لن تكون استقالة الحكومة آخر تداعيات جلسة الاستجواب المثيرة للجدل، فالأمر لن يقف هنا، بعد أن أصبح اللعب على المكشوف وما كان محظوراً الحديث عنه، ولو همساً، صار يتداول وعلى صفحات الجرائد والمواقع الإلكترونية، فما وصلنا إليه من حال السلطتين لم يعد يسر صديقاً ولا عدواً، حتى فقدتا ثقة المواطن بهما، وأصبح يتمنى زوالهما اليوم قبل الغد، حتى جاءت استقالة الحكومة التي أوجدت ارتياحاً شعبياً كبيراً، مرفقاً بأمنيات أن يلحق بها المجلس الذي كان عبئاً، ولم يقدم شيئاً لا للمواطن ولا للوطن.
فعلى جناح الحكومة بدا الصراع بين الوزراء واضحاً جلياً، في صورة لم تعهدها الكويت من قبل، وأصبح المجلس رهيناً لهذا الصراع، حتى وصلنا إلى تصنيف «مع أو ضد» وهو أمر طارئ وغير مسبوق في تاريخ الحكومات الكويتية، أن نجد التشكيل الوزاري يشهد صراعاً، لم يقف عند جدران المجلس، بل تعداها إلى حالة مجتمعية أصبحت الشغل الشاغل للمواطنين وهم يتابعون الأمر وينتظرون نتيجة ذلك الصراع، بل اخترق جدران مجلس الأمة حتى تابعنا تداعياته في جلسة الاستجواب، حتى أصبحت الأماني اليوم أن نرى تشكيلاً حكومياً جديداً منسجماً، بعيداً عن «الحرب الداخلية» التي عشناها في الشهور الاخيرة.
أما في مجلس الأمة، فحدّث لا وحرج، فقد تجاوز الأمر مسألة النائب الحكومي «صاحب المعاملات» والنائب المعارض، لنعيش حالة من رهن النواب أنفسهم وأصواتهم إلى هذا الطرف أو ذاك من أطراف الصراع الحكومي، ولعل ما تابعناه من مواقف في جلسة الاستجواب يوم الثلاثاء الماضي، تؤكد ذلك، فقد شهدت أموراً لم يشهدها مجلس الأمة، تماماً كما هو حال مجلس الوزراء، ففي استجواب وزيرة الأشغال جنان رمضان قُدم لرئيس المجلس مرزوق الغانم طلبان لطرح الثقة كل منهما موقع من 10 نواب، في سابقة لم تحدث من قبل، وهو الأمر الذي دفع الغانم إلى أخذ الطلب الأول ورفض الثاني، وفق اللائحة. والسؤال المطروح ما الذي دفع بعشرة نواب لتقديم طلب طرح الثقة الثاني، طالما أن طلباً سبقهم إليه عشرة زملاء آخرين؟ أليس هذا دليلاً على شيء ما في الخفاء أراد النواب إيصال رسالتهم إليه؟ وإلا فإنه لا مبرر لتقديم طلب آخر في ظل وجود الأول، بغض النظر عن موقف النواب من الوزيرة جنان وتحميلهم إياها مسؤولية أزمة الأمطار وحالة الطرق السيئة.