موت أنيق

تصغير
تكبير
- الآن فقط ... سيعرفون قيمة هذه الصخرة!
ربط عبدالعزيز سالم حزام
المقعد وتابع لثوان قليلة الحركات
الارشادية التي تؤديها المضيفة
الجميلة وترقب اشاراتها إلى منافذ النجاة وكمامات الاوكسجين
التفت اليه جاره العجوز وهو يقول ضاحكا:
- إذا ســـقطت ... من ذا الذي ســـوف يبــحـــث عـــن الاوكســـجين؟!
- تقصد المضيفة؟!
- الطائرة يا اخي!
بحث عبدالعزيز عن اسرع طريقة لقطع الحوار مع جاره العجوز فتناول احدى المجلات الاجنبية من الحقيبة السوداء اسفل قدمه
فتح المجلة على صورته وهو يتسلم جائزة المعهد الاوروبي للفن الحديث والتي كان قد فاز بها الاسبوع الماضي وشرع يقرأ الخبر للمرة العاشرة.
- الآن سيعرفون قيمة هذه الصخرة.
كان هذا ما يشغل عبدالعزيز عن جاره العجوز المتطفل، فكل ما في ذهنه الآن هو التفكير في اللحظة التي ستهبط بها الطائرة فوق ارض الوطن... سيذهب فورا إلى قسم الشحن الجوي بالمطار ... ويخرج لموظيفه «خفاف العقول» هذه المجلة الملونة ويشير إلى صورته وهو يتسلم الجائزة الاوروبية العريقة ثم يقول لهم بأعلى صوته:
- هذه هي الصخرة التي كنتم تسخرون مني حين جئت لتسلمها.
ثم يمد لهم لسانه شامتا بعملهم ومستهزئا بغبائهم.
لا شيء يؤرقه الآن وهو الجالس على مقعد الطائرة بجوار عجوز ثرثار سوى التفكير في طريقة مثلى لاغاظة موظفي الشحن الجوي ... طريقة اثقل دما من هذا العجوز واثقل وزنا من مؤخرة المضيفة التي انحنت كي تقدم الشاي لركاب الطائرة.
التفت اليه جاره العجوز ثقيل الدم وقال هامسا:
- انها بطيئة جدا.
- الطائرة؟
- لا... المضيفة يا اخي!
كان عبدالعزيز يرى عكس ما يراه جاره الثرثار، فالمضيفة - من وجهة نظره
- قد استعجلت في تقديم الشاي للركاب ولم يستمر ذلك الوضع المنحني فترة كافية تملأ العين ... بينما الطائرة هي التي تتحرك ببطء فلا يزال امامه الكثير من الوقت حتى يلتقي بموظفي الشحن الجوي ويشمت بهم واحدا بعد الآخر.
كان من الصعب عليه ان ينسى عباراتهم الجارحة ونكاتهم السخيفة حين جاء لتسلم الصخرة التي شحنها له احد الاصدقاء من ايطاليا.
خلف الحربي
* مقاطع من «موت أنيق»
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي