رواق

ديرة المزايين

تصغير
تكبير

عندما كتب بدر بورسلي أغنية «غريب» كانت كلماتها: «غريب في ديرة المزايين أدور الحلوين»... لكن الملحن عبدالرب إدريس والفنان عبدالكريم عبد القادر ساعداه أن يعدل كلماتها وأقنعاه كي تناسب اللحن الذي ركّباه على كلمة «غريب» فقط ...!
تخيلوا لو قالا له «شهالخرابيط؟» كم من الإبداع كنا سنخسر؟
ما لم يقولاه إدريس وعبد القادر لبورسلي قاله الراحل حمد السعيدان للشهيد فايق عبدالجليل بالمختصر: «نقّع قصايدك واشرب مايها»، وبعد بضع سنوات ما لم يقنع السعيدان أقنع يوسف المهنا بتلحين قصيدة «إبعاد» ليغنيها محمد عبده وبعدها صارت «ليلة ليلة ليلة»، مثل «غريب غريب غريب» من الأغاني الخالدة في الفن الخليجي.


فرصة صغيرة تلد مبدعاً كبيراً راهن كثيرون على فشله، وكان لديه من مقومات النجاح ما يوازي مقومات الفشل، لكن وحدها الظروف التي تستطيع تسيير دفته إما في اتجاه النجاح أو في اتجاه الفشل!
يقول الدكتور أحمد زويل ما معناه إن الفرق بين العالم الثالث وبقية العالم، أنهم يشجعون الفاشل حتى ينجح في حين نشجع الناجح حتى يفشل.
البعض يعتبر فشل غيره سبباً وجيهاً لنجاحه من شدة ضعفه، لكن القوة أن يكون نجاحك سبباً لنجاح غيرك، حين ننشغل بغيرنا عن أنفسنا لن نتطور، وحين ننشغل بإفشال الآخرين، لن ينجح أحد، ومن يتقوقع في الأحقاد ينكفئ على نفسه حتى يحقد عليها من شدة حقده الذي استوفى كل ما سواه!
بيئة النجاح تلد ناجحين وبيئة الفشل تلد ناجحين أيضا، لكنهم يخرجون من تلك البيئة يكوّنون بيئتهم ويحققون نجاحاتهم ويستمر الفاشل في فشله، لا هو نجح ولا أفشل غيره.
الحياة لا تقف عند أحد أبداً أياً كان... الحياة تستمر.
عود على بدء، لو لم يوجه إدريس وعبد القادر بدر بورسلي لتعديل كلمات «غريب»، لظلت كما هي ولغناها من غناها كما غنى محمد عبده «إبعاد» التي لم «تنق» ولم «يشرب مايها» أحد.
الجمهور هو الذي سيشربها وتنحصر ذائقته في «ديرة المزايين»، منذ ذلك الوقت كما وصلت إليه الآن بسبب ألا أحد يريد أن يكون سبباً في نجاح أحد.

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي