النظام «Risk - Based Approach» ركيزة أساسية لتطوير وتعزيز الرقابة على الأسواق وأنشطة الأوراق المالية
هيئة أسواق المال... حان الوقت لتبني منهج رقابي واضح يواكب المعايير الدولية






لولوة مبارك آل بن علي :
الكويت تفتقر التطبيق السليم للمنهج القائم على المخاطر قبل الانتقال للحكم التطلعي في الرقابة والإشراف
يجب إعادة النظر في استقلالية الهيئة وتحصينها من التدخلات الخارجية
ضرورة تعديل ميثاق الشرف لتبني المنهج القائم على المخاطر كأساس لتحديد مسؤولية المفوضين
تشكيل لجنة محايدة من عنصر قضائي بصفة أصلية لتحديد مخالفة المفوض لميثاق الشرف
الشفافية والإفصاح من أهم عوامل تطبيق الرقابة الفعالة بناء للمنهج القائم على المخاطر
تعتبر بورصة الأوراق المالية من أهم العوامل الاقتصادية التي يرتكز عليها اقتصاد أي بلد في العالم، ولعل ما يشهده العصر الحديث من جرائم أسواق المال في ظل المتغيرات المصحوبة بالتقدم التكنولوجي الهائل في مجالات الاتصالات والمعلومات، بالإضافة إلى التحرر المالي الذي تشهده أسواق المال العالمية بعد تحرير تجارة الخدمات المالية في ظل تطبيق اتفاقيات دولية، ترتب عليه ضرورة تطوير وتعزيز الأطر الإشرافية، ومن أهمها كيفية تقييم المخاطر وتطبيق المنهج الرقابي القائم على المخاطر في أسواق الأوراق المالية.
وقد أصدر المشرع الكويتي القانون 7 /2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية، ليمثل حجر الأساس لمعالجة النقص التشريعي وتنمية أسواق المال، بشكل يواكب التطورات والمعايير الدولية. ولا يفوتنا أن ننوّه للدور الاستثنائي لهيئة أسواق المال الكويتية منذ نشأتها حتى يومنا هذا، من تطورات وإنجازات غير مسبوقة ونستذكر منها إنجاز انضمام هيئة أسواق المال إلى عضوية المنظمة الدولية لهيئات الأوراق المالية «الايسكو» في 14 مايو 2017. وهي منظمة دولية لهيئات الأوراق، والجهة الدولية التي تجمع بين منظمي الأسواق المالية في العالم، والمعترف بها كمعيار عالمي لقطاع الأوراق المالية في الإشراف والرقابة. وكذلك جهود الهيئة في البدء بإدراج الكويت ضمن الأسواق الناشئة الثانوية والشركات التي ستدرج ضمن مؤشرFTSE Global Equity Index Series في 23 سبتمبر 2018. وأخيرا نجاح الهيئة بالتعاون مع شركائها في استكمال شروط مؤسسة MSCI، لترقية الكويت لمصاف الأسواق الناشئة في 19 ديسمبر 2019. وهذه الإنجازات هي ثمرة لجهود مستمرة من مفوضين وموظفي هيئة أسواق المال.
وفي بحثنا نسلط الضوء على ما يطور هذه الأنظمة والتشريعات وآلية الرقابة، بما يساهم في تطوير البلد لتحقيق رؤية 2035 وجذب المستثمر الأجنبي وتحويل الكويت لمركز مالي. وسنسلط الضوء على أهم عوامل تطوير تطبيق قانون هيئة أسواق المال رقم 7 لسنة 2010 وتعديلاته، ولائحته التنفيذية الصادرة بتاريخ 19 نوفمبر 2015 كالتالي:
سياسة الهيئة والمنهج الرقابي
وهيئة أسواق المال هي الجهة المناط بها تطبيق أفضل الممارسات والسياسات في الرقابة والتنفيذ على قوانين أسواق المال. ويعد من أفضل السياسات هو المنهج الرقابي القائم على المخاطر (Risk-Based Approach) الذي يعتبر ركيزة أساسية لتطوير وتعزيز الرقابة على أسواق المال وأنشطة الأوراق المالية، لمنع والحد من جرائم كثيرة من أبرزها التعاملات في سوق الأوراق المالية بناء على معلومات داخلية أو التداولات المضللة. ويرتكز هذا المنهج الرقابي على تحديد آلية لتقييم المخاطر التي تهدد تحقيق أهداف هيئة أسواق المال، وتوجيه الموارد بهدف ضمان خفض المخاطر بنحو فعال.
والإشكالية الأساسية في بحثنا هي مدى فعالية وقدرة هيئة أسواق المال الكويتية لتطبيق المنهج الرقابي القائم على المخاطر بشكل صحيح، ولمنع والحد من جرائم أسواق المال وأهمها جريمة التعاملات بناء على معلومات داخلية والتداولات المضللة. ولعل من المهم ذكر أهمية المنهج القائم على المخاطر كأساس للتشريع، الرقابة، والتنفيذ في أسواق المال، تكمن أهمية تبني هذا النهج بتفسير قرارات هيئة أسواق المال، اتجاه حدث معين أو شركة معينة، بحيث يتبنى قرار الهيئة بناء على معطيات وتحديد الأثر المترتب للمخاطر على تحقيق أهداف هيئة أسواق المال.
والجدير بالذكر أن بعض هيئات أسواق المال المتطورة كبريطانيا قد أخذت بمنهج أكثر تطورا في الرقابة والتنفيذ وهو «نهج الحكم التطلعي». وقد تبنت هيئة أسواق المال البريطانية (Financial Conduct Authority) هذا النهج بعد الأزمة المالية سنة 2008 وانهيار «بنك نورذرن روك» الذي كان الشرارة التي أدت إلى تبني هيئة أسواق المال البريطانية لـ«الحكم التطلعي». ويعد نهجاً مكملاً للنهج القائم على المخاطر، بل أن بعض الباحثين يشدد على أهمية تطبيق المنهج القائم على المخاطر واعتبار «نهج الحكم التطلعي» ما هو إلا مكمل للنهج الأصلي. وبعد دراسة أهم العوامل والعناصر التي يرتكز عليها «نهج الحكم التطلعي» نجد أن الكويت تفتقر لكثير من هذه العوامل، ومن أهمها التطبيق السليم للمنهج القائم على المخاطر أولا، قبل الانتقال للحكم التطلعي في الرقابة والإشراف. ولعل هذا ما يبرر تقرير بنك النقد الدولي رقم 1996 الصادر في أبريل 2019 الذي حثّ هيئة أسواق المال الكويتية بتبني النهج القائم على تقييم المخاطر. وقد دعت المنظمات الدولية الخاصة في الرقابة إلى تبني النهج القائم على المخاطر لرسم السياسة العامة في هيئات أسواق المال العالمية ومن أبرز المنظمات «الايسكو». وكذلك منظمة «فاتف» التي تهدف إلى وضع المعايير وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، والتهديدات الأخرى ذات الصلة بنزاهة النظام المالي الدولي. وهو ما يؤكد أهمية دراسة التطبيق السليم للمنهج الرقابي القائم على المخاطر أنه ليس مقتصراً على هيئات أسواق المال فقط، بل يمكن استخدامه كسياسة منهج في هيئات الرقابة على البيئة والمحافظة عليها.
وإعلان هيئة أسواق المال لتبني المنهج القائم على المخاطر أمر ضروري للتطبيق السليم للمنهج، من خلال إصدار بيان توضيحي، وهو أمر لا يحتاج لتغيير قانون أو مادة، وإنما فقط الكشف عن السياسة العامة التي تتبناها الهيئة في التشريع والرقابة والتنفيذ، إلا أنه يلاحظ وجود بعض التطبيقات التي تكشف توجه الهيئة لتبني المنهج الرقابي القائم على المخاطر.
فالاستنباط الضمني لتوجه الهيئة لا يكفي لتبني هذا المنهج، فلابد من تصريح وإعلان الهيئة باتخاذ المنهج الرقابي القائم على المخاطر حتى يتسنى تطبيقه بشكل سليم وفعال. كما هو الحال في النموذج البريطاني عندما أصدرت الهيئة سنة 2000 بيانات توضيحية. وتبني هيئة أسواق المال البريطانية للمنهج القائم على المخاطر، لأنه منهج قائم على التعاون بين جميع القطاعات المتعلقة بأسواق المال لنجاح تطبيق المنهج وتحقيق أهداف الهيئة.
كما أن تطبيق المنهج القائم على المخاطر يحتاج بشكل أساسي إلى أهداف واضحة وصريحة مدعمة بمحددات ومؤشرات لنجاح تحقيق هذه الأهداف، كما هو الحال مع النموذج البريطاني، بحيث تقوم الهيئة بشكل دوري بتحديد عناصر نجاح كل هدف من خلال إرشادات وتعليمات تصدر بشكل دوري لتطبيق كل هدف، وأيضا ذكر كل مؤشر وإمكانية تحقيقه من عدمه في التقرير السنوي للهيئة، مما يساعد على جدية محاسبة ومراقبة الهيئة في تحقيق أهدافها. وهو أمر تفتقر له هيئة أسواق المال الكويتية فالأهداف المذكورة في المادة (3) من القانون 7 /2010 بشأن إنشاء هيئة أسواق المال وتنظيم نشاط الأوراق المالية وتعديلاته، وصفية وإنشائية ولا تحدد عناصر أو مؤشرات تحقيق الأهداف من خلال إصدار تعليمات بشكل دوري. كذلك الأمر بالنسبة للتقرير السنوي عن أعمال الهيئة و تحقيقها أهدافها، حيث إن التقرير إنشائي ولا يتكون من أي مؤشر يحدد نجاح تحقيق هدف من أهداف الهيئة.
محاسبة الهيئة
تكمن أهمية تطبيق المنهج الرقابي القائم على المخاطر في القدرة على محاسبة الهيئة على قراراتها، من خلال تحديد مسؤولياتها أمام الوزير المختص (وزير التجارة والصناعة) ومجلس الأمة بشكل واضح وفعّال. فكما هو معلوم فإن الهيئة جهة لها شخصية قانونية تتم محاسبتها عن طريق الوزير المختص ومجلس الأمة. فتطبيق المنهج القائم على المخاطر يساعد على تحديد المسؤولية من خلال تبرير وتفسير قرارات الهيئة بناء على تقييم المخاطر المؤثرة على أهداف الهيئة. ولعل أبرز تطبيق للمحاسبة يتمثل في ميثاق الشرف لمفوضي أسواق المال، بحيث يتسم بالكثير من العيوب الذي تفقده قدرته الفعالة على محاسبة وعقاب المخطئ سواء مفوض بعينه أو مجلس المفوضين وذلك نظرا لافتقار الميثاق لآلية حقيقية فعالة لمحاسبة المخطئ. وأقرب مثال حي هو قرار هيئة أسواق المال بإلغاء تداولات البورصة ليوم كامل الموافق الأربعاء تاريخ 10 يونيو 2020، فهل ستحاسب الهيئة على قرارها إن كان خاطئاً؟ ومثال آخر عدم وجود محاسبة حقيقة بالنسبة لقرار الهيئة لإحالة محافظ بنك الكويت المركزي إلى النيابة للتحقيق في شبهة الاكتتاب بناء على معلومات داخلية وانتهاء التحقيق بعدم وجود شبه جنائية. من أبرز توصياتنا في هذا الشأن هو تعديل ميثاق الشرف الحالي بحيث يتبنى المنهج القائم على المخاطر كأساس واضح لتحديد مسؤولية المفوضين. وأيضاً تشكيل لجنة مستقلة محايدة تتكون من عنصر قضائي بصفة أصلية للاطلاع على مدى مخالفة المفوض لميثاق الشرف من عدمة. وهي خطوات مستحقة لتعزيز ثقة المسثتمرين في آلية محاسبة المفوضين ومجلس المفوضين بشكل عام في حالة الخطأ أو الإخلال بالواجبات الأساسية في المحافظة وتحقيق أهداف الهيئة.
استقلالية الهيئة
ومن العناصر الأساسية للتطبيق الفعّال للمنهج الرقابي القائم على المخاطر هو استقلالية الهيئة من أي تدخلات خارجية في صنع القرار، فمن غير المعقول محاسبة المفوضين على قرار يكون بناء على تدخلات خارجية سواء من مجلس الوزراء أو مجلس الأمة أو تدخلات أخرى، بالتالي لابد من توفير الآلية المناسبة للمحافظة على استقلال هيئة أسواق المال ومفوضيها من أي تدخلات. وقد استخلصت معظم الدراسات العلمية في تحليل هيئة أسواق المال الكويتية واستقلاليتها فإن الهيئة لا تخلو من عناصر تؤثر على هذه الاستقلالية. فاتجه بعض الفقهاء على اعتبار الهيئة ذات الوصاية الإدارية الحكومية تتمثل في عدة أمور، أهمها: تعيين أعضاء مجلس مفوضي الهيئة بمرسوم بناء على ترشيح وزير التجارة والصناعة، ويحدد المرسوم من بين أعضائه رئيساً ونائباً للرئيس، كذلك التزام الهيئة بتقديم تقرير سنوي عن أنشطتها لوزير التجارة والصناعة، على أن يشمل على حسابات الهيئة وتقرير مراقب الحسابات. ويرفع التقرير إلى مجلس الوزراء، وأيضا منح صفة الضبطية القضائية لبعض موظفي الوزارة بقرار من وزير التجارة والصناعة. وجميع ما سبق أمور تهدد استقلالية مفوضي هيئة أسواق المال في اتخاذ قرار معين بدون تأثير من الحكومة على هذه القرارات. ولعل الأداة الأبرز التي تهدد استقلالية هيئة أسواق المال هي قدرة الحكومة أو مجلس الوزراء على تغيير تشكيل هيئة أسواق المال من خلال تعديل القانون لتغيير هيكل هيئة أسواق المال. ففي حال مخالفة الهيئة لرغبة الوزير المختص يستطيع أن يتجه بشكل مباشر لتغيير هيكل أعضاء مجلس مفوضي أسواق المال، وهو أبرز مثال صارخ على قدرة الحكومة على السيطرة على هيئة أسواق المال من خلال التلويح في تغيير هيكل تشكيل الهيئة. وكما أنه لا يمكن حجب حق الحكومة على اقتراح تعديل تشكيل هيكل أسواق المال، لابد لنا من تقديم ضمانات وأخذ الاحتياطات للحفاظ على استقلالية هيئة أسواق المال. ولنا في هذا المجال توصية لتفادي هذا النوع من التدخل، بأن يكون هيكل التشكيل الجديد للهيئة يطبق بعد انتهاء مدة المجلس الحالى حتى تحمى استقلالية الهيئة قدر المستطاع، ولا تقع رهينة اللحظة لتغيير تشكيل هيكل الهيئة بشكل فوري فلابد من تبني هذه الضمانة للمحافظة على استقلالية الهيئة.
الشفافية والإفصاح
الشفافية والإفصاح من أهم عوامل تطبيق الرقابة الفعالة بناء على المنهج القائم على المخاطر، وهي مذكورة ضمن أهداف الهيئة الواردة في المادة (3) من قانون هيئة أسواق المال 7 /2010، فتقييم مستوى خطورة كل شركة أو شخص مرخص له يكون من خلال المعلومات المقدمة عن طريق إفصاح الشركات المدرجة أو الأشخاص المرخص لهم. وتشير أغلب الدراسات إلى أن الشركات تقوم بالإفصاح بالحد الأدنى للمعلومات عما هو مفترض أن تفصح عنه، بمعنى أن الشركات تفصح بالحد الذي يكفل لها أن تنفذ القانون بدون مخالفة قانونية تستلزم بعدها عقوبة. وأقرب مثال هو إفصاح شركة مدرجة عن شركة تابعة لها تمت إحالتها إلى النيابة بدون تحديد ماهية التهمة أو نسبة الملكية في الشركة التابعة أو التأثير المالي لهذه المعلومة. فبالرغم من إفصاح الشركة المدرجة ووفائها بالتزامها، ولكن الإفصاح يحتاج المزيد من التوضيح والبيانات، وخصوصا في ظل انتشار أخبار بأن الشركة التابعة متهمة بجريمة غسيل أموال، وهي بلا شك من الأمور التي يجب اطلاع المستثمر عليها حتى يتسنى له بناء قراره الاستثماري بشكل صحيح. والدليل الآخر على أهمية الإفصاح بشكل صحيح هو ما حصل في الأزمة المالية سنة 2008 حيث إن جميع الشركات المدرجة قد أتمت التزامها بالإفصاحات إلا أن الهيئات الرقابية لم تستطع أن تتفادى الأزمة المالية وتداعياتها، فاتجهت أغلب هيئات أسواق المال إلى تعديل قوانين الإفصاح بحيث تكون المعلومات التي تفصح عنها الشركات والأشخاص المرخص لهم ذات قيمة جوهرية تؤثر على السوق.
دكتوراه في قانون أسواق المال من جامعة وريك البريطانية
@DrLulwah
الهيئة بين المنهج والإفصاح
خطوات تطبيق المنهج الرقابي القائم على المخاطر:
1 - تحديد أهداف الهيئة وآلية تطبيقها بشكل واضح
2 - تحديد الأشخاص الخاضعين لرقابتها
3 - فحص وتقييم كل شخص من الأشخاص الخاضعين للرقابة
4 - تحديد عناصر الخطورة ومستواها لكل عنصر على تحقيق أهداف الهيئة
5 - توجيه الموارد للهيئة للتركيز على الأشخاص الأكثر خطورة على تحقيق أهدافها
دلائل تبني الهيئة المنهج
1 - قرار الهيئة بخصوص آلية مراجعة واعتماد البيانات المالية للأشخاص المرخص لهم.
2 - تعليمات الهيئة بشأن كفاية رأس المال للأشخاص المرخص لهم.
3 - الدليل الإرشادي لبعض الأقسام في الهيئة أشار بشكل واضح لسياسة المنهج القائم على مخاطر.
وجها الإفصاح
للإفصاح في سوق الأوراق المالية وجهان: الأول، إفصاح الشركة المدرجة للهيئة المشرفة بحيث تكون الصورة العامة للشركة.
والثاني، الإفصاح للمتعاملين في البورصة بحيث تساعد على تكوين القرار الاستثماري في البورصة.
وكلما كانت الإفصاحات غنية بالمعلومات التي تعكس الواقع، زادت دقة التقييم وصحته في تقييم مخاطر هذه الشركة أو الشخص المرخص له لأهداف هيئة أسواق المال.
تكون «جريمة مطّلعين» في عدم الإفصاح
المعلومة الجوهرية تغيّر بسعر سهم أو حجم تداول ورقة مالية مدرجة
إن وضوح الإفصاحات عنصر أساسي لتطبيق المنهج القائم على المخاطر في الرقابة على البورصات. فلابد من دقة تعريف المصطلحات المتعلقة في الإفصاح، ولعل أبرزها «المعلومة الجوهرية». ويختلط على الكثير مفهوم المعلومة الجوهرية والمعلومة الداخلية، فقد انتقد الكثير من الباحثين – قبل تعديلات اللائحة 2015 – عدم وضوح قانون أسواق المال ولائحته التنفيذية لهذين المفهومين.
ولكن المشرع الكويتي أضاف تعديلات شاملة على اللائحة التنفيذية سنة 2015 بموجب القرار 72 /2015 وأضاف تعريف لكل من المصطلحين السابقين في الكتاب الأول «التعريفات» من اللائحة التنفيذية للقانون. ويمكن شرح التعريفين بشكل مبسط أن المعلومة تبدأ بأن تكون معلومة جوهرية متعلقة بأسهم أو سندات لشركة مدرجة في بورصة، فيجب الإفصاح عنها، حيث تكون محل جريمة مطلعين في حال عدم الإفصاح عنها، واستغلالها من قبل مطلع على هذه المعلومة فتكون معلومة داخلية. ولعل المشرع نجح في التفريق بين المصطلحين، إلا أنه توجد بعض الملاحظات الجوهرية على التعريفين. سنتناول المعلومة الجوهرية وأهم عناصرها لوضوح الإفصاح في بورصة الكويت.
المعلومة الجوهرية هي «أي معلومة لدى الشركة المدرجة أو الصندوق المدرج أو المصدر أو الملتزم – حسب الأحوال – تتعلق بنشاطه أو بشخصه أو بمركزه المالي أو إدارته، ولا تكون معرفتها متاحة للجمهور والمتعاملين، ولها تأثير على أصوله أو خصومه أو وضعه المالي أو على المسار العام لأعماله، ويمكن أن تؤدي إلى تغير في سعر أو حجم تداول الورقة المالية المدرجة أو في جذب أو عزوف المتعاملين بالنسبة للورقة المالية أو يمكن أن تؤثر في قدرة المصدر على الوفاء بالتزاماته».
ولعل أبرز الملاحظات على التعريف من خلال مقارنته مع النظام البريطاني: أولا: من خلال ماهية المعلومة ومدى جسامة وأهمية المعلومة على سعر أو حجم التداول، فبعض التشريعات نصت على تحديد نسبة تتعلق بمدى تأثير المعلومة على تغير حجم أو سعر التداول على الورقة.
ثانيا: في ما يتعلق بمسألة ألا تكون المعلومة متاحة للجمهور، فإتاحة المعلومة للجمهور لا تعني بالضرورة علم الجمهور بالمعلومة فقد يلجأ الكثير للحيلة على مدى إتاحة المعلومة للجمهور للهروب من المسؤولية الجنائية لجريمة المطلعين.
ثالثا: تأثير المعلومة على تغير حجم أو سعر التداول، فلم يحدد المشرع الكويتي آلية تحديد نسبة محددة للتغير والتأثير، وقد أحسن المشرع في عدم تحديد نسبة حتى لا يتقيد النص بنسبة محددة من المعلومات والإفصاحات.