الإصابات ترتفع إلى 120 وحالات الشفاء إلى 4
«فضيحة الفاخوري» تُرْبك لبنان «كورونا» والديون


... فتِّش عن السياسة. ستجدها عاجلاً أم آجلاً في كل ملفٍ يدْهم لبنان. لكن المفارقة الأكبر هذه الأيام أن يطلّ البُعدُ السياسي برأسه في وقت واحد من 3 عناوين، مالية وصحية وقضائية، كأنها في «سباق مَخاطر» تتنافس في درجاتِ الأضرار وإمكان حصْرها أو... توزيعها.
من «كورونا» حيث يخوض لبنان، الذي يُعانِد السقوط المالي، «وحيداً» معركة المواجهة التي تكاد أن تكون «باللحم الحي»، مروراً بسابقة انتقال البلاد إلى مرحلة التعثّر مع تخلّفها عن سداد استحقاقات اليوروبوندز وقرارها بدخول مفاوضات لإعادة هيكلة الدين الخارجي، وصولاً إلى قرار المحكمة العسكرية بتخلية وكف التعقبات عن القائد العسكري السابق لمعتقل الخيام عامر الفاخوري المتعامل مع إسرائيل... 3 ملفات لم تتأخّر أن توضع على المسرح السياسي البالغ التعقيد للواقع اللبناني الذي تتجاذبه عواصف المنطقة وانعكاساتها الداخلية.
وأبدتْ أوساطٌ مطلعة عبر «الراي» قلَقها من ولوجِ لبنان مرحلةَ التعثر المحفوفة بمسارٍ شائك من مقاضاةٍ دولية محتملة من الدائنين الأجانب ولو لتحسين شروطهم على طاولة التفاوض، من دون «سَنَدٍ» خارجي كان سيشكّله الأخذ بيد صندوق النقد الدولي باكراً، ما يترك علاماتِ استفهامٍ كبرى حول إذا كان أي لجوء من حَمَلة السندات غير اللبنانيين إلى القضاء في محاكم نيويورك سيفتح «علبة مفاجآتٍ» موجعة مثل الحجز (ولو حتى انتهاء الدعاوى) على احتياطات الذهب أو حتى على أموال المصرف المركزي (احتياطاته).
ولا يقلّ دلالةً في نظرِ الأوساط نفسها ما يشبه «منْعَ الاختلاط» الساري بين لبنان وأصدقائه في المجتمع الدولي في حربه على فيروس «كورونا» الذي حَصَد في آخر حصيلة أمس 120 إصابة مثبتة مقابل 4 حالات شفاء و3 وفيات، والذي تمرّ البلاد في سياق محاولة منْع خروجه عن السيطرة باختبار شبه «مصيري» في الأسبوعين المقبليْن اللذين حدّدتْهما الحكومة (بدءاً من الأحد وحتى 29 الجاري) مساحةً لـ«التعبئة العامة» التي حوّلت غالبية المناطق مسْرحاً لإجراءاتِ الحدّ من التنقّل إلا للضرورات القصوى والتي استوجبتْ إغلاقاً شبه كامل للمؤسسات العامة والخاصة (مع استثناءاتٍ محددة) وقفْل مطار رفيق الحريري الدولي (ابتداء من منتصف ليل الأربعاء - الخميس) والمرافئ البحرية والبرية لضمان أوْسع استجابةٍ مع «استراتيجية التزام المنزل» بهدف كسْر حلقة انتقال الفيروس والحؤول دون «التهامه» آلاف اللبنانيين.
ومن خلف ظهْر الملفيْن المالي والصحي اللذين حضرا أمس على طاولة مجلس الوزراء، قفزت الى الواجهة قضية الفاخوري والذي استندتْ المحكمة العسكرية لكفّ التعقبات بحقه إلى مرور الزمن على الجرم، وسط تمدُّد ارتدادات هذا التطور:
* الأول قضائي مع تمييز الحكم من النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات عبر مفوض الحكومة لدى محكمة التمييز العسكرية القاضي غسان الخوري مع طلب إصدار مذكرةِ توقيفٍ في حق الفاخوري وإعادة محاكمته بالجرائم المنسوبة إليه، وصولاً إلى إصدار قاضي الأمور المستعجلة في النبطية القاضي أحمد مزهر قراراً بمنع السفر عنه، وسط تضارُب المعلومات حول إذا كان غادر الأراضي اللبنانية بعد التقارير عن انه انتقل من المستشفى (ذُكر أنه مصاب بسرطان الدم) الى السفارة الأميركية، أم لا.
* والثاني سياسي، حول الأبعاد الخفية وراء إطلاق الفاخوري، الذي لم تنفك واشنطن منذ توقيفه في سبتمبر الماضي بعد عودته إلى بيروت عن المطالبة بإطلاقه.
ولم تتوانَ أوساط سياسية عن وضْع هذا التطور في سياق مزدوج، أوّله ملاقاة المطالبات الأميركية المباشرة لقيادة «التيار الحر» ومرجعيات سياسية بالإفراج عن الفاخوري وإلا ترك الأمر انعكاسات بالغة السلبية على المساعدات العسكرية للجيش كما على صعيد تسريع إدراج شخصيات من التيار أو محسوبة عليه ضمن لائحة العقوبات، وثانيه حصول غضّ طرف من «حزب الله»، رغم إدانته لقرار «العسكرية»، الذي لن يمانع، بحسب الأوساط، توفير «حصانةٍ» خارجية لـ«حصانه الرئاسي» الأهمّ أي رئيس التيار جبران باسيل الذي سمع دعواتٍ أميركية مباشرة لإنهاء ملف الفاخوري.
وفيما كان باسيل يصف «كل كلام عن تعهّد منه باسيل لمساعدة الفاخوري» بأنه «تحامل وكذب» في مقابل اعتبار الزعيم الدرزي وليد جنبلاط ما حصل بأنه من عمل «محامي الشيطان في مركز القرار (...) انها جرعة السم للرئاسة»، برزت تداعيات أمنية لهذا الملف في عدد من السجون أبرزها «رومية المركزي»، حيث لاحت مؤشرات انتفاضة عبر احتجاجات وأعمال شغب واسعة ليل الاثنين (تمددت أمس إلى سجن النبطية حيث شطب مساجين أنفسهم) تخلّلها افتعال الحرائق وخلع وتكسير بعض الأبواب الداخلية وكاميرات المراقبة احتجاجاً على تخلية الفاخوري وعدم إقرار العفو العام، وسط خشية متزايدة من تسجيل إصابات بـ«كورونا» من شأنها تحويل السجن بؤرة كبيرة للفيروس.