No Script

رؤية ورأي

تغريدة المُرعب جاسم يعقوب

تصغير
تكبير

في حلقة ممتعة من برنامج «أحلى الليالي» على قناة «كويت سبورت»، استضاف الإعلامي القدير محمد المسند الظهير الأيسر للمنتخب السعودي في فترة الثمانينات من القرن الماضي الكابتن محمد عبدالجواد، الذي تطرّق مراراً في اللقاء إلى المهارات الفنية العالية لدى لاعبي منتخب الكويت في تلك الحقبة الذهبية، وكان من بينهم المرعب جاسم يعقوب. حيث استشهد بعدد من اللقطات والمشاهد التي تؤكّد تميزه إلى درجة إدخال الرعب في قلوب المنتخبات المنافسة.
أحد تلك المشاهد بدأ بكرة عرضية في لقاء المنتخبين الكويتي والسعودي في الرياض ضمن تصفيات كأس العالم في عام 1982، تمكن المرعب من الوصول إليها برأسه بعد التملص من بين مدافعَيْن سعوديين، ليمررها إلى الجهة المعاكسة لتنتهي بعد ركلة «المدفعجي» عبدالله البلوشي في المرمى السعودي.
الشق الذي يهمني في ذلك المشهد، هو أن حكم المباراة لم يحتسب الهدف الذي سجّله البلوشي، والكابتن عبدالجواد علّق في الحلقة التلفزيونية على قرار الحكم بالقول إنه لا يعلم حتى اليوم سبب إلغاء الهدف، ومقطع الفيديو المتاح في قناة الحربان في «يوتيوب» على شبكة الإنترنت يُظهر المرعب وهو يبدي استغرابه من قرار الحكم.
رغم أن قرار الحكم كان مستغرباً وفي مباراة مهمة، إلا أن المباراة لم تتوقف بتاتاً، ولم يتوجه المرعب أو أحد زملائه إلى الحكم لمناقشته، بل احترموا قراره وسلطاته والتزموا بالقواعد المنظمة للعبة ضمن منظومة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا). لا شك أن احترامهم لسلطات الحكم وصلاحيّات «فيفا» لم يكن بمثابة التنازل عن حقهم في الهدف المٌلغى، بل لقناعتهم بأن للتمرّد على تلك السلطات والصلاحيات تبعات أشد ضرراً على اللعبة وعلى جوانب وشؤون أخرى بالغة الأهمية. وهذا الاحترام لم يكن وليد تلك المباراة أو ذلك المشهد، بل إنهم كانوا مشهورين خليجياً بالتزامهم بالأخلاق الرياضية - ومنها احترام حكّام المباريات - بمستوى شهرتهم نفسه في المهارات الفنية.
بعد سنوات طويلة من الاعتزال، عاد المُرعب ليُدخل الرعب مرة أخرى في القلوب، ولكن هذه المرّة في قلوب محبّيه، وذلك عبر تغريدة مستغربة كغرابة قرار إلغاء هدف البلوشي. حيث غرّد في مساء الجمعة الماضي عبر «تويتر» متوعداً ومحذراً «الفاسدين» الذين يُخوّنون «الشرفاء الأبطال من الشعب وأبناء الأسرة»، قائلاً «لقد انكشفت ألاعيبكم ومصيركم مزبلة التاريخ، سننتصر رغم أنوفكم، وستداسون بالأقدام»، وختمها بتحذير مبطّن «اتّق شر الحليم إذا غضب». هذه التغريدة مرفوضة لخطورتها على السلم الأهلي. فهي تتضمن دعوة إلى تبني خيار العنف داخلياً من خلال خطاب يوجه عادة ضد غزاة على الأوطان، وليس إلى مواطنين يعشقون الكويت كما يعشقها المُرعب، ولكنهم يختلفون معه في تعريف «الشرفاء الأبطال» وفي تحديد «الفاسدين». فمجموعة الفاسدين في نظر الكثيرين تتضمن أيضاً سرّاق المال العام القدامى الذين تحصنوا بقرارات النيابة أو أحكام القضاء لعدم كفاية الأدلة أو بسبب أخطاء إجرائية، وتشمل أيضا النوّاب السابقين الذين تقاعسوا عن تشريع قوانين تعزز الشفافية والنزاهة في مؤسسات الدولة وانشغلوا في تضييق القيود على الحريّات. المراد أن الشعب الكويتي متفق في ضرورة مكافحة الفساد، ولكنه مختلف ومتناقض في تحديد الفاسدين. لذلك من الخطورة بمكان اختطاف تكتلات سياسية أدوار ومهام مؤسسات الدولة ومن بينها تحديد ومحاسبة الفاسدين. خطورة التغريدة المرعبة من المرعب جاسم يعقوب - مقارنة بنظيراتها - تكمن في مكانته وموقعه في قلوب الكثيرين، الذين قد يتفاعل بعضهم بتطرّف مع التغريدة، أو قد تكون للتغريدة ترسبات متطرّفة في عقلهم الباطن ونفسياتهم تجاه المختلفين معهم في تحديد الفاسدين. ولذلك أناشد المرعب المحبوب مسح التغريدة المرعبة المبغوضة، ثم إعادة نشرها ولكن بعد كتابتها بصيغة متوافقة مع حرصه على نبذ العنف وتحصين السلم الأهلي وحماية النسيج الاجتماعي... «اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه».

abdnakhi@yahoo.com

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي