بان كي مون يزور بيروت 16 يناير لتفقُّد «اليونيفيل» وتأكيد انطلاق المحكمة الدولية ... و«العلماء المسلمون» ناشدوا التوحد وحذروا «من فخ تحويل المواجهة عربية - عربية»

المشهد اللبناني «نصفان»... «حرب غزة» و«اللعب بالنار» في الجنوب

تصغير
تكبير
|بيروت - «الراي»|
تقاسم القرار 1860 حول «حرب غزة» والوضع في جنوب لبنان المشهد السياسي في بيروت التي أبقتْ خطوط الاتصال مفتوحة مع الخارج لمواكبة محاولات «المواءمة» بين وقف النار الفوري «غير الملزم» الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي فجر الجمعة وبين المبادرة المصرية لوضع حدّ لـ «الانفجار الغزّاوي»، فيما بقيت الانظار على «أرض القرار 1701» (الجنوب) التي تحوّلت منذ الخميس صندوقة رسائل «نارية» بـ «البريد السريع» الذي حمل 3 صواريخ «كاتيوشا» الى شمال اسرائيل التي قابلتها بـ «ردّ موضعي»، قبل العثور (اول من امس) على دفعة جديدة من الصواريخ «قديمة العهد وغير صالحة للاستخدام» فجّرها الجيش اللبناني.
فعلى خط القرار 1860 الذي أدارت اسرائيل الظهر له وظهرت حركة «حماس» انها «غير معنية» به، بدا لبنان «متحمساً» لوضعه موضع التنفيذ خشية اتساع دائرة النار في غزة و«تسخين» جبهة الجنوب وسط دعوات فصائل فلسطينية (لا سيما الجبهة الشعبية - القيادة العامة) الى «فتح جبهات جديدة».

وفي موازاة الارتياح الذي ساد لبنان حيال الإجماع السياسي على رفض إطلاق الصواريخ «المشبوهة» من الجنوب وتأكيد التمسك بالقرار 1701 واستهجان رئيس الجمهورية ميشال سليمان «التدخل في الشؤون اللبنانية عبر الدعوة لفتح الجبهات»، فان «بوليصة التأمين» التي وفّرها «السقف الإجماعي» الداخلي بدت بمفاعيل لا تضمن في شكل حاسم عدم تكرار عملية إطلاق الصواريخ لا سيما اذا لم تنجح «ديبلوماسية الأروقة» في إطفاء «نار غزة» سريعاً.
وطرح اكتشاف مخازن ومخابئ جديدة لاسلحة وصواريخ في بلدة كفرحمام في القطاع الشرقي من الجنوب (34 صاروخاً عيار 107 ملم قديمة العهد مع راجمة) ليطرح علامات استفهام كثيرة حول وجود جهة تلوّح بـ «اللعب بالنار» من الجنوب، وذلك رغم تسريب معلومات عن ان قوة «اليونيفيل» الصواريخ كانت على علم بمكان هذه الصواريخ منذ فترة غير قصيرة، لكنها لم تكن تجرؤ على الكشف عنها وتفكيكها بسبب صعوبة بلوغها لان الطريق إليها مزروعة بالقنابل العنقودية التي خلّفها العدو الإسرائيلي خلال عدوان يوليو 2006.
واستمرت امس الإجراءات الامنية المشددة التي يتخذها الجيش اللبناني بناء على تكليف من مجلس الوزراء وبالتعاون الوثيق مع قوة «اليونيفيل» المعززة بهدف قطع الطريق على اي «هبة صاروخية» جديدة من شأنها جرّ لبنان الى أتون حرب ترى دوائر مراقبة انه قد يكون لها «وجهان»، إما تشكيل «دفرسوار» لإراحة «جبهة غزة» وإما انها يمكن ان تشكل «فخّاً» لـ «توريط» حزب الله في لحظة «قطع الرؤوس» في المنطقة قبل قطع «نصف الطريق» الباقي الى المفاوضات مع اسرائيل.
وفيما بقي ملف السلاح الفلسطيني خارج المخيمات محور مواقف عدة من فريق «14 مارس» طالبت بتنفيذ ما اتُفق على طاولة الحوار العام 2006 في شأنه، اي نزعه، عُلم ان التحقيقات التي أجرتها وحدات الجيش و«اليونيفيل» حول الكاتيوشا التي أطلقت من جوار طير حرفا بإتجاه شمال اسرائيل توصلت الى ان هذه الصواريخ هي من النوع ذاته الذي تمّ اكتشافه في المنطقة في 25 ديسمبر الماضي، عشية بدء الهجوم على غزّة، وهي نوع غراد 107 ملم، صالحة للاستخدام ضمن مدى سبعة كيلومترات لكنها مطورة بحيث يصل مداها الى 12 كم بزيادة حشوتها إلى حدود النصف.
وأشارت المعلومات الى أنّ المحقّقين باتت لديهم معلومات شبه مؤّكدة حول هوية منفّذي الهجوم، وان الصواريخ التي أطلقت موجودة في مخازن لتجميع الأسلحة في الجنوب وليس من الضروري أن تكون قد نقلت من تلال الناعمة أو قوسايا وغيرها من مواقع «الجبهة الشعبية - القيادة العامة» التي وضعت تحت رقابة مشدّدة منذ بدء العدوان على غزّة.
في غضون ذلك، اكد الرئيس سليمان «ان على اسرائيل وقف اطلاق النار تنفيذا للقرار الرقم 1860 الذي اصدره مجلس الامن»، لافتا امام زواره الى «ان كل الردود التي ظهرت هي جراء تعسف اسرائيل وظلمها للشعب الفلسطيني وحرمانه ابسط حقوقه، واولها حق العودة»، ومشيرا الى «ان على اسرائيل الانسحاب من غزة لانها هي التي اجتاحت القطاع وليس الفلسطينييون الذين هم في ارضهم يدافعون عن انفسهم وعنها في وجه الاحتلال الذي يواصل ارتكاب المجازر في حق الاطفال خصوصا، وهي جرائم يندى لها الجبين لان التاريخ الحديث لم يشهد مثيلا لبشاعتها».
اما رئيس الحكومة فؤاد السنيورة فأجرى اتصالات عدة بينها مع الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى ووزير الخارجية المصري احمد ابو الغيط حيث تداول مع كل منهما في اخر الاتصالات لوقف العدوان على غزة وتنفيذ قرار مجلس الامن 1860.
وكان السنيورة استقبل نائب رئيس الوزراء وزير الطاقة القطري عبد الله العطية وعرض معه الاوضاع خصوصا التطورات في غزة.
وبعد الاجتماع قال العطية: «دولة قطر لها موقف واضح جدا والجميع استمعوا الى خطاب سمو امير قطر الذي عبر عن شعور كل الشعوب العربية حول ما يجري في غزة وانه على الحكومات العربية ان تتحرك بسرعة، وايضا الدعوة الى مؤتمر قمة اذ يؤسفنا ان نرى ان غزة تحترق. ويجب ان يكون التحرك باسرع ما يمكن ولذلك كان خطاب امير قطر هو تعبير عن هذا الشعور باخلاص حول موضوع غزة. ونشعر بالحزن العميق ونشعر بان العرب كلهم مقصرون في هذه القضية لكن سنرى ما يمكن فعله».
وهل يعتقد ان اسرائيل ستقوم بوقف اطلاق النار ؟ أجاب: «اسرائيل قالت في تصريحها ان القرار 1860 حبر على ورق. وهذا يدلنا على ان اسرائيل لا تحترم قرارات مجلس الامن، وعلى العرب الا ينتظروا ان تحترم اسرائيل هذه القرارات هي التي ردت اسرائيل بكل صلافة بان الـ 1860 حبر على ورق»
وسط هذا المشهد، بدأت التحضيرات في بيروت لاستقبال الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون الذي سيزور لبنان في 16 يناير الجاري ولمدة 48 ساعة يتفقد خلالها «اليونيفيل» في الجنوب.
وستشكل محادثات بان في بيروت مناسبة لتأكيد اهمية ضبط النفس على الحدود الجنوبية واحترام القرار 1701 كما سيتخللها بحث في الوضع في غزة، الى جانب آخر التحضيرات لانطلاق عمل المحكمة الدولية التي ستتولى النظر في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الجرائم المتصلة في الاول من مارس المقبل.
وعلى صعيد متصل بقوة «اليونيفيل» كان لافتاً امس ما تم تداوله من ان كوريا الجنوبية علّقت مهمات وحدتها العاملة ضمن القوة الدولية في الجنوب.
وفيما نقل عن رئاسة الأركان الكورية أن تعليق مهمات قواتها موقت وأنه تم بموافقة الأمم المتحدة، نقل تلفزيون «أخبار المستقبل» عن متحدث كوري جنوبي أن الكتيبة الكورية في لبنان مستمرة في مهماتها ولا تنوي مغادرة لبنان، مؤكدا «أن القوة الكورية مستمرة في مهماتها حتى تنفيذ القرار 1701».
وفي المواقف، شدد نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري على «ضرورة المسارعة الى تطبيق ما اتفق عليه اللبنانيون في شأن السلاح الفلسطيني خارج المخيمات خصوصا ان هذا السلاح لا يزال يشكل أداة تحركها سورية عندما تشاء، وهو بمثابة تمثيل غير ديبلوماسي على الاطلاق لسورية في لبنان أو لنقل سفارة من نوع آخر، تتلقى التعليمات والتوجيهات من دمشق، وهي تعليمات لا تصب حتما في مصلحة استقرار لبنان».
واذ نوه «بتجديد الحكومة تمسك لبنان بالقرار 1701 « متمنياً ان يكون «الاجماع في مجلس الوزراء على الموقف الرافض لاطلاق الصواريخ مؤشرا الى وعي لبناني شامل لضرورة النأي بلبنان عن أي مغامرات قد تكون نتائجها كارثية»، ردّ في شكل غير مباشر على رئيس البرلمان نبيه بري وقال: « نتمنى ألا يحاول أي كان المزايدة علينا أو محاولة تفسير هذا الموقف على أنه من قبيل حماية اسرائيل، ونحن نرفض مثل هذه الاتهامات سلفا، فالأمر يتعلق بسيادة لبنان وبقدرة المؤسسات الدستورية اللبنانية على أن تصون هذه السيادة وتقرر مصير لبنان.
وأملنا ألا يقتصر موقف مجلس الوزراء على الكلام الانشائي، وألا يقف عند حد البيانات بل أن يترجم الى اصرار على وضع حد لأي انتهاك لسيادة لبنان، من خلال المضي في التحقيق الى النهاية، وكشف الفاعلين ومن وراءهم، وعدم التردد في الاعلان عنهم صراحة وبلا مواربة، واتخاذ الاجراءات القانونية اللازمة في حقهم، لئلا يجرؤ أحد بعد الآن على استخدام لبنان ساحة».
ورأى النائب مروان حماده في حرب غزة «حرباً بدل عن ضائع للحرب على إيران، وحربا استباقية متبادلة حول النووي الإيراني، وإشارة الى المدى المسموح به لسورية من داخلها وخارجها للذهاب في مفاوضاتها مع إسرائيل».
ولاحظ «ان إيران تحاول القضاء على دور مصر العربي والإسلامي من خلال الدماء الغزاوية»، وقال: «سورية تناور للخروج مما يجري في غزة من دون حرب على جبهتها ومن دون ان تقطع كليا علاقتها عبر تركيا مع إسرائيل، فهي لم تنه مفاوضاتها مع تل أبيب بل علقتها لأنها تعتبر ان هذه المفاوضات تشكل جواز مرور لها الى الدول الغربية قبل نشوء المحكمة الدولية».
وشدد على «ان هناك دولا حتى عربية لا تهتم الى الدم اللبناني ولا الفلسطيني أو العراقي ومنها سورية التي همها سلامة نظامها ووضع اليد على القرارين اللبناني والفلسطيني». واشار الى «انه لن يدعو الى فتح جبهة الجولان لأن في ذلك تأثيرا على الجبهة اللبنانية»، ورأى «ان دعوة إيران للنظام السوري لفتح جبهة الجولان لمساندة حماس لفظية لأن خامنئي منع الإيرانيين في وقت لاحق من الانضمام الى الفلسطينيين في نضالهم ضد إسرائيل».
وبالنسبة الى الصواريخ التي أطلقت من جنوب لبنان على إسرائيل، أكد «ان موقف الحكومة اللبنانية ضروري ولكنه ليس كافيا وهو وضع لبنان جزئيا في مأمن». وقال: «ان المسؤولية الوطنية تفرض على الجميع التصرف بحكمة كبيرة هي موجودة الآن. والحكمة تقضي بألا يزج أي تنظيم فلسطيني لبنان في نزاع غزة لأن هذا يدل على هوية المحرض. وإذا كانت سورية المحرض، فهذا يعني أنها تريد للمرة الألف استعمال لبنان ورقة في نزاعاتها العربية أو محاولة منها لاستمرار جعل لبنان ساحة». وأكد «ان السلاح الفالت خارج المخيمات في الناعمة وفي بعض المعسكرات هو موجود بقرار سوري».
وعن المحكمة الدولية، أعلن «ان حفل افتتاح المحكمة في لاهاي سيكون في الأول او الثالث من مارس، في حضور الأمين العام للأمم المتحدة وممثلين لعدد كبير من الدول وسيطلب تمثيل لبنان في هذا الحفل».
وفي سياق متصل، أوصى العلماء المسلمون في لبنان «أبناءنا بمواصلة الالتزام بالمسؤولية الدينية والانسانية بالعمل بكل الوسائل لدعم جهاد الشعب الفلسطيني الشقيق ونضاله المشرف حتى يسقط المحتل ويتلاشى الاحتلال»، معتبرين ان «القرار 1860 رغم ما يتضمنه من إيجابيات، فانه لم يرق الى مستوى ادانة العدوان ومحاسبة مرتكبيه على ما اقترفوه من جرائم جماعية، كما انه لا يردع المغتصب الاسرائيلي ولا ينتزع الحق العربي من بين براثنه الوحشية».
هذا الموقف أطلقه العلماء المسلمون بعد المؤتمر الطارئ الذي عُقد امس، في دار الفتوى في بيروت بدعوة من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني، وحضره ممثل منظمة التحرير الفلسطينية عباس زكي، وممثل حركة «حماس» اسامة حمدان.
وأعرب العلماء المسلمون عن «ألمهم الشديد لغياب التضامن العربي ولإهمال معاهدة الدفاع العربي المشترك»، مناشدين منظمة المؤتمر الاسلامي «الخروج في مبادرتها من حيز الكلام الانشائي الى العمل الذي يعكس ارادة شعوب الدول الأعضاء في المنظمة والتي وجدت في العدوان الاسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة عدوانا عليها».
وحذروا «من الوقوع في فخ العدو الاسرائيلي وحلفائه والذي يستهدف تحويل المجابهة العربية - الاسرائيلية الى مجابهة فلسطينية - فلسطينية، أو عربية - عربية ، أو عربية - اسلامية، او اسلامية ذ اسلامية».
وكان المفتي قباني حرص في كلمته على توجيه تحية الى السعودية «التي أعلن وزير خارجيتها سمو الأمير سعود الفيصل أنه إذا لم يتخذ مجلس الأمن قرارا بوقف النار فهو سيعود إلى بلاده مع جميع المندوبين العرب في مجلس الأمن»، كما حيا وزير الخارجية المصري أبو الغيط «الذي أعلن أن الرئيس محمد حسني مبارك يطالب بأن يقرر مجلس الأمن فورا وقف النار وهكذا كان، لكن عارضته الولايات المتحدة أو امتنعت عن التصويت». وقال: «تحرير كل فلسطين أمانة في عنق كل واحد منكم وسنلقن إسرائيل درسا يردعها عن هذا العدوان وأمثاله مستقبلا».
ثم ألقى عباس زكي كلمة ناشد فيها «ألا نمعن في شرخ الوحدة الفلسطينية»، وقال: «كل من حاول أن يهدم عمود القضية الفلسطينية سيهدم ولو بعد حين». مضيفاً: «لا بد لأي قمة عربية تعقد أن تفعل اتفاقية الدفاع العربي المشترك (...)»، ومنتقداً «التطاول على مصر وهي حاضنتنا وهي رئة غزة (...) وبالتالي فإن كل من يتحدث على مصر يريد أن يغلق علينا ليكون العدو من أمامنا والعدو من ورائنا تصبح بعد ذلك».
اما حمدان فأشار الى ان المعركة هدفها «كسر ارادة الشعب الفلسطيني وإنهاء حال المقاومة».
وكان حمدان اعلن «ان المبادرة المصرية لا تصلح آلية لتنفيذ القرار الدولي 1860 ولا لغيرها».
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي