التقرير الحكومي عن معالجة الأزمة الاقتصادية / الحكومة تسرد إنجازاتها: هذا ما فعله البنك المركزي!








| كتب المحرر الاقتصادي |
أعدت الحكومة «جردة حساب» شاملة، عرضت فيها على اللجنة المالية البرلمانية أمس ما قامت به منذ بداية الأزمة المالية - الاقتصادية الراهنة. الا أن العرض قدم منجزات لا فضل لها فيها، بل انها لا تقع في دائرة صلاحياتها.
وفي هذا الاطار، بدا لافتاً أن ما يقارب النصف الأول من التقرير، المكون من 20 صفحة «فولسكوب»، مكتوب بأسلوب بنك الكويت المركزي وبلغته (الخالية من الأخطاء اللغوية، بخلاف «اللغات» الحكومية الاخرى)، وهو مخصص لعرض منجزات السياسة النقدية في التحسب للأزمة والتعامل معها. مع العلم أن أبسط قواعد الدولة الحديثة تلحظ استقلالية السلطة النقدية تمام الاستقلال عن السلطة السياسية.
أما النصف الآخر من التقرير، ففيه أقل من صفحة ونصف الصفحة للهيئة العامة للاستثمار (الصفحتان 13 و14)، لعرض ما اتخذته من اجراءات وسياسات منذ بدء الأزمة عالمياً، واستراتيجيتها في زيادة الأصول السائلة وتخفيف محفظة صندوق الأجيال القادمة من الأسهم في البورصات العالمية.
وما عدا ذلك مكتوب بمعظمه بلغة البنك المركزي وأسلوبه، ويتناول ما قام به فريق العمل الاقتصادي لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية.
حصة الحكومة (فعلياً) من التقرير المسهب جداً لا تتعدى فقرة واحدة في الصفحتين 14-15 (من أصل 20 صفحة)، تشير فيها الى «تراجع اجمالي ايرادات الموازنة العامة للدولة، وما ينطوي على ذلك من تحديات مؤثرة على صعيد معدلات الانفاق العام للموازنة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً المصروفات الرأسمالية والانشائية». وتتحدث الفقرة اليتيمة عن «توجهات وضوابط ستؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد مشروع الميزانية»، لتعزيز «فاعلية الدور التنموي للمصروفات العامة».
هذه هي انجازات الحكومة! لا ذكر لوزارة التجارة والصناعة ومنجزاتها في تنشيط قطاعات الانتاج ولا ذكر لوزارة المالية ولا لسواها.
قرار وحيد تشير اليه الحكومة على أنه انجاز ولا تجد في جعبتها غيره، هو تشكيل «فريق المحافظ»، الذي يمكن الاستفادة من نجاحه والتبرؤ من فشله، لا سمح الله...
في ما يلي نص التقرير حول «الاجراءات الحكومية لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الكويتي»، الصادر بمعظمه عن البنك المركزي، مع بعض «الرتوش» واسم الحكومة فوقه وحوله وحواليه!
شهدت الأعوام القليلة الماضية جهوداً متواصلة في مجال ترسيخ الأجواء الملائمة لنمو القطاع المصرفي والمالي المحلي وزيادة قدرته التنافسية، وبما يعزز من دوره في الاقتصاد الكويتي. هذا بالاضافة الى احاطة ذلك القطاع بمنظومة متكاملة من التشريعات والنظم والضوابط الرقابية التي تواكب أحدث الممارسات العالمية في هذا المجال، وهو الأمر الذي ساهم في حصول العديد من وحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي على تصنيفات ائتمانية متميزة ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل على نطاق الاسواق الناشئة كذلك. كما ساهمت تلك الجهود في الحد من الآثار السلبية لانعكاس التداعيات المباشرة للأزمة المالية العالمية على سلامة ومتانة الأوضاع في وحدات ذلك القطاع.
ويستدل من متابعة تطورات الازمة المالية العالمية على ان تلك الازمة قد أصبحت الآن أزمة مالية واقتصادية تشمل مختلف دول العالم بدرجات متفاوتة. وقد بدأت بوادر ذلك في البروز مع تباطؤ معدلات الطلب في معظم دول العالم، وتسارع وتيرة الانخفاض في أسعار النفط في الاسواق العالمية، وما ينطوي على ذلك بالتبعية من انعكاسات وتداعيات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والمالية في دولة الكويت. وقد انعكست بوادر تلك التداعيات في التراجع المستمر والمتسارع لاسعار الاسهم في سوق الكويت للأوراق المالية منذ بداية النصف الثاني من عام 2008.
وانطلاقا من ذلك، برزت الحاجة لتكثيف التحرك الفاعل على المستوى الوطني وبتضافر جهود كافة الجهات المحلية المختصة بالشأن المالي والاقتصادي في القطاعين العام والخاص لتحصين قطاعات الاقتصاد الوطني، وتعزيز متانة أوضاع الوحدات العاملة في تلك القطاعات وبما يمكنها من مواجهة تحديات الظروف الحالية للازمة المالية والاقتصادية العالمية. وقد اتخذ هذا التحرك مسارا متدرجا بحسب تطور الازمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد الكويتي، حيث حرصت السلطات الحكومية المختصة على زيادة تحصين الاقتصاد الوطني، وبادرت باتخاذ اجراءات لتعزيز الثقة وترسيخ دعامات الاستقرار المالي مع ظهور بوادر تلك الازمة، وتوفير آليات وترتيبات للتصدي للواقع الجديد الذي فرضته الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
ويتناول هذا التقرير ابرز الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها حتى تاريخه للتصدي لتداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، حيث يستعرض التقرير في الجزء الأول منه الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية. اما الجزء الثاني من التقرير فيتناول الاجراءات الحكومية المتخذة مع استفحال الازمة المالية العالمية، فيما يسلط الجزء الثالث من التقرير المزيد من الضوء على الاجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة التداعيات المترتبة على استمرار وتفاقم الازمة المالية العالمية وتحولها الى ازمة اقتصادية عالمية، وذلك على النحو التالي:
أولا - الاجراءات الحكومية مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية:
شهد الاقتصاد الكويتي خلال الاعوام الخمسة (2003 - 2007) اداء متناميا بفعل الارتفاعات القياسية لاسعار النفط في الاسواق العالمية، وتنامي معدلات الانفاق العام خصوصا الجاري منه بمعدلات متزايدة، وما صاحب ذلك من ارتفاع ملحوظ في مستويات الاسعار المحلية، ونمو متسارع للائتمان المحلي، وزيادة واضحة في أسعار الأصول المالية والعقارية. وكان من الواضح ان اجواء تلك الفورة غير قابلة للاستمرار، خصوصا مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية في أغسطس 2007 (أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية).
وانطلاقا من ذلك، فقد بادر بنك الكويت المركزي بالتحرك الاحترازي المبكر في مجال سياساته النقدية والرقابية لتحصين الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع المصرفي على وجه الخصوص لمواجهة التداعيات المترتبة على انحسار الفورة الاقتصادية المشار اليها آنفا. وجاء ذلك التحرك الاحترازي للبنك المركزي في ذلك الوقت ضمن مسارين متوازيين، ارتبط اولهما بمسار السياسة النقدية خصوصا في مجال سياسة سعر صرف الدينار الكويتي للحد من الضغوط التضخمية الناجمة عن استمرار التراجع في سعر صرف الدولار الاميركي مقابل العملات العالمية الاخرى، بعد ان صدر بتاريخ 20 مايو 2007 المرسوم رقم 147 لسنة 2007 بشأن فك ارتباط سعر صرف الدينار الكويتي بالدولار الاميركي، ودعم البنك المركزي ذلك التحرك بتكثيف جهوده بسحب فوائض السيولة المحلية للحد من افرازاتها التضخمية.
الى جانب ذلك، حرص البنك المركزي خلال تلك الفترة على تعزيز منظومة الضوابط والتعليمات الرقابية الاحترازية الوقائية لتكريس متانة الأوضاع في وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي من جهة، وترشيد سياساتها الائتمانية وبما يكفل الحد من تغذية النمو المتسارع في الطلب المحلي من جهة أخرى. وتبرز في هذا الصدد على وجه الخصوص، الضوابط التي اصدرها بنك الكويت المركزي في مايو 2008 الرامية الى ترشيد منح التسهيلات الائتمانية والتي استهدفت تخفيف حدة التركز الائتماني ومخاطر الانكشاف التي قد تتعرض لها البنوك المحلية من جراء الافراط في منح التسهيلات الائتمانية مرتفعة المخاطر، وبما ساهم في دعم قواعدها الرأسمالية، وتعزيز دعائم الاستقرار المالي لدى تلك البنوك. وتشير البيانات بهذا الصدد إلى ان هذا التحرك الاحترازي للبنك المركزي قد ساهم في التخفيف من معدلات النمو المتسارع في الطلب المحلي على الائتمان المصرفي ضمن جهود البنك المركزي في مجال درء الضغوط التضخمية. هذا إلى جانب تحصين اوضاع القطاع المصرفي من تداعيات الحركة التصحيحية التي بدأت بوادرها في الظهور في سوق الكويت للاوراق المالية خلال الربع الثالث من عام 2008.
وتشير البيانات (الموضحة في الجدول أدناه) إلى استمرار نمو ارصدة التسهيلات الائتمانية النقدية المقدمة من البنوك المحلية إلى مختلف القطاعات الاقتصادية المحلية خلال الربع الثالث من عام 2008 وبما قيمته 902 مليون دينار ونسبته 4.1 في المئة لتصل إلى نحو 23054.6 مليون في نهاية ذلك الربع مقارنة بنحو 22152.6 مليون في نهاية الربع الثاني من العام ذاته.
كما تُعتبر ارصدة تلك التسهيلات في نهاية الربع الثالث من عام 2008 مرتفعة بما قيمته 2915.9 مليون دينار ونسبته 14.5 في المئة مقارنة بمستواها في نهاية عام 2007 والبالغ نحو 20138.7 مليون. وبذلك يمكن القول ان التعليمات والضوابط التي اصدرها البنك المركزي في مايو 2008 والمشار اليها آنفا لم تجد من مقدرة البنوك المحلية على منح الائتمان لعملائها، علاوة على انه كانت هناك مساحة امام البنوك المحلية للتوسع في منح الائتمان بما في ذلك الائتمان الموجه للمتاجرة بالأوراق المالية.
ثانيا: الإجراءات الحكومية المتخذة مع بروز بوادر الازمة المالية العالمية:
جاء بروز الازمة المالية العالمية في اكتوبر 2008 وانتشار تداعياتها المؤثرة لتشمل مختلف دول العالم ليشكل تحديا رئيسيا لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. وبرزت الحاجة للتحرك السريع لتعزيز اجواء الثقة وتحصين قطاعات الاقتصاد الوطني وفي مقدمتها القطاع المصرفي والمالي المحلي لمواجهة تداعيات تلك الازمة. وتحرك بنك الكويت المركزي مباشرة للحيلولة دون تفاقم تداعيات تلك الازمة. وتحرك بنك الكويت المركزي مباشرة للحيلولة دون تفاقم تداعيات تلك الازمة على الاقتصاد الوطني، حيث بادر البنك المركزي إلى توجيه دفة سياساته النقدية وبرامجه الرقابية نحو المزيد من تعزيز اجواء الثقة وترسيخ دعامات الاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني، وذلك على النحو التالي:
1 - على صعيد السياسة النقدية:
في ضوء المتابعة الحثيثة لبنك الكويت المركزي للتطورات المتلاحقة والخطيرة التي شهدتها اسواق المال العالمية مع نهاية الاسبوع الأول من شهر اكتوبر 2008، وما صاحبها من تداعيات مؤثرة في القطاعات المصرفية والعالمية في معظم الدول الصناعية المتقدمة، سارع البنك المركزي بإتخاذ اجراءات وخطوات احترازية على صعيد سياسته النقدية لتكريس اجواء الثقة ولحماية الاقتصاد الوطني من عدوى التأثيرات المحتملة لتلك التطورات الخطيرة. وضمن هذا الاطار، قام بنك الكويت المركزي بتخفيض ملموس في تكلفة الاقتراض في الاقتصاد المحلي وبما يوفر مساحة اوسع للبنوك المحلية للقيام بدورها في مجال توفير الاحتياجات التمويلية لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية، حيث تم خفض سعر الخصم بداية بشكل غير مسبوق وبما مقداره 125 نقطة اساس (من 5.75 في المئة إلى 4.50 في المئة) اعتبارا من 8 اكتوبر 2008. كما اجرى البنك المركزي تخفيضا ثانيا في سعر الخصم وبمقدار 25 نقطة أساس (من 4.5 في المئة 4.25 إلى في المئة) اعتبارا من 30 اكتوبر 2008، وتخفيض ثالث في ذلك السعر وبمقدار 50 نقطة اساس (من 4.25 في المئة إلى 3.75 في المئة) اعتبارا من 17 ديسمبر 2008.
وفي موازاة ذلك، حرص بنك الكويت المركزي على بذل جهوده المكثفة لضخ المزيد من السيولة لوحدات القطاع المصرفي، وبما يتيح لها تدبير الاحتياجات التمويلية للعملاء، وضمن هذا الاطار، وصل رصيد مطالب البنك المركزي على البنوك المحلية (نهاية الفترة) إلى اعلى مستوياته خلال تلك الفترة في نهاية نوفمبر 2008، حيث بلغ نحو 838.7 مليون دينار مقارنة بنحو 167 مليونا في نهاية يونيو 2008، وبما يمثل زيادة قيمتها 671.7 مليون ونسبتها 402.2 في المئة.
ويتوزع هذا الرصيد في ودائع لآجال تتراوح ما بين ليلة و3 اشهر، إلى جانب ذلك، قام بنك الكويت المركزي في 18/11/2008 باضافة فترتي استحقاق جديدتين (لليلة واحدة وشهر) بالاضافة إلى فترة الاستحقاق القائمة في السابق (اسبوع) لتعاملاته مع البنوك المحلية في اطار عمليات اعادة الشراء «الريبو»، وذلك بهدف توفير مرونة اكبر للبنوك المحلية في مجال ادارة السيولة لديها.
2 - على صعيد السياسات والتعليمات الرقابية:
اجرى بنك الكويت المركزي بتاريخ 8/10/2008 تعديلات مؤثرة لبعض الضوابط والتعليمات الرقابية المنظمة للائتمان المصرفي الممنوح من البنوك المحلية لعملائها وبما يزيد من قدرتها على توفير الاحتياجات التمويلية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. وكان من ابرز تلك التعديلات ما يلي:
- رفع الحد الاقصى لنسبة التسهيلات الائتمانية إلى الودائع من 80 في المئة إلى 85 في المئة.
- رفع نسب النمو المقررة في المحافظ الائتمانية للبنوك لعام 2008 (وبواقع خمس نقاط مئوية لكل بنك)، وذلك لزيادة المساحة امام تلك البنوك لمنح المزيد من التسهيلات الائتمانية.
- اعتبار العقارات كأحد الضمانات المقبولة والمؤهلة والتي تؤخذ في الاعتبار عند احتساب معيار كفاية رأس المال، والتي لم تكن مقبولة من قبل كأحد مخففات المخاطر في التعليمات السابقة، علما بان هذا التعديل من شأنه ان يدعم الكفاية الرأسمالية لدى البنوك المحلية.
بالاضافة إلى ذلك، وفي اطار الجهود الحثيثة التي يقوم بها بنك الكويت المركزي لتعزيز الثقة ومواجهة انعكاسات الازمة المالية العالمية على اوضاع شركات الاستثمار المحلية، كثّف البنك اتصالاته مع البنوك المحلية ومتابعة تلك الاتصالات لحثّها على مواصلة دورها المهم في مجال تعاملاتها مع شركات الاستثمار المحلية. وقد تم التأكيد في تلك الاتصالات والمتابعات على اهمية عدم قطع خطوط الائتمان الممنوحة من البنوك المحلية إلى شركات الاستثمار المحلية مع تجديدها لفترات مناسبة وتقديم التمويل الاضافي اللازم لمن يستحق منها وفقا للدراسات الائتمانية التي تقوم بها البنوك المحلية.
كذلك، اصدر البنك المركزي تعميما بتاريخ 15/10/2008 بشأن عدم ممانعته من قيام شركات الاستثمار المحلية (التقليدية منها وتلك التي تعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية) بالحصول على موارد مالية وفقا لصيغ الاقراض/ التمويل المتعارف عليها، وذلك من المؤسسات والجهات الحكومية التي تقدم مثل هذا التمويل.
إلى جانب ذلك، فقد كثّف البنك المركزي من متابعته الحثيثة مع البنوك المحلية، وذلك لضمان انعكاس اثر الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي بتاريخ 8/10/2008 بشأن تخفيض سعر الخصم وتعديل بعض الضوابط المنظمة لمنح الائتمان المصرفي المشار اليها آنفا، وبشكل ملموس على اجراءات وعمليات البنوك المتعلقة بمنح الائتمان لعملائها.
علاوة على ذلك، وفي خطوة ترمي إلى تحقيق المزيد من الثقة في الجهاز المصرفي في دولة الكويت وتعزيز تنافسيته، فقد صدر القانون رقم 30 لسنة 2008 بشأن ضمان الودائع لدى البنوك المحلية في دولة الكويت في 3/11/2008.
وقد ساهمت تلك الاجراءات في تعزيز اجواء الثقة في الجهاز المصرفي المحلي وزيادة قدرته على مواجهة التداعيات السلبية المباشرة للازمة المالية العالمية، وذلك على النحو الذي تعكسه البيانات الخاصة بأرصدة كل من التسهيلات الائتمانية المقدمة لمختلف القطاعات الاقتصادية وودائع القطاع الخاص، وصافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية، ونمو عرض النقد.
فمن جهة، تشير البيانات إلى مواصلة النمو في أرصدة التسهيلات الائتمانية النقدية المقدمة من البنوك المحلية لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية لتصل إلى نحو 23660 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مسجلة بذلك نموا قيمته 3521.3 مليون ونسبته 17.5 في المئة مقارنة بمستواها البالغ نحو 20138.7 مليون في نهاية ديسمبر 2007 ونموا قيمته نحو 605.4 مليون دينار ونسبته 2.6 في المئة خلال الفترة سبتمبر- ديسمبر 2008، وبما يشير بوضوح إلى عدم وجود أزمة ائتمان في الاقتصاد المحلي.
كما ارتفعت ارصدة ودائع القطاع الخاص المقيم بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية لتصل إلى نحو 19343.2 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008 مقابل نحو 16635.6 مليون في نهاية ديسمبر 2007، وبما يمثل ارتفاعا قيمته 2707.6 مليون دينار ونسبته 16.3 في المئة، وارتفاعا قيمته 456.8 مليون ونسبته 2.4 في المئة مقارنة بنهاية سبتمبر 2008.
وفي الاتجاه ذاته، تسارعت وتيرة النمو في ارصدة صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية لتصل إلى نحو 3099.7 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مقابل نحو 1409.9 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2007، وبما يمثل نموا قيمته 1689.8 مليون ونسبته 119.8 في المئة، وانعكس ذلك بالتبعية على عرض النقد بالمفهوم الواسع (ن2) الذي سجل ارتفاعا ملحوظا ليصل إلى نحو 21950.2 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مسجلا بذلك زيادة قيمتها 2990.3 مليون ونسبتها 15.8 في المئة مقارنة بمستواه البالغ نحو 18959.9 مليون في نهاية ديسمبر 2007.
وهنا تجدر الاشارة إلى ان المحافظة على سلامة ومتانة اوضاع الجهاز المصرفي المحلي وبما يمكنه من مواصلة القيام بدوره في مجال توفير المستويات المناسبة من السيولة، وتقديم الائتمان اللازم لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية على النحو المشار اليه انفا، يستدعي الاستمرار في الجهود الاستباقية الرامية لتحصين الجهاز المصرفي لمواجهة تفاقم التداعيات السلبية التي قد تنشأ مع استمرار الازمة المالية العالمية وبما يساهم في منع بروز اي مخاطر نظامية على سلامة ومتانة الاوضاع القائمة في ذلك الجهاز.
وعلى صعيد آخر، حددت وزارة المالية بعض المحاور الاساسية لانعكاسات الانخفاض الذي شهدته اسعار النفط في الاسواق العالمية، واثر ذلك على الميزانية العامة للدولة، والتي من ابرزها تلك المرتبطة باهمية تحديد اولويات الانفاق الحكومي، وتجميد او تأجيل الصرف على المجالات غير الضرورية، وتكثيف العمل للحيلولة دون زيادة الاعباء المالية على الدولة.
من جانب آخر، وفيما يتعلق بسوق الكويت للاوراق المالية، فقد قامت ادارة السوق بتكثيف رقابتها على التداولات لضمان سلامتها ودقتها وشفافيتها، وبما يجنب حدوث اي اضطراب في المعاملات في السوق، كما ضاعفت ادارة السوق من جهودها لانجاز مشروع قانون هيئة سوق المال.
ومن جانبها، قامت الهيئة العامة للاستثمار وفي خطوة لبث الثقة في سوق الكويت للاوراق المالية، باتخاذ مجموعة من التدابير من ابرزها زيادة حصتها في ثمانية صناديق استثمارية، اضافة إلى تعديل بعض الشروط والضوابط بشأن مساهمة الهيئة في الصناديق الاستثمارية المحلية وبما يساهم في اضفاء مرونة أكبر امام مديري الصناديق لاكتشاف فرص استثمارية جديدة. كما اصدرت الهيئة العامة للاستثمار
تعليمات إلى كافة مدراء الصناديق الاستثمارية بضرورة تعزيز دور صناديق الاستثمار في السوق، كونها أداة استثمارية فاعلة لدعم السوق. كما قامت الهيئة بجهود احترازية في مجال إحكام الدور الرقابي على صناديق الاستثمار التي تساهم فيها. أما فيما يتعلق بالشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، فقد أعطت الهيئة العامة للاستثمار توجيهات مباشرة بشأن ضرورة ممارسة الشركات حقها في شراء أسهم الخزانة في حدود ما يسمح به القانون، إضافة الى تشجيع الشركات التي تساهم فيها الهيئة على خلق أدوات تمويلية جديدة لدعم آليات السوق.
وعلى صعيد الاستثمارات الخارجية، قامت الهيئة العامة للاستثمار بتخفيض معدل المخاطرة المرتبط بالأصول المستثمر بها في الاحتياطيات، حيث خفضت الهيئة نسبة الاستثمار في الأسهم المدرجة في البورصات العالمية في احتياطي الأجيال القادمة، وانعكس ذلك على زيادة نسبة السيولة المستثمرة في ودائع وأدوات نقدية قصيرة الأجل. كما حرصت الهيئة، وفي جميع الاستثمارات التي قامت بها أخيراً، على شراء الأسهم الممتازة ذات المخاطر المنخفضة وذات العائد المرتفع، وتتضمن معظم هذه الاستثمارات شروط تفضيلية لصالح الهيئة العامة للاستثمار.
ثالثاً: الاجراءات الحكومية لمواجهة التداعيات المترتبة على تفاقم الأزمة المالية العالمية ونشوء أزمة اقتصادية عالمية:
مع تفاقم حِدة الأزمة المالية العالمية ونشوء أزمة اقتصادية عالمية، اتجهت الجهود الحكومية للتحرك لمواجهة التداعيات المتوقعة لذلك على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وضمن هذا الاطار، تشير تقديرات المؤسسات المالية الدولية الى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي ودخوله بمرحلة من ركود وانكماش على مدى عامي 2009 و2010، مع توقع استمرار التراجع في أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال هذين العامين، وهو الأمر الذي سيؤدي بالتبعية الى تراجع اجمالي ايرادات الموازنة العامة للدولة، وما ينطوي على ذلك من تحديات مؤثرة على صعيد معدلات الانفاق العام للموازنة خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً المصروفات الرأسمالية والانشائية التي تُعتبر من العوامل الأساسية المحركة للنشاط الاقتصادي في العديد من القطاعات غير النفطية، وضمن هذا الاطار، قامت وزارة المالية بوضع مجموعة من التوجهات والضوابط التي ستؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد تقديرات مشروع الميزانية للسنة المالية 2009/2010، وبما يعزز من فاعلية الدور التنموي من فاعلية الدور التنموي للمصروفات العامة في ظل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
الى جانب ذلك، تدارست الحكومة الآلية المناسبة للتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية في مواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، واستقر الرأي على أهمية تضافر الجهود الحكومية وغير الحكومية لمواجهة تداعيات تلك الأزمة. وبناءً عليه، بادرت الحكومة بتشكيل «فريق العمل الاقتصادي لمواجهة آثار انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي» بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (1094/3) بتاريخ 26/10/2008 وبرئاسة محافظ بنك الكويت المركزي وعضوية ممثلين من الجهات المحلية المعنية في القطاعين العام والخاص. وتجدر الاشارة في هذا الخصوص، الى ان الجهات الحكومية الممثلة ضمن فريق العمل الاقتصادي هي بنك الكويت المركزي، ووزارة المالية، ووزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للاستثمار، والمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وسوق الكويت للأوراق المالية. وقد باشر فريق العمل الاقتصادي المشار اليه آنفاً عمله بتاريخ 28 اكتوبر 2008 بتحديد نطاق عمله وأولوياته، مؤكداً على الأهمية القصوى عند النظر في المعالجات المقترحة التأكيد على ضرورة وأهمية تحصين الجهاز المصرفي من أي تداعيات محتملة للأزمة المالية العالمية، والحرص على ضمان سلامة ومتانة الأوضاع في وحدات الجهاز المصرفي، ووضع السبل الكفيلة لمواجهة أي تداعيات مستقبلية قد تتعرض لها وحدات ذلك الجهاز مع استمرار تلك الأزمة.
وضمن هذا الاطار، أعطى فريق العمل الاقتصادي أولوية للتصدي للتداعيات المباشرة للأزمة المالية على أوضاع القطاعات الاقتصادية الوطنية ذات العلاقات المباشرة مع الاسواق المصرفية والمالية العالمية، وخصوصاً قطاع البنوك. ويأتي ذلك نظراً لأهمية هذا القطاع من حيث نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وارتباط مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني بأنشطته المتنوعة، هذا بالاضافة الى كون ذلك القطاع الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
أما التداعيات غير المباشرة للأزمة المالية العالمية على القطاعات الاقتصادية الوطنية الأخرى، فإنها تنعكس من خلال تعاملاتها مع وحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي. ووضع فريق العمل الاقتصادي برنامجه لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على أوضاع قطاعات الاقتصاد الوطني، واقتراح ترتيبات وآليات التصدي لتحديات الواقع الجديد الذي فرضته تلك الأزمة على الواقع الاقتصادي بدولة الكويت، وذلك من خلال ما يلي:
1 - التصدي للضغوط التمويلية التي تواجهها شركات الاستثمار المحلية نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية وانقطاع خطوط التمويل الممنوح لها من الخارج، وما يرتبط بذلك من تداعيات على أوضاع الجهاز المصرفي والمالي المحلي بأكمله. وضمن هذا الاطار، اقترح الفريق بتاريخ 5 نوفمبر 2008 إطاراً لبرنامج يستهدف تمويل شركات الاستثمار، وتتمثل أبرز ملامحه في قيام البنوك المحلية بتقديم صيغ التمويل المختلفة لمساندة شركات الاستثمار وفق أسس مهنية وضوابط ترتكز على التشخيص السليم لأوضاعها، لمساندة جهود شركات الاستثمار لترتيب أوضاعها المالية. وفي هذا الصدد، بلغ عدد شركات الاستثمار المحلية المستفيدة من تلك الترتيبات حتى تاريخه 4 شركات حصلت على تسهيلات ائتمانية قيمتها نحو 46 مليون دينار. الى جانب ذلك، تتم حاليا دراسة طلبات تقدمت بها 10 شركات استثمار محلية أخرى للاستفادة من البرنامج، ويصل اجمالي التسهيلات المطلوبة لها الى نحو 492 مليون دينار.
2 - التحرك لمواجهة تزعزع ثقة المتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية وما ترتب على ذلك من تراجع ملموس في مستويات أسعار الاسهم في السوق من جهة، والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتوافرة في السوق المحلي من جهة أخرى. وفي هذا الخصوص، تقرر بناء على توصية الفريق في 12 نوفمبر 2008 البدء في تأسيس محفظة استثمارية طويلة الاجل وذلك لتوفير آلية للقيام بدور صانع السوق، وتحقيق عوائد مجزية للمحفظة على المدى الطويل. حيث تقرر ان تقوم الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسات حكومية أخرى بالمساهمة في تلك المحفظة للاستثمار في اسهم الشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية وفق اسس استثمارية موضوعية ومهنية تضمن الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق، وبما يساهم في تعزيز أجواء الثقة وتكريس دعامات استقرار السوق من جانب، والحد من التداعيات السلبية للازمة المالية العالمية على القطاعات الاقتصادية المختلفة من جانب آخر.
3 - وفي مجال الاجراءات والمقترحات الرامية لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية، أكد الفريق على الحاجة في هذه المرحلة الى توجيه السياسة المالية كأداة تنشيطية (Fiscal Stimulus) من أجل تعزيز امكانات التوسع والنمو الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص. الى جانب ذلك، أكد فريق العمل الاقتصادي في توصياته على أهمية تكثيف الجهود الاطول أمد لدى مختلف الاجهزة المعنية لدفع مسيرة الاصلاح والتطوير للاقتصاد الوطني. وفي هذا الاطار، تدارس الفريق أوضاع الموازنة العامة للدولة في المرحلة الحالية في ظل التراجع الملموس الذي تشهده أسعار النفط في الاسواق العالمية والتحديات المرتبطة بذلك على صعيد معدلات الانفاق العام، ولاسيما الانفاق الرأسمالي الذي يشكل القوة الرئيسية الدافعة لحركة النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، والحاجة الملحة للاصلاح المالي كمدخل للاصلاح الاقتصادي للعديد من الاختلالات الاقتصادية الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الوطني. وتتمثل أبرز تلك الاختلالات في هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، واختلالات سوق العمل، والاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسي للدخل القومي.
وقد توافقت آراء فريق العمل الاقتصادي في هذا الصدد على الحاجة لترشيد الانفاق الجاري للموازنة العامة والمحافظة على المعدلات المناسبة للانفاق العام الرأسمالي لتلك الموازنة وفق أولويات تنموية، لما لذلك من أهمية في مجال تعزيز مقومات النموفي مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة.
4 - بالاضافة الى ذلك، توافقت آراء أعضاء الفريق على الحاجة الى تحديث وتطوير منظومة التشريعات والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي وبما يساهم في اتاحة المزيد من امكانات النمو للقطاع الخاص، وتعزيز اجواء الثقة في الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة لمواجهة تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة. ومن هنا، أكد الفريق على أهمية الاسراع في اقرار مشاريع القوانين المرتبطة بكل من الشركات التجارية، وهيئة سوق المال، وتخصيص الانشطة الحكومية، وتطوير القوانين المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وفقا للصيغ المتنوعة للتعاقدات في مجال البناء، والتشغيل، والتحويل (Build, Operatc, Transfor) وتجديد قانون الدين العام وتطويره. هذا بالاضافة الى الحاجة الى القوانين والتشريعات الجديدة التي تغطي المجالات المرتبطة على وجه الخصوص بكل من اصدار الأسهم الممتازة (Preferrd Shares)، والسندات القابلة الزاما للتحويل إلى اسهم رأسمال (MCNS)، واعادة هيكلة الشركات، وتأسيس شركات او كيانات لشراء وادارة الاصول المتعثرة، ومعالجة موضوع ندرة الاراضي.
-5 أكد الفريق على اهمية موضوع اعادة الهيكلة والدمج بين الشركات، وضرورة ان تنظر الشركات الكويتية بجدية للفرص الممكنة لاعادة هيكلة اوضاعها بما في ذلك فرص الاندماج مع شركات محلية اخرى (في ذات القطاع او فيما بين قطاعات مختلفة)، او مع شركات اجنبية، وذلك لما ينطوي عليه ذلك الاندماج من تعزيز لامكاناتها وقدراتها لمواجهة تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية في الاجلين المتوسط والطويل. وضمن هذا الاطار، ظهرت بعض البوادر للتحرك في هذا الاتجاه في الفترة الاخيرة، حيث تم الاعلان اخيرا عن اتفاق مبدئي لاندماج شركتي استثمار محليتين هما الاولى للاستثمار وبيت الاستثمار الخليجي، بعد ان تم توقيع مذكرة تفاهم بذلك الشأن بتاريخ 18/1/2009.
-6 تداول فريق العمل الاقتصادي التحديات التي تواجه قطاع العقار المحلي، والحاجة إلى معالجة موضوع ندرة الاراضي، وادوات التمويل العقاري طويلة الاجل كالسندات والصكوك اللازمة لتحفيز النمو في ذلك القطاع، ومجالات تطوير التشريعات ذات الصلة بذلك القطاع، وبما يساهم في تعزيز دور القطاع الخاص في نمو القطاع العقاري.
-7 في اجتماعه بتاريخ 13/1/2009، وافق الفريق على التصورات التي أعدها بنك الكويت المركزي لتعزيز دعامات الاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني. وعرض رئيس الفريق محافظ بنك الكويت المركزي الملامح العامة لبعض عناصر تلك التصورات على مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه بتاريخ 21 يناير 2009، ووافق مجلس الوزراء الموقر على ان يقدم محافظ بنك الكويت المركزي مقترحاته الكاملة في ذلك الخصوص لاجتماع المجلس المقبل في يوم الاثنين 26 يناير 2009.
وتشكل تلك التصورات، بما تتضمنه من ترتيبات واضحة وآليات محددة، برنامجا شاملا تتوزع من خلال ضوابطه الادوار والمسؤوليات بين العديد من الاطراف ذات الصلة المباشرة بمستلزمات الاستقرار المالي من بنوك وشركات استثمار وسلطات رقابية. وفي هذا الاطار، تجدر الاشارة إلى ان التصورات المقترحة ذات طبيعة استباقية وعلاجية وتهدف إلى توفير الآليات المناسبة التي يمكن اللجوء اليها لمعالجة اي ارتباكات مالية لدى اي من وحدات القطاع المصرفي والمالي من بنوك وشركات استثمار. وعلى وجه التحديد، تعالج تلك الترتيبات، ولمدة زمنية ممتدة، الجوانب المرتبطة بقصور المخصصات مقابل محفظة التسهيلات الائتمانية لدى البنوك في حال حدوثه، وكذلك الانخفاض في قيمة الاستثمارات المالية والعقارية.
إلى جانب ذلك، تتضمن تلك الترتيبات آليات لتقديم بعض التمويل اللازم لمساندة الوحدات الاقتصادية في مختلف القطاعات، ومعالجات للارتباكات المالية لدى بعض شركات الاستثمار المحلية ترتكز على تصنيف مهني متخصص لاوضاعها وطبيعة الضغوط التمويلية التي تواجهها. وتأخذ المعالجات المقترحة بعين الاعتبار تدعيم اسعار الاصول من خلال تقليل فرص عرضها للتسييل.
كما تجدر الاشارة إلى ان البرنامج المقترح ذو طبيعة خاصة تستوجب اعداده كتشريع يعرض على مجلس الامة الموقر، ويعتبر مظلة لمساندة جهود وحدات القطاع المصرفي والمالي لتمكينها من تجاوز تحديات المرحلة الراهنة ومستجداتها المحتملة. وتتوافر من خلال ذلك البرنامج الصلاحيات القانونية المطلوبة والادوات المالية اللازمة التي يمكن اللجوء اليها عند الحاجة، وعلى النحو الذي يتجسد من خلاله الدور الفاعل للدولة في القيام بمسؤولياتها لتوفير مستلزمات الاستقرار المالي والنمو المستدام لقطاعات الاقتصاد الوطني.
أعدت الحكومة «جردة حساب» شاملة، عرضت فيها على اللجنة المالية البرلمانية أمس ما قامت به منذ بداية الأزمة المالية - الاقتصادية الراهنة. الا أن العرض قدم منجزات لا فضل لها فيها، بل انها لا تقع في دائرة صلاحياتها.
وفي هذا الاطار، بدا لافتاً أن ما يقارب النصف الأول من التقرير، المكون من 20 صفحة «فولسكوب»، مكتوب بأسلوب بنك الكويت المركزي وبلغته (الخالية من الأخطاء اللغوية، بخلاف «اللغات» الحكومية الاخرى)، وهو مخصص لعرض منجزات السياسة النقدية في التحسب للأزمة والتعامل معها. مع العلم أن أبسط قواعد الدولة الحديثة تلحظ استقلالية السلطة النقدية تمام الاستقلال عن السلطة السياسية.
أما النصف الآخر من التقرير، ففيه أقل من صفحة ونصف الصفحة للهيئة العامة للاستثمار (الصفحتان 13 و14)، لعرض ما اتخذته من اجراءات وسياسات منذ بدء الأزمة عالمياً، واستراتيجيتها في زيادة الأصول السائلة وتخفيف محفظة صندوق الأجيال القادمة من الأسهم في البورصات العالمية.
وما عدا ذلك مكتوب بمعظمه بلغة البنك المركزي وأسلوبه، ويتناول ما قام به فريق العمل الاقتصادي لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية.
حصة الحكومة (فعلياً) من التقرير المسهب جداً لا تتعدى فقرة واحدة في الصفحتين 14-15 (من أصل 20 صفحة)، تشير فيها الى «تراجع اجمالي ايرادات الموازنة العامة للدولة، وما ينطوي على ذلك من تحديات مؤثرة على صعيد معدلات الانفاق العام للموازنة خلال الفترة المقبلة، خصوصاً المصروفات الرأسمالية والانشائية». وتتحدث الفقرة اليتيمة عن «توجهات وضوابط ستؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد مشروع الميزانية»، لتعزيز «فاعلية الدور التنموي للمصروفات العامة».
هذه هي انجازات الحكومة! لا ذكر لوزارة التجارة والصناعة ومنجزاتها في تنشيط قطاعات الانتاج ولا ذكر لوزارة المالية ولا لسواها.
قرار وحيد تشير اليه الحكومة على أنه انجاز ولا تجد في جعبتها غيره، هو تشكيل «فريق المحافظ»، الذي يمكن الاستفادة من نجاحه والتبرؤ من فشله، لا سمح الله...
في ما يلي نص التقرير حول «الاجراءات الحكومية لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الكويتي»، الصادر بمعظمه عن البنك المركزي، مع بعض «الرتوش» واسم الحكومة فوقه وحوله وحواليه!
شهدت الأعوام القليلة الماضية جهوداً متواصلة في مجال ترسيخ الأجواء الملائمة لنمو القطاع المصرفي والمالي المحلي وزيادة قدرته التنافسية، وبما يعزز من دوره في الاقتصاد الكويتي. هذا بالاضافة الى احاطة ذلك القطاع بمنظومة متكاملة من التشريعات والنظم والضوابط الرقابية التي تواكب أحدث الممارسات العالمية في هذا المجال، وهو الأمر الذي ساهم في حصول العديد من وحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي على تصنيفات ائتمانية متميزة ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل على نطاق الاسواق الناشئة كذلك. كما ساهمت تلك الجهود في الحد من الآثار السلبية لانعكاس التداعيات المباشرة للأزمة المالية العالمية على سلامة ومتانة الأوضاع في وحدات ذلك القطاع.
ويستدل من متابعة تطورات الازمة المالية العالمية على ان تلك الازمة قد أصبحت الآن أزمة مالية واقتصادية تشمل مختلف دول العالم بدرجات متفاوتة. وقد بدأت بوادر ذلك في البروز مع تباطؤ معدلات الطلب في معظم دول العالم، وتسارع وتيرة الانخفاض في أسعار النفط في الاسواق العالمية، وما ينطوي على ذلك بالتبعية من انعكاسات وتداعيات سلبية على الأوضاع الاقتصادية والمالية في دولة الكويت. وقد انعكست بوادر تلك التداعيات في التراجع المستمر والمتسارع لاسعار الاسهم في سوق الكويت للأوراق المالية منذ بداية النصف الثاني من عام 2008.
وانطلاقا من ذلك، برزت الحاجة لتكثيف التحرك الفاعل على المستوى الوطني وبتضافر جهود كافة الجهات المحلية المختصة بالشأن المالي والاقتصادي في القطاعين العام والخاص لتحصين قطاعات الاقتصاد الوطني، وتعزيز متانة أوضاع الوحدات العاملة في تلك القطاعات وبما يمكنها من مواجهة تحديات الظروف الحالية للازمة المالية والاقتصادية العالمية. وقد اتخذ هذا التحرك مسارا متدرجا بحسب تطور الازمة المالية العالمية وتداعياتها على الاقتصاد الكويتي، حيث حرصت السلطات الحكومية المختصة على زيادة تحصين الاقتصاد الوطني، وبادرت باتخاذ اجراءات لتعزيز الثقة وترسيخ دعامات الاستقرار المالي مع ظهور بوادر تلك الازمة، وتوفير آليات وترتيبات للتصدي للواقع الجديد الذي فرضته الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
ويتناول هذا التقرير ابرز الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها حتى تاريخه للتصدي لتداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية على الاقتصاد الوطني، حيث يستعرض التقرير في الجزء الأول منه الاجراءات الحكومية التي تم اتخاذها مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية. اما الجزء الثاني من التقرير فيتناول الاجراءات الحكومية المتخذة مع استفحال الازمة المالية العالمية، فيما يسلط الجزء الثالث من التقرير المزيد من الضوء على الاجراءات الحكومية المتخذة لمواجهة التداعيات المترتبة على استمرار وتفاقم الازمة المالية العالمية وتحولها الى ازمة اقتصادية عالمية، وذلك على النحو التالي:
أولا - الاجراءات الحكومية مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية:
شهد الاقتصاد الكويتي خلال الاعوام الخمسة (2003 - 2007) اداء متناميا بفعل الارتفاعات القياسية لاسعار النفط في الاسواق العالمية، وتنامي معدلات الانفاق العام خصوصا الجاري منه بمعدلات متزايدة، وما صاحب ذلك من ارتفاع ملحوظ في مستويات الاسعار المحلية، ونمو متسارع للائتمان المحلي، وزيادة واضحة في أسعار الأصول المالية والعقارية. وكان من الواضح ان اجواء تلك الفورة غير قابلة للاستمرار، خصوصا مع بداية ظهور بوادر الازمة المالية العالمية في أغسطس 2007 (أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة الأميركية).
وانطلاقا من ذلك، فقد بادر بنك الكويت المركزي بالتحرك الاحترازي المبكر في مجال سياساته النقدية والرقابية لتحصين الاقتصاد الوطني عموما، والقطاع المصرفي على وجه الخصوص لمواجهة التداعيات المترتبة على انحسار الفورة الاقتصادية المشار اليها آنفا. وجاء ذلك التحرك الاحترازي للبنك المركزي في ذلك الوقت ضمن مسارين متوازيين، ارتبط اولهما بمسار السياسة النقدية خصوصا في مجال سياسة سعر صرف الدينار الكويتي للحد من الضغوط التضخمية الناجمة عن استمرار التراجع في سعر صرف الدولار الاميركي مقابل العملات العالمية الاخرى، بعد ان صدر بتاريخ 20 مايو 2007 المرسوم رقم 147 لسنة 2007 بشأن فك ارتباط سعر صرف الدينار الكويتي بالدولار الاميركي، ودعم البنك المركزي ذلك التحرك بتكثيف جهوده بسحب فوائض السيولة المحلية للحد من افرازاتها التضخمية.
الى جانب ذلك، حرص البنك المركزي خلال تلك الفترة على تعزيز منظومة الضوابط والتعليمات الرقابية الاحترازية الوقائية لتكريس متانة الأوضاع في وحدات الجهاز المصرفي والمالي المحلي من جهة، وترشيد سياساتها الائتمانية وبما يكفل الحد من تغذية النمو المتسارع في الطلب المحلي من جهة أخرى. وتبرز في هذا الصدد على وجه الخصوص، الضوابط التي اصدرها بنك الكويت المركزي في مايو 2008 الرامية الى ترشيد منح التسهيلات الائتمانية والتي استهدفت تخفيف حدة التركز الائتماني ومخاطر الانكشاف التي قد تتعرض لها البنوك المحلية من جراء الافراط في منح التسهيلات الائتمانية مرتفعة المخاطر، وبما ساهم في دعم قواعدها الرأسمالية، وتعزيز دعائم الاستقرار المالي لدى تلك البنوك. وتشير البيانات بهذا الصدد إلى ان هذا التحرك الاحترازي للبنك المركزي قد ساهم في التخفيف من معدلات النمو المتسارع في الطلب المحلي على الائتمان المصرفي ضمن جهود البنك المركزي في مجال درء الضغوط التضخمية. هذا إلى جانب تحصين اوضاع القطاع المصرفي من تداعيات الحركة التصحيحية التي بدأت بوادرها في الظهور في سوق الكويت للاوراق المالية خلال الربع الثالث من عام 2008.
وتشير البيانات (الموضحة في الجدول أدناه) إلى استمرار نمو ارصدة التسهيلات الائتمانية النقدية المقدمة من البنوك المحلية إلى مختلف القطاعات الاقتصادية المحلية خلال الربع الثالث من عام 2008 وبما قيمته 902 مليون دينار ونسبته 4.1 في المئة لتصل إلى نحو 23054.6 مليون في نهاية ذلك الربع مقارنة بنحو 22152.6 مليون في نهاية الربع الثاني من العام ذاته.
كما تُعتبر ارصدة تلك التسهيلات في نهاية الربع الثالث من عام 2008 مرتفعة بما قيمته 2915.9 مليون دينار ونسبته 14.5 في المئة مقارنة بمستواها في نهاية عام 2007 والبالغ نحو 20138.7 مليون. وبذلك يمكن القول ان التعليمات والضوابط التي اصدرها البنك المركزي في مايو 2008 والمشار اليها آنفا لم تجد من مقدرة البنوك المحلية على منح الائتمان لعملائها، علاوة على انه كانت هناك مساحة امام البنوك المحلية للتوسع في منح الائتمان بما في ذلك الائتمان الموجه للمتاجرة بالأوراق المالية.
ثانيا: الإجراءات الحكومية المتخذة مع بروز بوادر الازمة المالية العالمية:
جاء بروز الازمة المالية العالمية في اكتوبر 2008 وانتشار تداعياتها المؤثرة لتشمل مختلف دول العالم ليشكل تحديا رئيسيا لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. وبرزت الحاجة للتحرك السريع لتعزيز اجواء الثقة وتحصين قطاعات الاقتصاد الوطني وفي مقدمتها القطاع المصرفي والمالي المحلي لمواجهة تداعيات تلك الازمة. وتحرك بنك الكويت المركزي مباشرة للحيلولة دون تفاقم تداعيات تلك الازمة. وتحرك بنك الكويت المركزي مباشرة للحيلولة دون تفاقم تداعيات تلك الازمة على الاقتصاد الوطني، حيث بادر البنك المركزي إلى توجيه دفة سياساته النقدية وبرامجه الرقابية نحو المزيد من تعزيز اجواء الثقة وترسيخ دعامات الاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني، وذلك على النحو التالي:
1 - على صعيد السياسة النقدية:
في ضوء المتابعة الحثيثة لبنك الكويت المركزي للتطورات المتلاحقة والخطيرة التي شهدتها اسواق المال العالمية مع نهاية الاسبوع الأول من شهر اكتوبر 2008، وما صاحبها من تداعيات مؤثرة في القطاعات المصرفية والعالمية في معظم الدول الصناعية المتقدمة، سارع البنك المركزي بإتخاذ اجراءات وخطوات احترازية على صعيد سياسته النقدية لتكريس اجواء الثقة ولحماية الاقتصاد الوطني من عدوى التأثيرات المحتملة لتلك التطورات الخطيرة. وضمن هذا الاطار، قام بنك الكويت المركزي بتخفيض ملموس في تكلفة الاقتراض في الاقتصاد المحلي وبما يوفر مساحة اوسع للبنوك المحلية للقيام بدورها في مجال توفير الاحتياجات التمويلية لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية، حيث تم خفض سعر الخصم بداية بشكل غير مسبوق وبما مقداره 125 نقطة اساس (من 5.75 في المئة إلى 4.50 في المئة) اعتبارا من 8 اكتوبر 2008. كما اجرى البنك المركزي تخفيضا ثانيا في سعر الخصم وبمقدار 25 نقطة أساس (من 4.5 في المئة 4.25 إلى في المئة) اعتبارا من 30 اكتوبر 2008، وتخفيض ثالث في ذلك السعر وبمقدار 50 نقطة اساس (من 4.25 في المئة إلى 3.75 في المئة) اعتبارا من 17 ديسمبر 2008.
وفي موازاة ذلك، حرص بنك الكويت المركزي على بذل جهوده المكثفة لضخ المزيد من السيولة لوحدات القطاع المصرفي، وبما يتيح لها تدبير الاحتياجات التمويلية للعملاء، وضمن هذا الاطار، وصل رصيد مطالب البنك المركزي على البنوك المحلية (نهاية الفترة) إلى اعلى مستوياته خلال تلك الفترة في نهاية نوفمبر 2008، حيث بلغ نحو 838.7 مليون دينار مقارنة بنحو 167 مليونا في نهاية يونيو 2008، وبما يمثل زيادة قيمتها 671.7 مليون ونسبتها 402.2 في المئة.
ويتوزع هذا الرصيد في ودائع لآجال تتراوح ما بين ليلة و3 اشهر، إلى جانب ذلك، قام بنك الكويت المركزي في 18/11/2008 باضافة فترتي استحقاق جديدتين (لليلة واحدة وشهر) بالاضافة إلى فترة الاستحقاق القائمة في السابق (اسبوع) لتعاملاته مع البنوك المحلية في اطار عمليات اعادة الشراء «الريبو»، وذلك بهدف توفير مرونة اكبر للبنوك المحلية في مجال ادارة السيولة لديها.
2 - على صعيد السياسات والتعليمات الرقابية:
اجرى بنك الكويت المركزي بتاريخ 8/10/2008 تعديلات مؤثرة لبعض الضوابط والتعليمات الرقابية المنظمة للائتمان المصرفي الممنوح من البنوك المحلية لعملائها وبما يزيد من قدرتها على توفير الاحتياجات التمويلية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني. وكان من ابرز تلك التعديلات ما يلي:
- رفع الحد الاقصى لنسبة التسهيلات الائتمانية إلى الودائع من 80 في المئة إلى 85 في المئة.
- رفع نسب النمو المقررة في المحافظ الائتمانية للبنوك لعام 2008 (وبواقع خمس نقاط مئوية لكل بنك)، وذلك لزيادة المساحة امام تلك البنوك لمنح المزيد من التسهيلات الائتمانية.
- اعتبار العقارات كأحد الضمانات المقبولة والمؤهلة والتي تؤخذ في الاعتبار عند احتساب معيار كفاية رأس المال، والتي لم تكن مقبولة من قبل كأحد مخففات المخاطر في التعليمات السابقة، علما بان هذا التعديل من شأنه ان يدعم الكفاية الرأسمالية لدى البنوك المحلية.
بالاضافة إلى ذلك، وفي اطار الجهود الحثيثة التي يقوم بها بنك الكويت المركزي لتعزيز الثقة ومواجهة انعكاسات الازمة المالية العالمية على اوضاع شركات الاستثمار المحلية، كثّف البنك اتصالاته مع البنوك المحلية ومتابعة تلك الاتصالات لحثّها على مواصلة دورها المهم في مجال تعاملاتها مع شركات الاستثمار المحلية. وقد تم التأكيد في تلك الاتصالات والمتابعات على اهمية عدم قطع خطوط الائتمان الممنوحة من البنوك المحلية إلى شركات الاستثمار المحلية مع تجديدها لفترات مناسبة وتقديم التمويل الاضافي اللازم لمن يستحق منها وفقا للدراسات الائتمانية التي تقوم بها البنوك المحلية.
كذلك، اصدر البنك المركزي تعميما بتاريخ 15/10/2008 بشأن عدم ممانعته من قيام شركات الاستثمار المحلية (التقليدية منها وتلك التي تعمل وفق احكام الشريعة الاسلامية) بالحصول على موارد مالية وفقا لصيغ الاقراض/ التمويل المتعارف عليها، وذلك من المؤسسات والجهات الحكومية التي تقدم مثل هذا التمويل.
إلى جانب ذلك، فقد كثّف البنك المركزي من متابعته الحثيثة مع البنوك المحلية، وذلك لضمان انعكاس اثر الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي بتاريخ 8/10/2008 بشأن تخفيض سعر الخصم وتعديل بعض الضوابط المنظمة لمنح الائتمان المصرفي المشار اليها آنفا، وبشكل ملموس على اجراءات وعمليات البنوك المتعلقة بمنح الائتمان لعملائها.
علاوة على ذلك، وفي خطوة ترمي إلى تحقيق المزيد من الثقة في الجهاز المصرفي في دولة الكويت وتعزيز تنافسيته، فقد صدر القانون رقم 30 لسنة 2008 بشأن ضمان الودائع لدى البنوك المحلية في دولة الكويت في 3/11/2008.
وقد ساهمت تلك الاجراءات في تعزيز اجواء الثقة في الجهاز المصرفي المحلي وزيادة قدرته على مواجهة التداعيات السلبية المباشرة للازمة المالية العالمية، وذلك على النحو الذي تعكسه البيانات الخاصة بأرصدة كل من التسهيلات الائتمانية المقدمة لمختلف القطاعات الاقتصادية وودائع القطاع الخاص، وصافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية، ونمو عرض النقد.
فمن جهة، تشير البيانات إلى مواصلة النمو في أرصدة التسهيلات الائتمانية النقدية المقدمة من البنوك المحلية لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية لتصل إلى نحو 23660 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مسجلة بذلك نموا قيمته 3521.3 مليون ونسبته 17.5 في المئة مقارنة بمستواها البالغ نحو 20138.7 مليون في نهاية ديسمبر 2007 ونموا قيمته نحو 605.4 مليون دينار ونسبته 2.6 في المئة خلال الفترة سبتمبر- ديسمبر 2008، وبما يشير بوضوح إلى عدم وجود أزمة ائتمان في الاقتصاد المحلي.
كما ارتفعت ارصدة ودائع القطاع الخاص المقيم بالدينار الكويتي لدى البنوك المحلية لتصل إلى نحو 19343.2 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008 مقابل نحو 16635.6 مليون في نهاية ديسمبر 2007، وبما يمثل ارتفاعا قيمته 2707.6 مليون دينار ونسبته 16.3 في المئة، وارتفاعا قيمته 456.8 مليون ونسبته 2.4 في المئة مقارنة بنهاية سبتمبر 2008.
وفي الاتجاه ذاته، تسارعت وتيرة النمو في ارصدة صافي الموجودات الاجنبية للبنوك المحلية لتصل إلى نحو 3099.7 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مقابل نحو 1409.9 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2007، وبما يمثل نموا قيمته 1689.8 مليون ونسبته 119.8 في المئة، وانعكس ذلك بالتبعية على عرض النقد بالمفهوم الواسع (ن2) الذي سجل ارتفاعا ملحوظا ليصل إلى نحو 21950.2 مليون دينار في نهاية ديسمبر 2008، مسجلا بذلك زيادة قيمتها 2990.3 مليون ونسبتها 15.8 في المئة مقارنة بمستواه البالغ نحو 18959.9 مليون في نهاية ديسمبر 2007.
وهنا تجدر الاشارة إلى ان المحافظة على سلامة ومتانة اوضاع الجهاز المصرفي المحلي وبما يمكنه من مواصلة القيام بدوره في مجال توفير المستويات المناسبة من السيولة، وتقديم الائتمان اللازم لمختلف القطاعات الاقتصادية المحلية على النحو المشار اليه انفا، يستدعي الاستمرار في الجهود الاستباقية الرامية لتحصين الجهاز المصرفي لمواجهة تفاقم التداعيات السلبية التي قد تنشأ مع استمرار الازمة المالية العالمية وبما يساهم في منع بروز اي مخاطر نظامية على سلامة ومتانة الاوضاع القائمة في ذلك الجهاز.
وعلى صعيد آخر، حددت وزارة المالية بعض المحاور الاساسية لانعكاسات الانخفاض الذي شهدته اسعار النفط في الاسواق العالمية، واثر ذلك على الميزانية العامة للدولة، والتي من ابرزها تلك المرتبطة باهمية تحديد اولويات الانفاق الحكومي، وتجميد او تأجيل الصرف على المجالات غير الضرورية، وتكثيف العمل للحيلولة دون زيادة الاعباء المالية على الدولة.
من جانب آخر، وفيما يتعلق بسوق الكويت للاوراق المالية، فقد قامت ادارة السوق بتكثيف رقابتها على التداولات لضمان سلامتها ودقتها وشفافيتها، وبما يجنب حدوث اي اضطراب في المعاملات في السوق، كما ضاعفت ادارة السوق من جهودها لانجاز مشروع قانون هيئة سوق المال.
ومن جانبها، قامت الهيئة العامة للاستثمار وفي خطوة لبث الثقة في سوق الكويت للاوراق المالية، باتخاذ مجموعة من التدابير من ابرزها زيادة حصتها في ثمانية صناديق استثمارية، اضافة إلى تعديل بعض الشروط والضوابط بشأن مساهمة الهيئة في الصناديق الاستثمارية المحلية وبما يساهم في اضفاء مرونة أكبر امام مديري الصناديق لاكتشاف فرص استثمارية جديدة. كما اصدرت الهيئة العامة للاستثمار
تعليمات إلى كافة مدراء الصناديق الاستثمارية بضرورة تعزيز دور صناديق الاستثمار في السوق، كونها أداة استثمارية فاعلة لدعم السوق. كما قامت الهيئة بجهود احترازية في مجال إحكام الدور الرقابي على صناديق الاستثمار التي تساهم فيها. أما فيما يتعلق بالشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية، فقد أعطت الهيئة العامة للاستثمار توجيهات مباشرة بشأن ضرورة ممارسة الشركات حقها في شراء أسهم الخزانة في حدود ما يسمح به القانون، إضافة الى تشجيع الشركات التي تساهم فيها الهيئة على خلق أدوات تمويلية جديدة لدعم آليات السوق.
وعلى صعيد الاستثمارات الخارجية، قامت الهيئة العامة للاستثمار بتخفيض معدل المخاطرة المرتبط بالأصول المستثمر بها في الاحتياطيات، حيث خفضت الهيئة نسبة الاستثمار في الأسهم المدرجة في البورصات العالمية في احتياطي الأجيال القادمة، وانعكس ذلك على زيادة نسبة السيولة المستثمرة في ودائع وأدوات نقدية قصيرة الأجل. كما حرصت الهيئة، وفي جميع الاستثمارات التي قامت بها أخيراً، على شراء الأسهم الممتازة ذات المخاطر المنخفضة وذات العائد المرتفع، وتتضمن معظم هذه الاستثمارات شروط تفضيلية لصالح الهيئة العامة للاستثمار.
ثالثاً: الاجراءات الحكومية لمواجهة التداعيات المترتبة على تفاقم الأزمة المالية العالمية ونشوء أزمة اقتصادية عالمية:
مع تفاقم حِدة الأزمة المالية العالمية ونشوء أزمة اقتصادية عالمية، اتجهت الجهود الحكومية للتحرك لمواجهة التداعيات المتوقعة لذلك على مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني، وضمن هذا الاطار، تشير تقديرات المؤسسات المالية الدولية الى تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي ودخوله بمرحلة من ركود وانكماش على مدى عامي 2009 و2010، مع توقع استمرار التراجع في أسعار النفط في الأسواق العالمية خلال هذين العامين، وهو الأمر الذي سيؤدي بالتبعية الى تراجع اجمالي ايرادات الموازنة العامة للدولة، وما ينطوي على ذلك من تحديات مؤثرة على صعيد معدلات الانفاق العام للموازنة خلال الفترة المقبلة، وخصوصاً المصروفات الرأسمالية والانشائية التي تُعتبر من العوامل الأساسية المحركة للنشاط الاقتصادي في العديد من القطاعات غير النفطية، وضمن هذا الاطار، قامت وزارة المالية بوضع مجموعة من التوجهات والضوابط التي ستؤخذ بعين الاعتبار عند اعداد تقديرات مشروع الميزانية للسنة المالية 2009/2010، وبما يعزز من فاعلية الدور التنموي من فاعلية الدور التنموي للمصروفات العامة في ظل تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
الى جانب ذلك، تدارست الحكومة الآلية المناسبة للتنسيق بين الجهات الحكومية المعنية في مواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الوطني، واستقر الرأي على أهمية تضافر الجهود الحكومية وغير الحكومية لمواجهة تداعيات تلك الأزمة. وبناءً عليه، بادرت الحكومة بتشكيل «فريق العمل الاقتصادي لمواجهة آثار انعكاسات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الكويتي» بموجب قرار مجلس الوزراء الموقر رقم (1094/3) بتاريخ 26/10/2008 وبرئاسة محافظ بنك الكويت المركزي وعضوية ممثلين من الجهات المحلية المعنية في القطاعين العام والخاص. وتجدر الاشارة في هذا الخصوص، الى ان الجهات الحكومية الممثلة ضمن فريق العمل الاقتصادي هي بنك الكويت المركزي، ووزارة المالية، ووزارة التجارة والصناعة، والهيئة العامة للاستثمار، والمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية، وسوق الكويت للأوراق المالية. وقد باشر فريق العمل الاقتصادي المشار اليه آنفاً عمله بتاريخ 28 اكتوبر 2008 بتحديد نطاق عمله وأولوياته، مؤكداً على الأهمية القصوى عند النظر في المعالجات المقترحة التأكيد على ضرورة وأهمية تحصين الجهاز المصرفي من أي تداعيات محتملة للأزمة المالية العالمية، والحرص على ضمان سلامة ومتانة الأوضاع في وحدات الجهاز المصرفي، ووضع السبل الكفيلة لمواجهة أي تداعيات مستقبلية قد تتعرض لها وحدات ذلك الجهاز مع استمرار تلك الأزمة.
وضمن هذا الاطار، أعطى فريق العمل الاقتصادي أولوية للتصدي للتداعيات المباشرة للأزمة المالية على أوضاع القطاعات الاقتصادية الوطنية ذات العلاقات المباشرة مع الاسواق المصرفية والمالية العالمية، وخصوصاً قطاع البنوك. ويأتي ذلك نظراً لأهمية هذا القطاع من حيث نسبة مساهمته في الناتج المحلي الاجمالي، وارتباط مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني بأنشطته المتنوعة، هذا بالاضافة الى كون ذلك القطاع الأكثر عرضة لتداعيات الأزمة المالية العالمية.
أما التداعيات غير المباشرة للأزمة المالية العالمية على القطاعات الاقتصادية الوطنية الأخرى، فإنها تنعكس من خلال تعاملاتها مع وحدات القطاع المصرفي والمالي المحلي. ووضع فريق العمل الاقتصادي برنامجه لمواجهة انعكاسات الأزمة المالية العالمية على أوضاع قطاعات الاقتصاد الوطني، واقتراح ترتيبات وآليات التصدي لتحديات الواقع الجديد الذي فرضته تلك الأزمة على الواقع الاقتصادي بدولة الكويت، وذلك من خلال ما يلي:
1 - التصدي للضغوط التمويلية التي تواجهها شركات الاستثمار المحلية نتيجة تداعيات الأزمة المالية العالمية وانقطاع خطوط التمويل الممنوح لها من الخارج، وما يرتبط بذلك من تداعيات على أوضاع الجهاز المصرفي والمالي المحلي بأكمله. وضمن هذا الاطار، اقترح الفريق بتاريخ 5 نوفمبر 2008 إطاراً لبرنامج يستهدف تمويل شركات الاستثمار، وتتمثل أبرز ملامحه في قيام البنوك المحلية بتقديم صيغ التمويل المختلفة لمساندة شركات الاستثمار وفق أسس مهنية وضوابط ترتكز على التشخيص السليم لأوضاعها، لمساندة جهود شركات الاستثمار لترتيب أوضاعها المالية. وفي هذا الصدد، بلغ عدد شركات الاستثمار المحلية المستفيدة من تلك الترتيبات حتى تاريخه 4 شركات حصلت على تسهيلات ائتمانية قيمتها نحو 46 مليون دينار. الى جانب ذلك، تتم حاليا دراسة طلبات تقدمت بها 10 شركات استثمار محلية أخرى للاستفادة من البرنامج، ويصل اجمالي التسهيلات المطلوبة لها الى نحو 492 مليون دينار.
2 - التحرك لمواجهة تزعزع ثقة المتعاملين في سوق الكويت للأوراق المالية وما ترتب على ذلك من تراجع ملموس في مستويات أسعار الاسهم في السوق من جهة، والاستفادة من الفرص الاستثمارية المتوافرة في السوق المحلي من جهة أخرى. وفي هذا الخصوص، تقرر بناء على توصية الفريق في 12 نوفمبر 2008 البدء في تأسيس محفظة استثمارية طويلة الاجل وذلك لتوفير آلية للقيام بدور صانع السوق، وتحقيق عوائد مجزية للمحفظة على المدى الطويل. حيث تقرر ان تقوم الهيئة العامة للاستثمار ومؤسسات حكومية أخرى بالمساهمة في تلك المحفظة للاستثمار في اسهم الشركات المدرجة في سوق الكويت للاوراق المالية وفق اسس استثمارية موضوعية ومهنية تضمن الاستفادة من الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق، وبما يساهم في تعزيز أجواء الثقة وتكريس دعامات استقرار السوق من جانب، والحد من التداعيات السلبية للازمة المالية العالمية على القطاعات الاقتصادية المختلفة من جانب آخر.
3 - وفي مجال الاجراءات والمقترحات الرامية لتعزيز قدرة الاقتصاد الوطني على تجاوز تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية، أكد الفريق على الحاجة في هذه المرحلة الى توجيه السياسة المالية كأداة تنشيطية (Fiscal Stimulus) من أجل تعزيز امكانات التوسع والنمو الاقتصادي وتحفيز القطاع الخاص. الى جانب ذلك، أكد فريق العمل الاقتصادي في توصياته على أهمية تكثيف الجهود الاطول أمد لدى مختلف الاجهزة المعنية لدفع مسيرة الاصلاح والتطوير للاقتصاد الوطني. وفي هذا الاطار، تدارس الفريق أوضاع الموازنة العامة للدولة في المرحلة الحالية في ظل التراجع الملموس الذي تشهده أسعار النفط في الاسواق العالمية والتحديات المرتبطة بذلك على صعيد معدلات الانفاق العام، ولاسيما الانفاق الرأسمالي الذي يشكل القوة الرئيسية الدافعة لحركة النشاط الاقتصادي في القطاعات غير النفطية، والحاجة الملحة للاصلاح المالي كمدخل للاصلاح الاقتصادي للعديد من الاختلالات الاقتصادية الهيكلية التي يواجهها الاقتصاد الوطني. وتتمثل أبرز تلك الاختلالات في هيمنة القطاع العام على النشاط الاقتصادي، واختلالات سوق العمل، والاعتماد على النفط الخام كمصدر رئيسي للدخل القومي.
وقد توافقت آراء فريق العمل الاقتصادي في هذا الصدد على الحاجة لترشيد الانفاق الجاري للموازنة العامة والمحافظة على المعدلات المناسبة للانفاق العام الرأسمالي لتلك الموازنة وفق أولويات تنموية، لما لذلك من أهمية في مجال تعزيز مقومات النموفي مختلف قطاعات الاقتصاد الوطني في هذه المرحلة.
4 - بالاضافة الى ذلك، توافقت آراء أعضاء الفريق على الحاجة الى تحديث وتطوير منظومة التشريعات والقوانين المنظمة للنشاط الاقتصادي وبما يساهم في اتاحة المزيد من امكانات النمو للقطاع الخاص، وتعزيز اجواء الثقة في الاقتصاد الوطني وقطاعاته المختلفة لمواجهة تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية الراهنة. ومن هنا، أكد الفريق على أهمية الاسراع في اقرار مشاريع القوانين المرتبطة بكل من الشركات التجارية، وهيئة سوق المال، وتخصيص الانشطة الحكومية، وتطوير القوانين المتعلقة بالشراكة بين القطاعين العام والخاص وفقا للصيغ المتنوعة للتعاقدات في مجال البناء، والتشغيل، والتحويل (Build, Operatc, Transfor) وتجديد قانون الدين العام وتطويره. هذا بالاضافة الى الحاجة الى القوانين والتشريعات الجديدة التي تغطي المجالات المرتبطة على وجه الخصوص بكل من اصدار الأسهم الممتازة (Preferrd Shares)، والسندات القابلة الزاما للتحويل إلى اسهم رأسمال (MCNS)، واعادة هيكلة الشركات، وتأسيس شركات او كيانات لشراء وادارة الاصول المتعثرة، ومعالجة موضوع ندرة الاراضي.
-5 أكد الفريق على اهمية موضوع اعادة الهيكلة والدمج بين الشركات، وضرورة ان تنظر الشركات الكويتية بجدية للفرص الممكنة لاعادة هيكلة اوضاعها بما في ذلك فرص الاندماج مع شركات محلية اخرى (في ذات القطاع او فيما بين قطاعات مختلفة)، او مع شركات اجنبية، وذلك لما ينطوي عليه ذلك الاندماج من تعزيز لامكاناتها وقدراتها لمواجهة تداعيات الازمة المالية والاقتصادية العالمية في الاجلين المتوسط والطويل. وضمن هذا الاطار، ظهرت بعض البوادر للتحرك في هذا الاتجاه في الفترة الاخيرة، حيث تم الاعلان اخيرا عن اتفاق مبدئي لاندماج شركتي استثمار محليتين هما الاولى للاستثمار وبيت الاستثمار الخليجي، بعد ان تم توقيع مذكرة تفاهم بذلك الشأن بتاريخ 18/1/2009.
-6 تداول فريق العمل الاقتصادي التحديات التي تواجه قطاع العقار المحلي، والحاجة إلى معالجة موضوع ندرة الاراضي، وادوات التمويل العقاري طويلة الاجل كالسندات والصكوك اللازمة لتحفيز النمو في ذلك القطاع، ومجالات تطوير التشريعات ذات الصلة بذلك القطاع، وبما يساهم في تعزيز دور القطاع الخاص في نمو القطاع العقاري.
-7 في اجتماعه بتاريخ 13/1/2009، وافق الفريق على التصورات التي أعدها بنك الكويت المركزي لتعزيز دعامات الاستقرار المالي في الاقتصاد الوطني. وعرض رئيس الفريق محافظ بنك الكويت المركزي الملامح العامة لبعض عناصر تلك التصورات على مجلس الوزراء الموقر في اجتماعه بتاريخ 21 يناير 2009، ووافق مجلس الوزراء الموقر على ان يقدم محافظ بنك الكويت المركزي مقترحاته الكاملة في ذلك الخصوص لاجتماع المجلس المقبل في يوم الاثنين 26 يناير 2009.
وتشكل تلك التصورات، بما تتضمنه من ترتيبات واضحة وآليات محددة، برنامجا شاملا تتوزع من خلال ضوابطه الادوار والمسؤوليات بين العديد من الاطراف ذات الصلة المباشرة بمستلزمات الاستقرار المالي من بنوك وشركات استثمار وسلطات رقابية. وفي هذا الاطار، تجدر الاشارة إلى ان التصورات المقترحة ذات طبيعة استباقية وعلاجية وتهدف إلى توفير الآليات المناسبة التي يمكن اللجوء اليها لمعالجة اي ارتباكات مالية لدى اي من وحدات القطاع المصرفي والمالي من بنوك وشركات استثمار. وعلى وجه التحديد، تعالج تلك الترتيبات، ولمدة زمنية ممتدة، الجوانب المرتبطة بقصور المخصصات مقابل محفظة التسهيلات الائتمانية لدى البنوك في حال حدوثه، وكذلك الانخفاض في قيمة الاستثمارات المالية والعقارية.
إلى جانب ذلك، تتضمن تلك الترتيبات آليات لتقديم بعض التمويل اللازم لمساندة الوحدات الاقتصادية في مختلف القطاعات، ومعالجات للارتباكات المالية لدى بعض شركات الاستثمار المحلية ترتكز على تصنيف مهني متخصص لاوضاعها وطبيعة الضغوط التمويلية التي تواجهها. وتأخذ المعالجات المقترحة بعين الاعتبار تدعيم اسعار الاصول من خلال تقليل فرص عرضها للتسييل.
كما تجدر الاشارة إلى ان البرنامج المقترح ذو طبيعة خاصة تستوجب اعداده كتشريع يعرض على مجلس الامة الموقر، ويعتبر مظلة لمساندة جهود وحدات القطاع المصرفي والمالي لتمكينها من تجاوز تحديات المرحلة الراهنة ومستجداتها المحتملة. وتتوافر من خلال ذلك البرنامج الصلاحيات القانونية المطلوبة والادوات المالية اللازمة التي يمكن اللجوء اليها عند الحاجة، وعلى النحو الذي يتجسد من خلاله الدور الفاعل للدولة في القيام بمسؤولياتها لتوفير مستلزمات الاستقرار المالي والنمو المستدام لقطاعات الاقتصاد الوطني.