ضوء / ولد كفيفا... واحترف التصوير / ماهر أحمد: أتطلع إلى امتلاك استوديو وكاميرا خاصة بالمكفوفين وأحلم بالعالمية

أسرته بكاميرته

الزميلة أغاريد مصطفى تحاور ماهر أحمد




| القاهرة -
من أغاريد مصطفى |
حرمه الله من نعمة البصر، فخرج الى الحياة كفيفا، ولكنه أفاض عليه بارادة حديدية، لا تستسلم لما يراه البعض ضعفا واعاقة، انها قصة من الواقع... نهديها الى كل من خارت قواهم أمام محن الحياة واختباراتها المريرة، فرفعوا «الراية البيضاء» وأعلنوا الهزيمة والاستسلام مبكرا.
ماهر أحمد - 58 سنة... الذي سخر من اعاقته البصرية، التي حجبت عنه مجرد وميض من نور، وأغلقت أمام ناظريه كل النوافذ، وأصرت على أن تدعه يعيش في ظلمات قاتمة، غير أن «ماهر» والذي له من اسمه حظ وافر تحدى الصعاب واتخذ منها قوة دفع لتحقيق ما يراه المبصرون مستحيلا، فالتحق بمدارس تأهيل المكفوفين، ثم واصل دراسته، والتحق بقسم الاجتماع في كلية الآداب وحصل على درجة الليسانس بامتياز ثم احترف التصوير، وأبدع فيه، كما لا يبدع مصورون مبصرون، ويعيش حياته راضيا مرضيا بين زوجته الكفيفة التي تشبهه في الاصرار والتحدي، وأبنائهما الأربعة المبصرين.
ماهر... زار «الراي» في مكتبها بالقاهرة، وكشف عن جوانب مضيئة في حياته... وعبر عن رغبته في امتلاك استوديو للتصوير، يكون خطوة في طريق وصوله الى العالمية حيث أشار في بداية كلامه الى أنه التحق بمدارس تأهيل المكفوفين في المرحلة الابتدائية ثم الاعدادية والثانوية وبعدها اتجه الى جامعة القاهرة والتحق بقسم الاجتماع في كلية الآداب، بالرغم من أن هذا القسم غير مسموح للأكفّاء، لطبيعة الدراسة به، التي تتضمن مطالبته برسوم هندسية غير أنه كتب على نفسه اقرارا بالانتظام في الدراسة، وحقق المستحيل وتفوق على أقرانه المبصرين، وحصل على تقدير امتياز في سنوات الدراسة الأربع.
ماهر... لم ينف أنه كان يعتمد على زملائه في شرح الرسومات الهندسية بالتفصيل، حتى يتمكن من استيعابها، كما لم ينزو في الجامعة ولم يكن منطويا على نفسه، بل كانت له نشاطات كثيرة حيث ترأس أسرة جامعية كانت تنظم الرحلات.
ماهر - الذي ولد بين 3 أشقاء مكفوفين - يواصل حديث الذكريات لافتا الى أنه كان ولايزال يسعى دائما وأبدا الى تنمية مهاراته وقدراته الذهنية من خلال الشرائط المخصصة لأمثاله كما كان ولايزال قارئا نهما، يقرأ في جميع فروع العلم والمعرفة، وينهل منها من خلال طريقة «برايل»، كما تمكن من اجادة استخدام أجهزة الكمبيوتر المخصصة للأكفاء... وشارك في معظم الجلسات لأقرانه لتوضيح كيفية الاندماج في المجتمع بصورة طبيعية.
وعن عشقه للتصوير أوضح ماهر... أن التصوير كان يستهويه بشكل كبير حيث بدأ بتصوير المناظر الطبيعية كونها شيئا ثابتا غير متحرك وكان يقوم بتحديد الطول والعرض من خلال الاستشعار والاحساس، ثم بدأ تصوير المناطق الطبيعية في الرحلات التي أحبها كثيرا وبدأ يعتمد على نفسه، ثم بعد ذلك بدأ بتصوير الأشخاص ولكن في نطاق العائلة فقط، فالتقط صورة لابنه عند ولادته ثم التقط صورا لأفراد عائلته وكان يقوم بتحديد أماكنهم لالتقاط الصورة بشكل صحيح عن طريق الصوت.
ماهر... أكد أنه يحدد وضعية الشخص وطوله وحجمه من خلال صوته فالتقط صورا لمآذن المساجد عن طريق صوت الأذان حيث كان يقترب حتى يشعر أن الصوت واضح ثم يلتقط الصور.
المصور الكفيف... اعترف أن بداياته في التصوير... كانت متعثرة... حيث كانت الصورة تخرج غير جيدة، ولكنه لم ييأس وظل يواصل تجاربه، حتى وصل الى مستوى متميز، ساعيا الى الوصول الى مستويات أفضل.
وأكد أنه كان واجه مشكلة في بداية اتجاهه للتصوير، حيث انه كان يضع اصبعه في البداية على الفلاش الخاص بالكاميرا الا أنه بعد ذلك عرف مكانه، وكان يقوم بتحديد المدة التي يستغرقها الفلاش لالتقاط الصور وذلك من خلال العد.
وعن حياته الزوجية قال ماهر انه متزوج من كفيفة. أنجب منها 4 أبناء... الأول حصل على ليسانس آداب والثانية بكالوريوس خدمة اجتماعية ومتزوجة والثالثة بالمرحلة الثانوية والأخير بالمرحلة الاعدادية وجميعهم مبصرون.
مضيفا: انه تحدى رغبة أسرته التي كانت تصر على تزويجه من مبصرة، تساعده ولا تكون عبئا عليه، غير أنه أصر على الزواج من كفيفة، تشبهه في تحدي الصعاب، حيث انها تمارس حياتها بشكل طبيعي، وتجيد الطبخ ومعظم الأمور المنزلية، كما أن الله أفاض عليهما بـ «4» أبناء مبصرين، ولم يتأثر أحدهم باعاقة والديه.
ماهر... أكد أنه يتحرك بمفرده، ولا يحتاج لأولاده الا قليلا، وليعرف كيف يصعد وينزل داخل أي مبنى عن طريق حصر الدرج، ولكنه أشار - مبتسما - الى أنه كان يواجه في البداية صعوبة في تشغيل - الغسالة الأوتوماتيك - ولكنه سرعان ما تغلب عليها.
وعن الأماكن التي يهوى تصويرها... أوضح ماهر أنه يسمع أصوات العصافير ويقترب حتى يحدد ارتفاع الشجرة، وهو الأمر الذي لا يأتي من أول مرة... لافتا الى أنه عشق التصوير جدا لأنه يشعره بأنه ليس كفيفا بل مبصرا.
وأضاف: انه كان يعرف أماكن الحدائق من خلال رائحة الورد فكان يترجل بداخلها، ليحدد الأماكن التي يرغب في تصويرها.
ماهر قال: انه سافر الى أوروبا كثيرا عن طريق جمعيات المكفوفين للتعلم والمعرفة كما عمل بمكتب طباعة للكتب البارزة للمكفوفين نحو 14 عاما متصلة وكان يكتب على آلة كاتبة وعندما يجد صورة كان يحولها الى كلمات.
وهو حزين جدا على صورة المكفوفين في السينما المصرية وهو الأمر الذي شعر به في فيلم «صباحو كدب» بطولة أحمد آدم الذي انطوى من وجهة نظره على اهانة واستهزاء بهم.
غير أنه استدرك لافتا الى أن فيلما وحيدا هو الذي تعامل باحترام مع المكفوفين في فيلم «الكيت كات» الذي جسد فيه محمود عبدالعزيز دور كفيف.
وأضاف: ان عبدالعزيز زار جمعية المكفوفين واقترب منهم خلال 3 أيام متصلة حتى يتمكن من اجادة دوره وتقديمه في صورة منطقية لا تناقض الواقع.
وتابع: ان له أصدقاء مكفوفين يقودون سياراتهم في الأماكن الخالية، كما يذهب مع زوجته الى دور العرض.
ومع اقترابه من عامه الستين... يتمنى ماهر امتلاك استوديو خاص به وكاميرا خاصة بالمكفوفين والتي تحدد حالة الحجارة واستعدادها للبدء في التصوير، فهي كاميرا ناطقة.
كما لم ينس التنويه بأنه اشترك في مسابقات تصوير عدة أقيمت على مستوى الجمعيات التي ترعى المكفوفين وحاز المركز الأول.
من أغاريد مصطفى |
حرمه الله من نعمة البصر، فخرج الى الحياة كفيفا، ولكنه أفاض عليه بارادة حديدية، لا تستسلم لما يراه البعض ضعفا واعاقة، انها قصة من الواقع... نهديها الى كل من خارت قواهم أمام محن الحياة واختباراتها المريرة، فرفعوا «الراية البيضاء» وأعلنوا الهزيمة والاستسلام مبكرا.
ماهر أحمد - 58 سنة... الذي سخر من اعاقته البصرية، التي حجبت عنه مجرد وميض من نور، وأغلقت أمام ناظريه كل النوافذ، وأصرت على أن تدعه يعيش في ظلمات قاتمة، غير أن «ماهر» والذي له من اسمه حظ وافر تحدى الصعاب واتخذ منها قوة دفع لتحقيق ما يراه المبصرون مستحيلا، فالتحق بمدارس تأهيل المكفوفين، ثم واصل دراسته، والتحق بقسم الاجتماع في كلية الآداب وحصل على درجة الليسانس بامتياز ثم احترف التصوير، وأبدع فيه، كما لا يبدع مصورون مبصرون، ويعيش حياته راضيا مرضيا بين زوجته الكفيفة التي تشبهه في الاصرار والتحدي، وأبنائهما الأربعة المبصرين.
ماهر... زار «الراي» في مكتبها بالقاهرة، وكشف عن جوانب مضيئة في حياته... وعبر عن رغبته في امتلاك استوديو للتصوير، يكون خطوة في طريق وصوله الى العالمية حيث أشار في بداية كلامه الى أنه التحق بمدارس تأهيل المكفوفين في المرحلة الابتدائية ثم الاعدادية والثانوية وبعدها اتجه الى جامعة القاهرة والتحق بقسم الاجتماع في كلية الآداب، بالرغم من أن هذا القسم غير مسموح للأكفّاء، لطبيعة الدراسة به، التي تتضمن مطالبته برسوم هندسية غير أنه كتب على نفسه اقرارا بالانتظام في الدراسة، وحقق المستحيل وتفوق على أقرانه المبصرين، وحصل على تقدير امتياز في سنوات الدراسة الأربع.
ماهر... لم ينف أنه كان يعتمد على زملائه في شرح الرسومات الهندسية بالتفصيل، حتى يتمكن من استيعابها، كما لم ينزو في الجامعة ولم يكن منطويا على نفسه، بل كانت له نشاطات كثيرة حيث ترأس أسرة جامعية كانت تنظم الرحلات.
ماهر - الذي ولد بين 3 أشقاء مكفوفين - يواصل حديث الذكريات لافتا الى أنه كان ولايزال يسعى دائما وأبدا الى تنمية مهاراته وقدراته الذهنية من خلال الشرائط المخصصة لأمثاله كما كان ولايزال قارئا نهما، يقرأ في جميع فروع العلم والمعرفة، وينهل منها من خلال طريقة «برايل»، كما تمكن من اجادة استخدام أجهزة الكمبيوتر المخصصة للأكفاء... وشارك في معظم الجلسات لأقرانه لتوضيح كيفية الاندماج في المجتمع بصورة طبيعية.
وعن عشقه للتصوير أوضح ماهر... أن التصوير كان يستهويه بشكل كبير حيث بدأ بتصوير المناظر الطبيعية كونها شيئا ثابتا غير متحرك وكان يقوم بتحديد الطول والعرض من خلال الاستشعار والاحساس، ثم بدأ تصوير المناطق الطبيعية في الرحلات التي أحبها كثيرا وبدأ يعتمد على نفسه، ثم بعد ذلك بدأ بتصوير الأشخاص ولكن في نطاق العائلة فقط، فالتقط صورة لابنه عند ولادته ثم التقط صورا لأفراد عائلته وكان يقوم بتحديد أماكنهم لالتقاط الصورة بشكل صحيح عن طريق الصوت.
ماهر... أكد أنه يحدد وضعية الشخص وطوله وحجمه من خلال صوته فالتقط صورا لمآذن المساجد عن طريق صوت الأذان حيث كان يقترب حتى يشعر أن الصوت واضح ثم يلتقط الصور.
المصور الكفيف... اعترف أن بداياته في التصوير... كانت متعثرة... حيث كانت الصورة تخرج غير جيدة، ولكنه لم ييأس وظل يواصل تجاربه، حتى وصل الى مستوى متميز، ساعيا الى الوصول الى مستويات أفضل.
وأكد أنه كان واجه مشكلة في بداية اتجاهه للتصوير، حيث انه كان يضع اصبعه في البداية على الفلاش الخاص بالكاميرا الا أنه بعد ذلك عرف مكانه، وكان يقوم بتحديد المدة التي يستغرقها الفلاش لالتقاط الصور وذلك من خلال العد.
وعن حياته الزوجية قال ماهر انه متزوج من كفيفة. أنجب منها 4 أبناء... الأول حصل على ليسانس آداب والثانية بكالوريوس خدمة اجتماعية ومتزوجة والثالثة بالمرحلة الثانوية والأخير بالمرحلة الاعدادية وجميعهم مبصرون.
مضيفا: انه تحدى رغبة أسرته التي كانت تصر على تزويجه من مبصرة، تساعده ولا تكون عبئا عليه، غير أنه أصر على الزواج من كفيفة، تشبهه في تحدي الصعاب، حيث انها تمارس حياتها بشكل طبيعي، وتجيد الطبخ ومعظم الأمور المنزلية، كما أن الله أفاض عليهما بـ «4» أبناء مبصرين، ولم يتأثر أحدهم باعاقة والديه.
ماهر... أكد أنه يتحرك بمفرده، ولا يحتاج لأولاده الا قليلا، وليعرف كيف يصعد وينزل داخل أي مبنى عن طريق حصر الدرج، ولكنه أشار - مبتسما - الى أنه كان يواجه في البداية صعوبة في تشغيل - الغسالة الأوتوماتيك - ولكنه سرعان ما تغلب عليها.
وعن الأماكن التي يهوى تصويرها... أوضح ماهر أنه يسمع أصوات العصافير ويقترب حتى يحدد ارتفاع الشجرة، وهو الأمر الذي لا يأتي من أول مرة... لافتا الى أنه عشق التصوير جدا لأنه يشعره بأنه ليس كفيفا بل مبصرا.
وأضاف: انه كان يعرف أماكن الحدائق من خلال رائحة الورد فكان يترجل بداخلها، ليحدد الأماكن التي يرغب في تصويرها.
ماهر قال: انه سافر الى أوروبا كثيرا عن طريق جمعيات المكفوفين للتعلم والمعرفة كما عمل بمكتب طباعة للكتب البارزة للمكفوفين نحو 14 عاما متصلة وكان يكتب على آلة كاتبة وعندما يجد صورة كان يحولها الى كلمات.
وهو حزين جدا على صورة المكفوفين في السينما المصرية وهو الأمر الذي شعر به في فيلم «صباحو كدب» بطولة أحمد آدم الذي انطوى من وجهة نظره على اهانة واستهزاء بهم.
غير أنه استدرك لافتا الى أن فيلما وحيدا هو الذي تعامل باحترام مع المكفوفين في فيلم «الكيت كات» الذي جسد فيه محمود عبدالعزيز دور كفيف.
وأضاف: ان عبدالعزيز زار جمعية المكفوفين واقترب منهم خلال 3 أيام متصلة حتى يتمكن من اجادة دوره وتقديمه في صورة منطقية لا تناقض الواقع.
وتابع: ان له أصدقاء مكفوفين يقودون سياراتهم في الأماكن الخالية، كما يذهب مع زوجته الى دور العرض.
ومع اقترابه من عامه الستين... يتمنى ماهر امتلاك استوديو خاص به وكاميرا خاصة بالمكفوفين والتي تحدد حالة الحجارة واستعدادها للبدء في التصوير، فهي كاميرا ناطقة.
كما لم ينس التنويه بأنه اشترك في مسابقات تصوير عدة أقيمت على مستوى الجمعيات التي ترعى المكفوفين وحاز المركز الأول.