سعود عبدالعزيز العصفور / الدستور بمليون رئيس ورئيس!

تصغير
تكبير
إذا كان المقابل لاستجواب الشيخ ناصر المحمد تعطيل الدستور أو بعض أدواته الرقابية أو حتى تعليقه، فإن الصفقة خاسرة وخاسرة جداً، فالدستور لا يمكن أن يقارن بأي شخص في الكويت من شمالها إلى جنوبها ومن أقصى نقطة في شرقها البحري إلى آخر رمال صحرائها الغربية! وكائناً من كان هذا الشخص، لا يمكن أن نقبل أن نضعه في كفة مساوية لكفة دستور الأمة وميثاقها وحقوقها المكتسبة!
لا أثق كثيراً في أهداف «الحركة الدستورية الإسلامية» ونوابها، وأعتقد اعتقاداً يكاد يصل إلى حدود اليقين أن هذه الحركة أحد الأسباب الرئيسية في تردي الوضع السياسي العام في البلاد، ولكن لا يمكن لأي شخص أن يصادر حق نواب الأمة، ممن ينتمون إلى الحركة في ممارسة دورهم الرقابي من أولى درجاته السؤال وحتى أقصى تلك الدرجات الاستجواب، وسواء كان الاستجواب موجهاً إلى وزير من الوزراء أو إلى رئيس الوزراء نفسه! وما فعله بعض النواب في استجواب النائب أحمد المليفي، أو استجواب النواب الدكتور وليد الطبطبائي وعبدالله البرغش ومحمد المطيري، ويفعلونه هذه الأيام بعد إعلان الحركة عن قرارها بتقديم استجوابها، من محاولات للتبرؤ من ممارسة نائب لحقه الدستوري، أو محاولات طرح الحلول التي تعطل هذا الحق أو تفرغه من قوته الرقابية عبر تأجيله أو «وأده» في اللجان البرلمانية، هو اعتداء على حقي وحقك وحق كل مواطن قام بوضع ورقة تصويته الانتخابي في صناديق الاقتراع ليختار من يمثله في قاعة عبدالله السالم وعلى أساس واضح من دستور 1962!
انتقدنا في المقال الماضي بيان الحركة الأخير ومحاولتها استغفال الشارع الكويتي بعد أعوام وأعوام من الارتماء في حضن الحكومة الدافئ، وننتقد اليوم كل محاولة لتعطيل أداة الاستجواب ومنع نواب الحركة من ممارسة دورهم الرقابي، ومن يمتلك رأياً يختلف عن رأي نواب الحركة فليمارس دوره النيابي يوم الاستجواب ويطرح رأيه كما تنص على ذلك مواد الدستور، ومن غير المقبول أن يصبح النواب خط الدفاع الأول عن أعضاء الحكومة، رئيساً ووزراء! ومن غير المقبول كذلك أن يعمل نواب الأمة على وضع اعتبارات خاصة و«خطوط حمراء» لا وجود ولا شرعية لها في الدستور.

لا تضعوا أحداً في كفة مقابلة للدستور وحقوق الشعب المكتسبة، وعلى رأسها قدرة نوابه على استخدام أدواتهم الدستورية كاملة، وليس أمام سمو الرئيس ووزرائه إلا الخيارات التي يطرحها الدستور الكويتي فقط، وهي لا تتعدى أربعة خيارات واضحة جداً، إما الرد على انتقادات النواب ومحاولة توضيح الأمور لهم على أمل أن يتراجعوا عن الاستجواب «طواعية»، وإما أن يصعد المستجوب - بفتح الواو - منصة الاستجواب ليترك الخيار لأعضاء المجلس تحديد نتيجة الاستجواب، وإما أن يرفعوا كتاباً إلى صاحب السمو الأمير بعدم إمكانية التعاون مع المجلس وترك تقدير الأمر لسموه، وإما أن يتقدموا باستقالاتهم! ماعدا ذلك لا يجب أن يكون مطروحاً للنقاش، فالدستور بمليون رئيس ورئيس من دون شك!
سعود عبدالعزيز العصفور
كاتب ومهندس كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي