من أساليب التضليل وتشويه الحقائق ما نسميه (خلط الأوراق) بحيث يقوم المضلل او العابث بربط غير علمي ودمج مقصود بين مسائل متعددة لكل خصوصيتها ويجعلها في صندوق واحد ثم يحكم عليها حكماً كلياً فيضع الحق المخلوط بالباطل من خلال لعبة (التعميم في الاحكام).
أظن ان هذا المسلك هو البضاعة الرائجة في الإعلام المقروء والمرئي والمسموع. ومن هذه القضايا التي يمارس حولها الشغب قضية موقف الفلسطينيين من غزو البعث العراقي للكويت حيث تسطح الجريمة وتختزل بشكل باهت دون أي تفصيل ليروج على الناس انطباع عام بأن الفلسطينيين كانوا مع الغزاة المعتدين!!
يرى الكثيرون ان هذا الطرح لا يستحق الرد عليه لأن الزمن تجاوزه كما ان الزمن كشف، لا أقول كذبه او صدقه، ولكن أقول كشف بطلان التعميم الظالم الذي حاول الإعلام البعثي ترويجه ونجح اثناء الاحتلال - جزئياً - في احداث فتنة بين الكويتيين والفلسطينيين، اما اليوم فالحقائق واضحة وقد وعى الناس على من كان خائناً من الأجنحة السياسية الفلسطينية ومن كان مخلصاً - وما اكثرهم - ممن ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن الكويت! قد يقول البعض - لاسيما - الجيل الجديد - ما هذه المبالغة، فأقول له انتظرني في المقالات المقبلة بالوثائق الكويتية والشهادات الكويتية والكتابات الكويتية لأثبت لك ما أقول عن الحقيقة الغائبة او المغيبة.
نعم ربما الأخوة الذين يرون بعدم طرق هذا الموضوع أولى من مناقشته لأن واقع الشعب الكويتي بكل مكوناته الاجتماعية ضد العدوان الإسرائيلي ومع نصرة أهل غزة وضد أي شماتة او تشفٍ من أي مصدر كان. هذا صحيح ولكني بعد الاجتياح الإسرائيلي اقتنيت عدة كتب ألفت من أهل الكويت ومؤسساتها عن الغزو العراقي للبلد، فوجدت فيها ما يستحق ابرازه لتبديد التعميم الطفولي وظلم البشر كما يجب علينا في المقابل كشف المواقف المشرقة لمن عاش على أرضنا وأخلص لها وضحى من أجلها من اخواننا الفلسطينيين.
ولقد سرني - أكثر ما سرني - من خلال جولاتي في المحاضرات العامة عن مأساة غزة... تفاعل الطلبة الجامعيين بشتى انتماءاتهم، فقد حاضرت في الجامعة الأميركية في السالمية بدعوة من (الحكومة الطلابية) وبرعاية الشيخة دانة ناصر صباح الأحمد حفيدة أمير البلاد، وجامعة الخليج، والكلية الاسترالية وأخيراً هذا الأسبوع كلية الطب في الجابرية، والجميل ان الدكاترة كانوا يحضرون مع الطلبة ويشاركون في التعليق وياله من تضامن أخوي ان دل على شيء فإنما يدل على أصالة النفوس وطيب المنبت وارتقاء على انانية النفس وتجاهل لكل دعوات احياء الفتن بين الناس.
ان سلسلة المقالات المقبلة لن تكون فقط سرد وثائق وشهادات من رجالات الكويت الثقافية والسياسية والعسكرية في جهود اخواننا الفلسطينيين في الدفاع عن الكويت وإنما في إلقاء الضوء على منهج البحث عن الحقيقة لكي لا يخدع البعض بكلمة هنا او دعاية هناك.
وسنستفتح التوضيح باستشهاد بما قاله أو كتبه أخونا (النصف).
محمد العوضي