استمرار اسرائيل بالعدوان وتلذذها بقتل الأبرياء وتهاونها بالمواثيق والمعاهدات الدولية واستخفافها بقرارات مجلس الأمن ليس بسبب صواريخ «حماس» أو أنفاق غزة أو قيام الفلسطينيين بعمليات انتحارية. هذه كلها مبررات ملفقة وكاذبة، فبعض الدول تنخدع بها، ودول أخرى تتلقف هذه المبررات لتدافع عن اسرائيل، أما نحن العرب المستضعفون فتنطلي علينا وتمر مرور الكرام.
الحقيقة أن هذه المبررات مجرد أعذار واهية، فالسبب الرئيسي يكمن في غياب العقوبات، فمن أمن العقوبة أساء الأدب، فها هي إسرائيل قد أمنت العقوبة وأسندوا ظهرها، فاستحلت كل شيء ولم تترك جريمة إلا وارتكبتها في غزة، فقتلت ما يقارب أربعمئة من الأطفال والنساء والشيوخ والمسعفين والصحافيين، وهدمت البيوت والمدارس والوزارات والأسواق، وخربت المزارع والبنى التحتية والمرافق العامة، ومنعت دخول المستلزمات الطبية والإمدادات الإنسانية والمواد الأساسية، وقطعت التيار الكهربائي والطرق والمواصلات، وتسببت في صعوبة التنقل والوصول إلى الجرحى والحصول على المحروقات. حتى سيارات الإسعاف والإنقاذ لم تسلم من الصواريخ، بل تمادت إسرائيل فقصفت مراكز «الأنروا» التابعة للأمم المتحدة، بل الأسوأ من ذلك أن وكالات الإغاثة الدولية واللجنة الدولية للصليب الأحمر شلت وحوصرت وبدأت تستغيث! تستغيث بمن، إذا هم بأنفسهم يمثلون وكالات إغاثة يلجأ إليها المنكوبون والمتضررون؟
هذه الجرائم الإسرائيلية البشعة كلها موثقة على مرأى ومسمع الجميع، ولا ينكرها إلا مجرم أو ظالم أو شريك بالجريمة، فالفضائيات نقلتها بشكل فاضح وصارخ، والصور وثقتها بأدمى اللقطات، فضلاً عن شهود العيان في ساحة العدوان، وهم بالآلاف.
لا فائدة ولا معنى من قرارات مجلس الأمن، وآخرها قرار 1860، إذا كانت خالية من العقوبات، فغياب العقوبات من أي قرار يعني أنه قرار ضعيف هزيل ليس له أنياب. وإذا ما تتبعنا القرارات التي صدرت تجاه إسرائيل فإنها تخلو من أي عقوبات أو جزاءات أو تلويحات. لذلك اعتاد الكيان الصهيوني على رفضها وعدم الاعتراف بها ومن ثم التمرد عليها.
إن القرارات بهذا الشكل، وهذا الأسلوب أكدت عدم جدواها، مما يتطلب إلغاء هذا الأسلوب الفاشل واستبداله بأسلوب جديد ناجح عبر تبني قرارات تتضمن عقوبات قوية رادعة على المستوى الإقليمي، أو الدولي، تجاه إسرائيل ومن على شاكلة إسرائيل، في سبيل وقف أشكال العدوان والانتهاكات كافة، واستعادة هيبة قرارات مجلس الأمن المفقودة، وفرض احترام ومكانة الوكالات الدولية الأممية الإنسانية لتمكينها من القيام بمهامها، فأي قرار يصدر خال من العقوبات فهو هراء فارغ ولا معنى له؟
شاكر عبدالكريم الصالح
كاتب كويتي
[email protected]