ألوان
فقر المكتبة التشكيلية في الكويت
تمتلئ المكتبة الكويتية بشتى أنواع الكتب سواء كانت أكاديمية أو ثقافية أو فنية أو اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية أو رياضية، حيث إنها تقوم إما بعملية التوثيق وإما التحليل لموضوع ما أو لقضية ما، وهي لا تخلو من ذكر الإحصاءات والكثير من المعلومات، التي أصبحت مصادر للباحثين وللمهتمين.
وهناك كوكبة من الذين قاموا بتأليف تلك الكتب، حيث إن هناك إنتاجاً ثقافياً كبيراً يستحق الاهتمام في أنواع الأجناس الأدبية كافة، مثل الشعر والقصة القصيرة والرواية، فكانت هناك طباعة لتلك الأعمال الإبداعية إضافة إلى بعض الدراسات النقدية التي تناولتها، وإن كانت نادرة كون النقد عملة نادرة.
إلا أنني أركز على نقطة مهمة وهي أننا نعاني نقصاً شديداً في وجود الكتب والمصادر التي تتناول الفن التشكيلي الكويتي، فهي إما قليلة وإما فقيرة المحتوى، كما أكد لي أكثر من مثقف التقيت به وحاورته حول بعض القضايا ومنها تلك النقطة.
ولا أريد أن أستعرض بعض النماذج الأدبية المميزة فهي كثيرة، منها كتاب الدكتور خليفة الوقيان الرائع الذي حمل عنوان «الثقافة في الكويت: بواكير واتجاهات»، الذي اعتبره أفضل كتاب ثقافي كويتي صدر في العقود المنصرمة، وهناك مؤلفات الدكتور محمد حسن عبدالله والدكتور سليمان الشطي عن القصة القصيرة والشعر، وتلك الأمثلة للذكر وليس للحصر.
وكوني فناناً تشكيلياً فإنني أميل إلى الكتب التي تناولت الفن التشكيلي الكويتي، فهي إما أن تكون نادرة وإما أن تكون فقيرة المحتوى، وقد تعاني من المجاملات أو من تدخل الأهواء الشخصية، وبالتالي فإن الموضوعية تتلاشى أمام ما نصبو إليه.
وإذا نظرنا إلى بعض الكتب التي تناولت الحركة التشكيلية في الكويت، فإن أغلبها طبع بدعم من المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وهي عبارة عن اجتهادات قام المجلس بدعمها، ومنها كتب عن فنانين تشكيليين كويتيين مثل كتاب «صفوان الايوبي» من إعداد عبد الهادي الوطيان وآخرين، وكتاب «السباحة في بحر من قصاصات الورق» لحميد خزعل، الذي قام مع زميل له بوضع كتاب آخر بعنوان «التراث في الفن التشكيلي الكويتي»، وكتاب ليحيى سويلم بعنوان «ملامح الفن التشكيلي في الكويت» وكتاب «معارض الربيع وبدايات التشكيل في الكويت» كما قامت إدارة الفنون التشكيلية بطباعة كتاب «النحت الكويتي»، إضافة إلى بعض المنارات التي نظمها المجلس عن بعض الفنانين التشكيليين مثل منارة الفنان الراحل خليفة القطان، وتلك الأمثلة للذكر وليس للحصر.
وكنت على وشك أن أذكر تفاصيل تلك الكتب من حيث المناقب والمثالب، بيد أن هناك مشكلة في الكويت أنهم يريدون الثناء، ولا يتقبلون مجرد فكرة أن هناك سلبية ما في محتوى المؤلف، ليتحول الموضوع إلى خلاف شخصي، وتلك إحدى مشاكل العقل العربي بشكل عام، وفي الوسط الإبداعي بشكل خاص.
إن بعض الكتب جيد المحتوى لكنه دون مستوى الطموح، وبعضها الآخر لا يستحق مجرد الاطلاع عليه، بل إنه لا يساوي الحبر الذي طبع به، كما أنها تضم في طياتها المجاملات المبالغ فيها، إضافة إلى أنها بعيدة كل البعد عن النقد البناء للحركة التشكيلية الكويتية، التي تستحق أن يتم تكليف ناقد متمكن لتناولها على مراحلها المختلفة، مع ذكر أهم أسماء الفنانين التشكيليين في كل مرحلة من حيث البدايات والملامح الفنية والأسلوب الإبداعي عند كل فنان تشكيلي، وعن المدارس الفنية التي يتبعها كل فنان، خصوصاً أن بعض الفنانين قاموا بالانتقال من مدرسة فنية إلى أخرى، كما أن بعض الفنانين التشكيليين له أسلوبه المميز، الذي يمكن معرفة أنه صاحب اللوحة دون النظر إلى اسمه على اللوحة مثل الفنانين التشكيليين الراحلين أيوب حسين وبدر القطامي، وكذلك الأمر بالنسبة للفنان عبدالله القصار والقائمة تطول مع توافر سلسلة من الفنانين التشكيليين الكويتيين، الذين تضاعفت أعدادهم بعد التحرير، وهو قد يكون أمراً طبيعياً إلى حد ما، ولكن تبقى المشكلة وهي أننا لا نعاني من الكم في الفن التشكيلي، بقدر ما نعاني من الكيف والتكنيك الفني والابتكار وبث الدهشة لدى المتلقي.
* كاتب وفنان تشكيلي