أكد صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أن مؤتمر القمة الاقتصادية يأتي في وقت عصيب تمر به الأمة العربية متمثلاً في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي انتهكت فيه إسرائيل الأعراف الدولية والإنسانية كلها من خلال هجومها الوحشي على المواطنين الفلسطينيين العزل.
تكتسب قمة الكويت اليوم بالفعل أهمية خاصة ليس فقط للقضايا المطروحة، والمتعلقة بالأزمة الاقتصادية العالمية، وأثرها على المنطقة، بل أيضاً للتحديات التي تواجه التنمية العربية، والظروف التي تعيشها المنطقة هذه الأيام. كما أن النمو الاقتصادي، والازدهار الاجتماعي، والتنمية المستدامة هي محاور القمة لتساهم في تحقيق الأهداف المرجوة منها.
ويحزنني مواطني الأمة العربية الذين لهم طموحات وأمانٍ لطالما حلموا بها، وحق لهم أن يحلموا كغيرهم من بني جنسهم. نحلم أن يكون لدينا سوق عربية مشتركة تخلق تكاملاً اقتصادياً عربياً يواجه تحديات الأمة. والحقيقة أن العرب يملكون مقومات هذه السوق الكبيرة، والتي تمثل البناء الأساسي لأي حركة تنمية شاملة، فهناك النفط، والأيدي العاملة، والأراضي الزراعية، والمصانع، والمياه، والبنوك، فضلاً عن أواصر التلاقي التي قلما تتوفر لأمة من الأمم مثل اللغة، والدين، والتاريخ المشترك. هذا كله بالتأكيد يسهم في تعزيز تلك الاقتصاديات، ويزيد من حجم التجارة البينية بين الدول العربية بهدف خدمة خطط التنمية فيها.
كما نحلم أن يوجه أصحاب رؤوس الأموال استثماراتهم إلى دولنا العربية مع ضمانات كافية من تلك الحكومات، وأن يعتبروا بما تعرضت إليه كبرى الشركات العالمية من جراء الأزمة الحالية، فالإصلاحات الاقتصادية التي تنطلق من العرب، وبأموال عربية هي صمام أمان لقضايانا، ومنها القضية الفلسطينية التي تؤرقنا جميعاً.
فلا شك أن السلاح الاقتصادي هو السلاح الذي يهابه العالم، وهو الصوت القوي في المعركة الراهنة، فمن له سقف اقتصادي مرتفع ومتبن سيسمعه العالم وينصت له. في تصريح للأمين العام لجامعة الدول العربية السيد عمرو موسى ذكر فيه «أن قمة الكويت الاقتصادية والاجتماعية تعد قاطرة جديدة تضاف إلى القاطرة العربية منذ قيام الجامعة العربية في مارس من عام 1945»، إذ ستشارك للمرة الأولى اتحادات النوعية العربية، والتي ستجمع بين وزراء المالية العرب، ومحافظي البنوك المركزية، وممثلين عن القطاع الخاص، وستناقش بعض القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مثل مسألة حماية المياه العربية، وتحقيق الأمن الغذائي، إضافة إلى التأكيد على أهمية مكافحة الفقر، والاستعجال بالقانون الجمركي الموحد، ووضع آلية لحماية المستهلك العربي من الغش التجاري والتقليد، واستكمال مشروع الربط الكهربائي العربي بين المشرق والمغرب، وخلق تواصل بين الدول العربية من خلال الطرق الحديدية، ووضع معايير إنشائية لبناء مسكن منخفض التكلفة.
واليوم تعقد هذه القمة وحجم خسائر الاقتصاديات العربية جراء الأزمة العالمية نحو 2500 مليار دولار. والنفط هو المصدر الرئيسي للدخل الوطني قد انخفض من مستوى 150 دولاراً في الصيف الماضي إلى ما دون الخمسين دولاراً حالياً لسعر البرميل. وهناك أكثر من 17 مليون مواطن عربي خارج قوة العمل وعشرة ملايين طفل لم يتجاوز سن الخامسة عشر عاماً خارج حدود المدرسة.
هذه المؤشرات وغيرها تجعل المتابع لبرامج التنمية في الوطن العربي محبطاً من جدية المتابعة لها، وقدرة المعالجة لإشكاليات التعليم، والصحة، والإسكان على سبيل المثال.
لست متشائماً من قدرتنا على الخروج من هذه الأزمات لكن أتساءل: هل ستقدم القمة حلولاً لمشكلات المواطن العربي، بمعنى هل سيترجم الطرح التنموي وينعكس إلى برامج عملية إجرائية تحقق النمو والنماء للشعوب العربية، وهل ستشارك المؤسسات التمويلية الدولية في مؤتمر القمة ليكون لها دور فاعل ومؤثر في برنامج التنمية الشاملة؟ فالبنك الإسلامي للتنمية على سبيل المثال يستمد نحو 70 في المئة من موارده المالية من الدول العربية، وصندوق «الأوبك للتنمية» يستمد نحو ثلثي مجموع موارده المالية من سبع دول عربية مختلفة، فما الذي قدمته، وما الذي يمكن أن تقدمه مثل هذه المؤسسات التي أخذت الكثير من أموال الأجيال العربية؟
أحلام الموطن العربي كبيرة وكثيرة، وليس لنا إلا أن نقول تفاءلوا بالخير تجدوه. ولكل أجل كتاب.
الدكتور مبارك الذروه
أكاديمي وكاتب كويتي
[email protected]