د. وائل الحساوي / نسمات / ماذا نخسر إن أحسنا الظن بالصحابة؟!

تصغير
تكبير
أعجبني ملصق وعلقته في بيتي كتب فيه (كنتم خير أمة أخرجت للناس)، وفي وسطه قلب حب مكتوب فيه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحوله: أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبي طالب، وفاطمة والحسن والحسين وعائشة رضي الله تعالى عنهم أجمعين، وقد تمنيت لو أضافوا اسم أمهم الصديقة خديجة رضي الله عنها وأرضاها.
هذا الملصق هو رمز لوحدة هذه الأمة وتماسكها، فهؤلاء الأشخاص هم خاصة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرب الناس اليه، وما احوجنا في هذه الأيام العصيبة إلى مثل هذه الوحدة ونبذ الخلاف الذي طال حتى دمر أمتنا وأوقع فيها العداوات والبغضاء. لا يمكن لإنسان عاقل يؤمن بالله تعالى وبرسوله ان ينبذ تلك الصورة الجميلة ثم ان يصور الأمور بعكسها، او ان ينبش التاريخ لكي ينفث العداوة والبغضاء بين هؤلاء الكرام الذين هم خاصة رسوله وأقرب الناس اليه اعتماداً على روايات باطلة وتلفيق شاع في فترة زمنية، بينما هو يقرأ القرآن الكريم الذي يزكي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وآله، بل ان الفطرة البشرية والأدلة العقلية جميعها تدل على ان ذلك المجتمع المثالي الذي لم يصل للبشرية ان اوجدت مثله على وجه الأرض، وأن ذلك الرسول العظيم الذي انشأ هذا المجتمع ورباه على يديه وسمعه وبصره، وصاهرهم ووثق بهم، وقاموا هم بنصرته في السراء والضراء، لا يمكن ان يكون ذلك المجتمع المثالي هو مجتمع الحقد والشتيمة والتكفير والتنافر الذي تصوره بعض الروايات المكذوبة وينفخ فيه مشايخ من اصحاب الأهواء والمصالح وحب الرئاسات، ومن الجهلة الذين لم يفقهوا رسالة الإسلام العظيمة.
لو كان هنالك طريق غير هذا الطريق لوحدة الأمة لسلكناه، ولكننا ندرك بأن الأمة لا يمكن لها ان تتحد وهي يلعن بعضها بعضاً ويشتم بعضها بعضاً، وتقيم المآتم للشتم واللعن.

- قيل لعلي بن الحسين (رضي الله عنهما): كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه (أي قبورهما بجانب قبره).
- عن محمد بن علي رضي الله عنه أنه قال لجابر الجعفي:
إن قوماً بالعراق يزعمون أنهم يحبوننا ويتناولون أبا بكر وعمر ويزعمون أني أمرتهم، فأبلغهم أني إلى الله بريء منهم، والذي نفس محمد بيده لو وليت لتقربت إلى الله بدمائهم، لا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم ان لم استفغر لهما وأترحم عليهما، وقال ابو جعفر الباقر (رضي الله عنه): من لم يعرف فضل أبي بكر وعمر فقد جهل السنة.
اما الإمام ابو جعفر الصادق رضي الله عنه فقد قال: أبو بكر جدي، أيسب الرجل جده؟! وقال: ولدني ابو بكر مرتين، ذلك ان أم جعفر بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر، وأمها اسماء بنت عبدالرحمن بن ابي بكر رضي الله عنهم اجمعين.
ولو افترضنا بأن احدهم قد شكك في تلك الروايات الثابتة، فهل تكذب الأرحام بينهم وتسمية كل منهم ابناءه باسم الآخر؟!
فهذا عمر رضي الله عنه تزوج ام كلثوم بنت علي رضي الله عنه، وهذا علي رضي الله عنه سمى ابنه بأبي بكر، وسمى الحسن بن علي رضي الله عنه ابنه بأبي بكر، وقد قتلا مع الحسين في كربلاء.
وكانت كنية علي الرضا رحمه الله هي أبي بكر، وكنية المهدي الغائب عند الشيعة هي أبي بكر، وقد سمى علي رضي الله عنه ابنه بعمر، وكذلك علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب وكذلك محمد بن علي (ابن الحنفية) وكذلك الحسن رضي الله عنهم جميعاً سموا اولادهم بعمر، والقائمة طويلة.
كل ما نتمناه هو ان يقف العقلاء من جميع المذاهب والملل مع انفسهم وقفة تأمل وتبصر وان ينبذوا التقليد الأعمى الذي ذمه الله تعالى ليعلموا بالدليل والبرهان بأن هذه الأمة هي حقاً (خير أمة أخرجت للناس).
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي