أصبوحة

الجوع صفر

تصغير
تكبير

أنا على يقين بأن هناك الكثيرين من المخدوعين بدور صندوق النقد الدولي، أو ببساطة يجهلون تماماً أهدافه التي أنشئ من أجلها، من خلال تقديم بل أحياناً فرض قروض تبلغ المليارات من الدولارات للدول الفقيرة، وفرض املاءات حول سياساتها الاقتصادية الداخلية.
وقد أرسل لي صديق مقالاً بعنوان «الجوع صفر»، للدكتور محمد عبدالله الريح، يقول فيه: «قبل خمسة أعوام أرسلت لي منظمة (الفاو) FAO كتاباً حول الرئيس البرازيلي الأسبق دي سلفا، الذي انتخب رئيساً في العام 2002، ثم أعيد انتخابه في 2006، ليحكم 8 سنوات».
وطلبت منظمة الفاو مني - يقول الدكتور محمد - ترجمته، وعنوانه بالإنكليزية Zero Hunger ويستطرد الريح قائلاً: «في الثمانينات مرت البرازيل بأزمة اقتصادية طاحنة، فذهبت للاقتراض من صندوق النقد الدولي، معتقدة أنه الحل لأزمتها الاقتصادية، وبالطبع طبقت حزمة الشروط المجحفة التي فرضها عليها الصندوق، ما أدى إلى تسريح ملايين العمال، وخفض أجور بقية العاملين وإلغاء الدعم باسم التقشف».


وانهار الاقتصاد البرازيلي، ووصل الأمر إلى تدخل دول أخرى في السياسات الداخلية للبرازيل، وفرض البنك الدولي أن تضيف إلى دستورها، مجموعة من المواد تسببت في اشتعال الأوضاع الداخلية، ورغم استجابة البرازيل لكل الشروط، تفاقمت الأزمة أكثر فأكثر، وأصبح 1 في المئة فقط من البرازيليين يحصلون على نصف الدخل القومي. وهبط ملايين المواطنين تحت خط الفقر، ما دفع البرازيل للاقتراض من الصندوق مرة أخرى، بواقع 5 مليارات دولار، معتقدين أنه الطريق للخروج من الأزمة، فتحولت البرازيل إلى الدولة الأكثر فساداً، والأكبر في معدلات الجريمة وتعاطي المخدرات وأكثر الدول لديها ديون في العالم، حيث تضاعف الدين 9 مرات في 12 سنة، وانهارت العملة بشكل مريع.
وعندما انتخب الرئيس لولا دي سيلفا، الذي كان يعمل ماسح أحذية، قال كلمته: «لم ينجح الصندوق أبداً إلا في تدمير البلدان»، وعمل على الفور فقدم دعم للأسر الفقيرة، وفرض ضريبة على رجال الأعمال، وركز دي سيلفا على الصناعة والتعدين والزراعة والتعليم، حتى أصبحت البرازيل تصنع الطائرات، ثم دشنت أول غواصة نووية، وسدد جميع ديون البرازيل في 4 سنوات.
هذا نموذج رجل استطاع أن ينهض ببلده خلال بضع سنوات، وهو ما عملته ألمانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وهذا ما عملته دول شرق آسيا في الثمانينات، وهذا ما عملته الهند في التسعينات، وفي الطريق إثيوبيا ورواندا.
فالكويت لا ينقصها المال ولا العقول، ولكن تنقصها الإرادة والإدارة.
[email protected]

الأكثر قراءة
يومي
اسبوعي