No Script

لا دليل على ضلوع قيادة «حزب الله»... ولا دليل مباشراً على ضلوع سورية

حكمتْ المحكمة في قضية اغتيال الحريري... إدانة سليم عياش وتبرئة ثلاثة مُتَّهمين

u0627u0644u0646u0627u0626u0628u0629 u0628u0647u064au0629 u0627u0644u062du0631u064au0631u064a u0648u0642u064au0627u062fu0627u062a u0648u0645u0646u0627u0635u0631u0648u0646 u0644u062au064au0627u0631 u00abu0627u0644u0645u0633u062au0642u0628u0644?u00ab u064au0644u0647u062cu0648u0646 u0628u0627u0644u062fu0639u0627u0621 u0623u0645u0627u0645 u0636u0631u064au062d u0627u0644u0631u0626u064au0633 u0631u0641u064au0642 u0627u0644u062du0631u064au0631u064a t  (u0631u0648u064au062au0631u0632)
النائبة بهية الحريري وقيادات ومناصرون لتيار «المستقبل?« يلهجون بالدعاء أمام ضريح الرئيس رفيق الحريري (رويترز)
تصغير
تكبير

... حكمتْ المحكمة. سليم جميل عياش «من حزب الله» مذنب بجريمة اغتيال الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في العمل الإرهابي الذي وقع في 14 فبراير 2005 عند الواجهة البحرية لبيروت وأدى لمقتل 21 آخرين وجرح 226 شخصاً.
وإذا كانت الجريمة - الزلزال التي صعقتْ العالم قبل 186 شهراً أدخلتْ لبنان في مرحلةٍ من الصراع اللاهب المربوط باهتزاز توازنات المنطقة وخرائطها، فإن الحُكْم الذي أصدرته أمس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، يشي بارتدادات سياسية ودولية لا تقلّ وطأة رغم تبرئة غرفة الدرجة الأولى المتهمين الثلاثة الآخَرين، حسن حبيب مرعي، وحسين حسن عنيسي، وأسد حسن صبرا لعدم «كفاية الأدلة» (لجهة دورهم في فبركة شريط فيديو أعلن فيه الفلسطيني أحمد ابو عدس المسؤولية زوراً عن الاغتيال وإخفائه لاحقاً).
ومن خلف الغبار الذي أحدثتْه عبارةٌ وردت على لسان القاضي ديفيد راي، خلال نطقه بالحُكم لجهة إعلان أنه «ربما كانت لسورية وحزب الله دوافع لتصفية الحريري وبعض حلفائه، ولكن لا دليل على ضلوع قيادة حزب الله في الاغتيال ولا دليل مباشراً على ضلوع سورية فيه»، مع إشارته إلى أن «(السيد حسن) نصرالله والحريري كانا على علاقة طيبة في الأشهر التي سبقت الاعتداء وان الحريري كان يؤيّد نزع سلاح الحزب فقط بعد السلام مع اسرائيل»، فإن أوساطاً متابعة لمسار المحكمة التي انطلقتْ محاكماتُها الغيابية في يناير 2014 (أنشئت في 2007 بقرار من مجلس الأمن) لم تتفاجأ بالحدود التي التزمتْها خصوصاً أن نظامها قواعد الاجراءات فيها تنصّ فقط على إدانة الافراد ولا يمكنها أن تحاكم أحزاباً أو دولاً.


وفي قراءة هذه الأوساط، أن الحكم الذي واكبه الرئيس سعد الحريري من مقر المحكمة في لايشتندام (إحدى ضواحي لاهاي) بدا على طريقة تجريم عياش بوصفه قائد «فريق الاغتيال» مع إشارات إلى أن مَن تولوا مراقبة الحريري تحضيراً للجريمة يفترض أنهم من «منظمة واحدة»، في موازاة جعل النظام السوري و«حزب الله» محوريْ «الدافع السياسي» للجريمة من خلال رسْم مسرح «تصفية الحريري» وفق حيثيات ترتبط بظروف شدّ الحبال القاسي الذي كان يشهده لبنان في تلك المرحلة بعد التمديد في سبتمبر للرئيس اميل لحود وصدور القرار 1559 الذي دعا إلى انسحاب القوات الأجنبية (الجيش السوري) من لبنان وحلّ الميليشيات (سلاح «حزب الله»).
ولم يكن عابراً وفق هذه الأوساط أن تتضمن حيثيات الحكم (قابل للاستئناف) الذي صدر في 5 مجلدات من 2600 صفحة مع ملخص من 150 صفحة حيزاً واسعاً للدوافع السياسية للجريمة والتي شكّلت مرتكزاً للإدانة التي ستُستكمل في 21 سبتمبر بجلسة تحديد العقوبة، وذلك وفق الآتي:
* تصمنت الجلسة الأولى من تلاوة الحكم الذي تطلّب نحو ساعتين ونصف الساعة (في جلستين) سرْداً لـ «السياق السياسي والتاريخي» الذي اعتبرتْه المحكمة الخلفية التي وفّرت الدافع للاعتداء، جاء فيه «ان اغتيال رجل سياسي بارز أتى بعد استقالته من رئاسة الحكومة وكان يستعدّ للانتخابات النيابية. (الجريمة) كان عملاً سياسياً ولذلك فإن فهْم الخلفية السياسية تتيح فهم سبب الاستهداف. سورية كانت تهيمن على لبنان بعد الحرب (الأهلية). وكان بين المعارضين للوجود السوري المسيحيون والمستقبل ووليد جنبلاط.
وأعرب الحلفاء للحريري عن دعمهم للقرار 1559 الذي صدر عن مجلس الامن في سبتمبر 2004 ودعا لنزع سلاح الميليشيات وانسحاب الجيوش الأجنبية، وكان حزب الله أحد الميليشيات. وأراد السوريون فرض مرشحين على الحريري في ما عُرف بالوديعة السورية لكن الحريري رفضَ. كما أراد السوريون ورغم معارضة الحريري أن تُمدَّد ولاية لحود ولكن السبيل الوحيد كان بتعديل الدستور. وفي أغسطس 2004 أَمَر (الرئيس بشار) الأسد، الحريري فعلياً بتأييد التمديد قائلاً: سورية وحدها تختار رئيس لبنان. وفي الأشهر التي سبقت الاغتيال كان حلفاء الحريري يطالبونه بوضع حد لهيمنة سورية على لبنان، وعُقدت اجتماعات البريستول (للمعارضة) فكان اجتماعان في سبتمبر وديسمبر 2004 واجتماع أخير قبل 12 يوماً من الاغتيال، وحصلت محاولة اغتيال النائب مروان حمادة في الاول من أكتوبر 2004 وهو أحد حلفاء الحريري، واعتُبرت رسالة للأخير وجنبلاط بعدم تجاوُز حدودهما».
وأضاف: «استقال الحريري في أكتوبر 2004 وكان يريد الترشح لانتخابات مايو وكان سيؤيد ربما اقتراح انسحاب القوات السورية وتخفيف هيمنة سورية ولكن حكومة سورية كانت تؤيد سن قانون جديد للتقليل من حظوظ تعيين الحريري مجدداً رئيساً للحكومة وكانت تصر على الوديعة السورية في لائحته الانتخابية».
* وفي الجلسة الثانية أكمل الحُكْم توثيق الدافع السياسي للجريمة، فقال: «قرار قتل بانفجار هائل ما كان ليتخذ بخفة. فالحريري كان له العديد من الحلفاء والمعارف النافذين إقليميين ودوليين. ومن المرجح أن قرار التنفيذ لم يُتخذ إلا في فبراير بعد الاجتماع الثالث للقاء البريستول (2 فبراير 2005) وكان الحريري أرسل ممثلين عنه للاجتماع وفيه اتفق المشاركون على الدعوة للانسجاب الفوري والكامل للقوات السورية وهو موقف كان الحريري اتخذه حينذاك. واللافت ان هذا الاجتماع عُقد غداة اللقاء الأخير بين الحريري ووليد المعلّم الذي زار الحريري في منزله في 1 فبراير، وما أورده النص الحرفي للتسجيل الصوتي عن هذا اللقاء وكيف أن الحريري قال للمعلم: لبنان ما رح ينحكم من سورية للابد، لأن هذا ما عاد يصير وما عدت قادر اتحمل الأمر من سورية، وأنا صار ثلاثة ارباعي بالمعارضة وانت بتعرف انو فيه تدخّل بالصغيرة والكبيرة بالبلد».
واذ اعتبرت الأوساط أن المحكمة اكتسبت صدقية بتبرئة ثلاثة متهمين ستُسحب مذكرات التوقيف بحقهم إضافة إلى عدم تصديقها على اعتبار مصطفى بدر الدين (اسمه بقي في القرار الاتهامي رغم إنهاء الإجراءات بحقه بعد إعلان مقتله في سورية العام 2016) العقل المدبّر للجريمة، استوقفها أن تعليل إدانة عياش (استناداً إلى دور الشبكة الحمراء - 6 هواتف اساسية) لم تغب عنه أيضاً المكونات السياسية، إذ وبعدما أشار الحكم إلى أن «لا أدلة تثبت على نحو مؤكد من وجّهه لقتل الحريري ثم تصفيته كخصم سياسي»، قال: «لا يمكن الجزم بالتاريخ المحدد لصدور قرار الاغتيال ولكن ربما تكونت النية أواخر 2004 نظراً لما شهده لبنان من مناخ سياسي»، موضحاً أن «فريق الاغتيال الذي قام بمراقبة الحريري منذ يناير 2005 واستمر بذلك حتى وقوع الجريمة».
وأضاف: «من المحتمل جداً ان يكون المسؤولون عن تنظيم الاغتيال قرروا قتْل الحريري فقط بحال مواصلة مساره السياسي المتوقع باتجاه الابتعاد عن سورية، وبدأوا بالتحضير منذ يناير، ولا بد أن أعضاء هذا الفريق كانوا يعلمون ان الأمر يتعلق باغتيال الحريري الذي ربما يكون رئيس الحكومة المقبل، وهذا أمر ستكون له عواقب كبيرة. وما كانوا ليقرروا الاغتيال إلا بعد ان قاموا بتحليل المنافع والاضرار ووجدوا ان منافع تصفيته تفوق الاضرار بدرجة كبيرة».
وأكد الحكم أن غرفة الدرجة الأولى اقتنعت على نحو لا يشوبه أي شك معقول ان عياش مذنب ولم يعمل منفرداً، وقررت إدانته بكل التهم الموجهة إليه وهي: «مؤامرة هدفها ارتكاب عمل إرهابي، وارتكاب عمل إرهابي باستعمال أداة متفجّرة، وقتل رفيق الحريري عمداً باستعمال مواد متفجّرة، وقتل 21 شخصاً آخر عمداً باستعمال مواد متفجّرة ومحاولة قتل 226 شخصاً عمداً باستعمال مواد متفجّرة».
وإذ تتجه الأنظار إلى رد فعل «حزب الله» على الحكم هو الذي كان أمينه العام اعلن أنه سيتعاطى معه «وكأنه لم يكن»، برز وسط ترقب ردّ الفعل الدولي على هذا التطور التاريخي الذي قد يضع البلاد أمام تحديات لا يستهان بها كون المحكمة أنشئت تحت الفصل السابع وأن توقيف عياش من مسؤولية بيروت وسلطاتها، موقف الرئيس ميشال عون الذي أعلن «ان تحقيق العدالة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، يتجاوب مع رغبة الجميع في كشف ملابسات هذه الجريمة البشعة التي هددت الاستقرار والسلم الأهلي في لبنان، وطاولت شخصية وطنية لها محبوها وجمهورها ومشروعها الوطني».
أما رئيس البرلمان نبيه بري فقال: «كما خسر لبنان في 14 فبراير 2005 باستشهاد الرئيس الحريري قامة وطنية لا تعوض... اليوم وبعد حكم المحكمة الخاصة... يجب أن نربح لبنان الذي آمن به الرئيس الشهيد وطناً واحداً موحداً، وليكن لسان حال اللبنانيين: العقل والكلمة الطيبة كما عبر الرئيس سعد الحريري باسم أسرة الراحل».

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي