أسرع إلى ملاقاة عاصي ليعودا واحداً... ورحيله جعل كل شيء أقل

فنانون وإعلاميون لبنانيون يفتقدون أكبر الكبار... منصور الرحباني

تصغير
تكبير
| بيروت - من هيام بنوت |
كل من نسأله عن منصور الرحباني، يحار في اختيار المفردات والتعابير التي تتحدث عن شخصه والفن الذي قدمه مع شقيقه عاصي الرحباني.
كان منصور كبيراً في حياته كما عند وفاته. رحل بصمت، في مستشفى اوتيل ديو عن عمر يناهز 84 عاماً، بعد معاناة مع المرض. وكان قد ادخل المستشفى بعد اصابته بانفلونزا حادة اثرت في رئتيه وتسببت في ما بعد بوفاته.

الشاعر والاعلامي زاهي وهبي رأى ان رحيل منصور الرحباني يجعل كل شيء اقل، الموسيقى والشعر ولبنان والعرب والحياة، هو الذي لم يحتمل هول المذبحة اليومية بحق غزة فأسرع لملاقاة عاصي ليخبره عن «زهرة المدائن» و«اجراس العودة».
الشاعر طلال حيدر تحدث عن منصور «عشير عمره» رغم مرضه اثر خضوعه لعملية قلب مفتوح. ورأى انه برحيل منصور وعاصي رحل لبنان الذي صنعاه من وهم، وتساءل اي مصير ينتظر اولادنا بعد الذي نراه في غزة.
المخرج ريمون جبارة اعتبر ان رحيل منصور الرحباني خسارة كبيرة، مشدداً على ان عاصي ومنصور لن يتكررا ابداً.
الفنان روميو لحود رأى ان منصور هو كبير العائلة، وعند تقديم التعازي يجب ان تقدم الى كل الشعراء والملحنين والموسيقيين والمسرحيين، معتبراً ان منصور هو «اكبر الكبار».
الاعلامية سونيا بيروتي رأت ان عاصي ومنصور امضيا ستين عاماً في حياكة نسيج الحلم بخيوط الشعر واللحن والمسرح، حلم بلبنان ولا اجمل وحلم بالعودة الى فلسطين، وحلم بأوطان تنجب ابطالاً حقيقيين ومخلصين لشعوبهم. وتمنت ان ينشر عاصي ومنصور صلاة الحلم حيث هما، حتى يبقى حياً في وجدان الاجيال القادمة.
«الراي» سألت عدداً من الفنانين والاعلاميين اللبنانيين عن منصور الراحل وكانت الاجوبة الاتية:
زاهي وهبي
«رحيل منصور الرحباني يجعل الشعر اقل والموسيقى اقل ولبنان اقل والعرب اقل والحياة برمتها اقل. لان هذا المبدع الكبير الذي (برفقة عاصي) كتب فلسطين كما لم يكتبها احد وغناها بصوت فيروز كما لم يغنها احد، لم يحتمل هول المذبحة الاسرائيلية اليومية بحق غزة وبحق الفلسيطنيين، فاختار ان يسرع لملاقاة عاصي، ليخبره عن «زهرة المدائن» و«جرس العودة» و«مينا يافا»، كما ليخبره عن بيروت ودمشق وبغداد ومكة وكل المدن العربية المسكونة هذه الايام بدماء الفلسطينيين ودموعهم.
في حياتهما كانا واحداً اسمه الاخوان رحباني، الان وبعدما كان عاصي قد سبقه الى الاعلى، عادا واحداً اسمه الاخوان رحباني. هذا الواحد المثنى الذي صنع لبنان وطناً في القصيدة وفي الاغنية وفي المسرح حتى صرنا نحن في لبنان نفتش عن لبنان الرحابنة ونحلم به ونسعى اليه ولا نجده الا في شعر عاصي ومنصور وفي صوت فيروز وفي دماء الشهداء». الشاعر طلال حيدر تحدث الينا وهو في المستشفى حيث خضع اخيراً لعملية قلب مفتوح وقال: «منصور عشير عمري، وانا حزين جداً على رحيله. منصور وعاصي صنعا لبنان، وبرحيلهما رحل لبنان معهما. هما صنعا لبنان من وهم، والسؤال الذي يطرح نفسه الى اين نحن ذاهبون... لا اعرف، انا حزين جداً. اذ لم يبق للبنانيين سوى الحلم. لقد ساهمنا في اعمار لبنان القديم، ولكننا ويا للاسف حولنا لبنان الجنة صحراء، بينما ابو ظبي التي كنت اعرفها صحراء، تحولت جنة.
لا اعرف اي مصير ينتظر اولادنا خصوصاً بعد الذي نراه في غزة».
ريمون جبارة
«رحيل منصور خسارة كبيرة جداً وعاصي ومنصور لن يتكررا ابداً، امل ان يكمل زياد واولاد منصور الطريق من بعدهما وان كانوا يقدمون الفن بأسلوب مختلف».
روميو لحود
«كبير عائلتنا تركنا. كان اهم رجل في مجال ثقافة الفن في لبنان. اذا اردنا ان نقدم التعازي، علينا ان نعزي كل الكتاب والشعراء والموسيقيين والمسرحيين. هو آخر الكبار الكبار، وربما يكون اكبرهم. كنت في المستشفى اثناء وجود عاصي فيه، ولكنني لم اتمكن من رؤيته في الايام الثلاثة الاخيرة من حياته، بسبب حراجة وضعه الصحي، كان يستعد للرحيل عن الدنيا.
منصور الرحباني سوف يبقى بيننا، ما دام لبنان موجوداً، هو الذي غناه طوال عمره. كان مهماً ككاتب، كشاعر، كمسرحي وكموسيقي، كان مميزاً في كل شيء حتى في روحه المرحة وخفة دمه.
من بعده اي فن يمكن ان نتحدث عنه. لم يعد هناك وجود للفن. نحن نعول على اولاده ان يكملوا المسيرة من بعده، لانهم يحملون شيئاً من الثقافة. لكن الموجود اليوم لا قيمة له. الفنانون الموهوبون يعملون في شكل منفرد، ولا يمكن ان يبرزوا ابداً لان الاعلام والاعلان ليسا في خدمتهم».
سونيا بيروتي
«ستون عاماً وهما يحوكان نسيج الحلم بخيوط الشعر واللحن والمسرح.
حلما بلبنان ولا اجمل.
حلما بالعودة الى فلسطين.
حلما بأوطان تنجب ابطالاً حقيقيين مخلصين لشعوبهم. حلم فرش الورود في خيالنا، نحن اللبنانيين والعرب، وزيناه بالدعوة، حتى صدقنا وبحثنا عنه في وقائعنا، كلما سمعنا صوت فيروز عاشقاً للوطن وكلما ارتسمت على شفاه الممثلين في مسرحيات الاخوين رحباني ابتسامات ساخرة او مشرقة بالامل. حاكا الحلم بالشعر واللحن والشخصيات الغنية بالصفات الانسانية الراقية.
بالامس تعب منصور من حياكة حلمه واقعاً فغاب هو الاخر وتركنا نحلم.
عطاؤهما عبقري فريد من نوعه. ارتفعا بالفن اللبناني الى مستوى العالمية، انما قد يكون ما صنعاه اكثر ما نحتاج اليه كلبنانيين وعرب. انه المؤسسة، المؤسسة التي من دون ما تفرضه من قواعد وانضباط وصبر واصرار، لا نجاح لاي عمل سواء كان فنياً او وطنياً.
المؤسسة التي يغيب عنها واحد منها لكنها تستمر، تنمو وتنضج ثماراً شهية.
منصور تولى تأمين الديمومة للمؤسسة الرحبانية، بعد غياب عاصي وحتى آخر لحظة في عمره.
ما نتمناه ان يكون الكبيران «يزالان ينشدان صلاة الحلم حيث هما، حتى يبقى الحلم حياً في وجدان الاجيال القادمة، وحتى يتحقق».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي