محمود محيو: درست في دار النهضة للعلوم الشرعية سنة 1967






ضيفنا هذا الأسبوع محمد محيو ارتبط عمله ببيوت الله المساجد منذ أن كان طالباً في المرحلة المتوسطة وتنقل بين عدة مساجد يحدثنا عن هذا العمل الجليل بدءاً بدراسته في قريته ثم انتقاله الى المدينة لاتمام الدراسة بها حتى شد رحاله الى الازهر الشريف فأتم به المرحلة الجامعية منتسباً بعدها سافر للعمل في الكويت يحدثنا محمد محيو عن تلك الفترة ثم ينحو معنا منحى آخر وهو الحديث عن وظيفة إمام المسجد وعلاقته مع الناس فهو يخالط ويباشر أطياف مختلفة بالفكر والعمل والثقافة ذكريات متنوعة بمحطاتها نقضيها محمد محيو ثم نختمها بالتطرق الى زواجه متى كان وأين كان فلنترك له الحديث:
كانت ولادتي في قرية مزرعة الورد وتقع شمال حلب وتبعد عن حلب ثلاثين كيلو متراً شمال حلب وهي تتبع منطقة عزاز وكلتاهما تابعتان لحلب وقريتنا قرية زراعية يمتهن أهلها حرفة الزراعة وحرث الأرض وبذرها وما الى ذلك من انواع الزراعة (حبوب، خضراوات، فواكه) وهي كانت يمر بها نهر ولكن منذ زمن جف ولم يعد يجري كالسابق بسبب السدود التي اقامتها تركيا وكنا نعمل في الأرض انا وباقي اسرتي في الزراعة ووالدي تحصيله العلمي بسيط جداً ولا يجيد الا مبادئ القراءة والكتابة فليست هناك مدارس متوافرة في قريتنا في ذلك الوقت والتحصيل العلمي محصور عند شيخ القرية فتجد كبار السن يقرأون بعض السور وكانت قراءة بسيطة ومعظم ابناء القرية ينتمون الى قبيلة واحدة أغلبهم اقارب وقبيلتنا هي قبيلة (جيس) كانت بداية تحصيلي العلمي في مدرسة القرية في المرحلة الابتدائية قرية مزرعة الورد وهي مدرسة حكومية ودرسنا في السنة الأولى الى السادسة في القرية وهي قرية بسيطة جداً وصغيرة وكانت دراستي بسيطة عند شيخ القرية قبل التحاقي بالمدرسة الابتدائية وعند السنة الأولى منها وهو امام المسجد كان يحفظنا القرآن.
القرية
أما بالنسبة للدراسة فكان معلم واحد يدرس في القرية وهذا المعلم كان يدرس لجميع الطلبة وهو معلم لأكثر من صف الأول، والثاني، والثالث، والرابع وكل المواد المقررة علينا هو يقوم بتدريسها والسبب يعود الى ان المدرسة مكونة من فصل واحد وهذه المدرسة حكومية وانا حين التحاقي لم يكن لي مكان أجلس فيه ولم يكن هناك طاولة متوافرة لي لذا أتيت بتنكة فارغة فوضعتها على الأرض وجلست عليها عاما كاملا كنت أضع الكشكول على رجلي وأكتب الدرس والمواد التي كنا ندرسها كانت عبارة عن قراءة، حساب، قراءة قرآن المواد التي كانت تدرس بالمرحلة الابتدائية والتركيز يكون على القراءة والكتابة والحساب في أولى ابتدائي اما في الصف الثاني فكان الوضع أفضل قليلاً حيث صار لي مكان أجلس عليه والمدرس كان يتغير كل عام الى ان وصلنا الى الصف الرابع تطورت الامور عندنا وصار لكل صف معلم خاص به كان الصف الرابع والخامس والسادس معلم خاص بهم حيث صار بالمدرسة صفان واليوم الدراسي كان يبدأ من الساعة الثامنة الى الساعة الواحدة والنصف ثم انهاء المرحلة الابتدائية في قريتي ونحن كان عندنا نظام انهاء المرحلة الابتدائية مثل انهاء المرحلة الثانوية من ناحية الاهتمام حيث كانوا يجمعون الطلاب في أحد المدن الكبيرة ثم تأتي الاسئلة من الوزارة ويبدأ الامتحان ثم نجيب عن الاسئلة ثم تُرسل الى الوزارة وتصحح ثم ترصد الدرجات ثم تنزل الاسماء في الجريدة الرسمية للدولة مثلها مثل الثانوية العامة لا تفرق عنها شيئاً.
الرغبة
والدي رحمه الله كانت عنده رغبة في دراستي في المواد الشرعية ووالدي كونه من أهل الريف بطبيعته حب الدين وعلومه وأنا أكبر أبنائه سناً فنحن اربعة أولاد وبنت واحدة وانا كذلك كانت رغبتي ان ادرس العلوم الشرعية فمنذ صغري وانا أحب شيخ القرية والصلاة في المسجد فكنت أفرح فرحاً شديداً عندما اذهب وأسلم على شيخ القرية ونفسيتي ترتاح ونحن لم نكن نتردد على المسجد كثيراً لأن طبيعة الفلاحين يكونون يزرعون بالارض خصوصاً في فصل الخريف والصيف والربيع يعملون في الحرث والزراعة - ووالدي كان يشتغل في الفلاحة بالاجرة حيث انه لم يكن يملك أرضاً والوالد كان يستثمر بعض الاراضي من أصحابها حسب الاتفاق المبرم بينهم وكان النهر الذي بالقرية في ذلك الوقت يجري على مصبه الطبيعي وحياة القرية ونماؤها على هذا النهر وهو كان نهراً جارياً على مدار العام ويطلق عليه نهر (قويق) وهو منبعه من تركيا ويمر على كذا قرية حتى يصل الى قريتنا ومن ثم يدخل مدينة حلب.
العيون
قريتنا هي قرية الورد اما تسميتها السابقة قبل ذلك فكان يطلق عليها (العيون) وذلك يعود لكثرة عيون الماء المتوافرة بها ولكن الدولة هي التي اختارت لها هذا الاسم وهذا النهر وهو نهر (قويق) يقسم حلب نصفين حيث انه يأتي من الشمال الى الجنوب وسبب جفاف النهر السدود التي أقامتها تركيا على هذا النهر ماهو الا في فصل الشتاء يأتينا قليل من الماء بسبب الأمطار والسيول.
المتوسطة
مرحلتي المتوسطة كانت في مدينة حلب في معهد شرعي اسمه دار نهضة العلوم الشرعية هذا وهو متخصص في العلوم الشرعية حيث الطالب يدرس به العلوم الشرعية وهو بما يعادل في التصنيف الحكومي المرحلة المتوسطة او الثانوية وقد التحقت به سنة 1967 مدرسة دار النهضة للعلوم الشرعية وكانت تشرف عليه الجمعية الخيرية المواد التي تدرس به الفقه والتفسير والحديث واصول الفقه والبلاغة والعروض والمواريث، والاخلاق، الادب وكنا ندرس الفقه الشافعي ودراستنا كانت في فترة الصباح وهذا المعهد معهد شرعي داخلي اي للطلبة نسكن بداخله والاكل والشرب متوافر به حيث ان به سكن خاص بالطلبة وكان به قسم للطعام وهو معهد خيري ليس هناك رسوم تؤخذ على ذلك وكان كل شيء بالمجان وكل طالب أراد الالتحاق به يعمل له اختبار شفوي وتحريري، الاختبار الشفوي يتناول العلوم الشرعية اما التحريري فيتناول الحساب والعلوم والمواد العلمية فإن اجتاز ذلك الاختبار قبل وان رسب استبعد من المعهد وهذا المعهد في مدينة حلب وحين التحاقي بهذا المعهد كانت الفترة المقررة للدراسة في المعهد اربع سنوات ونتخرج والثانية على خمس سنوات والثالثة ست سنوات وكنت أنا بينهم فأنا درست ست سنوات في ذلك المعهد وكنت مقيما في المعهد ولا أذهب الى أهلي الا في العطل في نهاية السنة في الصيف كل الطلبة كانوا بهذا الشكل ثم نرجع الى الدراسة مرة ثانية ومن كان أهله في مدينة حلب يذهب اليهم اخر الاسبوع لكن ابن القرية كان لا يذهب الى أهله الا كل شهرين او ثلاثة لمدة اربع وعشرين ساعة.
الأزهر
بعد اتمامي مرحلة الثانوية توجهت للدراسة في الأزهر الشريف منتسباً وكنت أعمل مدرساً بالتكليف وكنت ادرس مادة التربية الاسلامية في المدارس الحكومية ولم أكن معيناً بل خاضع لنظام التكليف بالساعات وعندما كنت طالبا بالمعهد كنت أمارس الامامة والخطابة بدل من أحد الشيوخ الذين كانوا يدرسوننا في ذلك الوقت أصلي بدلاً منه الظهر او الفجر وكنا نخطب الجمع في القرى عندما كانوا يحتاجون الى خطيب وعندما دخلت الأزهر انتقلت الى مدينة الثورة.
الثورة
الثورة مدينة حديثة على نهر الفرات وهي على السد الذي أنشأته سورية وهي بالقرب من مدينة الرقة على بعد خمسين كيلومترا وهي انشئت وأقيمت بعدما أنشئ هذا السد وعملت اماماً وخطيباً ومدرساً لمادة التربية الاسلامية بالمرحلة الثانوية بهذه المدينة وكنت اماماً بالأوقاف وليس اماماً رسمياً بل نتبع بعض اللجان الخيرية حيث ان كل مسجد مشكلة له لجنة من كذا شخص يقوم بجمع التبرعات على شكل راتب للإمام وهو راتب شهري وما يحتاجه المسجد من اصلاحات وعناية. أما بالنسبة للتدريس فلقد كان بنظام الساعات وكان النظام المعمول به عندنا ان من كان طالباً وعنده القدرة على التدريس لبعض المواد يسمح له بذلك لكن مكلفاً بالساعات وليس معيناً رسمياً بل كنت ادرس بالأزهر في ذلك الوقت اذهب واعود في فترات متقطعة وانتقالي الى مدينة الثورة كان لأجل العمل إماماً وخطيباً ومدرساً في وقت واحد وهي مدينة مستحدثة وكانت بحاجة الى بناء مساجد وخطباء وكان ذهابي للأزهر والدراسة به مكلفاً عليه مالياً لأجل الذهاب الى الدراسة اما الازهر والدراسة به فكانت مجانية ليس به رسوم اما التكاليف فتعود للذهاب والعودة والاقامة والقبول بالأزهر والدراسة به كانت سلسة وميسرة.
الجامعية
أتممت دراستي الجامعية وانا في مدينة الثورة وبعد اتمامي الدراسة بسنة جئت الى الكويت حيث انه كان لي زملاء واصدقاء سبقوني للعمل بالكويت وهم من رغبوني في الكويت من حيث الثناء وانها بلد جميل وأهلها طيبون.
والمسجد الذي كنت فيه قبل قدومي الى الكويت كان اسمه مسجد ابوبكر الصديق وقد عملت قبله في مسجد النور.
طبيعة
طبيعة عمل الإمام هو الالتزام وتجده هو الامام وهو المؤذن وهو القائم بأعمال المسجد كلها وهو الذي يحل المشاكل ويعطي الدروس وخطب الجمعة والأعياد وكل ما يلقى على عاتق الامام والمؤذن كان يقوم به.
الكويت
سنة 1979 قدمت الى الكويت فعملت في وزارة الأوقاف مباشرة، أحد الاخوة قدم لي كتاباً أي طلب تعيين لوكيل الوزارة محمد ناصر الحمضان فوافق عليه وأرسل لي الكتاب وذهبت به الى السفارة وأتممت الاجراءات ثم سافرت الى الكويت وأتممت الاجراءات حيث انني اصطحبت معي جميع اوراقي الثبوتية بما فيها شهادتي الجامعية واجري لي الاختبار وبعد اجتيازي الاختبار والحمد لله عينت اماماً وخطيباً واول مسجد باشرت عملي به هو مسجد سعد الضبيان في منطقة الرابية وطبيعة المصلين تختلف من بلد الى اخر في الثقافة والعادات والتقاليد والمعاملة وهذا مما لا شك فيه وأخذت أتأقلم مع وضعي شيئاً فشيئاً وأنا أتكلم على محيط المسجد في الصلاة والامامة والخطابة والتدريس وهذه أمور مشتركة في جميع البلاد الاسلامية والحمد لله وجدت أناساً طيبين يرغبون في العلم ويحبون الامام ويقدرونه ويحترمونه وهذه هي الاخلاق الاسلامية وان كان هناك بعض التصرفات فهي تصرفات فردية وليست عامة وكل انسان له وجهة نظر ويعتبر نفسه هو صاحب حق والامام لابد ان يستوعب الناس وكانت اول صلاة لي بهذا المسجد هي صلاة الظهر واقمت بهذا المسجد لمدة عام كامل وكنت أسكن فيه وفي الحقيقة وجدت نخبة طيبة من الناس أحاطوني برعايتهم وعنايتهم.
الأوضة
في سورية ليس هناك دواوين كما وجدت بالكويت ولكن هناك نظام اسمه الاوضة وهذه الاوضة بالنسبة للارياف تكون غالباً عند المختار أما في المدن فهي عند الإنسان الوجيه الميسور الحال الذي عنده المقدرة على ان يضيف الناس فوجود غرفة خارج البيت بعيد عن الاسرة والاولاد مخصصة للضيافة والجلوس. لها كلفة مالية وليس كل واحد مقدور عليها وهي بمثابة ديوانية كما هو في الكويت يجتمع فيها الزملاء والاصدقاء.
مسجد طلحة
انتقلت الى مسجد طلحة بن عبيد الله بالصليبخات ومكثت فيه سنين طويلة بدأت في سنة 1980 الى غاية شهر 11 في سنة 1989 اماماً وخطيباً وكانت لدي حلقة قرآن كريم في المسجد وبعد ذلك سنة 1983 بدأت أُدرس بدار القرآن الكريم في منطقة الجهراء وكان الاقبال في ذلك الوقت بالنسبة لدار القرآن اقبالا كبيرا واعداد الطلبة كثيرون وأفضل من الآن بكثير، الفصل الدراسي كانت به اعداد جيدة ومشجعة وكان مقر مركزنا في مدرسة العدساني.
الرحاب
انتقلت الى مسجد عقيل بن أبي طالب في منطقة الرحاب ثم سالم بن سعد بعدها ثم مسجد طيبة العثمان في منطقة الرقعي مكثت به ما يقارب سنتين ومسجد طيبة العثمان له خاصية كل من يصلي به عمال وموظفو شركات فهو وسط منطقة عمل والمسجد يختلف عندما يكون في منطقة عمل عن غيره لانه من المفارقات بين المسجد الذي يكون في منطقة صناعية وبين الذي يكون في منطقة سكنية ان الذي في المنطقة الصناعية تكون العامل ثقافته محدودة ويكون وضعه المادي بسيطا فتجده يصلي ويذهب، اما في الحي السكني فيكون بعض المصلين من أهل الحي عندهم الرغبة في الجلوس لسماع الدرس والاستفادة والمناقشة والاستفسار والسؤال ويتعاملون مع الامام- وتكون لهم علاقة مباشرة معه يدعونه الى الديوانية او الى اي مناسبة مثل الافراح وغيرها وتجد الامام معهم يشاركهم في الافراح ومشاركتهم في واجب العزاء وعيادة المريض، ولكن في منطقة العمال يسأل العامل عن أمور الصلاة او اي سؤال فقهي ويذهب.
الرشاد
عملت في مركز الرشاد الذي في السجن المركزي لمدة سنة ونصف السنة صباحيا وتحولت بعد ذلك الى فترة العصر وهو مركز يدرس العلوم الشرعية للمساجين من مختلف الثقافات والجنسيات والطباع لكن الغالبيةيرغبون في العلم الشرعي وكان لهم الاثر الكبير في نشر الوعي الاسلامي وتعلم هؤلاء المساجين العلوم الشرعية وتحفيظهم كتاب الله وسنة نبيه والأحاديث النبوية فتجد منهم من استفاد وخرج داعية الى الله سبحانه وتعالى واماماً وخطيباً وحافظاً لكتاب الله وكل ذلك بفضل مركز الرشاد وكل من التحق بهذا المركز استفاد استفادة كبيرة حتى أن بعض المساجين يقول نحمد الله على هذا السجن الذي تعلمنا فيه امور ديننا وتعلمنا كل شيء حسن وأخذنا نصلي ونقرأ كتاب الله ونستفيد ونفيد غيرنا والحمد لله ان مركز الرشاد فاتحة خير على السجناء.
الزواج
كان زواجي سنة 1976 بعد تخرجي من المعهد الشرعي وكانت زوجتي من محافظة ادلب وهي جنوب غرب حلب وكان زواجي بمعرفة الوالد حيث اننا انتقلنا من القرية الى حلب حيث ان والدي عمل بالحكومة وانتقلنا الى مقر عمله وكان للوالد معرفة بين والدي واخ زوجتي فتم الزواج والحمد لله عندي اولاد وبنات منهم اثنان متزوجان.
ماجستير
الحمد لله أتممت دراستي العليا في لبنان بجامعة الأوزاعي وقدمت بها سنتين اختبارات بعدها أتممت في جامعة الجينان بطرابلس ايضاً في لبنان وقدمت بحثين أحدهما في الملائكة في الكتاب والسنة والثاني جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده وعلاقتهما بالماسونية والرسالة كانت تحقيقا ودراسة لكتاب اسباب النزول للامام السيوطي وتحصلت على ثلاث مخطوطات واحدة من مركز المخطوطات بالجابرية ومصورة عن نسخة مصورة عن نسخة في بغداد والثانية مكتبة الظاهرية بدمشق والثالثة من ايرلندا فأتممت بهما النقص الموجود بالكتاب المطبوع وأنا كنت أخذت جزءا من الكتاب خمس صور وكانت الرسالة 740 صفحة.
الحج
أول حجة لي كانت مع حمد المشوط ثم الثانية حملة مبارك البذالي اما الحجة الثالثة مع مبارك البذالي، كنت فيها ادارياً اما عن العمرة فكثيرة والحمد لله.
التطوع
عندما كان المعوشرجي وزيراً للأوقاف صليت في مسجد فاطمة كأحد المصلين لصلاة الجمعة فدخل وقتها ولم يحضر الخطيب وكانت الخطبة منقولة على الهواء مباشرة من تلفزيون الكويت ومضى خمس دقائق من دخول الوقت وكانت منقولة إذاعياً فكلمت المسؤول عن الاذاعة والتلفزيون فقلت له اذا لم يكن أحد موجوداً للخطبة فأنا أقوم بذلك والوضع لا يسمح بالتأخير فقدمني لكي ينقذ الموقف وكانت هي اول جمعة في رمضان حقيقة كان الوضع يختلف عن الجمع التي أخطبها لان الكاميرات وآلات التصوير كانت باتجاهي لكن عندما بدأت اول الخطبة كأن شيئاً لم يكن والحمد لله كانت الخطبة موفقة بإذن الله وطلبني الوزير المعوشرجي وشكرني على هذا الفعل في مكتبه بالوزارة جزاه الله خيراً.
الغزو
الجمعة التي عقبت الغزو كنت مكلفاً بخطبة الجمعة في مسجد الزير بالعمرية وقد سألت احد الاخوة واسمه بدر علاج ابوناصر عن الوضع في البلد قال لي ان الحكومة خرجت من البلد وأنا كنت معداً خطبة لكن لأجل وضع البلد غيرتها الى شيء آخر وقمت بشرح سورة (العصر) لكن الخطبة الثانية كانت عن صدام حسين وماذا فعل في هذه البلد من الناحية الشرعية من ظلم، وقتل واعتداء ولو كان مسلماً لم يفعل ذلك والمسلم له حقوق وجوار كل ذلك تكلمت عنه لكن كان كلاماً قاسياً وصلت به الى درجة الكفر بعد انتهاء الخطبة واردت الخروج فأمسك بي أحد الاخوة السودانيين من يدي وقال ان هناك عسكراً ينتظرونك عند الباب فأخذني وأخرجني من الباب الآخر فخرجت مع الأخ فوزي سعيد وكان مؤذناً معي في مسجد عقيل بن أبي طالب في الرحاب ويسكن معي في نفس السكن وركبت معه بالوانيت هربنا من جند صدام حسين الى الرحاب وأعطيت أحد الاخوة بدر العلاج مفاتيح السيارة وأتى بها اليّ «اي سيارتي» وقت العصر.
وهذا الذي قلته لا ابتغي به الا وجه الله ولا ابتغي ثناء من أحد لكن عنايته هي التي أنقذتني من أعوان صدام حسين.