«مراقبة الإرهابي» يكشف أسرار صدام ... في المعتقل (1/6)

تصغير
تكبير
| «ايلاف» - من زيد بنيامي |جورج بيرو أميركي من أصل لبناني اختارته  «أف بي آي» للحصول على معلومات من صدام

كانت الساعة تشير الى تمام الساعة الخامسة من مساء اليوم الذي يسبق اعياد الميلاد 2003... كان جورج بيرو يحاول التسوق لتلك الأعياد في اللحظات الأخيرة، حينما أحس ان «البلاك بيري» في جيبه بدأ يهتز دليلاً على ان اتصالاً ورده. كان على الجانب الآخر فرانك باتل، احد الرؤساء العاملين في قسم ملاحقة الارهاب ضمن «اف بي اي»، والذي ابلغ بيرو ان الجهاز بحاجة الى خدماته في العراق لمقابلة الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين، الذي تم القاء القبض عليه قبل 11 يوما من ليلة الميلاد.

بيرو (36 عامًا) هو أميركي من أصل لبناني... كان الرجل الأنسب لهذه المهمة حيث كان يجيد الحديث بالعربية وولد في بيروت قبل أن ينتقل مع عائلته الى الولايات المتحدة حينما بلغ الثالثة عشرة... وقتها لم يكن يجيد كلمة واحدة من اللغة التي يجب ان يتعامل بها مع محيطه، وهي الانكليزية. فاستقر مع العائلة في كاليفورنيا ليخدم ابنها بيرو في الجيش ثم عمل محققًا في الشرطة ومن ثم انتقل للعمل في مكتب التحقيقات الفيديرالي عام 1999.

كان بيرو تواجد في العراق قبل هذا التاريخ، حيث كان من بين عملاء «اف بي اي» الاوائل الذين وصلوا بعيد نجاح الغزو الاميركي لدعم جهود الوكالة في التوسع على المستوى العالمي. يقول ارت كامينيغز، «كنا نبحث عن الرجال الذين تتوفر فيهم صفات معينة تناسب هذه المهمة، كان علينا معرفة ايضًا من يقف وراء المقابر الجماعية ومن اصدر القرارات الفعلية بارتكابها».

وكجزء من مهمته في العراق، كان على بيرو التعامل مع وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي اي اي) التي وجدت فيه عنصرًا جيدًا حيث وافقت على اختياره باعتباره الشخص الذي سيجري لقاءات مع صدام.

حينما وصل بيرو الى بغداد في الاسبوع الاول من عام 2004 لم تكن لديه فكرة اذا كان الرئيس المخلوع سيلقي التحية عليه حتى، فلذلك كان الحديث مع صدام عن الغزو او «حملة الانفال» واسلحة الدمار الشامل، اشياء من المستبعد الحصول على نتائج عنها من صدام... رغم ذلك كله كان بيرو وصل الى صورة عن صدام من خلال قراءته لقصة حياته كاملة. يقول بيرو في كتاب «ذ تيروريست ووتش» (مراقبة الإرهابي) للكاتب رونالد كاسلر والذي صدر في نوفمبر الماضي ويصور في جزء منه حياة صدام في المعتقل، «ما يزيد من احتمالية النجاح عادة في مثل هذه المواضيع هو اختيار الوقت المناسب لها»، مضيفًا «حينما تأتي لمقابلة شخص وان اعددت لذلك بصورة جيدة فانك تنجح حتمًا في الحصول على معلومات من اللا وعي للشخص المقابل، لذلك كانت طريقتي في كل مقابلة اجريها ان اجعل من نفسي خبيراً بالموضوع قبل ان ادخل الى الغرفة التي تجري فيها المقابلة». في تلك اللحظة من عام 2004، لم يكن من الواضح متى واين ستقام محاكمة صدام حسين... كانت «سي اي اي» تدعو ان تقوم هي بهذه المهمة او اختيار مكان المحاكمة في العراق او الولايات المتحدة، لأن «اف بي اي» كان عليها استحصال الاستجوابات التي ستستخدم في المحاكمة، لذلك كانت الوكالة المركزية طلبت من مكتب التحقيقات ان تقوم بمهمة الاستجواب للرئيس المخلوع...

كان صدام وقتها معزولاً عن بقية السجناء في سجن اميركي اقيم في مطار بغداد الدولي (مطار صدام الدولي سابقاً)، كان في السابعة والستين من العمر لا يشكو من اي امراض، وكانت الولايات المتحدة غير مستعدة لتقبل اي ملاحظات سلبية قد تأتي من هنا او هناك اذا تدهورت صحته في اي وقت من الاوقات... لذلك كان على سجنائه القيام بفحصه مرتين في اليوم في مكان خاص.

وكجزء من خطة العمليات التي وضعها بيرو، قرر اخبار صدام انه سيكون مسؤولا عن كل احتياجاته وسيقوم بالترجمة حينما يقوم الطبيب الاميركي بفحصه، اما صدام لم يعلم ان بيرو كان عميلاً لـ «اف بي اي»، واعتقد انه سيكون مع احد ضباط الامن الاميركيين لا اكثر. «اعتقد ان صدام حسين توصل الى استنتاج معين من خلال تصرفاتي امامه، انني كنت عضوا مهما في جهاز الامن، ولم يتوقع ان اكون شخص بمرتبة متدنية في اف بي اي والذي عليه متابعة ما سيقوله عن الماضي، لو كان عرف حقيقتي لم اكن لاحصل على كل ما حصلت عليه من معلومات منه في ما بعد».

حينما كان بيرو يقوم بترجمة حديث الرئيس المخلوع الى الطبيب، كان يحاول الحصول على صورة له «كنت اريد ان اعرف ما المهم بالنسبة اليه وما هي عاداته التي اكتسبها خلال حياته، كان مهووسًا بالنظافة، ولم يكن يقبل ان يسلم على احد باليد وان حصل فانه يغسل يديه بصورة متواصلة لوقت طويل».

كان صدام مولعًا بمساحات الاطفال التي تستخدم في تنظيف جلد الاطفال لدى استبدال حفاظاتهم، فان كانت لديه الكمية الكافية منها فانه يقوم بتنظيف الفواكه بها قبل ان يأكلها، واعتقد بيرو ان هذا الامر كان يمكن ان يشكل طريقة جيدة للتحكم بالرئيس المخلوع.


 

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي