السلام عليك يا مظلوم كربلاء، السلام عليك يا مظلوم عاشوراء، السلام عليك يا مظلوم أمة خاتم الأنبياء، السلام عليك يا مظلوم السلاطين والوزراء، السلام عليك يا مظلوم أهل الجهل والعلماء.
كيف لا تكون مظلوماً وقتلت مسموماً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت مطعوناً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت عطشاناً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت صابراً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت مسلوباً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت مقطعاً مبضعاً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت غريباً، كيف لا تكون مظلوماً وقتلت مسبياً.
هذا هو الحسين بن علي بن أبي طالب ممن سلب منا في مثل هذا اليوم حلاوة العيش معه وأعطانا مرارة الفراق عنه. فهو من خص نفسه وأهله بالقتل ليعيش الغير، وهو من سقى أهل الأرض بماء التضحية بالنفس والأهل والولد. فلم لا أبكيك وأنت أردت للأمة من موتك حياتها، وبقتلك خلودها، وبذبحك عزتها، وبنهاية عمرك صلاح دينها.
مصابنا فيك يا قتيل العبرة عظيم، فالناس قد فعلوا فيك المصاب الجلل في ما لم تفعل الأمم الأخرى بأسوأ مجرميها، وإن علمت الأمة بأنها لو توجهت إلى شرق الأرض وغربها، لما وجدوا ابن بنت نبي غيرك. ورغم زهد الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بكل شيء من هذه الدنيا الفانية ولم يطلب لنفسه شيئاً سوى ما وصى بكم الأمة وحسن التولي بهم والتودد إليهم، كما في قول القرآن الكريم: «قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى». مع ذلك تجرأوا على مقام القُربى وفعلوا كمن وصى بأشر الخلق إفساداً.
إلا أن الله سبحانه وتعالى توعد الكفار والظلمة بأن الغلبة للمستضعفين «ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين». فكيف يمكن لأهل الثورة أن يثوروا من دون أن يستلهموا هذا العطاء منك يا أبا الأحرار. فمُصابك حاضر فيه حرارة التجديد كلما تجدد الزمن وتبدل.
فها هي الأمة اليوم يا أبا عبدالله تستحضر ذكراك وتعيش ثورتك من جديد وتابعة لنهجك ومستنيرة بهداك. مدرسة الحسين بن علي هذه هي من جعلت لأسطورة القوة التي لا تقهر أن تتقهقر على يد ثلة ممن أخلصوا لك في الجنوب اللبناني وغزة المظلومة. وستبقى مادمت باقياً تثير الفكرة، وتُسقط العبرة، لدك أركان أعداء الدين والفجرة بيد الخُلص البررة.
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]