رغم المخاطر الإقليمية والعالمية

«الوطني»: يمكن للإمارات تحمل موقف مالي توسعي... خلال السنوات المقبلة

تصغير
تكبير

السياسات المالية  الحذرة زادت التأثير  سلباً... على النمو



أشار تقرير لبنك الكويت الوطني إلى النمو القوي الذي شهدته الإمارات بعد الأزمة المالية العالمية، حتى في الوقت الذي كان الاقتصاد العالمي يعاني من ضعف النمو، مبيناً أنه بعد تراجع أسعار النفط في 2014، بدأ النمو غير النفطي الحقيقي في الإمارات يتباطأ ليصل إلى 1.7 في المئة في 2018 مقابل 6.2 في المئة بـ 2014.
وتوقع التقرير أن يصل عجز الموازنة الإماراتية إلى نحو 2.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي بـ 2019، وأن يصل إلى 3.6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في 2020-2022. إلا أن الوضع المالي لا يزال قوياً حيث يمكن للإمارات تحمل موقف مالي توسعي معتدل خلال السنوات القليلة المقبلة في ضوء توافر الهوامش المالية المرتفعة والحيز المالي الكبير.
وأوضح التقرير أن استمرار تصاعد المخاطر الجيوسياسية في المنطقة على مدار فترة زمنية طويلة ساهم في التأثير سلباً على ثقة المستثمرين وإضعاف حجم التجارة، ما أدى إلى تراجع الاستهلاك الخاص والاستثمار. كما تأثرت أوضاع المالية العامة بهذه الظروف، ما دفع إلى اتخاذ سلسلة من التدابير لكبح عجز الميزانية.
وذكر التقرير أن تصاعد التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين والعقوبات الأميركية على إيران، في الآونة الأخيرة، أثرا على نمو الاقتصاد والصادرات الإماراتية، إذ سجل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي نمواً ضعيفاً بلغ 0.3 في المئة، على أساس سنوي، في الربع الأول من 2019، إلا أن معدل النمو الكلي للاقتصاد بلغ 3.7 في المئة، على أساس سنوي. وكان النمو غير النفطي أقل من 1 في المئة على أساس سنوي لثلاثة أرباع متتالية (منذ النصف الثاني من 2018).

ضبط المالية  
وبين «الوطني» أن انخفاض الاستهلاك الخاص والاستثمار بنسبة 0.5 في المئة و0.7 في المئة بـ2018 على التوالي، أثر على النمو الحقيقي، وانعكس هذا الضعف في الطلب المحلي في تراجع الواردات من السلع والخدمات التي انخفضت 3.2 في المئة بـ2018. إلا أن التحسن الذي شهده نمو الائتمان للشركات والقطاعات الصناعية 5.8 في المئة بـ 2018 مقابل 2.8 في المئة بـ 2017 لم يسهم في تهدئة ضعف ثقة المستثمرين.
وأدت السياسات المالية الحذرة إلى تزايد التأثير السلبي على النمو، إذ تقلص الاستهلاك العام والاستثمار 1.6 في المئة و0.1 في المئة على التوالي بـ2018. وتركزت الجهود الحكومية على ضبط أوضاع المالية العامة على إثر تراجع أسعار النفط في 2014 الذي أدى إلى انخفاض إيرادات الحكومة الاتحادية بنحو 26.1 في المئة تقريباً في العام 2015، ما أثر على نمو القطاع غير النفطي، إذ تراجع إلى 1.3 في المئة بـ 2018 مقابل 1.9 في المئة بـ2017. وفي ذات الوقت، تحسنت أوضاع المالية العامة وانخفضت حساسية الميزانية تجاه تقلبات أسعار النفط، خصوصاً في ظل فرض الضرائب الانتقائية في أكتوبر 2017 وضريبة القيمة المضافة بأوائل 2018.
وأشار «الوطني» إلى أن تطبيق الضرائب الانتقائية وضريبة القيمة المضافة إلى جانب ارتفاع أسعار الوقود المحلية أدت إلى ارتفاع معدل التضخم إلى 3.1 في المئة في 2018، وفي ظل تلاشي أثر الضرائب الانتقائية في الربع الرابع من 2018، دخل التضخم الأساسي إلى منطقة الانكماش.
وساهم ارتفاع أسعار الفائدة الإماراتية الذي بدأ في 2016 بالتزامن مع رفع أسعار الفائدة الأميركية - في ضوء ربط الدرهم الإماراتي بالدولار الأميركي - في شح السيولة وضعف طلب القطاع الخاص. كما تأثر القطاع العقاري أيضاً بارتفاع تكاليف الاقتراض، إضافة إلى ارتفاع رسوم معاملات البيع، في حين تأثر جانب العرض سلباً على خلفية تخمة المعروض، ما تسبب في تراجع الأسعار منذ 2015. وكان انخفاض أسعار العقارات أكثر وضوحاً في دبي، بتراجع 7.3 في المئة بـ2018، حسب بيانات بنك التسويات الدولية.
واستمر تزايد العرض في القطاع العقاري في التأثير على أسعار العقارات في 2019، إذ تراجعت الأسعار في دبي وأبو ظبي 10 في المئة و7.7 في المئة على أساس سنوي في يوليو على التوالي. لذلك، شكلت حكومة دبي لجنة عليا للتخطيط العقاري لتنظيم المشروعات سعياً للحد من انخفاض الأسعار من خلال تنظيم وتيرة تنفيذ المشاريع لتحقيق التوازن بين جانبي العرض والطلب.

النمو والعجز
ولفت «الوطني» إلى أن آفاق النمو في الإمارات لا تزال قوية نسبياً بدعم من القطاع النفطي، الذي يتوقع أن ينمو 3.5 في المئة بـ2019، إلا أن توقع تمديد اتفاقية «أوبك» وحلفائها حتى نهاية 2020، إلى جانب ضعف الطلب العالمي، قد يضغط على نمو القطاع في 2020، إذ يتوقع أن يسجل نمواً نسبته 2.2 في المئة فقط خلال الفترة الممتدة ما بين 2020-2022.
ومن جهة أخرى، يرجح أن ينمو القطاع غير النفطي بوتيرة معتدلة تصل إلى 1 في المئة في 2019 قبل أن يرتفع إلى نحو 1.8 في المئة بـ 2020-2021 مع انعكاس تأثير الإصلاحات الهيكلية وحزمة التحفيز المالي واكسبو دبي 2020. أما في 2022، يتوقع أن يتراجع النمو إلى 1.5 في المئة، مع تلاشي تأثيرات الحوافز التي استحدثتها أبوظبي وإكسبو 2020.

سلسلة تدابير هيكلية ومالية

أوضح تقرير «الوطني» أن الحكومة الإماراتية اعتمدت سلسلة من التدابير الهيكلية وسياسة مالية توسعية، سعياً منها لتحفيز نمو القطاع غير النفطي، مشيراً إلى تخفيضها أو إلغائها رسوماً مفروضة على نحو 1500 خدمة تتعلق بإصدار وتجديد تصاريح العمل وخدمات الترخيص الصناعية، ومنحها تأشيرات الإقامة للعاملين الأجانب من ذوي الخبرة في المجالات الطبية والبحثية والفنية. وأطلقت الحكومة برنامج الضمانات الائتمانية بقيمة 100 مليون درهم م لتوفير حلول تمويلية إستراتيجية للشركات الصغيرة والمتوسطة. والأهم من ذلك، صدر أخيراً قانون استثمار يرفع نسبة الملكية الأجنبية خارج المناطق الحرة المحددة والسماح للمساهمين الأجانب بتملك حتى 100 في المئة من الشركات في 122 نشاطاً تجارياً مختلفاً ضمن 13 قطاعاً. كما دعمت دبي الشركات الصغيرة والمتوسطة من خلال تحديث اللوائح الخاصة بمسرّعات وحاضنات الأعمال، من خلال رفع نسبة الملكية إلى 100 في المئة، وخفض التكلفة في قطاعات الطيران والعقارات والسياحة، إلى جانب خفض رسوم ممارسة أنشطة الاعمال.
ومن جهة أخرى، تبنت أبو ظبي حزمة تحفيز مالي لمدة ثلاثة أعوام بقيمة 13.6 مليار دولار (50 مليار درهم) في عام 2018 لدعم برنامج المسرعات الحكومية. ويشمل ذلك البرنامج نحو 50 مبادرة تستهدف الشركات الصغيرة والمتوسطة والمشاريع الناشئة والقطاعات الصناعية والسياحية والتكنولوجية من خلال جذب الاستثمارات واستحداث نظام جديد للتراخيص الخاصة بأعمال التكنولوجيا. وطبقت أبو ظبي أيضاً نظام تراخيص فوريا، للحصول على الموافقات السريعة.

 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي