قفزة للدولة على مؤشر تحسين بيئة الأعمال
خطة التنمية... رؤية سامية وجهود تحتشد نحو «كويت جديدة 2035»
تحسين أداء الخدمات الحكومية يستلزم بذل مزيد من الجهد
التعاون مطلوب بين المتخصين باحكومة و القطاع الخاص و المجتمع المدني
التسجيل الإلكتروني للشركات اختصر الإجراءات و الزمن
لم تكن رؤية سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، نحو تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري، سوى المحرك لحشد جهود الجهات الحكومية، نحو تحقيق الهدف، وفق رؤية تنموية شاملة ومستدامة تصل بنا إلى «كويت جديدة 2035».
وتتبع الكويت قياس التقدم الذي تحرزه في إنجاز وأداء الخطة بالمقارنةً مع الدول الأخرى عبر 20 مؤشراً عالمياً رئيسياً، مستهدفة رفع ترتيبها ضمن الدول الـ 30 الأعلى بحلول عام 2035.
وفي هذ الصدد، ووفقاً للجنة الدائمة لتحسين بيئة الأعمال، حققت الكويت نتائج ملموسة على مؤشر تحسين بيئة الأعمال على مدار الأعوام الماضية، وسط إجراءات مستمرة نحو الارتقاء بمستواها إلى مراتب أعلى، بعدما دخلت للمرة الأولى في قائمة الدول العشر الأكثر تحسناً في تقرير 2020.
وجاء هذا التحسن ارتكازاً على ما سجلته البلاد من ارتفاع في رصيدها، على مؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2020 وفق تقرير مجموعة البنك الدولي، بمقدار 4.80 نقطة إلى 67.40 مقارنة مع رصيد 62.60 في مؤشر2019، إذ حلت في المرتبة الـ 83 عالميا من أصل 190 دولة دخلت المؤشر.
ويأتي ذلك وسط تصريحات المعنيين بذلك الملف، والتي تؤكد أن الوصول إلى هذا التحسن ليس غاية في حد ذاته، وإنما يُعد أداة لتحسين أداء الخدمات الحكومية بشكل عام، ما يستلزم بذل المزيد من الجهود سواء من قبل المختصين بالجهات الحكومية والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني، وصولا إلى تحقيق رغبة سمو أمير البلاد في تحقيق رؤية الكويت 2035.
وتمت الإصلاحات التي قادت إلى تحسن وضع الكويت على المؤشرات الدولية، في 7 من أصل 10 مكونات لمؤشر سهولة ممارسة أنشطة الأعمال 2020، وعلى رأسها مكون بدء النشاط التجاري والذي تحسن نتيجة إجراء الربط الإلكتروني بين وزارة التجارة والصناعة والهيئة العامة للمعلومات المدنية، لتحسين عملية التسجيل الإلكتروني للشركات، ما أدى إلى اختصار الإجراءات والمدة الزمنية لاستصدار الترخيص التجاري.
ويأتي ذلك إلى جانب تحسن مكون استخراج تراخيص البناء، بعد قيام بلدية الكويت بدمج الجهات الحكومية المعنية الأخرى في المنصة الإلكترونية الموحدة لتراخيص البناء، وتفعيلها لقنوات التواصل الداخلي ما قلص الإجراءات ووقت استخراج تراخيص البناء، إلى جانب مكون الحصول على الكهرباء والذي تحسن عبر ميكنة تقديم طلب إيصال التيار الكهربائي، ودمج إجراءاته مع تركيب العداد، واستخدام نظم المعلومات الجغرافية لمراجعة طلبات الحصول على الكهرباء، بما أدى إلى تقليص عدد الإجراءات والوقت.
ولعب مكون تسجيل الملكية دوراً فعلاً في ما حققته الكويت، من خلال التنسيق بين وزارة العدل وبلدية الكويت لتحسين عمليات التفتيش والتسجيل، الأمر الذي انعكس إيجابا على تقليص عدد الإجراءات والمدة الزمنية لتسجيل الملكية.
ويترافق ذلك مع ما أحدثه نشر وزارة العدل للمعايير والمتطلبات الرسمية لنقل الملكية على الموقع الإلكتروني التابع لها، من تحسين في مؤشر جودة نظام إدارة الأراضي.
وجاء ذلك إلى جانب ما حققته الدولة في مكون الحصول على الائتمان، بفضل عمل شركة المعلومات الائتمانية بالتعاون مع بنك الكويت المركزي، ما أدى إلى تسهيل الوصول والاطلاع على المعلومات الائتمانية لضمان الحق القانوني للدائنين بتفحص سجلهم الائتماني، وتطبيق نظام التصنيف الائتماني للعملاء كخدمة ضرورية ومهمة للبنوك والمؤسسات المالية، وفق ما جاء في قانون تنظيم تبادل المعلومات الائتمانية رقم 9 لسنة 2019 في هذا الشأن.
ووصل التحسن إلى مكون حماية حقوق المستثمرين الأقلية، من خلال التنسيق بين هيئة أسواق المال ووزارة التجارة والصناعة لاسيما بعد التعديل الأخير لقانون الشركات رقم (1) لسنة 2016 بمد فترة الدعوة لعقد اجتماعات الجمعية العمومية إلى 21 يوماً بدلاً من 15 يوماً أسوة بأفضل الممارسات العالمية في هذا الشأن، وصولاً إلى مكون التجارة عبر الحدود بعدما قامت الإدارة العامة للجمارك بتحسين نظام إدارة المخاطر الجمركية، وتطبيق نظام الكتروني جديد للتخليص الجمركي بإصدار مجموعة من التعاميم الجمركية الخاصة بذلك، ما أدى إلى تقليص المدة الزمنية للتصدير والاستيراد عبر المنافذ الحدودية.
ويظهر أثر الإجراءات المستمرة من قبل الحكومة نحو تحسين الاقتصاد المحلي، فيما كشفت عنه هيئة تشجيع الاستثمار المباشر من أنها تمكنت من تحقيق النمو بثبات في تدفقات الاستثمارات المباشرة الواردة إلى الكويت، إلى أن بلغ حجمها التراكمي أكثر من 960 مليون دينار.
وبلغت قيمة الاستثمارات المباشرة الواردة الجديدة الموافق عليها خلال العام المنصرم نحو 155.9 مليون دينار، إذ أنه منذ أن باشرت الهيئة عملها في يناير 2015 وحتى 31 مارس 2019 تمت الموافقة على 37 شركة عالمية من 16 دولة.
وفي سياق متصل، فإن آخر تقارير وكالة «ستاندرد آند بورز»، ثبت التصنيف الائتماني السيادي للكويت عند (AA) مع نظرة مستقبلية مستقرة، وقد جاء في التصنيف إشارة إلى حجم المدخرات المتراكمة في صناديق الثروة السيادية والبالغة أكثر من 400 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مرجحة أن يكون حجم صافي الاصول الحكومية قد سجل 420 في المئة من الناتج المحلي بنهاية 2019، وهي النسبة الأعلى بين الدول التي تقوم الوكالة بتصنيفها سيادياً.
مخزون الأصول
وتعكس النظرة المستقبلية المستقرة توقعات الوكالة، ببقاء الأوضاع المالية والخارجية قوية خلال العامين المقبلين، مدعومة بمخزون ضخم من الأصول الأجنبية المتراكمة في صندوق الثروة السيادية، وأن تساهم هذه الأوضاع جزئياً في تخفيف المخاطر المتعلقة بعدم تنويع الاقتصاد واعتماده على النفط.
وجاء التصنيف مدعوماً بالمستويات المرتفعة من المصدات المالية والخارجية السيادية المتراكمة، إلا أن التصنيف مقيد بسمة التركز في الاقتصاد والضعف النسبي في القوة المؤسساتية، مقارنة مع قريناتها في التصنيف من خارج الإقليم.
وتطرقت الوكالة إلى أنه ونظراً لتركز الاقتصاد المرتفع على قطاع النفط، فإن اتجاهات الأداء الاقتصادي للكويت ستبقى مرتبطة بشكل كبير باتجاهات صناعة النفط، متوقعة أن يحقق الاقتصاد الحقيقي نموا بنحو 0.5 في المئة بـ2019 انعكاسا لقرار منظمة «أوبك» بتمديد اتفاقية تخفيض إنتاج النفط، ومرجحة أن يبلغ متوسط إنتاج الكويت من النفط نحو 2.65 مليون برميل يوميا العام الحالي مقارنة بنحو 2.8 مليون برميل يومياً، حسب خطة السلطات المحلية المدرجة ضمن الموازنة العامة للدولة.
نمو الاقتصاد
وتوقعت الوكالة أن يستقر نمو الاقتصاد عند 0.5 في المئة العام الحالي، عند مستواه لعام 2019 وأن يصل سعر خام برنت إلى 60 دولاراً هذا العام، قبل أن ينخفض إلى نحو 55 دولاراً للبرميل.
وأكدت الوكالة أن الكويت تعتبر الأقوى من حيث مركز صافي الأصول الحكومية العامة من بين الدول التي تقوم بتصنيفها سيادياً، مقدرة الأصول الحكومية التي تدار من قبل الهيئة العامة للاستثمار بنحو 430 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يجعلها أكبر صندوق للثروة السيادية في العالم بالنسبة لحجم الاقتصاد.
وأشارت إلى أن هذه المدخرات الحكومية الكبيرة توفر حيزاً مالياً للمناورة في ظل السيناريوهات المعاكسة، مثل تراجع شروط التجارة بأكثر من المتوقع أو تعطل موقت لطرق التصدير.
ورغم تراجع توقعاتها لأسعار النفط في 2021 إلى 55 من 60 دولاراً لعام 2020، فإن توقعات «ستاندرد آند بورز» ببقاء الموازنة العامة بعد حساب دخل الاستثمارات الحكومية ومن دون حساب مخصص صندوق احتياطي الأجيال القادمة، في تحقيق فوائض مالية بنحو 8 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على المدى المتوسط.
وأرجعت ذلك في المقام الأول إلى عوائد الاستثمار الحكومية الكبيرة، الناتجة عن إدارة المخزون الحالي من أصول الهيئة العامة للاستثمار، مضيفة أنها لا تتوقع أن يتم طرح إصدارات جديدة للسندات الخارجية، بسبب التأخر في إصدار قانون الدين العام الجديد، على أن تواصل الحكومة تمويل عجز الموازنة من خلال السحب من أصول صندوق الاحتياطي العام.
قوة المصارف
وتطرقت الوكالة إلى أنه على الرغم من تحديات البيئة التشغيلية، فإن القطاع المصرفي الكويتي يبقى قوياً، مع ربحية مستقرة وتحسن جودة الأصول معتبرة أن التركزات الائتمانية للبنوك في قطاع العقار التجاري ستظل تشكل المخاطر الائتمانية الرئيسية.
وفي السياق ذاته، فإن تقرير صادر عن مجلة «غلوبال فاينانس» أخيراً، أشار إلى أن الكويت تعود مجدداً نحو مسار اقتصادي سليم، بعد الانكماش التاريخي الذي مرت به خلال 2017، في حين أنه ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن اقتصاد البلاد سينمو بواقع 0.6 في المئة خلال 2019، و3.1 في المئة خلال العام الحالي.
وتطرق التقرير إلى القطاع المصرفي المحلي إذ جاء فيه «أنه يمثل أحد الأعمدة لتحقيق النمو الاقتصادي في الكويت»، متوقعاً أن يواصل نموه، لا سيّما مع دخوله في تمويلات لمشاريع البنية التحتية والشراكة بين القطاعين العام والخاص.
وأشار إلى أن رؤية الكويت لعام 2035 تقدم للمصارف فرصاً لتطوير عروض جديدة للشركات، بالإضافة إلى التسهيلات الائتمانية.
فوائض حتى
مع تراجع النفط
توقعت «ستاندرد آند بورز» استمرار تحقيق المالية العامة للكويت فوائض، حتى مع استمرار انخفاض أسعار النفط عالمياً في المستقبل، مدفوعة بدخل الاستثمارات الحكومية في صناديق الثروة السيادية، متوقعة كذلك بقاء سعر صرف الدينار مرتبطاً بسلة العملات الرئيسية التي يهيمن عليها الدولار.
رفع التصنيف... ممكن
أشارت «ستاندرد آند بورز» في تقريرها، إلى إمكانية رفع التصنيف الائتماني السيادي للكويت، إذا نجحت الإصلاحات الاقتصادية في تعزيز الفعالية المؤسساتية، وتحسين التنويع الاقتصادي على المدى الطويل، رغم اعتقادها بأن هذا السيناريو قد لا يتحقق خلال آفاق توقعاتها لغاية 2023.
2.5 في المئة...
نمواً بالناتج المحلي
توقعت الوكالة نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.5 في المئة في المتوسط بين 2021 و2023، وذلك بدعم من التوقعات حول قيام «أوبك» بعدم تمديد اتفاق تخفيض إنتاج النفط «أوبك بلس» بعد عام 2020، إضافة إلى سعي السلطات نحو زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط، واستئناف الإنتاج في المنطقة المحايدة المشتركة بين الكويت والسعودية التي ستنتج 500 ألف برميل يومياً.