قال يوما «إذا لم ألتق امرأة حياتي فسأصبح راهبا»

كيريل... الديبلوماسي صاحب الشخصية القوية على رأس كنيسة روسيا الأرثوذكسية

تصغير
تكبير
موسكو - ا ف ب - نصب بطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل، امس، في كاتدرائية «المسيح المخلص» على رأس الكنيسة الارثوذكسية، التي هي في اوج انطلاقتها منذ انهيار النظام السوفياتي، بحضور الرئيس ديمتري مدفيديف ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين.
وهتف المدعوون الى الحفل المقدر عددهم بنحو اربعة الاف شخص من شخصيات دينية ارثوذكسية وممثلين عن الطوائف الاخرى فضلا عن المسؤولين السياسيين ومؤمنين عاديين داخل المبنى المهيب بوسط موسكو «اكسيوس، اكسيوس، اكسيوس» (اي «مستحق، مستحق، مستحق» باليونانية).
وفي تلك اللحظة بالذات، اصبح كيريل الذي انتخبه مجمع في الكاتدرائية نفسها رسميا رئيس الكنيسة الارثوذكسية الروسية، وهو ديبلوماسي محنك معروف باستقلالية تفكيره وبرغبته بان تلعب الكنيسة الارثوذكسية دورا اكبر على الصعيد الاجتماعي والسياسي.
وقبل دقائق من ذلك، لبس كيريل رداء البطريرك وساعده متروبوليت كييف ومتروبوليت مينسك على الجلوس ثلاث مرات على العرش وفقا للتقليد المتبع.
وقام مدفيديف وبوتين وزوجتاهما اللتان غطت كل منهما رأسها بوشاح ابيض، برسم اشارة الصليب تحت القبة المهيبة التي كان دخان البخور يتصاعد اليها. كما حضرت الحفل ايضا رايسا زوجة اول رئيس بعد الحقبة السوفياتية بوريس يلتسين الذي توفي في ابريل 2007.
ومنذ سقوط الشيوعية، تشهد الكنيسة الارثوذكسية نهضة مذهلة في روسيا، حيث اصبحت مجددا من اسس الهوية الوطنية، لتشغل الفراغ الذي خلفه انهيار الايديولوجية السوفياتية. ويؤكد ثلاثة من اصل اربعة مواطنين انهم ارثوذكس، مقابل الربع قبيل سقوط الاتحاد السوفياتي.
ويعتبر متروبوليت سمولينسك وكالينيغراد كيريل البالغ من العمر 62 عاما والذي كان على رأس الديبلوماسية الكنسية منذ 1989، منفتحا على العالم. وقد يقوم بتحديث اتصالات الكنيسة في روسيا مع البقاء تقليديا حول الجوهر، كما يرى الخبراء.
وبعد انتخابه، ذكرت الصحافة الروسية بانه واضع اعلان حقوق وكرامات الانسان منددا بالقيم الليبرالية وتعرض لانتقادات شديدة من قبل المدافعين عن حقوق الانسان. لكن اسلوب كيريل الاعلامي بامتياز يميزه عن بقية رجالات الدين الارثوذكس ما يجعله عرضة للمآخذ في اوساط الاصوليين من الاكليروس.
والبطريرك الجديد يمارس هوايات حديثة، مثل التزلج في جبال الالب «لان ذلك يسمح بتخطي غريزة البقاء والضعف البشري». وهو لا يعارض نشر القيم الارثوذكسية من خلال موسيقى الروك، بحيث «ان بعض العبارات يمكن ان تحدث تأثيرا اكبر على الشبان من اي عظة في الكنيسة».
وقال اسقف فيينا والنمسا ايلاريون، تلميذ كيريل، «سيكون هناك تغييرات تمليها الضرورة». لكنه كما اكد في حديث لصحيفة «كومرسانت»، «لن يفعل شيئا ضد رغبة ابناء الكنيسة (...) ولن يتخذ قرارات في شكل متسرع كما انه لن يتخلى عن التقاليد».
وكان كيريل صرح فور انتخابه «ليحفظ الله اي بطريرك من دخول التاريخ كاصلاحي».
ويبدو البطريرك الجديد قادرا على تحسين العلاقات الشائكة بين الكنيسة الارثوذكسية الروسية والكاثوليك. وقد التقى البابا بنديكت السادس عشر، ثلاث مرات فيما كان «وزيرا للخارجية» في عهد البطريرك الكسي الثاني الذي توفي في ديسمبر.
ويرى المراقبون ان كيريل وهو ابن وحفيد كاهن، لا يمكن اعتباره اصلاحيا، لكنه يتمتع باستقلالية فكرية وهو حريص على ان تلعب الكنسية دورا سياسيا واجتماعيا، وبالتالي قد تجد السلطات صعوبة في السيطرة عليه.
وقال رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية حول الديانات والسياسة المعاصرة ماكسيم شيفتشينكو، ان كيريل «يتمتع بجاذبية اكيدة (...) فهو لا يخفي مواقفه الحقيقية وليس باستطاعة احد اخضاعه».
اما مجلة «فلاست» الاسبوعية، فكتبت ان «الكنيسة مع كيريل على رأسها، تحظى اخيرا بفرصة لتصبح لاعبا مستقلا على الساحة السياسية بدلا من ان تبقى عرضة للتسيير من قبل الدولة».
وان كانت سيرة كيريل الذاتية تظهر اندفاعا روحيا منذ صغره بفضل والديه اللذين «ايقظا لديه الرغبة في خدمة الكنيسة»، فانه تبقى هناك جوانب غير واضحة تماما في مسيرته. فوالده وجده كاهنان ايضا، عرفا معسكرات الاعتقال السوفياتية.
وفي 1965 دخل كيريل، واسمه الاصلي فلاديمير غوندياييف، في التاسعة عشرة من العمر الى المدرسة الاكليريكية في مدينته سان بطرسبرغ (لينينغراد حينها)، ثم كتب اطروحة دكتوراه وبدأ التعليم في الاكاديمية الكنسية.
وقالت شقيقته الينا لصحيفة شعبية، ان كيريل قال يوما «اذا لم التق امرأة حياتي فساصبح راهبا»، ووضع لنفسه سقفا زمنيا هو 27 مارس 1969. وفي الثالث من ابريل 1969، لبس كيريل الثوب الرهباني، وفي السبعينات بدأ يبرز بقوة في الكنيسة.
عين في بادئ الامر سكرتيرا شخصيا لنيكوديم اسقف لينينغراد، ثم حصل على اول منصب ديبلوماسي له كممثل لبطريركية موسكو لدى مجلس الكنائس العالمي.
وكان كيريل يرافق بانتظام البطريرك بيمين في زياراته الخارجية قبل ان يتولى منصب رئيس قسم العلاقات الخارجية في البطريركية.
وفي 25 فبراير 1991 سيم اسقفا (متروبوليت) على سمولينسك وكالينينغراد.
الا ان سمعته في التسعينات اهتزت. فبينما كانت روسيا غارقة في مشاكلها الاقتصادية بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، اطلق على كيريل لقب «ميتربوليت الفودكا»، في اشارة الى الاشتباه باستفادته من الاعفاء الضريبي الذي كانت تتمتع به الكنيسة على الكحول والسجائر. وذكرت مجلة «نوفايفا غازيتا» المعارضة، ان كيريل هو «اغنى رجل في الكنيسة الارثوذكسية الروسية».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي