أفق اقتصادي قاتم لا يبعده إلا تحرك شامل وكبير

الحلول أشبعت «اختراعاً»... تفضلي يا حكومة

تصغير
تكبير
| كتب المحرر الاقتصادي |
ليس معروفاً ما إذا كان وزير المالية مصطفى الشمالي هو من أبلغ نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ الدكتور محمد الصباح أن خسائر العرب في الأزمة المالية 2500 مليار دولار، (من دون أن يشمل الرقم خسائر البورصة الكويتية منذ ذلك الوقت حتى الآن)، لكن الواضح أن وزير الخارجية ربما ينشغل هذه الأيام بالاقتصاد أكثر مما ينشغل وزير المالية.
السبب طبعاً (لكي لا يسيء أحد الظن) هو انعقاد القمة الاقتصادية العربية في الكويت. لكن القمة أنجزت اعمالها والحمد لله، ووجدت الحلول الكاملة لمواجهة الأزمة المالية العالمية وتداعياتها(!)، والمفروض أن تعود الأمور إلى نصابها. إلا أن الشمالي لم يقل يوماً كم حصة الكويت من هذه الخسائر (وهو أولى)، لا تظهر عليه علامات القلق منها.
ربما يتذكر الجميع الآن أن في الكويت حكومة جديدة. بعض النواب الآن يبحث عن «حالة تحسس» تعرض لها تلميذ في مدرسة حكومية، وآخرون يعدون لدور الانعقاد المقبل اقتراحاً لتسمية شارع على حدود السعودية.
أما الوزراء، وبالذات وزير المالية، فيفترض أنهم يعملون على إعداد خطتهم الخمسية لعرضها على مجلس الأمة. في التجارب السابقة، حين لم تكن هناك أزمة اقتصادية أو مالية، وحين كان «غولدمان ساكس» يتوقع أن يرتفع سعر النفط إلى 200 دولار، قدمت الحكومات السابقة خططاً تصلح للعرض في متاحف الأشياء الغريبة، خطط أقل ما يقال فيها إنها كانت لتطبيق ما يمليه الدستور ورفع العتب.
إحدى الحكومات مثلاً، كانت تخطط لجعل الكويت مركزاً مالياً إقليمياً، وربما كانت تريد للمصارف الكويتية أن تلعب دور «سويسرا الخليج». ولم تشر في الخطة إلا إلى معيار واحد لقياس التقدم في تحقيق هذا الهدف هو «التصنيفات الائتمانية»! لم تكن تلك الحكومة تعرف أن هناك قصوراً تشريعياً وتنظيمياً وإدارياً وتنافسياً، ولم تكن تعرف أن لديها قصوراً هائلاً في الرؤية.
كانت الامور تسير على البركة، ندعو «اللهم ارفع أسعار النفط»، والامور تسير على أحسن ما يرام.
الحكومة الجديدة- القديمة ستقدم خطة. ومن حيث المنطق لا بد أن تكون خطة «عن جد» لمواجهة أزمة اقتصادية، هي ومن دون مواربة أكبر أزمة في تاريخ البلاد منذ اكتشاف النفط.
لن تؤخذ خطة الحكومة إلى متاحف الأشياء الغريبة إذا جاءت كسابقاتها، بل إلى محكمة التاريخ.
في البلدان التي تملك عجوزات ضخمة في الموازنات العامة، أعلنت الحكومات خططاً تلو الخطط. في الولايات المتحدة خطة كلفتها 700 مليار دولار، على الرغم من ان البلاد عانت في السنوات الماضية أكبر عجز في التجارة والحساب الجاري في التاريخ. وكثيرون لا يستبعدون اللجوء إلى طبع الدولار، لأن الإنقاذ لا ينتظر.
وفي بريطانيا مثال آخر. آخر الأنباء تقول إن المطالبات تتجه إلى تأميم القطاع المصرفي بالكامل. هل من حلول أكثر استثنائية من أن يلجأ البلد الذي أنجب آدم سميث إلى تأميم القطاع المصرفي برمته؟
لا حاجة إلى طبع الدينار هنا. والمشكلة ليست في اقتصاد حجمه 14 تريليون دولار، بل في اقتصاد يساوي ناتجه ناتج شارع من شوارع ميتشغان أو فلوريدا.
قد يقال إن تعقيدات الأزمة تتطلب دراية متأنية وعدم التسرع في اتخاذ القرارات. ليس صحيحاً. لقد قيل في الأزمة ما لم يقل مالك في الخمر. في تشابكها وتأثيراتها وسبل معالجتها، وليس لدى الحكومة حجة واحدة للتأخير.
ثلاثة أشهر مرت في انتظار ان تبادر الحكومة السابقة إلى فعل شيء، بعد أن تفرغ من قضية السيد الفالي، وتتأكد من سلامة عجلات طائرات «الكويتية»، وتناقش مشاركة الكويت في كأس الخليج، بل وربما لتناقش ما إذا كان صحيحاً قرار المدرب إخراج أحمد عجب من الملعب. الآن، هدأت الزحمة، وضيوف القمة العربية يغادرون تباعاً. فلتجلس الحكومة ولتسمع ما يقال على أعلى المستويات الاقتصادية في البلد. يقال:
1 - إن خطر تسجيل انكماش بنسبة 5 في المئة جدي وواقعي للغاية.
2 - إن الأزمة لم تبدأ بعد، وما ظهر حتى الآن ليس إلا مقدماتها، وعلى الجميع توقع الأسوأ بعد أن تظهر النتائج السنوية للشركات،
3 - إن أزمة البورصة ليست مشكلة نفر من المتداولين غامروا وخسروا بل إنها ستؤثر على القروض المصرفية المخصصة لشراء الأسهم (كما أوضحت «الراي» في عدديها الأحد وأمس)، وستترك انعكاساتها على النظام المصرفي.
4 - إن البورصة (للأسف) تقع في قلب الدورة الاقتصادية، وانهيارها سيسبب لا محالة «أزمة نظام». ففي ظل تشابك الملكيات وتشعب المجموعات الاستثمارية، يؤدي (أو أدى بالفعل) انهيار الأسهم إلى ضياع الضمانات مقابل القروض، ليصل التأثر إلى النظام المصرفي أيضاً وهذا هو الأخطر.
5 - إن الأزمة التالية بعد أزمة البورصة ستكون أزمة العقار، إذا لم يحدث تحرك «كبير» لإنقاذ الوضع. وتلك مشكلة أخطر من مشكلة البورصة.
6 - إن الثقة شبه المعدومة بنية الحكومة على التحرك يدخل السوق في حالة من الشلل. فلا البنوك تجرأ على الإقراض في ظل المخاوف الحالية، ولا الشركات تستطيع المضي في مشاريعها من دون تمويل.
7 - إن انهيار البورصة والضربة التي تلقتها الشركات الاستثمارية وتزعزع الثقة عوامل تؤدي إلى تراجع الانفاق بشكل كبير، سواء على مستوى الشركات أو الأفراد، ما يهدد بتأثر مختلف أوجه النشاط الاقتصادي، وانتقال المشكلة إلى القطاعات الأخرى.
ليست تلك سوى بعض المخاطر الجاثمة، ولا سبيل لمواجهة هذا الكم من المخاطر إلا بجدية حكومية غير معتادة.
الداء معروف، والعلاج أشبع اختراعاً، والكويت التي كانت صاحبة المبادرة إلى عقد القمة الاقتصادية العربية (تقول منسقة القمة ميرفت التلاوي إن صاحب الفكرة هو سمو رئيس مجلس الوزراء ناصر المحمد)، عليها بنفسها اليوم، عسى الحكومة أن تعقد جلسة واحدة تتصالح فيها مع دورها الاقتصادي، وتقدم حلاً شاملاً وكبيراً، ومن دون الخوف من مسلم البراك.

محافظ «المركزي»: أرباح البنوك
تظهر اعتباراً من الأسبوع المقبل


كونا- أكد محافظ بنك الكويت المركزي الشيخ سالم عبدالعزيز الصباح أمس انه لا صحة اطلاقا لما يتم تداوله بشأن تأخر اعلان أرباح البنوك المحلية.
وقال الشيخ سالم في تصريح لوكالة الانباء الكويتية ان «بنك الكويت المركزي قائم على دراسة ما يرده من بيانات أولا بأول ولدى استكمال جميع البيانات المالية المدققة الواجب تقديمها والانتهاء من دراستها من جانب البنك المركزي فإنه يتم اعتمادها دون أي تأخير».
وأوضح ان «البيانات المالية التي وصلت الى البنك المركزي من بعض البنوك لم تكتمل حتى الان»، مشيرا الى ان «البنك المركزي يتابع البنوك بصفة حثيثة لتقديم البيانات المطلوبة لدراستها واعتمادها بالسرعة القصوى». وأعرب محافظ بنك الكويت المركزي عن «أمله بأن يتم البدء في اعلان نتائج أعمال هذه البنوك تباعا خلال الاسبوع المقبل باذن الله».



الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي