مقابلة / أكد في مقابلة مع «الراي» على دور «هيئة الأسواق» في متابعة شركات الوساطة

بسام العسعوسي: ليس لدينا إمكانات كافية لتتبّع ... الأموال المغسولة

تصغير
تكبير

نعيش في دولة مؤسسات  رغم أنني أرى نوعاً  من التراخي والتردد

نافذة الإحالة إلى النيابة مفتوحة وقد تشمل شركات ورجال أعمال 

 20 قضية حتى الآن تشكّل لغطاً وتثير المخاوف

عند صدور قانون غسل الأموال اعتبره البعض رفاهية! 

العقوبة تصل للحبس 10 سنوات ومصادرة ما غُسل بالقيمة نفسها 

يحقّ للسياسي الرجوع على مَن اتهمه بالغسل إذا ثبتت براءته 

لا يوجد في القانون الكويتي ما يجرّم الهدية وهذا نقص تشريعي يتعيّن الالتفات إليه

 «وحدة التحريات» لا تلغي دور أمن الدولة أمام النيابة... لكل منهما تقريره

لا يجد المحامي بسام العسعوسي حرجاً في القول «إننا وللأسف ليس لدينا الإمكانات الكافية لتتبع الأموال المغسولة»، موضحاً أن تتبع هذه العمليات يعد من أصعب وأعقد القضايا. وأكد العسعوسي في مقابلة مع «الراي» على أنه بات ضرورياً إدخال تعديلات ملحة على القانون الحالي، بما يواكب التطورات المتسارعة على آليات عمل هذه النوعية من الجرائم، منوهاً إلى أنه عند صدور قانون غسل الأموال اعتبره البعض نوعاً من الرفاهية!
وفيما راهن العسعوسي على أن الكويت دولة مؤسسات، وعلى وجود حكومة قوية تملك جرأة التعامل مع القضايا الشائكة، لم يُخف قناعته بوجود تراخٍ، وتردد في التعامل مع بعض الملفات.
ولفت إلى أن ما نتج عن جريمة غسل الأموال من عقارات وأموال وأسهم وخلاف ذلك يصادر للدولة بالقيمة نفسها، لكن يجب أن يكون مصدر الأموال غير مشروع، وهذا معيار أساسي وضعه المشرّع، وعلى جهات الاتهام أن تثبت ذلك بالدليل، والقرار الأخير للمحكمة.
وأفاد العسعوسي بأن عقوبة غاسلي الأموال تصل إلى الحبس 10 سنوات، مع مصادرة ما غُسل بالقيمة نفسها، موضحاً أنه لا يوجد في القانون الكويتي ما يُجرّم الهدية، ما اعتبره نقصاً تشريعياً يتعين الالتفات إليه، وبين أن الشركات مسؤولة عن الجرائم الواردة بالقانون باستثناء المساهمة العامة والمقفلة. وأشار العسعوسي إلى أنه يحق للسياسي الرجوع على من اتهمه بغسل أموال إذا ثبتت براءته، ودفع أن اتهامه جاء من باب الانتقام السياسي، منوهاً إلى أن دور «وحدة التحريات» لا يُلغي دور أمن الدولة أمام النيابة، وأن لكل منهما تقريره، فيما شدّد على أن دور هيئة أسواق المال لا يقل أهمية عن دور البنوك لجهة متابعة نشاطات شركات الوساطة المالية. وفي ما يلي تفاصيل المقابلة:

• هل تعتقد أن نافذة الإحالات إلى النيابة على خلفية شبهات غسل الأموال أُغلقت على المتهمين الحاليين، أم أنها مرشحة للتوسع مستقبلاً على المزيد؟• هل تعتقد أن نافذة الإحالات إلى النيابة على خلفية شبهات غسل الأموال أُغلقت على المتهمين الحاليين، أم أنها مرشحة للتوسع مستقبلاً على المزيد؟- أعتقد أنها لا تزال مفتوحة، وقد تشمل رجال أعمال، مع الإشارة إلى أن الاتهامات المثارة في هذا الخصوص لا تقتصر على أفراد فقط، بل تشمل شركات، ما يزيد التكهنات بالتوسع في التحقيقات مع كيانات أخرى، خصوصاً إذا ثبتت التهمة.• رغم الزخم الكبير الذي صاحب ملف غسل الأموال، إلا أن البعض يرى أن الشبهات المثارة لا تؤثر على سمعة الكويت؟- أتفق معك، لكن إذا كانت هذه البداية، ووصل عدد القضايا 20، وهي المرة الأولى التي تظهر فيها قضايا من هذا النوع، وبهذا العدد الكبير، ألا يشكّل هذا نوعاً من اللغط في الرأي العام، ويثير المخاوف؟ بالطبع يتحقق ذلك، ولذا يمكن القول إن هذا الحجم من القضايا يلقي بظلاله على سمعة الدولة ومركزها المالي والأمني وسمعة البنوك والاقتصاد الوطني، وقد يطول الأمن القومي بشكل أو بآخر.
أنشطة إجرامية• برأيك، هل قانون غسل الأموال الحالي قادر على تتبع الأموال غير المشروعة بدقة كافية أم يحتاج لتعديل؟- رغم أن قانون غسل الأموال رقم (35) لسنة 2002 يرتكز على تحقيق أقصى حماية للمجتمع الكويتي باستكمال النقص في التشريعات القائمة التي تخلو من نصوص تلاحق أنشطة إجرامية كثيرة، إلا أن مواكبته للتطورات المتسارعة على عمليات غسل الأموال عالمياً تتطلب إدخال تعديلات ملحة، لا سيما أن تتبع هذه العمليات يعد من أصعب وأعقد القضايا، ولذلك تأتي قرارات النيابة بالتحفظ على أموال المتهمين تحسباً لما تقضي به المصادرة.ومع الأسف ليس لدينا الإمكانات الكافية لتتبع الأموال المغسولة، لكنني أراهن على أننا نعيش في دولة مؤسسات، ولدينا نيابة عامة شريفة، وقضاء مستقل، كما أراهن على أنه لابد من وجود حكومة قوية، لا تخاف من أحد، وتملك جرأة التعامل مع أي قضية شائكة، رغم أنني أرى الآن نوعاً من التراخي والتردد، فيكفي الإشارة إلى أن رئيس وحدة التحريات السابق باسل الهارون ترك منصبه في 2017 باستقالة مسببة، ولم يُنظر في هذه الأسباب، ولم يُعيّن بديل عنه حتى الآن!وهنا أود أن أشير إلى أنه عند صدور قانون غسل الأموال اعتبره البعض نوعاً من الرفاهية، وهذا غير صحيح، بل يمكن التأكيد أن البلد كان أحوج ما يكون إليه. • هل يُطبّق قانون غسل الأموال على المؤسسات المالية أم أنه مقصور على الأشخاص؟- قرّر المشرّع مسؤولية شركات الأشخاص من الناحية القانونية عن الجرائم الواردة في هذا القانون، وبيّنت المذكرة التفسيرية للقانون أن المقصود بهذه المسؤولية الشركات بجميع أنواعها، باستثناء المساهمة العامة والمقفلة التي لا تدخل ضمن شركات الأشخاص في تطبيق هذا القانون.
أموال وأسهم• يتردد أنه لو ثبتت تهمة غسل الأموال على شخص مخالف يكون عليه رد الدينار 3؟- غير صحيح، فما نتج عن جريمة غسل الأموال من عقارات وأموال وأسهم وخلاف ذلك يصادر للدولة بالقيمة نفسها، لكن يجب أن يكون مصدر الأموال غير مشروع، وهذا معيار أساسي وضعه المشرّع، وعلى جهات الاتهام أن تثبت ذلك بالدليل، والقرار الأخير للمحكمة.• ما عقوبات غاسلي الأموال؟- من حيث المبدأ، ليس جميعها من فئة واحدة، بل تنوعت نظراً لاختلاف جسامة الأفعال المرتكبة، جرّاء اختلاف الخطورة الإجرامية التي يجسدها مرتكب كل فعل من الأفعال التي وردت في القانون.  فهناك أفعال تشكل جناية، وأخرى جنحة، ومن المنطق أن تتفاوت العقوبات نظراً لاختلاف الأفعال وقدرتها الإجرامية، ويتمثل العقاب في هذه الجرائم بالحبس في نطاق الجنايات التي تزيد على 3 سنوات، ولا تتجاوز 7، وتتضاعف إلى 14 سنة إذا اقترنت بارتكاب الجريمة، من خلال مجموعة منظمة، أو إذا ارتُكبت من قبل شخص مستغل لسلطة وظيفته ونفوذه.وعقوبة شركات الأشخاص التي تثبت مسؤوليتها، غرامة لا تتجاوز مليون دينار إذا وقعت الجريمة لحسابها أو باسمها، ومن خلال المادة (6) من هذا القانون نجد أن المشرّع أخذ بالغرامة النسبية حيث لم يحدد مبلغاً معيناً من المال، وإنما ذكر غرامة بمبلغ لا يقل عن نصف قيمة الأموال محل الجريمة، ولا يزيد على كامل القيمة. كما أن هناك عقوبات تبعية كأثر حتمي للعقوبة الأصلية تتمثل في:1ـ الحرمان من الحقوق والمزايا المنصوص عليها في المادة (68) من قانون الجزاء (وهي الخاصة بتولي الوظائف العامة والترشيح لعضوية المجالس والهيئات العامة والاشتراك في انتخاب أعضاء المجالس والهيئات العامة) 2ـ العزل من الوظائف العامة.3ـ الحرمان من مزاولة المهنة.4ـ إغلاق المحلات العامة.5ـ مراقبة الشرطة. 6ـ المصادرة.7ـ إبعاد الأجنبي عن البلاد.وأخيراً، العقوبات التكميلية الوجوبية والواردة في قانون غسل الأموال، وهي عقوبة المصادرة المقررة من خلال نص المادة (6) والمتعلقة بمصادرة الأموال والممتلكات والعائدات المستخدمة في ارتكاب الجريمة، دون إخلال بعقوبة غير الحسن النية.ومن العقوبات التي قرّرها المشرع على الأشخاص الاعتباريين من خلال نص المادة (12):1ـ إلغاء الترخيص بمزاولة النشاط إذا كانت الشركة قد أنشئت بغرض ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في المادة الثانية من هذا القانون. 2ـ النشر في الجرائد على أن يُنشر الحكم في جريدة رسمية وجريدتين يوميتين.• وبالنسبة لعقوبات الشركات؟ ـ الغرامة مع الحكم بإلغاء الترخيص المتعلق بالنشاط إذا كانت الشركة أنشئت بغرض ارتكاب إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون. 
الإحالة المدفوعة• هل يحق لمتهم بغسل أموال ثبتت براءته الرجوع على من اتهمه؟- نعم، خصوصاً لو كان الشخص سياسياً، ودفع بأنه اتُّهم من باب الانتقام السياسي، وبذلك يمكن له الرجوع على متهميه بأي شكل من الأشكال، أما لو كان الشخص عادياً وأحالته وزارة الداخلية للنيابة فلا يستطيع الرجوع عليها، بخلاف الإحالة لو كانت مدفوعة من «وحدة التحريات» يحق له الرجوع باعتبارها تابعة لوزير المالية، مع الإشارة إلى أن دور«وحدة التحريات» لا يلغي دور أمن الدولة في مكافحة غسل الأموال، والنيابة تعتمد على أكثر من جهة، ولكل قضية ظروفها ولكل شخص موقفه القانوني.
دلالات ظاهرية• ما المؤشرات التي تدل للبنوك على تورط العميل في عمليات غسل الأموال؟- وجود زيادة واضحة في الإيداعات النقدية في الحسابات الفردية أو المتعلقة بالشركات، دون وجود دلالات ظاهرية تبررها، كما أن هناك عملاء يودعون مبالغ مالية ضخمة، أو يتلقون حوالات نقدية ضخمة من أحد البلدان التي ترتبط بإنتاج أو تهريب المخدرات أو المعروفة بتورطها في عمليات غسل الأموال، إلى جانب شراء أو بيع العملات الأجنبية المتنوعة بكميات كبيرة.
 الهوية الحقيقية • ما الإجراءات الواجب اتباعها من البنوك لتفادي التورط في عمليات غسل الأموال؟ - الإيعاز لموظفيها المتعاملين مع الجمهور التثبت من الهوية الحقيقية للعميل الذي يتقدم لفتح حساب جديد أو للحصول على أحد الخدمات المصرفية، وأن تتبنى سياسة واضحة وصريحة، مع رفض تقديم الخدمات المصرفية للعملاء الذين يفشلون في تقديم المتطلبات القانونية والمستندات الدالة على هويتهم.وعلى القائمين بإدارة البنك توخي الحذر في التعاملات التي تتم مع الاشخاص أو الشركات أو البنوك في البلدان التي لا تطبّق معايير أو إجراءات خاصة متعلقة بعمليات غسل الاموال، كما على البنوك إبلاغ الجهات المختصة في حالة الاشتباه بأي شبهة. • ما الالتزامات التي فرضها المشرّع على المؤسسات المصرفية والجهات الحكومية في مواجهة غسل الأموال؟- في المادة الثالثة من قانون (35) لسنة 2002 فرض المشرّع التزامات نصت على أنه يجب على البنوك وشركات الاستثمار والصرافة والتأمين، وغيرها من المؤسسات المالية والأشخاص الذين يصدر بتحديدهم قرار من وزير المالية، عدم الاحتفاظ بأي حسابات مجهولة الهوية أو بأسماء وهمية.إلى جانب التحقق من هوية عملائها وفقاً لوثائق رسمية صادرة من الجهات المختصة بالدولة، مع الاحتفاظ بجميع المستندات والوثائق الخاصة بالمعاملات التي أجرتها، سواءً كانت محلية أو خارجية، والإبلاغ عن أي معاملة مالية مشبوهة يصل علمها بها، فضلاً عن التزامها بالتعليمات، والقرارات الوزارية التي تصدر إليها من الجهات الحكومية المشرفة عليها، ذات الصلة بمكافحة غسل الأموال. • وهل لهيئة أسواق المال دور في مكافحة غسيل الأموال؟- نعم، ولا يقل أهمية عن دور البنوك، ويتمثل في متابعة نشاطات شركات الوساطة المالية التي يجب على الأخيرة إنشاء وحدات متخصصة لمكافحة غسل الأموال وفق مقررات قانون «الهيئة».
مشروعية المصدر• ما التكييف القانوني للإيداعات المليونية؟- لا يخرج عن أحد وجهين، الأول يتمثل في قضية غسل أموال، فإذا نجح النائب في إقناع النيابة العامة بمشروعية مصدر الأموال الموجودة في حسابه فهذا يكفي لإسقاط التهمة عنه، حيث للنيابة العامة سلطة تقديرية واسعة في الاقتناع بذلك، بحكم سلطتها في التحقيق بالموضوع المطروح أمامها دون التقيد بقانون مكافحة غسل الأموال، ولها أن توجّه التحقيق نحو جريمة أخرى مثل الرشوة أو التربح.فالمتهم لا يمكن أن يمتنع عن ذكر مصدر الأموال، لأن عدم ذكره يعني أن مصدرها غير مشروع، ما يعني انطباق جريمة غسل الأموال على المتهم، أما في حالة تبرير المتهم أثناء التحقيق بأن المبلغ الموجود في حسابه عبارة عن هدية فالأمر هنا لا يخرج عن أحد أمرين:الأول، أن يكون مصدر الأموال خارجياً، ما يتطلب تبرير مشروعيتها، وحصوله عليها بمستندات، أما الأمر الثاني فهو أن يكون المصدر محلياً، ما يجعل النيابة العامة تركز في تحقيقاتها على سبب الهدية، وهل هي نظير خدمة أو استفادة لمصدر الأموال، جراء أفعال أو مواقف اتخذها المتهم، وفي حالة ثبوت ذلك فإن القضية تدخل في تحقيق جريمة رشوة، وهي جريمة داخلة في تعريف غسل الأموال.وعدم إفصاح المتهم عن مصدر الأموال يجعل اتهامه بالرشوة بعيداً، ويرجع للاتهام بغسيل الأموال، لأنه يجب أن يعرف الراشي حتى تكتمل جريمة الرشوة، إلا إذا توصلت تحريات النيابة إلى مصدر الأموال، وأن هناك استفادة تحققت لذلك المصدر من هذا المتهم نتيجة دفع هذا المبلغ، مع العلم أنه لا يوجد في القانون الكويتي ما يجرّم الهدية، وهذا موضوع مهم يجب على مجلس الأمة المقبل الالتفات إليه لسد هذا النقص التشريعي. أما الوجه الثاني، فيتمثل في قضية رشوة للموظف العام، وطبقاً للنص المذكور لا تقع هذه الجريمة إلا إذا توفر شرط مفترض، وهو صفة الموظف العام، فضلاً عن توافر ركني الجريمة، إذ يتمثل الركن المادي  في عرض يقدم إلى الموظف في شكل فائدة أو اقتراح بفائدة للقيام بعمل أو امتناع أو إخلال بواجب من واجبات وظيفته، فإذا قبل الموظف هذا العرض وقعت الجريمة. ويتمثل الركن المعنوي في القصد الجنائي من علم وإرادة، فالجريمة لا تقوم إلا إذا كان الموظف عالماً بأن المبلغ مقابل القيام بعمل أو الامتناع أو الإخلال بواجب من واجبات الموظف الوظيفية.

أركان جريمة  غسل الأموال؟

قال العسعوسي إن المشرّع بيّن من خلال المادة الأولى من القانون أن جريمة غسل الأموال تتحقّق عندما يسعى الفاعل إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال، أو عائدات أي جريمة، وقبل الكلام عن وجود جريمة غسل الأموال المراد البحث عن أركانها لابد التحقق بداية من وجود ما نسميه بالشرط المفترض.
وتابع «ينحصر هذا الشرط في وجود جريمة سابقة على غسل الأموال، وهي العائدات غير المشروعة المراد إخفاؤها والتي تسمى بالجريمة الأولى المتحصل منها على تلك الأموال، وقد تكون تجارة مخدرات أو تجارة سلاح أو تجارة الرقيق أو تهريب عملة أو تهريب بضائع من الجمارك».
ولفت العسعوسي إلى أنه على القائمين بدور المراقبة البحث عن وجود جريمة سابقة تحصلت عنها تلك الأموال، فإذا تبيّن أنها دخلت بطريقة مشروعة، أو كانت عائدات كإرث أو وصية ينعدم وجود الشرط المفترض وهو قيام الجريمة الأولى، ما يترتب عليه انعدام وجود جريمة غسل الأموال.
ويمكن أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة أو مخالفة، لأن المصطلح الذي استخدمه المشرّع يتسع لهذه الأوصاف القانونية، على خلاف بعض التشريعات التي تتطلب أن تكون الجريمة الأولى جناية أو جنحة، ثم يأتي بعد ذلك ركنا الجريمة المادي والمعنوي، وهذا يتمثّل في إجراء عملية غسل الأموال، مع العلم بأنه متحصل عليها من جريمة، أو من فعل من أفعال الاشتراك بها.

غسل الأموال بديل للاقتصاد الخفي

أوضح العسعوسي أن غسل الأموال وتبييض الأموال مصطلحان يلتقيان في دلالة مفهومهما، الذي يعني استخدام حيل وأساليب للتصرف في أموال مكتسبة بطرق غير مشروعة، وغير قانونية لإضفاء الشرعية القانونية عليها، موضحاً أن هذا يشمل الأموال المكتسبة من الرشوة والاختلاسات والغش التجاري وتزوير العقود ومكافأة أنشطة الجاسوسية، وأن هذه الظاهرة الخبيثة إحدى ثمار العولمة الاقتصادية.
وبيّن أن غسل الأموال، وتبييض الأموال اصطلاح عصري، بديل للاقتصاد الخفي، أو اقتصاد الظل، وهو كسب الأموال من مصادر غير مشروعة، وخلطها في أموال حلال، واستثمارها في أنشطة مباحة شرعاً وقانوناً لإخفاء مصدرها الحرام، في مسعى للخروج من المساءلة القانونية بعد تضليل الجهات الأمنية والرقابية.
وأفاد العسعوسي بأن لمصطلح غسل الأموال تعريفات عديدة، إلا أنها متفقة في المضمون، موضحاً أن المشرع عرّف هذه الجريمة طبقاً للمادة الأولى من القانون رقم 35 لسنة 2002 بشأن مكافحة غسل الأموال، حيث قرر أنها «عملية أو مجموعة عمليات مالية أو غير مالية تهدف إلى إخفاء أو تمويه المصدر غير المشروع للأموال أو عائدات أي جريمة وإظهارها في صورة أموال أو عائدات متحصلة من مصدر مشروع، ويعتبر من قبيل هذه العمليات كل فعل يساهم في عملية توظيف أو تحويل أموال أو عائدات ناتجة بصورة مباشرة أو غير مباشرة عن جريمة أو إخفاء أو تمويه مصدرها».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي