د. حسن عبدالله عباس / أموال البيئة والأجر على الله!

تصغير
تكبير
تتناول الصحف وتصريحات النواب هذه الأيام مواضيع كثيرة تتعلق بالمال العام كملف «الداو» و«المصفاة». ومن بين تلك المواضيع التحذيرات الكثيرة لضياع أو قرب ضياع المليارات التي خصصتها الأمم المتحدة عن الأضرار البيئية التي ألحقها النظام العراقي السابق بالبلاد أثناء غزوه الغاشم في 1990. وقد كتب الدكتور حسن جوهر مقالاً يوم الثلاثاء الفائت عن الموضوع يبين درجة الأسى والحزن على التخبط والإهمال الحكومي لتضييعها حقوق الكويت في هذه الأموال. الدكتور جوهر عتب على الحكومة وهاجمها هجوماً مريراً، لأنها تسببت بشكل رئيسي في إهدار هذه المليارات الثلاثة، لأنها، ومنذ أعوام عشرة، لم تتخذ الخطوات التي وضعتها الأمم المتحدة لتحسين الوضع البيئي بالبلد وفشلت بإقامة مؤسسات ومراكز تخصصية لتُعنى بالثقافة البيئية، أو أن تتبنى سياسات تنموية بيئية واضحة.
نعم هذا الكلام صحيح ولا غبار عليه، فالدولة تتحمل المسؤولية المباشرة، لأنها قصّرت في هذا الجانب. فالحكومة على الدوام ضعيفة وترتعد فرائصها لأقل صرخة يقيمها النواب سواء جاءت بحق أو بباطل، وهو ما جعلها تنشغل عن الأولويات كالخطط التنموية والمال العام ومنها مليارات البيئة.
لكن ما لم يذكره الدكتور جوهر أن النواب هم كذلك يتحملون الجزء الأهم من هذه المشكلة. فليس جديداً على أحد أن البيئة آخر هم يحمله النواب. ففي الكويت لا تجد للبيئة بواكي، فلا أسئلة برلمانية ولا تشكيل لجان تحقيق لتدارس الإهمال والجرائم المرتكبة بحقها باستثناء بعض الجهود الفردية من هنا وهناك، وهي جهود متواضعة «جداً» لا تُقاس ولا تُقارن بأهمية المواضيع الأخرى التي تشغل بال نوابنا الكرام، كإقامة جسر هنا أو فتح مدخل جديد هناك! بل أفضل دليل على إهمال النواب لحقوق البيئة الكويتية وعدم جديتهم بهذا الموضوع تلك الاستقالة الشهيرة التي تقدم بها النائب الدكتور علي العمير قبل عامين، على ما أذكر، واعتذاره عن ترؤس لجنة البيئة كصرخة عالية الصوت بوجه هذا التناسي والإهمال. فبعد أن عاتبه الكثيرون من زملائه النواب محاولين ثنيه عن قرار الاستقالة، كان جوابه بأن اللجنة لم تجتمع منذ تشكيلها، وهي فترة زمنية كانت آنذاك قد اقتربت من العامين!

البيئة لدينا في الكويت تأتي على ذيل قائمة الاهتمامات سواء من قبل النواب أو حتى الصحافة والناس. فلا لجنة دائمة ترعى هذا الملف، ولا صحافة تهتم بتذكير الناس بأهمية البيئة، باستثناء «الدار» التي أرى لها صفحة مخصصة لهذا الموضوع. لذا يحق أن نتساءل ما إن كانت الحكومة هي الطرف الوحيد المقصر، والذي يتحمل مسؤولية ضياع البيئة وملياراتها، لا أظن؟
د. حسن عبدالله عباس
كاتب كويتي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي