No Script

بعد انحصار سباق استضافة «آسياد 2030» بين الدوحة والرياض

أحمد الفهد... «بين نارَين»

No Image
تصغير
تكبير
  • حسابات خاطئة... أم نتيجة خطة لإعادة فرض الذات «بيضة القبّان» في المعادلة القارية؟

«يسرّ المجلس الأولمبي الآسيوي أن يتلقى ترشيحين قويين لاستضافة النسخة 30 من دورة الألعاب الآسيوية. مع هذين العرضين، لدينا الآن الاستقرار والاستمرارية في حركتنا الرياضية للعقد المقبل».
هذا ما جاء على لسان رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي، الشيخ أحمد الفهد، في بيان رسمي، بعدما انحصر التنافس على استضافة دورة الألعاب الآسيوية 2030، بين مدينتي الدوحة القطرية والرياض السعودية، بحسب ما أعلن «المجلس»، الخميس الماضي، إثر انتهاء المهلة المحدّدة لتقديم ملفات الترشح.
وعلى الرغم من أنّ البيان حمل في طيّاته الكثير من التفاصيل «المشجعة»، غير أن «بوصلة التحرك» بالنسبة إلى الفهد قد تكون خانته، هذه المرّة، ربما نتيجة ابتعاده «المزعوم»عن الساحة الرياضية المحلية، القارية والدولية، بفعل اتهامات أصابته على أكثر من جبهة، وأدت إلى كفّ يده عن سلطات جمّة جعلت منه، في السنوات الماضية، لاعباً كبيراً في عملية صنع الرؤساء وتحديد مصائر دورات.


كان الفهد واحداً من أقوى الشخصيات في الرياضة الأولمبية، وسيطر على كثير من الاتحادات العالمية، والكثير من الأصوات داخل اللجنة الأولمبية الدولية، لكنه يشبه اليوم ذاك الباحث عن «فتات حضور» أو الآمر الناهي في «الغرف السوداء»، تمهيداً لبناء عودته «الساطعة» إلى الساحة، علماً أنه استقال من مناصبه المتعلقة بكرة القدم كافة، منذ فضيحة الفساد التي عصفت بالاتحاد الدولي للعبة رغم نفيه التورط في فضيحة رشوة أدانت فيها محكمة أميركية رئيس اتحاد غوام، ريتشارد لاي، بتلقيه رشوة بمليون دولار.
كما أعلن الفهد تنحّيه من منصبه رئيساً لاتحاد اللجان الوطنية الأولمبية الدولية (أنوك)، بعدما قام بالتنحّي أيضاً عن مهامه عضواً في اللجنة الأولمبية الدولية ورئيساً للجنة التضامن الأولمبي بعد اتهامه بتزوير تحكيم أشرطة «بلاغ الكويت» في سويسرا.
بعد تنحّيه، فقد الفهد كثيراً من المميزات وفق صحيفة «لوموند» الفرنسية، أهمها أحقية التصرّف في ميزانية صناديق التضامن الأولمبية، والتي تقدر بملايين الدولارات توزّع على أكثر من 200 من اللجان الوطنية.
يحاول الفهد العودة «كيفما كان»، ويبدو بأن دوره المستمر يظهر كيف أن الشخصيات المتنفذة في الرياضة الدولية عادة ما تجد طرقاً للإبقاء على سيطرتها على زمام الأمور حتى بعد الغياب المفترض عن مواقع القرار.
وخير دليل على ذلك انتخابات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، في 2019، عندما كان الجناح الفاخر للشيخ أحمد في فندق «حياة» في كوالالمبور (القريب من الموقع الذي يتجمع في الناخبون) المكان الذي تتخذ فيه القرارات، وفقًا لمسؤولين التقوا به.
لكن الفهد الذي يحاول التمسك بما تبقى من سطوة، يجد نفسه، اليوم، واقعاً بين نارين، في ما خص ملف المدينة المنظمة لدورة الألعاب الآسيوية 2030.
فقد نسج علاقات رياضية قوية في قطر، وظهر ذلك جلياً من خلال دعمه موقفها في انتخابات كرة القدم الآسيوية، حيث نُصِّبَ مرشح منها نائباً لرئيس الاتحاد الدولي، كما حظيت بمنصب في «مجلس فيفا». وجاء ذلك على حساب الإمارات العربية المتحدة والسعودية.
في المقابل، تسعى المملكة، «الشقيقة الكبرى»، إلى استضافة الألعاب القارية وفق «رؤية 2030» التي وضعتها السلطات فيها وتشمل استضافة العديد من الأحداث الرياضية العالمية.
‎التصويت للمدينة المضيفة سيجري خلال الجمعية العمومية، في 29 نوفمبر 2020، على هامش الألعاب الآسيوية الشاطئية في سانيا (الصين).
لكن من الآن وحتى ذلك التاريخ، سيجد الفهد نفسه في موقف لا يُحسد عليه، بيد أنه هو من جنى على نفسه به.
فقد ارتبط المجلس الأولمبي الآسيوي بالشيخ فهد الأحمد، وبالكويت التي تستضيف مقره، وبالتالي، سيكون القرار الحاسم في اختيار المدينة المنظمة لآسياد 2030 محرجاً ليس فقط للفهد «الذي تورّط عمداً أو عن غير عمد» في هذا الموقف، بل أيضاً للكويت التي لطالما وقفت على مسافة واحدة من الجميع، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بجيرانها الذين يشهد التاريخ على لعبها دور الجامع بينهم.
لكن في ظل الصراع الخليجي الذي عملت الكويت على رأب صدعه، يأتي هذان الترشيحان ليضعا الفهد في مأزق، ربما نتيجة حساباته التي أخطأ في معظمها خلال السنوات الأخيرة، أو نتيجة خطة لإعادة فرض نفسه بيضة القبّان في المعادلة القارية، بحيث يتهافت عليه الجميع، طالبين رضاه لخدمة أو ترجيح ملف، خصوصاً أن المجلس الأولمبي أشار إلى أن ملف ترشيح كل مدينة والمقدم من قبل اللجنة الأولمبية الوطنية، ترافق مع رسالة دعم حكومية.
ربما أرادها الفهد منصةً لعودته إلى الساحة فجاءته على طبق من ذهب، أو ربما ما أرادها بل فُرضت عليه فرضاً، لكن الأهم هنا هو مصلحة الكويت، وعدم تحميلها تبعات ما ليس لها فيه علاقة.
بين الدوحة والرياض، يجد الفهد نفسه بين «نارين»، على الرغم مما سيساق لاحقاً عن معايير للاستضافة وزيارات للجان المجلس للمنشآت، وما إلى ذلك.
وكانت الدوحة استضافت النسخة الـ15 من الألعاب العام 2006، فيما لم تنظم السعودية أي حدث رياضي كبير تحت إشراف المجلس الأولمبي الآسيوي، وهذا جانب قد تسعى المملكة إلى الرمي بورقته لتأكيد أحقيتها.
معلوم أن النسخة الـ19 من الألعاب ستقام في مدينة هانغجو الصينية العام 2022، والنسخة الـ20 في آيتشي-ناغويا في اليابان العام 2026.
وذكرت اللجنة الأولمبية القطرية في بيان بـ«تتطلع دولة قطر لمواصلة استضافتها لكبرى البطولات والأحداث الرياضية العالمية».
وقال رئيس اللجنة الشيخ جوعان بن حمد آل ثاني: «تلتزم اللجنة الأولمبية القطرية، في ظل الدعم الكامل الذي تحظى به من جانب القيادة الرشيدة، بالتقدم بطلب لاستضافة النسخة الـ21 من دورة الألعاب الآسيوية. تشرفنا باستضافة الدورة للمرة الأولى في 2006 ونعتقد أن الوقت حان للتقدم بطلب لاستضافتها مرة أخرى لنرحب بآسيا قاطبةً في بلادنا».
وأضاف: «تختلف الدوحة اليوم عما كانت عليه العام 2006 وستصبح أكثر تطوراً بحلول 2030، لذلك نؤكد للرياضيين واللجان الأولمبية الوطنية والجماهير والشركاء إقامة النسخة الـ21 من دورة الألعاب الآسيوية وفقاً لأعلى المعايير العالمية».
من جهتها، أكدت اللجنة الأولمبية السعودية أنها تقدمت بطلب للمجلس الأولمبي الآسيوي أبدت من خلاله الرغبة الرسمية باستضافة مدينة الرياض لدورة الألعاب الآسيوية 2030.
وأضافت في بيان لها: «في سياق الطلب المرسل، تم استعراض الرؤية الطموحة للمملكة والتي ستدعم الرياض لاستضافة الحدث الرياضي الأكبر في القارة الآسيوية والذي تشارك من خلاله 45 دولة وأكثر من 10 آلاف لاعب ولاعبة في 40 رياضة من خلال تجهيز بنية تحتية متطورة على الأصعدة كافة وتقديم تجربة ثقافية وتقنية ورياضية فريدة تواكب تطلعات رياضيي القارة وتضمن تنظيم النسخة المثالية للدورة الأكبر على مستوى القارة بالتزامن مع السنة التي ستحتفل من خلالها المملكة بمشيئة الله بتحقيق أهداف رؤية 2030».
وقال رئيس اللجنة الأمير عبدالعزيز بن تركي الفيصل: «إن القيادة الحكيمة والدعم السخي الذي تحظى به القطاعات كافة من قبل خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، جعل من المملكة وجهة عالمية لأهم الأحداث الرياضية وما تقدمنا برغبة استضافة مدينة الرياض لدورة الألعاب الآسوية 2030 إلا تأكيد على اهتمام وطننا بالرياضة واستضافة الأحداث الرياضية لنسعد بمشيئة الله مع كل أبناء القارة مناسبة تحقيق أهداف رؤيتنا صيف العام 2030».
وتأتي هذه الخطوة في ظل استثمارات سعودية متزايدة في مجال الرياضة، والتي تندرج في إطار «رؤية 2030» للمملكة لتنويع مصادر الدخل وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط.
الفهد في ورطة، وهو ما تؤكده رغبة الدوحة والرياض، فعلى من سيقع الاختيار؟

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي