الخطة قد تستغرق أعواماً ثلاثة لتقييم مدى نجاحها... والأجيال القادمة تدفع الثمن
أوباما... فارس إنقاذ الاقتصاد الأميركي

جون إنسين

بارني فرانك

جون ماكين





تصاعدت وتيرة تفاقم الأزمة المالية التي تعصف باقتصاد الولايات المتحدة الأميركية منذ فترة ليست بالقصيرة، حيث فقد أكثر من 600 ألف مواطن أميركي وظائفهم خلال شهر يناير الماضي، في سابقة لم تحدث منذ نحو خمسة وثلاثين عاماً، إذ يعتبر هذا هو العدد الأكبر الذي يشهده شهر واحد في معدل فقدان الوظائف منذ العام 1974.
وفي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأميركية الجديدة للخروج بالاقتصاد الأميركي إلى بر الأمان، وإنقاذه من حالة الركود التي تُعتبر الأسوأ منذ الكساد الكبير في القرن الماضي، قضى الرئيس الأميركي باراك أوباما أسبوعاً عصيباً حاول فيه إقناع أعضاء الكونغرس الأميركي بخطته لدعم وحفز الاقتصاد. فخلال الأسبوع الماضي شهدت أروقة الكونغرس صراعاً محتدماً بين البيت الأبيض والأعضاء «الديموقراطيين» من جانب، وأعضاء «الحزب الجمهوري» من جانب آخر، حول تفاصيل الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية، ومدى الجدوى التي يمكن أن تُحققها في سبيل إنقاذ الاقتصاد الأميركي، ودخل قادة الحزبين في جدل محتدم للتوصل إلى تسوية بشأن تفاصيلها، وما تتضمنه من إجراءات، حتى يمكن تمريرها والموافقة عليها، انتهى بالتوصل لتسوية في شأن الخطة نتج عنها تمرير الخطة في مجلس الشيوخ بأغلبية 61 صوتاً مقابل 37، وفي مجلس النواب رفض جميع النواب «الجمهوريين» الخطة، ولكن تم تمريرها في المجلس بغالبية 244 صوتاً من «الديموقراطيين». كان هذا الصراع محل اهتمام وسائل الإعلام الأميركية هذا الأسبوع، التي انشغلت برصد ردود الأفعال المتباينة بشأن هذه الخطة بين المشرعين الأميركيين.
ليست الحل الوحيد
وعلى شبكة «MSNBC» استضاف برنامج «واجه الصحافة»، الذي يقدمه ديفيد جريجوري عدداً من أعضاء الكونغرس «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» للحديث عن المعركة السياسية التي شهدها الكونغرس الأميركي للتوصل إلى اتفاق في شأن خطة الحوافز والدعم.
وتساءل جريجورى عن إمكانية أن تسهم هذه الخطة في إنقاذ الاقتصاد الأميركي، ومن جانبه أكد السيناتور «الجمهوري» عن ولاية نيفادا جون إنسين أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار أن تمرير هذه الخطة هو الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد، فاليابان على سبيل المثال في عقد التسعينات من القرن الماضي مرت بأزمة اقتصادية كبيرة، وقدمت الحكومة اليابانية آنذاك ست خطط مشابهة لما قدمها الرئيس باراك أوباما، ولكنها لم تنقذ الاقتصاد الياباني من حالة الركود التي مر بها. ومن ثم فيجب أن يتم الحذر بشأن هذه الخطة حتى لا يتم إهدار أموال دافعي الضرائب الأميركيين. وفي هذا الصدد قال السيناتور: «إن عملية إنقاذ الاقتصاد الأميركي تحتاج إلى حوار شامل بين «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» للوصول إلى أفضل الأفكار والحلول للخروج من هذه الأزمة».
أما عضو مجلس النواب عن ولاية إنديانا «الجمهوري» مايك بينس فقد أكد أن جوهر خطة الحوافز التي أعلن عنها الرئيس أوباما تقوم على زيادة الإنفاق الفيديرالي من جانب الحكومة الفيديرالية، وهو أمر رفضه الأميركيون في عهد «الجمهوريين»، ومن ثم فإن خطة الحوافز هذه لن تفعل شيئاً سوى زيادة تدخل الحكومة في الاقتصاد وإثقالها بمزيد من الديون.
أما السيناتور «الديموقراطي» عن ولاية ميسوري كلاير ماك كاسكيل فقد أشار إلى أن الشكل النهائي لهذه الخطة جاء بعد مشاورات طويلة بين قيادات الحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي»، وأنه قد تم التوصل لتسوية بشأنها، على أساسها تم تمرير الخطة في الكونغرس بمجلسيه، وهي التسوية التي يرتضيها الشعب الأميركي من أجل إنقاذ الاقتصاد الأميركي.
وفي السياق ذاته، رفض عضو مجلس النواب عن ولاية ماساشوسيتس «الديموقراطي» بارني فرانك حجة «الجمهوريين» القائلة: «إن زيادة الإنفاق الحكومي سوف تخلق حكومة كبيرة وأكثر تدخلاً في الاقتصاد، الأمر الذي يرفضه الأميركيون»، مضيفاً: «انهم يدفعون بهذه الحجج عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد فقط، ولكن حينما يتعلق الأمر بالإنفاق العسكري نجد كلاماً مختلفاً كليةً، فهم يؤيدون زيادة الإنفاق. وهو ما كان جليّاً في ميزانية وزارة الدفاع للإدارة السابقة تحت قيادة الرئيس جورج بوش، بسبب الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وقبل ذلك أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات أثناء الحرب الباردة. وبالرغم من ذلك يرفض «الجمهوريون» تدخل الحكومة في الاقتصاد، ويدافعون بأن هذه الخطة التي قدمها الرئيس أوباما هي إهدار للموارد الفيديرالية، بالرغم من أن هذه الخطة تهدف إلى ضخ كثيرٍ من الاستثمارات في مجالات البنية التحتية المنهارة وإنهاء حالة الركود الاقتصادي».
آثار سلبية
أما برنامج «face the Nation» الذي يقدمه الإعلامي بوب شيفر على شبكة CBS فقد أعد حلقة خاصة من البرنامج مع المنافس السابق للرئيس الحالي باراك أوباما على منصب الرئاسة السيناتور «الجمهوري» عن ولاية أريزونا جون ماكين، وهو من المعارضين الأساسيين لخطة الحوافز التي طرحها أوباما، بل إنه كان قد طرح خطة بديلة تقوم على ضخ ما يقارب نصف المبلغ الذي طرحه الرئيس أوباما في خطته، ولكنها لم تنل التصويت اللازم لتمريرها. وعن الأسباب التي دفعت السيناتور ماكين لرفض هذه الخطة، أكد أنها الأكبر على الإطلاق ليس فقط فيما تتضمنه من إنفاق حكومي كبير، ولكنها أيضاً تنقل كثيراً من السلطات والمسؤوليات إلى الحكومة الفيديرالية، بل اعتبر أن هذه الإجراءات أكبر من تلك الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لمواجهة الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي. وعلى هذا الأساس سوف يؤدي تطبيق هذه الخطة لتغييرات جوهرية في المبادئ والسياسات التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي. وهذا بالطبع سيكون له آثار سلبية على الولايات المتحدة. وأكد أن هذا النوع من الإجراءات الحمائية التي تشملها الخطة يثبت التاريخ الأميركي أنها لم تكن فعَّالة في أي وقت من الأوقات.
وقد وصف ماكين الخطة بأنها عملية سرقة للأجيال القادمة حيث سيتم تكديس مليارات الدولارات، وقد كانت الولايات المتحدة قد خصصت أكثر من 700 مليار دولار أميركي في إطار النسخة الأولى لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، وها هي الحكومة الأميركية مرة أخرى تخصص ما يزيد على 800 مليار دولار في نسخة أخرى من هذا البرنامج.
وشدد السيناتور «الجمهوري» على الموقف الاقتصادي المعقد الذي تعيشه الولايات المتحدة في الوقت الحالي. حيث أشار إلى أن واشنطن في الوقت الحالي مطالبة بتوفير كثيرٍ من المخصصات المالية، فهناك على سبيل المثال الأموال اللازمة لتمويل الحروب التي يخوضها الجيش الأميركي في الخارج، والتي هي بالطبع في حاجة إلى مبالغ مالية كبيرة، ومن ثم سيظل الاقتصاد يدور في هذه الحلقة المفرغة، حيث ستكون هناك حاجة إلى قانون آخر للموافقة على تخصيص أربعة مليارات دولار لمواجهة نفقات هذه الحروب، وعلاوة على ذلك فإن عجز الميزانية الأميركية وصل إلى أرقام قياسية حيث بلغ حوالي 1.2 تريليون دولار وهذه فقط البداية. كل هذه الأمور، حسب ماكين، ستدفع بالدين الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الأعباء سوف يتحملها الأطفال الصغار في المستقبل حينما يتولون زمام الأمور.
وعن مدى إسهام هذه الخطة في إنقاذ الاقتصاد الأميركي، لفت ماكين الانتباه إلى أنه إذا كانت تقارير مكتب الميزانية التابع للكونغرس، وهو جهة محايدة غير حزبية، قد أشارت إلى أن هذه الخطة سوف تساعد على خلق ما بين 1.3 إلى 3.9 مليار وظيفة بنهاية العام المقبل، إلا أنه في مقابل هذه المزايا التي ستعود على الاقتصاد، فإن هناك سلبيات ستتمخض عن تطبيق الخطة، حيث سيكون هناك ديون كبيرة على الأميركيين أن يتحملوها خلال الأعوام المقبلة، كما أنه من المتوقع أن يحدث تباطؤ في نمو الاقتصاد، وهذه الآثار السلبية، كما ذكر ماكين، سوف تتحملها الأجيال القادمة في المستقبل.
معيار مرفوض
وعلى راديو «NPR» حاولت ليز هالوران الوقوف على المعيار الذي يمكن بالاعتماد عليه قياس مدى نجاح خطة الإنقاذ التي طرحها البيت الأبيض. وفي هذا السياق عرض التقرير أولاً للمعيار الذي وضعه الرئيس الأميركي، حيث أكد أوباما أن معيار نجاح خطته أنها سوف توفر حوالي أربعة ملايين وظيفة للأميركيين.
وعلى هذا الصعيد، أكد التقرير أن هذا المعيار رفضه كثير من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين الأميركيين. ولفت التقرير الانتباه إلى تأكيدات زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماك كونيل الذي أكد أنه خلال فترة الكساد الكبير فإن الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية آنذاك تحت مسمى «New Deal Era» قد فشلت في إخراج الاقتصاد من أزمته، ومن ثم فإن مصير خطة أوباما لن يكون أفضل من مصير هذه الخطة.
أما الخبير الاقتصادي المحافظ في «مؤسسة التراث الأميركية البحثية» برايان رايدل، فقد أكد أنه لا يمكن التمييز بين النتائج التي قد تتمخض عن تطبيق هذه الخطة بالنسبة لحالة الاقتصاد، وبين تلك النتائج التي يمكن أن تظهر بسبب عمل آليات التصحيح الذاتي التي يتسم بها نظام السوق، فعلى حد قوله ليس هناك متغير منفرد يمكن على أساسه قياس نجاح الخطة.
أما تايلر كوين أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ماسون، فقد أكد أن الأمر قد يستغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام لتقييم مدى نجاح هذه الخطة. وأكد أنه على الإدارة الأميركية قبل أن تقدم خطتها التحفيزية، فإن عليها أولاً أن تعمل على تثبيت أركان النظام البنكي في الولايات المتحدة وسوق العقارات أيضاً، والعمل على استقرار أوضاعهما. واتفقت في هذا الرأي أيضاً الباحثة في مجلس العلاقات الخارجية أميتى شليس التي أكدت على أولوية إصلاح النظام البنكي وإصلاح البرامج الاجتماعية والتي على رأسها برامج الضمان الاجتماعي، وإصدار تشريعات ضريبية جديدة يستفيد منها قطاع الأعمال في الولايات المتحدة.
وعلى شبكة «ABC» أعد كبير مراسلي الشبكة جورج ستيفانوبولوس تقريراً عن أول مؤتمر صحافي عقده الرئيس الأميركي الجديد في إطار محاولاته لإقناع الأميركيين خصوصا المشرعين بالكونغرس بخطته لإنقاذ الاقتصاد، وأكد ستيفانوبولوس أنه إذا كان أوباما استطاع أن يقوم بتعيين مجموعة من المسؤولين «الجمهوريين» في مناصب رفيعة داخل إدارته الجديدة، فإنه وجد صعوبة كبيرة في إقناع أعضاء «الحزب الجمهوري» بالموافقة على خطته. فهو لم يتمكن من التواصل مع الجانب الآخر، الأمر الذي اعتبره المراسل تناقضاً بين الوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، بإحداث تغييرات جوهرية على الساحة السياسية في الولايات المتحدة، والقضاء على الانتماءات والاتجاهات الحزبية التي سيطرت عليها على مدار الفترة الماضية.
وفي إطار تقييمه لأداء الرئيس الأميركي في أول شهر له في السلطة، أكد ستيفانوبولوس على أن أوباما واجه معظم المشاكل والعقبات التي اعترضت طريق معظم الرؤساء الأميركيين السابقين في بداية فترات حكمهم.
عن «تقرير واشنطن»
وفي الوقت الذي تسعى فيه الإدارة الأميركية الجديدة للخروج بالاقتصاد الأميركي إلى بر الأمان، وإنقاذه من حالة الركود التي تُعتبر الأسوأ منذ الكساد الكبير في القرن الماضي، قضى الرئيس الأميركي باراك أوباما أسبوعاً عصيباً حاول فيه إقناع أعضاء الكونغرس الأميركي بخطته لدعم وحفز الاقتصاد. فخلال الأسبوع الماضي شهدت أروقة الكونغرس صراعاً محتدماً بين البيت الأبيض والأعضاء «الديموقراطيين» من جانب، وأعضاء «الحزب الجمهوري» من جانب آخر، حول تفاصيل الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية، ومدى الجدوى التي يمكن أن تُحققها في سبيل إنقاذ الاقتصاد الأميركي، ودخل قادة الحزبين في جدل محتدم للتوصل إلى تسوية بشأن تفاصيلها، وما تتضمنه من إجراءات، حتى يمكن تمريرها والموافقة عليها، انتهى بالتوصل لتسوية في شأن الخطة نتج عنها تمرير الخطة في مجلس الشيوخ بأغلبية 61 صوتاً مقابل 37، وفي مجلس النواب رفض جميع النواب «الجمهوريين» الخطة، ولكن تم تمريرها في المجلس بغالبية 244 صوتاً من «الديموقراطيين». كان هذا الصراع محل اهتمام وسائل الإعلام الأميركية هذا الأسبوع، التي انشغلت برصد ردود الأفعال المتباينة بشأن هذه الخطة بين المشرعين الأميركيين.
ليست الحل الوحيد
وعلى شبكة «MSNBC» استضاف برنامج «واجه الصحافة»، الذي يقدمه ديفيد جريجوري عدداً من أعضاء الكونغرس «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» للحديث عن المعركة السياسية التي شهدها الكونغرس الأميركي للتوصل إلى اتفاق في شأن خطة الحوافز والدعم.
وتساءل جريجورى عن إمكانية أن تسهم هذه الخطة في إنقاذ الاقتصاد الأميركي، ومن جانبه أكد السيناتور «الجمهوري» عن ولاية نيفادا جون إنسين أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال اعتبار أن تمرير هذه الخطة هو الحل الوحيد لإنقاذ الاقتصاد، فاليابان على سبيل المثال في عقد التسعينات من القرن الماضي مرت بأزمة اقتصادية كبيرة، وقدمت الحكومة اليابانية آنذاك ست خطط مشابهة لما قدمها الرئيس باراك أوباما، ولكنها لم تنقذ الاقتصاد الياباني من حالة الركود التي مر بها. ومن ثم فيجب أن يتم الحذر بشأن هذه الخطة حتى لا يتم إهدار أموال دافعي الضرائب الأميركيين. وفي هذا الصدد قال السيناتور: «إن عملية إنقاذ الاقتصاد الأميركي تحتاج إلى حوار شامل بين «الديموقراطيين» و«الجمهوريين» للوصول إلى أفضل الأفكار والحلول للخروج من هذه الأزمة».
أما عضو مجلس النواب عن ولاية إنديانا «الجمهوري» مايك بينس فقد أكد أن جوهر خطة الحوافز التي أعلن عنها الرئيس أوباما تقوم على زيادة الإنفاق الفيديرالي من جانب الحكومة الفيديرالية، وهو أمر رفضه الأميركيون في عهد «الجمهوريين»، ومن ثم فإن خطة الحوافز هذه لن تفعل شيئاً سوى زيادة تدخل الحكومة في الاقتصاد وإثقالها بمزيد من الديون.
أما السيناتور «الديموقراطي» عن ولاية ميسوري كلاير ماك كاسكيل فقد أشار إلى أن الشكل النهائي لهذه الخطة جاء بعد مشاورات طويلة بين قيادات الحزبين «الجمهوري» و«الديموقراطي»، وأنه قد تم التوصل لتسوية بشأنها، على أساسها تم تمرير الخطة في الكونغرس بمجلسيه، وهي التسوية التي يرتضيها الشعب الأميركي من أجل إنقاذ الاقتصاد الأميركي.
وفي السياق ذاته، رفض عضو مجلس النواب عن ولاية ماساشوسيتس «الديموقراطي» بارني فرانك حجة «الجمهوريين» القائلة: «إن زيادة الإنفاق الحكومي سوف تخلق حكومة كبيرة وأكثر تدخلاً في الاقتصاد، الأمر الذي يرفضه الأميركيون»، مضيفاً: «انهم يدفعون بهذه الحجج عندما يتعلق الأمر بالاقتصاد فقط، ولكن حينما يتعلق الأمر بالإنفاق العسكري نجد كلاماً مختلفاً كليةً، فهم يؤيدون زيادة الإنفاق. وهو ما كان جليّاً في ميزانية وزارة الدفاع للإدارة السابقة تحت قيادة الرئيس جورج بوش، بسبب الحروب التي تشنها الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، وقبل ذلك أنفقت الولايات المتحدة مليارات الدولارات أثناء الحرب الباردة. وبالرغم من ذلك يرفض «الجمهوريون» تدخل الحكومة في الاقتصاد، ويدافعون بأن هذه الخطة التي قدمها الرئيس أوباما هي إهدار للموارد الفيديرالية، بالرغم من أن هذه الخطة تهدف إلى ضخ كثيرٍ من الاستثمارات في مجالات البنية التحتية المنهارة وإنهاء حالة الركود الاقتصادي».
آثار سلبية
أما برنامج «face the Nation» الذي يقدمه الإعلامي بوب شيفر على شبكة CBS فقد أعد حلقة خاصة من البرنامج مع المنافس السابق للرئيس الحالي باراك أوباما على منصب الرئاسة السيناتور «الجمهوري» عن ولاية أريزونا جون ماكين، وهو من المعارضين الأساسيين لخطة الحوافز التي طرحها أوباما، بل إنه كان قد طرح خطة بديلة تقوم على ضخ ما يقارب نصف المبلغ الذي طرحه الرئيس أوباما في خطته، ولكنها لم تنل التصويت اللازم لتمريرها. وعن الأسباب التي دفعت السيناتور ماكين لرفض هذه الخطة، أكد أنها الأكبر على الإطلاق ليس فقط فيما تتضمنه من إنفاق حكومي كبير، ولكنها أيضاً تنقل كثيراً من السلطات والمسؤوليات إلى الحكومة الفيديرالية، بل اعتبر أن هذه الإجراءات أكبر من تلك الإجراءات التي اتخذتها الولايات المتحدة لمواجهة الكساد الكبير في ثلاثينات القرن الماضي. وعلى هذا الأساس سوف يؤدي تطبيق هذه الخطة لتغييرات جوهرية في المبادئ والسياسات التي يقوم عليها الاقتصاد الأميركي. وهذا بالطبع سيكون له آثار سلبية على الولايات المتحدة. وأكد أن هذا النوع من الإجراءات الحمائية التي تشملها الخطة يثبت التاريخ الأميركي أنها لم تكن فعَّالة في أي وقت من الأوقات.
وقد وصف ماكين الخطة بأنها عملية سرقة للأجيال القادمة حيث سيتم تكديس مليارات الدولارات، وقد كانت الولايات المتحدة قد خصصت أكثر من 700 مليار دولار أميركي في إطار النسخة الأولى لبرنامج إنقاذ الأصول المتعثرة، وها هي الحكومة الأميركية مرة أخرى تخصص ما يزيد على 800 مليار دولار في نسخة أخرى من هذا البرنامج.
وشدد السيناتور «الجمهوري» على الموقف الاقتصادي المعقد الذي تعيشه الولايات المتحدة في الوقت الحالي. حيث أشار إلى أن واشنطن في الوقت الحالي مطالبة بتوفير كثيرٍ من المخصصات المالية، فهناك على سبيل المثال الأموال اللازمة لتمويل الحروب التي يخوضها الجيش الأميركي في الخارج، والتي هي بالطبع في حاجة إلى مبالغ مالية كبيرة، ومن ثم سيظل الاقتصاد يدور في هذه الحلقة المفرغة، حيث ستكون هناك حاجة إلى قانون آخر للموافقة على تخصيص أربعة مليارات دولار لمواجهة نفقات هذه الحروب، وعلاوة على ذلك فإن عجز الميزانية الأميركية وصل إلى أرقام قياسية حيث بلغ حوالي 1.2 تريليون دولار وهذه فقط البداية. كل هذه الأمور، حسب ماكين، ستدفع بالدين الأميركي إلى مستويات غير مسبوقة في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية، وهذه الأعباء سوف يتحملها الأطفال الصغار في المستقبل حينما يتولون زمام الأمور.
وعن مدى إسهام هذه الخطة في إنقاذ الاقتصاد الأميركي، لفت ماكين الانتباه إلى أنه إذا كانت تقارير مكتب الميزانية التابع للكونغرس، وهو جهة محايدة غير حزبية، قد أشارت إلى أن هذه الخطة سوف تساعد على خلق ما بين 1.3 إلى 3.9 مليار وظيفة بنهاية العام المقبل، إلا أنه في مقابل هذه المزايا التي ستعود على الاقتصاد، فإن هناك سلبيات ستتمخض عن تطبيق الخطة، حيث سيكون هناك ديون كبيرة على الأميركيين أن يتحملوها خلال الأعوام المقبلة، كما أنه من المتوقع أن يحدث تباطؤ في نمو الاقتصاد، وهذه الآثار السلبية، كما ذكر ماكين، سوف تتحملها الأجيال القادمة في المستقبل.
معيار مرفوض
وعلى راديو «NPR» حاولت ليز هالوران الوقوف على المعيار الذي يمكن بالاعتماد عليه قياس مدى نجاح خطة الإنقاذ التي طرحها البيت الأبيض. وفي هذا السياق عرض التقرير أولاً للمعيار الذي وضعه الرئيس الأميركي، حيث أكد أوباما أن معيار نجاح خطته أنها سوف توفر حوالي أربعة ملايين وظيفة للأميركيين.
وعلى هذا الصعيد، أكد التقرير أن هذا المعيار رفضه كثير من الخبراء الاقتصاديين والسياسيين الأميركيين. ولفت التقرير الانتباه إلى تأكيدات زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ ميتش ماك كونيل الذي أكد أنه خلال فترة الكساد الكبير فإن الخطة التي قدمتها الإدارة الأميركية آنذاك تحت مسمى «New Deal Era» قد فشلت في إخراج الاقتصاد من أزمته، ومن ثم فإن مصير خطة أوباما لن يكون أفضل من مصير هذه الخطة.
أما الخبير الاقتصادي المحافظ في «مؤسسة التراث الأميركية البحثية» برايان رايدل، فقد أكد أنه لا يمكن التمييز بين النتائج التي قد تتمخض عن تطبيق هذه الخطة بالنسبة لحالة الاقتصاد، وبين تلك النتائج التي يمكن أن تظهر بسبب عمل آليات التصحيح الذاتي التي يتسم بها نظام السوق، فعلى حد قوله ليس هناك متغير منفرد يمكن على أساسه قياس نجاح الخطة.
أما تايلر كوين أستاذ الاقتصاد في جامعة جورج ماسون، فقد أكد أن الأمر قد يستغرق من عامين إلى ثلاثة أعوام لتقييم مدى نجاح هذه الخطة. وأكد أنه على الإدارة الأميركية قبل أن تقدم خطتها التحفيزية، فإن عليها أولاً أن تعمل على تثبيت أركان النظام البنكي في الولايات المتحدة وسوق العقارات أيضاً، والعمل على استقرار أوضاعهما. واتفقت في هذا الرأي أيضاً الباحثة في مجلس العلاقات الخارجية أميتى شليس التي أكدت على أولوية إصلاح النظام البنكي وإصلاح البرامج الاجتماعية والتي على رأسها برامج الضمان الاجتماعي، وإصدار تشريعات ضريبية جديدة يستفيد منها قطاع الأعمال في الولايات المتحدة.
وعلى شبكة «ABC» أعد كبير مراسلي الشبكة جورج ستيفانوبولوس تقريراً عن أول مؤتمر صحافي عقده الرئيس الأميركي الجديد في إطار محاولاته لإقناع الأميركيين خصوصا المشرعين بالكونغرس بخطته لإنقاذ الاقتصاد، وأكد ستيفانوبولوس أنه إذا كان أوباما استطاع أن يقوم بتعيين مجموعة من المسؤولين «الجمهوريين» في مناصب رفيعة داخل إدارته الجديدة، فإنه وجد صعوبة كبيرة في إقناع أعضاء «الحزب الجمهوري» بالموافقة على خطته. فهو لم يتمكن من التواصل مع الجانب الآخر، الأمر الذي اعتبره المراسل تناقضاً بين الوعود التي قطعها على نفسه أثناء حملته الانتخابية، بإحداث تغييرات جوهرية على الساحة السياسية في الولايات المتحدة، والقضاء على الانتماءات والاتجاهات الحزبية التي سيطرت عليها على مدار الفترة الماضية.
وفي إطار تقييمه لأداء الرئيس الأميركي في أول شهر له في السلطة، أكد ستيفانوبولوس على أن أوباما واجه معظم المشاكل والعقبات التي اعترضت طريق معظم الرؤساء الأميركيين السابقين في بداية فترات حكمهم.
عن «تقرير واشنطن»