة السياسية. أخيراً، حين تبين أن العالم يرى في سلامه الاقتصادي ذريعة جديدة لعدم صناعة سلام حقيقي (وكمؤرخ هاو كان ينبغي له أن يعرف بأن السلام يصنع فقط بين الزعماء)، وأضاف هو أيضاً الخطوة السياسية، وهو يعد بأنه سيقوم بالاثنين... مفاوضات سياسية إلى جانب خطوات اقتصادية ذات مغزى في الضفة الغربية.
بدلاً من السخرية والقول لنتنياهو ان يكف عن خداعنا، فإن هذه هي اللحظة التي يتعين فيها على من يؤمن بالسلام أن يطالبه بتنفيذ ما وعد به. السلام الاقتصادي ليس أمراً بسيطاً. فلا يمكن صنع سلام اقتصادي في وضع تحتاج فيه المنتجات الزراعية كي تصل إلى الميناء، أو الجسر أن تجتاز عشرات الحواجز بحيث لا يعود هناك أي معنى لتسويقها.
ينبغي الفهم بأنه عندما يقولون «سلام اقتصادي» فالحديث يدور عن منح تصاريح للعمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل، واعطاء تصاريح لتصدير منتجات لا تسمح إسرائيل بتصديرها إلى السلطة الفلسطينية خشية الاستخدام الخطير لهذه المنتجات (مثل الأسمدة الكيماوية التي قد تستخدم في انتاج القنابل)، وإصدار تصاريح لأصحاب الأراضي خلف الجدار لفلاحة أراضيهم، وتصاريح خروج للدراسة في الخارج، وجلب خبراء من الخارج إلى الضفة الغربية، وغيرها، وغيرها.
إذا ما حصل هذا، فإن جهاز الأمن سيأتي إلى نتنياهو كرئيس وزراء ويطالبه ألا يرفع الحواجز، وألا يصدر التصاريح، وسيحذره من الخطر الذي يأخذه على نفسه. اختباره الأول سيكون إذا كان بوسعه أن يقف أمام هذا الجهاز ويقول له: وعدت بالسلام الاقتصادي، وأنا مصمم على رأيي لتحقيقه.
يوسي بيلين
«إسرائيل اليوم»
من جهة أخرى، هو بالتأكيد يعيش في هذا العالم، ويعرف ما يتوقعه العالم منا، حتى وإن كان يشعر بأن هذا ليس مبرراً أو منطقياً، واضح له بأننا لا يمكننا أن نتصرف كشعب يسكن وحده، ولا يراعي الأغيار... كما أنه يعرف أنه رغم الغالبية اليمينية في الكنيست، فإن غالبية كبيرة في الجمهور تؤمن بحل الدولتين، حتى لو لم يكن لديها ثقة بجيرانها، وكذا لو لم تكن تؤمن بأن السلام يوجد خلف الباب.
وعليه، قبيل انتخابات 1996، تراجع عن وعده للتنكر لاتفاق «أوسلو»، واستبدل ذلك بسياسة معروفة في الجيش الإسرائيلي: «إذا أعطوا فسيأخذون». كان هذا سبيله إلى عدم المواصلة في الطريق السياسي إلى أن اضطر إلى عمل ذلك. سواء في «اتفاق الخليل»، أم في «اتفاق واي»، حيث تنازل عن 13.1 في المئة من أراضي الضفة. محاولته الوصول إلى السلام مع الأسد الأب من خلال رونالد لاودر، في ظل الاستعداد للنزول عن كل الجولان أو عن معظمه (الجدال التاريخي حول مهمة لاودر وعمق اقتراحه سيستمر على ما يبدو لزمن طويل بعد ألا نكون على الجولان...) تدل هي أيضاً على استعداد نتنياهو لفحص امكانات تتجاوز شعاراته الانتخابية.
هذه المرة يأتي إلينا مع شيء جديد... «سلام اقتصادي». لا سلام آخر بين الزعماء يفرض على جماهيرهم غير المتحمسين من ذلك، بل سلام حقيقي، يبدأ بالشعب نفسه، حيث يفهم الشعب عما يتنازل إذا ما استخدم العنف.
نتنياهو يتعلق هنا بالشجرة العالية للرئيس شمعون بيريس، الذي يؤمن هو أيضاً بأهمية السلام الاقتصادي إلى جانب الخطوة السياسية. أخيراً، حين تبين أن العالم يرى في سلامه الاقتصادي ذريعة جديدة لعدم صناعة سلام حقيقي (وكمؤرخ هاو كان ينبغي له أن يعرف بأن السلام يصنع فقط بين الزعماء)، وأضاف هو أيضاً الخطوة السياسية، وهو يعد بأنه سيقوم بالاثنين... مفاوضات سياسية إلى جانب خطوات اقتصادية ذات مغزى في الضفة الغربية.
بدلاً من السخرية والقول لنتنياهو ان يكف عن خداعنا، فإن هذه هي اللحظة التي يتعين فيها على من يؤمن بالسلام أن يطالبه بتنفيذ ما وعد به. السلام الاقتصادي ليس أمراً بسيطاً. فلا يمكن صنع سلام اقتصادي في وضع تحتاج فيه المنتجات الزراعية كي تصل إلى الميناء، أو الجسر أن تجتاز عشرات الحواجز بحيث لا يعود هناك أي معنى لتسويقها.
ينبغي الفهم بأنه عندما يقولون «سلام اقتصادي» فالحديث يدور عن منح تصاريح للعمال الفلسطينيين للعمل في إسرائيل، واعطاء تصاريح لتصدير منتجات لا تسمح إسرائيل بتصديرها إلى السلطة الفلسطينية خشية الاستخدام الخطير لهذه المنتجات (مثل الأسمدة الكيماوية التي قد تستخدم في انتاج القنابل)، وإصدار تصاريح لأصحاب الأراضي خلف الجدار لفلاحة أراضيهم، وتصاريح خروج للدراسة في الخارج، وجلب خبراء من الخارج إلى الضفة الغربية، وغيرها، وغيرها.
إذا ما حصل هذا، فإن جهاز الأمن سيأتي إلى نتنياهو كرئيس وزراء ويطالبه ألا يرفع الحواجز، وألا يصدر التصاريح، وسيحذره من الخطر الذي يأخذه على نفسه. اختباره الأول سيكون إذا كان بوسعه أن يقف أمام هذا الجهاز ويقول له: وعدت بالسلام الاقتصادي، وأنا مصمم على رأيي لتحقيقه.
يوسي بيلين
«إسرائيل اليوم»