لا شك أن عالم ومجتمعات ما قبل فيروس كورونا، سيختلف عما كان بعد زوال الوباء، وأرى - من وجهة نظر متواضعة - أن أول ما يتعين وضعه في المراتب الأولى هو قراءة أوراقنا مع انجلاء غيمة الوباء، ومراجعة نهجنا وأخذ الدروس والعبر، من منطلق مرتكزات علمية، وتجارب واقعية عايشناها خلال الأزمة، فلم يعد خيارنا الاستمرار على المنوال نفسه، بل حان وقت تغيير الأوضاع وتبديل الطباع، و الاعتماد على الذات في كل المجالات.
وأرى أن أول الأولويات هي تعديل التركيبة السكنية ومحاسبة كل من وقف وراء اختلالها، لدرجة كادت تهدد أمننا الصحي والمجتمعي والاقتصادي، والتعديل الذي ننادي به لا يجب أن يركن إلى ردة فعل، بل ينبغي أن يكون وفق خطط مدروسة، وعلينا وضع تعديلات تشريعية ملزمة بآليات محددة للفئات الوظيفية التي يحتاج إليها سوق العمل، وفق معايير واشتراطات تراعي توفير مساكن ملائمة، وتأمين صحي مناسب، بموازاة اتخاذ خطوات سريعة وصارمة نحو إبعاد - كخطوة أولى - المخالفين لنظام الإقامة ومحاسبة كفلائهم، وغلق الأبواب أمام تلاعب تجار الإقامات لإعادة الكرة من جديد، وإيقاف استخراج تأشيرات العمل باستثناء الفئات المحددة بقوانين تشريعية، لا سيما أن سوق العمل بات متشبعاً في معظم المجالات.
وفي سياق آخر، علينا المبادرة والعمل والدفع جاهدين على سن تعديلات تشريعية تربط الحرية بالمسؤولية وتنظم الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، التي بات كثير منها معول هدم، وآفة لضرب مكونات المجتمع، والتشكيك بالذمم، والطعن في الأعراض، والابتعاد عن المسؤولية المهنية والأخلاقية، وبث سموم العنصرية التي آن الآوان لتتوقف لا سيما عند الحديث عن تعديل التركيبة السكنية، فاليوم نرى أن تنظيم هذه الوسائل لا يقل أهمية عن تعديل التركيبة السكنية، لا سيما أن هذه الأداة باتت وسائل لبث الأكاذيب والفتن وزعزعة الاستقرار والنيل من السمعة والتشهير وكيل الاتهامات من دون دليل.