بعض الدول «المتقدمة» التي تتشدق بالديموقراطية وتنادي بها في كل مناسبة، وتدعي أنها تمارسها، نكتشفها في الوقت ذاته، وفي مواقع أخرى تمارس الديكتاتورية بطريقة مهذبة، ولكن بأساليب ملتوية، وهذا ما نراه بأم أعيننا في أعلى وأكبر المنظمات والمجالس الدولية.
من أسس الديموقراطية الالتزام برأي الغالبية، إلا أن نظام حق النقض «الفيتو» في التصويت بمجلس الأمن الدولي يعد أحد أبشع صور الديكتاتورية، إذ بموجبه يتم إلغاء مبدأ رأي الغالبية، وإلا ماذا نفسر بأن تقوم دولة بمنع و«قمت» وعرقلة رأي 13 أو 14 دولة؟ وبالنهاية يكون هذا الرأي الأوحد لهذه الدولة الواحدة الوحيدة هو السائد. بالله عليكم هل هذه ديموقراطية أم ديكتاتورية؟
«الفيتو» في مجلس الأمن تتمتع به دول خمس فقط لا غير، هذا ما نعرفه وما هو رسمي، ولكن الواقع الحالي الحقيقي يثبت غير ذلك، إذ توجد دولة لها من القوة والنفوذ استطاعت أن تستولي وتحتل مقعداً سادساً خفياً غير معلن لـ «الفيتو»، وهي إسرائيل الغاصبة، فمجلس الأمن لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يصدر أي قرار تجاهها.
إسرائيل لا تعترف بالقوانين والمواثيق الدولية. إسرائيل لا تلتفت إلى المنظمات العالمية. إسرائيل هي أول من نكثت و«كشتت» بقرارات مجلس الأمن، ولم تعر أدنى اهتمام للأعراف السياسية والاجتماعية والإنسانية وغيرها، وضربت ذلك كله بعرض الحائط.
لنستذكر: كم قراراً صدر من مجلس الأمن ضد إسرائيل؟ وكم من هذه القرارات التزمت بها ونفذتها إسرائيل؟ في السابق صدرت قرارات معدودة ضد إسرائيل، وهذه القرارات هي والعدم واحد الآن. أما حالياً فلا مجال لاتهامها أو معاقبتها أو لومها ولا حتى شجبها، وذلك «بفضل وبركات» نظام مجلس الأمن و«الفيتو».
هيبة مجلس الأمن بدأت تهتز شيئاً فشيئاً ويوماً بعد يوم، وقرارات مجلس الأمن لم تعد محترمة ولا تنفذ، لماذا؟ لأن نظام «الفيتو» هو الذي هيأ الأرضية للاستهزاء بالقرارات، وذلك كله بسبب إسرائيل ولأجل عيون إسرائيل المجرمة، الأمر الذي شجع كثيراً من الدول والحكومات والشعوب في الأعوام الأخيرة بالحذو حذو إسرائيل، وعدم الاكتراث بأي قرار يصدر من مجلس الأمن، والأمثلة على ذلك كثيرة.
أما إذا استمر هذا الوضع الديكتاتوري على ما هو عليه وكبر وتفاقم فلا نستغرب إذا أتى يوم يؤول فيه مصير مجلس الأمن إلى الزوال، كما زالت عصبة الأمم المتحدة عام 1946، والمتسبب هو إسرائيل ومن وراءها.
شاكر عبدالكريم الصالح
كاتب كويتي
[email protected]