د. وائل الحساوي / نسمات / سياراتنا تكشف حقيقتنا!!

تصغير
تكبير
هنالك مثل قد ضربته سابقاً في احدى مقالاتي وأعيده هنا لعله يدلل على المعنى الذي أريد ايصاله وهو: لنفترض بأننا احضرنا مجموعة من الخبراء في مجال علم النفس والتربية والثقافة ثم أخذناهم من المطار في سيارة ليتجولوا في شوارع الكويت دون ان نسمح لهم بالنزول، وفي نهاية اليوم قلنا لهم: صفوا لنا زيارتكم لهذا البلد وما هو تقييمكم لأهله، فماذا تظنون أن اجاباتهم ستكون؟!
استطيع القول بسهولة بأنهم سيقولون بأنهم زاروا غابة من الوحوش البشرية التي تركب أحسن انواع السيارات، أو أن هذا البلد يقطنه المرضى النفسانيون والمتمردون على القانون، والمشكلة ان هذا التردي الأخلاقي في قيم قيادة السيارة والتعامل مع الآخرين في الطريق يزداد سوءاً يوماً بعد يوم.
الإشارات الحمراء يتم انتهاكها دون هوادة والسرعة الكبيرة أصبحت سمة لقيادتنا، والتنقل المفاجئ بين حارات الطريق وبسرعة جنونية من الأمور العادية، خط المشاة لا قيمة له أبداً ومن يريد ان يضحي بحياته فليعبره ماشياً، وإشارة الوقوف (stop sign) كذلك لا معنى لها وينساها السائق حالما يأخذ رخصة القيادة، بل حتى الأمور البسيطة التي لا تكلف الإنسان شيئاً ومع ذلك هي من أهم ضمانات السلامة وهي اعطاء الاشارة عند اللفة وجدت بأن أكثر من 70 في المئة من السيارات لا تهتم بإضاءتها.

ومن يتأمل في وجوه كثير من سائقي السيارات يجد التوتر والانفعال هو الطاغي عليهم لذلك تجده يلزق بالسيارة التي امامه حتى يكاد يخلعها من مكانها وآلات التنبيه تعبر عن غضب شديد يفرغه السائق فيمن حوله، أما قضية «التبتون» وهي الحركات السريعة بين السيارات وبسرعة فائقة فهي ديدن كثير من الشباب ما يجعل الإنسان يتشهد في كل لحظة لما يراه من قرب الموت منه، والمشكلة هي ان الكثيرين قد تعودوا على هذا النمط من القيادة ولا يرون فيه شيئاً، وحاول أن تنبه سائق سيارة على خطأ ما يفعله لتجد ردة الفعل التي تبتدئ بالشتم وقد تنتهي بالضرب او صدم سيارتك.
قد يظن إنسان ان السبب هو الزحام او سهولة السرعة أو ان المشكلة في عدم تطبيق القوانين، ولكن القيادة هي عبارة عن اخلاق وتعكس حال أهل البلد، فهل نرضى بأن يعتبرنا الآخرون اصحاب الصفات التي ذكرتها؟!
***
أين المونريل والأندر جراوند؟!
للأسف فإن التوسع في زيادة اعداد السيارات المطرد لم يقابله الا اقل القليل من المشاريع لبناء المزيد من الطرقات، وتبين لنا بأن تلك الوعود الكثيرة التي تبارى وزراء الأشغال على تخديرنا بها ما هي الا اضغاث أحلام أو كما قال الشاعر (كان صرحاً من خيال فهوى).
لا أريد ان ازيد من مواجع القارئ في اجترار تلك المعاناة التي لم يبق أحد لم يكتب عنها، لكني أنصح السائقين بأن يضعوا في السيارة شريطا للقرآن الكريم يشغلونه كلما قادوا سياراتهم، وقد وجدت لسماع القرآن مؤثرا عظيما في تهدئة نفس سائق السيارة وتقليل توتره، وأنصح اذاعة القرآن الكريم بأن تخصص محطة اذاعية متخصصة في بث القرآن فقط دون غيره من البرامج، عسى الله ان يعقل على حكومتنا لتعلم بأن انفجار حركة المرور يعقبه انفجار في نفوس الناس.
د. وائل الحساوي
[email protected]
الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي