طالبن عبر «الراي» بتأمين حق التعليم للمصابين بمتلازمة «الداون»

صرخة أمهات ضحايا «الكروموزوم» الزائد: مسؤولون في الدولة قالوا لنا... «ماكو فايدة»!

تصغير
تكبير

- وجهنا كتاباً لوزير التربية السابق ... رفض أن يتسلمه

- قد نتظاهر أو نعتصم إذا لم نلمس التحرك الإيجابي

مدير إدارة مدارس التربية الخاصة:

مرحباً بهم في أي وقت

مصدر تربوي:

 دمج هؤلاء الطلبة كان من الأساس خطأ لا يُغتفر وإكمال تعليمهم في مدارس التربية الخاصة... «كلام فاضي»

الثويني:

عملية الدمج أمر بديهي أقرته الأمم المتحدة

خلود العلي:

- تقييم كل حالة على حدة تجنباً للظلم

- هناك نماذج رائعة في بلدان مختلفة تدل على قدرة هذه الفئة على الوصول إلى ما يستطيعه الأصحاء

هو مجرد «كروموزوم» زائد كان سبباً في سلب حق التعليم للكثيرين من المصابين بمتلازمة الداون في دولة الكويت، رغم التزام الدولة في اتفاقيات دولية عدة تتعلق بحقوق الإنسان، أبرزها «اتفاقية حقوق الطفل»، كما أن القانون رقم (8) لعام 2010 بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة كان أساساً متيناً لحماية الطفل، وألزم الجهات الحكومية بتقديم الرعاية الكاملة له من دون أي تمييز، وكفل له أيضاً حق التعليم ابتداءً من عمر 3 سنوات وحتى نهاية مراحل التعليم.
لكن الواقع كان شيئاً آخر، على ألسنة أمهات، انتقدن سياسة الوزارة في تدريس أبنائهن من ذوي متلازمة «الداون» حتى الصف الخامس، ثم «رميهم في الشارع أو إجبارهم على تلقي التعليم المهني، وتحويلهم مباشرةً إلى التربية الفكرية»، فيما أكد مسؤولون في وزارة التربية أن المشكلة في سوء التخطيط والمناهج الدراسية والتهور في عملية الدمج، وأن نسبة ذكاء طلبة «الداون» لا تؤهلهم للتعليم.
وكشف الأمهات أن بعض المسؤولين في وزارة التربية تهربوا من مسؤوليتهم تجاه ضمان حق التعليم لأطفالهن، قائلين: «ماكو فايدة، شنو رح تستفيدون من تعليمهم»، ما أشعل لهيبهن ودفعهن للحديث عن قضيتهن عبر منبر «الراي».
وأكدت الأمهات أنهن قمن بتوجيه كتب رسمية لمسؤولين في الدولة، على رأسهم وزيرالتربية وزير التعليم العالي السابق الدكتور حامد العازمي، لمناشدتهم تحقيق مطالبهن «الدستورية» التي تكفل لأطفالهن المصابين بمتلازمة «الداون» حق التعليم، والذي بدوره رفض تسلم الكتاب، ما دفع الأمهات لإطلاق حملة على «تويتر» تهدف لإيقاف عزل أطفال متلازمة «الداون» عن التعليم العام، والقرارات التخبطية في حقهم، وتهميشهم، والتعمد في تخلفهم.
ونجحت هذه الحملة بإيصال أصواتهن إلى النائب بدر الملا، الذي تفاعل مع قضيتهن، وقام بدوره بتسليم الكتاب بـ«اليد» للوزير العازمي، وذكرت الأمهات أنه تم تحويل الكتاب لإدارة التعليم العام، وأنهن لم يتسلمن أي رد رسمي تجاهه.
وطالبن الحكومة عبر «الراي»، باستكمال السلم التعليمي الأكاديمي لطلبة متلازمة «الداون» بنظام الدمج، الذي يساهم في تعديل سلوكهم، وتطوير نطقهم، وحالتهم المرضية، وذلك لأنهم يتميزون بسمة «التقليد» التي تجعلهم يتأثرون بمن حولهم، وشددن على ضرورة فصل الملف التعليمي عن الملف الصحي الذي يُدمج من قبل الهيئة العامة لشؤون ذوي الإعاقة، ويظلم قدرات الطفل العقلية ويساهم في حرمانه من التعليم، وذلك لعدم تفصيل الحالة الإعاقية التي يعاني منها كل فرد، وناشدن المعنيين منحهن حق الاختيار بين الالتحاق بالمدارس الخاصة والعامة لما فيه مصلحة وفائدة لأطفالهن.

تلويح بمظاهرات
ودعت الأمهات إلى رحيل كل مسؤول غير قادر على تولي مهامه، وهددن بتنظيم مظاهرات واعتصامات أمام مقر وزارة التربية إذا لم يلمسن التحرك الإيجابي تجاه مشكلتهن وتبني قضية أبنائهن التي عانين منها لسنوات عدة.
«الراي» توجهت إلى الجهات المختصة والأشخاص المعنيين والناشطين في حقوق ذوي الإعاقة، للكشف عن أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه المشكلة من وجهة نظر تربوية.

مرحباً بهم في أي وقت
وفي هذا السياق، أكد مدير إدارة مدارس التربية الخاصة في وزارة التربية الدكتور سلمان اللافي، أن سبب توقف طلبة متلازمة «الداون» عند الصف الخامس فقط هو عدم وجود منهج دراسي في التعليم العام لهؤلاء الطلبة، الذين باستطاعتهم إكمال تعليمهم في مدارس التربية الخاصة و«مرحباً بهم في أي وقت».
وبين اللافي لـ «الراي» أن السبب الرئيسي للمشكلة كان التفكير بشكل عاطفي خلا من التخطيط الجيد بشأن هؤلاء الطلبة، الذين تم دمجهم في بيئة مدرسية غير مهيأة لقدراتهم، وتزداد مشكلاتها كلما انتقلت من مرحلة إلى أخرى حيث إمكانية تعرضهم إلى العنف قائمة إن تم دمجهم في المرحلة المتوسطة أيضاً، مؤكداً أن الوزارة عرضت عليه الأمر وكان الحل من وجهة نظره في قبولهم بمدارس التربية الخاصة، التي تمنحهم فرصة إكمال تعليمهم حتى مستويات معينة وفق برامج تدريبية معتمدة.
وأكد اللافي قبول 5 طلاب خلال العام الدراسي الفائت، ولكن ربما يشق على بعض الأهالي القاطنين في مناطق الأحمدي والجهراء نقل أبنائهم إلى مدارس التربية الخاصة في حولي بسبب طول المسافة، مبيناً أنه حين تم دمج هؤلاء الطلبة لم يتم التفكير بشكل واقعي، يتم من خلاله توفير المنهج الجيد للطلبة والبيئة المدرسية المناسبة.

«كلام فاضي»
من جهته، قال مصدر تربوي لـ «الراي» إن دمج هؤلاء الطلبة من الأساس كان خطأ لا يغتفر وتخبطاً كبيراً، حيث ان للأهالي كامل الحق في الامتعاض والتذمر من تدريس أبنائهم حتى الصف الخامس ثم رميهم في الشارع، معتبراً أن القدرات العقلية لهؤلاء الطلبة محدودة، ونسب الذكاء لديهم تتراوح بين الـ20 والـ30 في المئة فقط، لذلك هم غير مؤهلين من الأساس للدمج في مدارس التعليم العام.
ووصف المصدر عملية إكمال الطلبة تعليمهم في مدارس التربية الخاصة بـ«الكلام الفاضي»، حيث ان قدراتهم العقلية تقف عند الصف الخامس، وهناك كثير منهم يبقى في هذه المدارس حتى سن الـ21، لكنهم لا يتلقون سوى حصص للرقص، والموسيقى، ورياضة أو لعب، مشيراً إلى أن هذه المدارس أصبحت كـ«الملجأ» لهم، وأن دمج هؤلاء الطلبة خطأ، ومدارس التعليم العام غير مهيأة لاستقبالهم، ولا يمكن «عقلياً» في مثل هذه الظروف دمجهم مع نظرائهم الأسوياء لأسباب كثيرة قائمة في مجتمعنا.

الدمج الشامل
وفي السياق نفسه، أوضح أمين سر الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين علي الثويني، أن عملية الدمج التعليمي تطرقت لها المؤسسات التربوية والجمعية سابقاً، وأن الجمعية قامت بتبني هذه القضية منذ أكثر من 25 عاماً، وقدمت دراسات تفيد بعملية الدمج التعليمي.
وطالب الثويني بالدمج الشامل، الذي يكفل دمج جميع الإعاقات من دون استثناء الإعاقات الذهنية منها، مشيراً الى أنه في الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة لعام 2035، تم فرض التعليم الشامل، وألزم الحكومة متمثلةً بوزارة التربية والتعليم العالي بدمج ذوي الإعاقة في التعليم العام، ومن ثم وضع المناهج المناسبة لهم.
واعتبر أن عوامل الدمج تتمركز حول توعية المسؤولين وأولياء الأمور والطلبة، وأن عملية الدمج أمر بديهي أقرته الأمم المتحدة، وأن المشكلة في بعض الجهات الرسمية التي ما زالت مترددة بتطبيقها، وقال إن الإعاقة هي جزء من التنوع البشري وعلى المجتمع تقبل هذا الاختلاف.

لا يجوز رفضهم
من ناحيتها، أشارت نائب رئيس الجمعية الكويتية لمتابعة قضايا المعاقين وولية أمر طفلة من متلازمة «الداون»، خلود العلي، الى أن دولة الكويت سباقة في حل القضايا التي تعاني منها المنطقة والخليج العربي أجمع، وأن الحكومة الكويتية يجب أن تمنح كل ذي حق حقه إذا كفله الدستور الكويتي له.
وذكرت أن ابنتها الشابة التي تبلغ من العمر 22 عاماً، حصلت على القبول في إحدى الكليات الدراسية خارج البلاد، لاستكمال تعليمها الأكاديمي، وأن إدارة الكلية لم ترفضها لكونها من ذوي متلازمة «الداون»، بل تم قبول حالتها بناءً على التشخيص الذي يفصل حالتها المرضية وإعاقتها الذهنية.
وبينت أن أشخاص متلازمة الداون جزء من المجتمع، لا يحق لأحد أن يرفضهم، وأن الأصحاء قد يتفاوتون في ما بينهم بنسبة الذكاء، كذلك طلبة متلازمة «الداون»، ما يؤكد ضرورة تقييم كل حالة على حدة، حتى لا يتم ظلمهم. ولفتت إلى أن هناك نماذج رائعة طرحها العالم في بلدان مختلفة، تدل على قدرة هذه الفئة للوصول إلى ما يستطيع أن يصل إليه الأصحاء.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي