د. سامي ناصر خليفة / جسر المحبة... المفقود

تصغير
تكبير
مرّت الكويت ومازالت بأشهر عصيبة وبأحوال سياسية غامضة أدت إلى استشراء حال من اللااستقرار في العلاقة بين السلطتين، وجمود شبه كامل في خطط التنمية، وتراجع في مؤشرات الأداء السياسي، وتعطل شبه كامل لمعظم مؤسسات الدولة. والسبب في نظري لا يكمن في أداء الحكومة المتردي فقط، بل أيضاً في أداء سيئ بامتياز لبعض نواب مجلس الأمة ذات اللون الواحد الذين يتحدثون عن حمايتهم لثوابت الأمة، وهم أكثر من ينتهكها جهاراً نهاراً.
ولا يمكن للعقيدة الإسلامية أن تكون دافعاً لهذا البعض من نواب التوتر والصراخ الذين تعج الساحة السياسية بتهديداتهم مع کل شاردة وواردة بمعنى ومن دون معنى، لأن سماحة الإسلام ودوره في سمو بني البشر لا يمكن أن يكون بهذه الصورة القبيحة التي يطرحها هذا البعض. كما لا يمكن أن يكون للمبادئ الفطرية والقيم الوطنية أي دور في رسم شخصية هذا البعض، لأنني وبكل صراحة لم أجد أي مصلحة مجتمعية أو قيمة وطنية في أفعال - ناهيك عن أقوال - هذا البعض من النواب، بل ما رأيته كله المصلحة الخاصة على حساب العامة.
وباختصار شديد هي أزمة أخلاق لا أكثر ولا أقل يعاني منها هؤلاء الذين استبدلوا دورهم الرقابي والمحاسبي في مجلس الأمة بمانشتات يغلب عليها طابع الولع والهلع عبر وسائل الإعلام المحلية لا لشيء سوى لعُقد نفسية مرّوا بها فترة من الوقت رسمت شخوصهم الغاية في الغرابة وسط تاريخ أسس بطفح في الكبت الاجتماعي، وتناقض في الانفعال النفسي واضطراب في التوازن السلوكي، وحال من الازدواجية بين الإرث القبلي والعصرنة التي تتطلب المواكبة بلغة أحسب أن هذا البعض من نواب اللون الواحد لا يفقه أبجدياتها بتاتاً.

نعم... ابتلى مجتمعنا الطيب والمسالم بحفنة من نواب التأزم والتأزيم الذين باتوا يمثلون بحق المعرقل الأساس لعملية التنمية في البلاد، والمهدّد الأول للوحدة الوطنية والسلم الأهلي، بل أحسب أنهم هم من قطع جسر المحبة بين أهل الكويت حكومة وشعباً وأشاع الفتنة بين الناس وتحدث بلغة طائفية بغيضة وسلوك جلف لم يعتده أهلنا منذ عقود طوال. لذا جاء الوقت اليوم ليعي أهلنا في الكويت خطورة هؤلاء على مستقبل أبنائهم وعلى نظامهم السياسي، ولست هنا في معرض تضخيم الأمور بقدر لفت الانتباه لما آلت إليه الأوضاع والتحذير من استمرارها. والله من وراء القصد.
د. سامي ناصر خليفة
أكاديمي كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي