سياسة تسعير الصرف في صلب عقبات الوحدة النقدية لدول التعاون
سلة العملات للعملة الخليجية... تلك هي المشكلة!



| إعداد عبدالعليم الحجار |
منذ ظهورها الأول في العام 2003، كانت فكرة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي- ومازالت- موضوعا مثيرا لكثير من الجدل، وبالنظر إلى ان سلطنة عمان اعلنت في ديسمبر 2006 انها لن تكون جزءا من أي عملة خليجية موحدة في المستقبل، واعلان الكويت فك الارتباط بين عملتها وبين الدولار الأميركي في مايو 2007، وانصباب اهتمام مجلس التعاون الخليجي حاليا على رد فعله ازاء الاضطراب المالي العالمي الراهن، فان مراقبين اقليميين كثيرين اعربوا اخيرا عن قلقهم من ان مشروع العملة الخليجية الموحدة قد لا يبصر النور مطلقا.
تطوير اقتراحات
وفي محاولة لتحقيق تقدم على صعيد خلق عملة خليجية موحدة، فان مركز دبي المالي الدولي نشر في ديسمبر 2008 تقريرا يتضمن اقتراحات حول كيفية تقييم ذلك الأمر.
ويرى ذلك التقرير ان التقييم الامثل للعملة الخليجية الموحدة ينبغي ان يكون على النحو التالي: 45 في المئة دولار أميركي و30 في المئة يورو، و20 في المئة ين، و5 في المئة جنيه استرليني.
وكان قد تم توقيت ذلك التقرير بحيث يتزامن مع موعد انعقاد القمة السنوية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2008، وهي القمة التي شهدت الاعلان عن اختراق واحد بارز على الاقل، الا وهو الصيغة النهائية لميثاق بشأن الاتحاد النقدي الخليجي.
ويمهد ذلك الميثاق الارضية اللازمة لخلق مجلس نقدي، وهو المجلس الذي من المفترض له ان يتطور تدريجيا وصولا إلى بنك مركزي لدول مجلس التعاون الخليجي، ووفقا لما ينص عليه الميثاق، فان ذلك المجلس النقدي سيتولى مسؤولية اصدار العملة الموحدة وانجاز الاتفاقيات التقنية اللازمة للاتحاد المنشود.
وخلال اجتماع القمة، اصدر الزعماء ايضا توجيهاتهم إلى لجان الدمج الاقتصادي بالاسراع في وتيرة عملها وتحديد تاريخ لاجتماع مجلس الاتحاد النقدي العام قبل نهاية الربع الثاني من العام 2009.
وتعليقا على ذلك يقول ناصر السعيدي، كبير الاقتصاديين لدى هيئة مركز دبي المالي العالمي ومؤلف التقرير المشار اليه انفا: «بمجرد ان يتم انشاء ذلك المجلس، فانه سيتولى مسؤولية وضع سياسة نقدية مشتركة، وتطوير مقترحات في ما يتعلق بالشكل الرسمي الذي سيكون عليه المجلس المركزي لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو الامر الذي سيتم عرضه على زعماء تلك الدول لاحقا كي ينظروا فيه قبل يونيو 2009».
وفي الوقت ذاته فان الدول الخمس التي قررت الانضمام إلى الاتحاد النقدي الخليجي- وهي السعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين- قد اعلنت عن تبنيها للميثاق الذي يحدد معالم اطار العمل القانوني والتنظيمي الخاص بالعملة الموحدة، وذلك بهدف تطبيقه قبل نهاية العام 2009.
وعلى الرغم من ان ذلك المشروع يكتسب قوة دافعة على نحو واضح، فان مراقبين كثيرين لديهم شكوك بشأن امكانية تلبية المهلة النهائية حتى في العام 2010، فحتى الان لم يتم التوصل إلى اجابات حاسمة بشأن جوانب مهمة من جوانب اطار العمل المؤسساتي مثل تحديد فئات العملة واختيار اسم لها، واي دولة ستستضيف مقر البنك المركزي الخليجي ومن سيكون محافظا لذلك البنك.
وفي هذا السياق يقول ايكارت وورتز الذي يشغل منصبا قياديا في «مركز الخليج للابحاث» وهو مركز مستقل يتخذ من دبي مقرا له: «الواقع ان العام 2012 يبدو تاريخا اكثر واقعية بالنسبة لي. فدول مجلس التعاون الخليجي مازالت بعيدة كثيرا عن ذروة المنحنى، حيث انه لا توجد لديها حتى الان سوى تفاصيل تنظيمية بسيطة، مثل طباعة الاوراق النقدية وتثقيف البنوك». وعلاوة على ذلك فانه لم يتم حتى الان التوصل إلى قرار نهائي بشأن النظام الذي سيتم استخدامه لتحديد سعر صرف العملة الخليجية الموحدة في مقابل العملات الاجنبية الاخرى، وذلك على الرغم من ان الخيار الاكثر ترجيحا حتى الان هو ربط ذلك السعر بسلة عملات منتقاة.
ومن جانبه، فإن ماريوس ماراثيفتس الذي يترأس شعبة الابحاث الشرق أوسطية لدى بنك «تشارترد بنك» البريطاني يؤيد اقتراح مركز دبي المالي العالمي، لكنه يرى انه ليس من الضروري تضمين الجنيه الاسترليني في التوزيعة المقترحة للنسب.
ويضيف ماراثيفتس موضحا: «كبداية، سيكون من الأنسب الاكتفاء بسلة عملات تتألف من الدولار والين واليورو، ثم يجب بعد ذلك ان تتطور السلة لتستوعب مزيدا من العملات الآسيوية، وتحديدا الروبية الهندية والوان الكوري الجنوبي، كي تعكس الانماط التجارية الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي».
أما عبدالعزيز أبوحمد العويشق مدير برنامج الاندماج الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي فيقول: «سيتم النظر في المنهجية الخاصة باستخدام سلة عملات ذات نسبة وزنية متفاوتة، لكن تلك السلة ستقوم على أساس التجارة والمخرجات والعلاقات التضخمية التداخلية القائمة بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وبين شركائها التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين».
ويضيف السعيدي: «الامر المهم هو ان يكون لدينا مرونة أكبر في تحديد سعر صرف العملة الخليجية المقترحة، فهذا هو ما تحتاج اليه دول مجلس التعاون الخليجي حقا».
وبالاضافة الى مسألة سلة العملات، فان السعيدي يقترح ان يكون لدى البنك المركزي الخليجي القدرة على التدخل عند الحاجة لضبط وتعديل سعر الفائدة بمعدل تصل نسبته الى 10 في المئة. والواقع ان هذا الاقتراح سيسمح للمنطقة بان تتمتع بقدر اكبر من الاستقلالية في ما يتعلق بسياساتها النقدية، وهو الأمر الذي قد يكون حاسما في معالجة اي تحديات مستقبلية قد تفرضها العولمة، كالاضطراب المالي العالمي الذي نشهده حاليا.
ومن الواضح ان الاتحاد النقدي سيجلب مزايا الى الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وبالاخص من ناحية تقليص تكاليف اجراء عمليات صرف العملات الأجنبية والقضاء على مخاطر تقلبات أسعار الصرف وتشجيع شفافية التسعير بالاضافة الى رفع مستوى التنافسية.
لكن المحللين الاقتصاديين يتفقون على ان هناك ثمة حاجة الى ايجاد قدر أكبر من التبادل على صعيد العمالة ورؤوس الأموال والاستثمارات بين أرجاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك كي تكون العملة الخليجية الموحدة فعالة.
وصحيح ان حجم التجارة التبادلية بين دول مجلس التعاون الخليجي قد شهدت نموا سريعاً بلغ معدله 32.4 في المئة خلال الفترة بين العامين 2003 و2007، وهو المعدل الذي بلغ 5.1 في المئة من اجمالي التجارة العالمية الخاصة بالمنطقة، لكن ذلك المعدل مايزال يمثل حصة أقلية.
والواقع ان علمية تعزيز التجارة الاقليمية سيتطلب مزيدا من التنويع من جانب اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي مازالت تعتمد بكثافة على العوائد النفطية.
ففي بعض دول مجلس التعاون الخليجي، مازال النفط يسهم بما نسبته 90 في المئة من عوائد الصادرات، لكن السعيدي يبقى متفائلا، ويعبر عن ذلك التفاؤل قائلا: «ان الارادة السياسية التي عبر عنها قادة وزعماء الدول الخليجية كانت - ومازالت - واضحة جدا. وهكذا فان الضغط الآن واقع على اللجان المعنية كي تواصل تحركها».
عن «ميد»
منذ ظهورها الأول في العام 2003، كانت فكرة الاتحاد النقدي لدول مجلس التعاون الخليجي- ومازالت- موضوعا مثيرا لكثير من الجدل، وبالنظر إلى ان سلطنة عمان اعلنت في ديسمبر 2006 انها لن تكون جزءا من أي عملة خليجية موحدة في المستقبل، واعلان الكويت فك الارتباط بين عملتها وبين الدولار الأميركي في مايو 2007، وانصباب اهتمام مجلس التعاون الخليجي حاليا على رد فعله ازاء الاضطراب المالي العالمي الراهن، فان مراقبين اقليميين كثيرين اعربوا اخيرا عن قلقهم من ان مشروع العملة الخليجية الموحدة قد لا يبصر النور مطلقا.
تطوير اقتراحات
وفي محاولة لتحقيق تقدم على صعيد خلق عملة خليجية موحدة، فان مركز دبي المالي الدولي نشر في ديسمبر 2008 تقريرا يتضمن اقتراحات حول كيفية تقييم ذلك الأمر.
ويرى ذلك التقرير ان التقييم الامثل للعملة الخليجية الموحدة ينبغي ان يكون على النحو التالي: 45 في المئة دولار أميركي و30 في المئة يورو، و20 في المئة ين، و5 في المئة جنيه استرليني.
وكان قد تم توقيت ذلك التقرير بحيث يتزامن مع موعد انعقاد القمة السنوية لقادة دول مجلس التعاون الخليجي في ديسمبر 2008، وهي القمة التي شهدت الاعلان عن اختراق واحد بارز على الاقل، الا وهو الصيغة النهائية لميثاق بشأن الاتحاد النقدي الخليجي.
ويمهد ذلك الميثاق الارضية اللازمة لخلق مجلس نقدي، وهو المجلس الذي من المفترض له ان يتطور تدريجيا وصولا إلى بنك مركزي لدول مجلس التعاون الخليجي، ووفقا لما ينص عليه الميثاق، فان ذلك المجلس النقدي سيتولى مسؤولية اصدار العملة الموحدة وانجاز الاتفاقيات التقنية اللازمة للاتحاد المنشود.
وخلال اجتماع القمة، اصدر الزعماء ايضا توجيهاتهم إلى لجان الدمج الاقتصادي بالاسراع في وتيرة عملها وتحديد تاريخ لاجتماع مجلس الاتحاد النقدي العام قبل نهاية الربع الثاني من العام 2009.
وتعليقا على ذلك يقول ناصر السعيدي، كبير الاقتصاديين لدى هيئة مركز دبي المالي العالمي ومؤلف التقرير المشار اليه انفا: «بمجرد ان يتم انشاء ذلك المجلس، فانه سيتولى مسؤولية وضع سياسة نقدية مشتركة، وتطوير مقترحات في ما يتعلق بالشكل الرسمي الذي سيكون عليه المجلس المركزي لدول مجلس التعاون الخليجي، وهو الامر الذي سيتم عرضه على زعماء تلك الدول لاحقا كي ينظروا فيه قبل يونيو 2009».
وفي الوقت ذاته فان الدول الخمس التي قررت الانضمام إلى الاتحاد النقدي الخليجي- وهي السعودية والامارات والكويت وقطر والبحرين- قد اعلنت عن تبنيها للميثاق الذي يحدد معالم اطار العمل القانوني والتنظيمي الخاص بالعملة الموحدة، وذلك بهدف تطبيقه قبل نهاية العام 2009.
وعلى الرغم من ان ذلك المشروع يكتسب قوة دافعة على نحو واضح، فان مراقبين كثيرين لديهم شكوك بشأن امكانية تلبية المهلة النهائية حتى في العام 2010، فحتى الان لم يتم التوصل إلى اجابات حاسمة بشأن جوانب مهمة من جوانب اطار العمل المؤسساتي مثل تحديد فئات العملة واختيار اسم لها، واي دولة ستستضيف مقر البنك المركزي الخليجي ومن سيكون محافظا لذلك البنك.
وفي هذا السياق يقول ايكارت وورتز الذي يشغل منصبا قياديا في «مركز الخليج للابحاث» وهو مركز مستقل يتخذ من دبي مقرا له: «الواقع ان العام 2012 يبدو تاريخا اكثر واقعية بالنسبة لي. فدول مجلس التعاون الخليجي مازالت بعيدة كثيرا عن ذروة المنحنى، حيث انه لا توجد لديها حتى الان سوى تفاصيل تنظيمية بسيطة، مثل طباعة الاوراق النقدية وتثقيف البنوك». وعلاوة على ذلك فانه لم يتم حتى الان التوصل إلى قرار نهائي بشأن النظام الذي سيتم استخدامه لتحديد سعر صرف العملة الخليجية الموحدة في مقابل العملات الاجنبية الاخرى، وذلك على الرغم من ان الخيار الاكثر ترجيحا حتى الان هو ربط ذلك السعر بسلة عملات منتقاة.
ومن جانبه، فإن ماريوس ماراثيفتس الذي يترأس شعبة الابحاث الشرق أوسطية لدى بنك «تشارترد بنك» البريطاني يؤيد اقتراح مركز دبي المالي العالمي، لكنه يرى انه ليس من الضروري تضمين الجنيه الاسترليني في التوزيعة المقترحة للنسب.
ويضيف ماراثيفتس موضحا: «كبداية، سيكون من الأنسب الاكتفاء بسلة عملات تتألف من الدولار والين واليورو، ثم يجب بعد ذلك ان تتطور السلة لتستوعب مزيدا من العملات الآسيوية، وتحديدا الروبية الهندية والوان الكوري الجنوبي، كي تعكس الانماط التجارية الخاصة بدول مجلس التعاون الخليجي».
أما عبدالعزيز أبوحمد العويشق مدير برنامج الاندماج الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي فيقول: «سيتم النظر في المنهجية الخاصة باستخدام سلة عملات ذات نسبة وزنية متفاوتة، لكن تلك السلة ستقوم على أساس التجارة والمخرجات والعلاقات التضخمية التداخلية القائمة بين اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي وبين شركائها التجاريين والاقتصاديين الرئيسيين».
ويضيف السعيدي: «الامر المهم هو ان يكون لدينا مرونة أكبر في تحديد سعر صرف العملة الخليجية المقترحة، فهذا هو ما تحتاج اليه دول مجلس التعاون الخليجي حقا».
وبالاضافة الى مسألة سلة العملات، فان السعيدي يقترح ان يكون لدى البنك المركزي الخليجي القدرة على التدخل عند الحاجة لضبط وتعديل سعر الفائدة بمعدل تصل نسبته الى 10 في المئة. والواقع ان هذا الاقتراح سيسمح للمنطقة بان تتمتع بقدر اكبر من الاستقلالية في ما يتعلق بسياساتها النقدية، وهو الأمر الذي قد يكون حاسما في معالجة اي تحديات مستقبلية قد تفرضها العولمة، كالاضطراب المالي العالمي الذي نشهده حاليا.
ومن الواضح ان الاتحاد النقدي سيجلب مزايا الى الدول الاعضاء في مجلس التعاون الخليجي، وبالاخص من ناحية تقليص تكاليف اجراء عمليات صرف العملات الأجنبية والقضاء على مخاطر تقلبات أسعار الصرف وتشجيع شفافية التسعير بالاضافة الى رفع مستوى التنافسية.
لكن المحللين الاقتصاديين يتفقون على ان هناك ثمة حاجة الى ايجاد قدر أكبر من التبادل على صعيد العمالة ورؤوس الأموال والاستثمارات بين أرجاء منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك كي تكون العملة الخليجية الموحدة فعالة.
وصحيح ان حجم التجارة التبادلية بين دول مجلس التعاون الخليجي قد شهدت نموا سريعاً بلغ معدله 32.4 في المئة خلال الفترة بين العامين 2003 و2007، وهو المعدل الذي بلغ 5.1 في المئة من اجمالي التجارة العالمية الخاصة بالمنطقة، لكن ذلك المعدل مايزال يمثل حصة أقلية.
والواقع ان علمية تعزيز التجارة الاقليمية سيتطلب مزيدا من التنويع من جانب اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي التي مازالت تعتمد بكثافة على العوائد النفطية.
ففي بعض دول مجلس التعاون الخليجي، مازال النفط يسهم بما نسبته 90 في المئة من عوائد الصادرات، لكن السعيدي يبقى متفائلا، ويعبر عن ذلك التفاؤل قائلا: «ان الارادة السياسية التي عبر عنها قادة وزعماء الدول الخليجية كانت - ومازالت - واضحة جدا. وهكذا فان الضغط الآن واقع على اللجان المعنية كي تواصل تحركها».
عن «ميد»