قال أفلاطون: إن تكوين إنسان يتطلب خمسين سنة. وإذا كان التكوين يتطلب كل تلك المدة فإن الوصول إلى النضج الكامل لا سبيل إليه مهما عاش الإنسان.
إن حاجتنا للتربية تفوق حاجة أطفالنا إليها، فنحن بحاجة ماسّة إلى أن نشعر أننا لم ننضج بعد، وهذا الشعور هو المدخل والمنفذ الوحيد إلى جعلنا نستفيد من العبر، ونستخلص الدروس من نتائج ومعطيات أنشطتنا المختلفة، وهذا ما جعل لدينا القابلية لأن نتعلم، ونضيف كل يوم خبرة إلى خبراتنا، فالإنسان يظل قاصراً عن الإحاطة بالصورة الكلية التي ينبغي أن يكون عليه شأنه. إن علينا معاشر الناضجين الراشدين أن نتربى، ونضفي على ذواتنا وخبراتنا صفة الوضع النهائي، وهي لا تزال تحبو في مدارج الكمال.
إن جهلنا بكثير من الحقائق ومجريات الأحداث التي تتم تحت السطح، وعجزنا عن مقاومة كثير من الشهوات والإغراءات إلى جانب طرق جديد كل يوم، يوجب علينا مطاردة دائمة لأهداف لا نملكها بغية إنجاز ذواتنا والبلوغ بها أسمى ما يمكننا الوصول إليه. وإن استنفدت أهدافنا التي نحيا من أجلها فهذا مؤشر أننا انقطعنا عن إنسانيتنا، وتكون حياتنا عبارة عن أيام مكرورة لا فائدة نجنيها من ورائها سوى انتظارالرحيل.