شكلت نجاحاً في «استفتاء» شعبي - سياسي لتحالف «14 مارس»

الذكرى الـ 4 لاغتيال الحريري جددت شباب «ثورة الأرز» و«زفّت» المحكمة وشقت الطريق إلى الانتخابات «المصيرية»

تصغير
تكبير
|بيروت - من وسام أبوحرفوش وليندا عازار|
... في تجمع شعبي ضخم فاق كل التوقعات وفاجأ حتى الداعين اليه، وشكل «استفتاء» سياسياً في لحظة لبنانية بالغة الحساسية، نجح تحالف «14 مارس» امس، في تجديد شباب «ثورة الارز» عبر المهرجان الضخم لاحياء الذكرى الرابعة لاغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، في وسط بيروت، الذي ضاقت ساحاته بمئات الآلوف من اللبنانيين الذين جاؤوا من كل المناطق والانتماءات رافعين العلم اللبناني وشعارات الوفاء لشهداء «انتفاضة الاستقلال» وشارات «الترحيب» بالمحكمة الدولية التي تبدأ عملها في الاول من مارس المقبل.
وتحول «طوفان الناس» في ساحتي الشهداء ورياض الصلح الى ما يشبه الـ «زفة» للمحكمة الدولية في جريمة اغتيال الحريري والجرائم التي تلتها، فبعدما كان مطلب المحكمة الدولية «من اجل الحقيقة» شعاراً في انتفاضة «ثورة الارز» في 14 مارس 2005 صارت المحكمة «حقيقة» في الذكرى الرابعة لاغتيال الحريري وعلى مسافة 15 يوماً من «عرس العدالة» الذي شهدته بيروت امس.
ورغم ان اجواء «التهدئة الداخلية» غلبت على الكلمات الست لقادة تحالف «14 مارس»، فان الحشد الضخم الذي تقاطر من كل المناطق، شكل تجديد ولاء لخيارات «الحركة الاستقلالية» في استفتاء شعبي سياسي تكمن اهميته الاستثنائية كونه يتزامن مع العد التنازلي للانتخابات النيابية المقررة في السابع من يونيو، والتي يعتبرها الجميع «مصيرية» في الصراع القائم بين تحالف «14 مارس» وقوى «8 مارس».
وإذ عكست كثافة المشاركة لجمهور «14 مارس»، ظاهرة لافتة ستترك اثرها في مجريات التحضير للعملية الانتخابية، فان الدوائر المراقبة رأت في ان هذه «الاستجابة» في الحضور الى وسط بيروت شكلت رداً مزدوجاً على احداث 7 مايو (اجتياح حزب الله لبيروت وبعض مناطق الجبل) وعلى بعض الخيارات السياسية للمعارضة، ولا سيما طرفها المسيحي.
وكان يوم الوفاء لـ «ابو بهاء» بدأ منذ الصباح الباكر حين سبق «هدير» الحشود التي «زحفت» من مختلف المناطق اللبنانية، ولا سيما الشمال والبقاع والجبل وكسروان، بزوغ الفجر الذي استحضر معه المتقاطرون الى «ساحة الشهداء» فجر العدالة الذي أعلنوه «قريباً جداً».
... «أجراس العدالة تُقرع على الارض كما في السماء». هكذا بدا المشهد في «ساحة الحرية» حيث أعاد الحشد الضخم «الروح» الى «انتفاضة الاستقلال» التي صارت نموذجاً لـ»ثورة بيضاء» فُرشت دربها بدماء الشهادة.
مئات الآلاف، غمروا ساحة الشهداء التي «رقصت» بالأعلام والأناشيد «محتفية» بالمحكمة الدولية ومحيية ذكرى 10 شهداء سقطوا منذ 14 فبراير 2005.
من مناطق عدة نزلوا الى الساحة التي وُلدت فيها «ثورة الأرز» في 14 مارس 2005 ليُطمئنوا الحريري في ضريحه - المزار في باحة مسجد محمد الامين الى ان «الدم سينتصر على الظلم» وان «سيف العدالة» سيعيد الحق و«يبعث» الحقيقة.
في طقس مشمس «كالحقيقة التي نريدها ساطعة»، على ما قال أحمد. م، تمدد «البحر البشري» الى الشوارع المحيطة بـ «ساحة الحرية» وساحة رياض الصلح المجاورة.
بدأ الاحتفال قرابة الثانية عشرة في وقت كانت مواكب السيارات والحافلات لا تزال على الطرق المؤدية الى العاصمة وبعضها في ضهر البيدر (البقاع)، رافعة الاعلام ومطلقة ابواق السيارات، ومتجهة الى مكان الاحتفال، بينما كان مقدم الحفل يقول عبر مكبرات الصوت «انتم الاكثرية؟ لا. بل الاكثرية على الطرق في الشمال والجنوب والجبل والمتن وكسروان»، مضيفاً: «جئتم لتقولوا عشية المحكمة الدولية نحن الشاهد الملك. نحن الحق والحقيقة».
في قلب بيروت حيث كانت «العيون» على لاهاي (مقر المحكمة الدولية)، تمايلت الاعلام اللبنانية واخرى تابعة لتيار المستقبل وحزب الكتائب والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب الوطنيين الاحرار وبعض الأعلام السعودية، ورُفعت لافتة ضخمة فوق علم لبناني عملاق مفادها «ماتوا لتحيا الدولة، المحكمة الدولية عدالة للجميع».
وفيما «رفرفت» لافتة «انتم الشهداء ونحن الشهود... المحكمة الدولية عدالة»، كان بارزاً المجسم الذي جسّد مقصلة شُنقت عليها دميتان.
وقد غصت مختلف مداخل العاصمة بالحشود والمواكب السيارة والراجلة التي حاولت شق طريقها بصعوبة للوصول الى مكان التجمع في ساحة الشهداء، وقد تقدم الحشود الشعبية رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وقيادات 14 مارس بمختلف احزابها وتياراتها وتجمعاتها، رافعة شعارا واحدا وفاء لكل شهيد من شهداء ثورة الارز.
ومنذ ساعات الصباح الاولى بدأت الاستعدادات في مختلف المناطق اللبنانية تلبية للدعوة الى الاعتصام في ساحة الشهداء، حيث وفدت أمواج من البشر الى العاصمة من مختلف المناطق. وترافق احتفال الذكرى مع تدابير امنية مشددة من الجيش وقوى الأمن الداخلي عند مداخل العاصمة، وفي مختلف المناطق.
وبدأت الوفود الشعبية بالوصول الى «ساحة الشهداء» منذ ساعات الصباح، ولم يمض وقت طويل قبل ام تمتلئ الكراسي الـ 120 ألفا التي وُضعت في المكان.
وتميز الاحتفال هذه السنة بمشاركة فرقتي «المدينة» و»الفيحاء» اللتين قدمتا اناشيد وطنية، ثم أنشد الفنان احمد قعبور عددا من أغانيه.
وعند الساعة الواحدة اي لحظة استشهاد الحريري، بُثت عبر الشاشات العملاقة التي انتشرت في الساحة ومحيطها الصور الاخيرة للرئيس الشهيد قبل ان يغادر مجلس النواب للمرة الاخيرة في مع النائب باسل فليحان الذي قتل معه في الانفجار. ثم علا صوت جرس كنيسة مع صوت مؤذن «الله اكبر»، ودقيقة صمت.
وعندما يطل سعد الحريري ليلقي الكلمة الاخيرة، يشتعل الجمهور، اما هو فيقول بلهجة المنتصر «المحكمة آتية، آتية، وكل الدموع والمطالب (...) وجدت طريقها الى لاهاي».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي